رد: طريقة ابن رشد في البيان والتحصيل
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين ، وبعد فقد لفت نظري حديثكم عن العتبية فأردت أن أضيف إضافة صغيرة على ما أفاد به وأجاد أخي محمد كعادته دومًا
فأقول: ولولا ابن رشد وما فعله بالعتبية من ترتيبها ونقدها، وجمع الروايات وبيان الراجح من المرجوح لما اكتسبت أهميتها -أعني: العتبية أو المستخرجة- قال ابن السالك رحمه الله في شرح المنظومة:
شرح بالبيان والتحصيل ******** لها ابن رشد عادم المثيل
سحنون هو الوسط بين اثنين إذ******** عتبية عنه وللأم أخذ
ثم قال: وكان الأشياخ يتجافون عن الأخذ منها، ويضعفون بعض رواياتها، وقد تكلم فيها ابن عبد الحكم كثيراً، وتكلم فيها الإمام الجليل ابن لبابة، ويقال: إن سبب ذلك أن محمد بن عتب كان إذا سمع مسألة واستحسنها يقول: اجعلوها في المستخرجة، وربما تكون تلك المسائل ضعيفة، ولَّما شرحها ابن رشد تَكَفَّلَ بصحتها، وصارت معتمدة، وهي من كتب الأندلس المعتمدة عندهم.
ثم قال يعد ذلك عند كلامه عن ابن لرشد ومؤلفاته: وأسمعة العتبية -أصلاً- أربعة منها منضبطة متوالية أبداً، والباقي ربما يكون غير منضبط، وبعضه ربما لا يوجد في بعض الكتب، وأسمعتها تزيد في بعض المواضيع، فأولها سماع ابن القاسم من مالك، ويليه أبداً سماع أشهب وابن نافع، ويلي ذلك سماع عيسى بن دينار من ابن القاسم، ويلي ذلك سماع يحيى من ابن القاسم، وأما سماع أصبغ وسحنون وموسى بن معاوية وعبد الملك بن الحسن، وهو زونان ومحمد بن خالدفبعضها ثابت، وبعضها قد يتخلف في بعض الأبواب، وكيفيتها أن العتبية كرارس يجعل رأس الكراس، مثل: الثمرة والشريكين، وجاع، ونحو ذلك، وهي الرسوم، وهذه الكراس يعزى لها من الطهارة إلى الجنايات، ويقول: وفي رسم الشريكين من سماع ابن القاسم أو من سماع أشهب؛ أي سماع كان من كتاب الصلاة إلى كتاب الجنايات، والرسوم داخلة في الأسمعة، والأسمعة في الكتب، وهذا أشار له الحطاب، فليراجعه مبتغي المزيد. اهـ من كتابه: عون المحتسب فيما يعتمد من كتب المذهب.
وأزيد فأقول: ولولا أن الله قيض للعتبية ابن رشد يتناولها بالتمحيص لضاعت كما ضاعت أمات كتب المذهب كواضحة ابن حبيب والموازية.