د. ملفي بن ساير العنزي
:: متخصص ::
- إنضم
- 25 مارس 2011
- المشاركات
- 1,035
- الكنية
- أبو محمد
- التخصص
- فقه
- المدينة
- مكة المكرمة والشمال
- المذهب الفقهي
- أصول المذهب الأحمد
الحمد لله .
والصلاة والسلام على رسوله الكريم.
وبعد؛ فلقد قلّبت النظر ساعة؛ فكتبت مستعينا بالله عن:
الشُّـِقَّة: التي هي بضم الشين وكسرها لغتان مشهورتان أشهرهما وأفصحهما الضم .
قيل: سميت شقة؛ لأنها تشق على الانسان, وقيل: هي المسافة, وقيل: الغاية.
وتطلق على الناحية, قاله ابن عرفة. وقال اليزيدي يقال: إن فلانا لبعيد الشقة أي بعيد السفر.
ويقال: شقة شاقة, أي طريق بعيدة ذات مشقة.
وتطلق في اللغة – بالكسر - على كل قطعة مما يُشَقّ, ومنه قولهم : غضب فطارت منه شقة في السماء وشقة في الأرض[SUP]([1])[/SUP].!
وقد جاء القرآن العظيم بلفظها, وبوب الإمام البخاري رحمه الله:
(باب وُجُوبِ النَّفِيرِ وَمَا يَجِبُ مِنَ الْجِهَادِ وَالنِّيَّةِ وَقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لاَتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ ... } [التوبة: 41- 42].... )
وفي الاصطلاح: كل ما من شأنه الانتهاء للتخفيف. أو تكون سببا له.
والشُّقة لها شعار, ودثار؛ فكما كانت قديماً - هي ومآلها - محفوفة بالمخاطر, أصبحت الآن متميّزة باللسعة المدمّرة والتي يُتستّر منها ويجتن عنها؛ - بعد توفيق الله - بالعلم والدراية!
في كل ما من شأنه الجُهد ورفعة الحق؛ مصداقه: { فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ } [الكهف: 95]
وسلاحها مع العلم : غضّ القلب قبل البصر! والتواصي به وبالصبر.
وإيجاد الحلول والبدائل لأهل الملّة بعد ثورة الصناعة وعلم الذرّ والخطر, وابتعاث الغرّ؛ ليعم النفع والظّفر.
وهي في الشبكة المعلوماتية (الانترنت) تبدو لكل ذي لبّ.
وتجدِّد الدماء, وتهب العطاء؛ ففيها انتقال وسفر, ومقصد, وغاية, وعواطف وعواصف.
ألا ترون أن طريقها لنا قعر البحر! وتصل إلى أعلى حيّز ملموس وممكن.
وفيها مجال رحب للتعلّم والتميّز والثناء, وجود الكرماء, وعطاء الأتقياء, وسمت النبلاء.
ومن المتفق عليه : كل صعود فيه شقة!
بل والجنة الغالية تبتغي الصعود والصمود.
وما هذه المواقع الالكترونية - الشرعية والمفيدة - ببعيد - ومنها وفي مقدّمتها وزينتها هذا الملتقى الفقهي ورابطته وما ينبثق عنه من منافع - ؛ فلقد قرّبت العلم وجعلته سهل المنال, وخلفها وأمامها ومعها دراسات وبحوث, وثلّة مؤمنة؛ يحدوهم الأمل وثواب إتقان وحسن العمل, وهمّهم (حسبنا الله... إنا إلى الله راغبون).
قد أعطاهم الله جوارح تديرها فهوم سليمة, وأفئدة قويمة؛ سهّل الله لهم العسير؛ ويسّرهم لليسرى.
فلقد أصبحت بعد العناية بها من أهل الإسلام؛ الخازن الأمين والمكتبة المعلوماتية المهمة, والنافذ لأسرار البيوت, والناشر لعلم لا يموت؛ إن وُجدت عناية, ودعم.
وإلا كان مريدها؛ كمن يحدّث الأعاجم, بلغة البيان!
ولها - الشّقّة - عاقبة ومآل؛ فمَن ركب الشّقَّة عموماً لوجه الله؛ تلقاه بالقبول واليسر والتيسير والودّ والرحمة؛ ومَن يمنع رحمة الله أن تصل! ومَن يمنع رزق الله أن يؤتى!
قال تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [فاطر: 2].
فكلّ تكليف فيه شقّة, والموفّق من قرّبه الله لكل خير وبرّ وفلاح, ويسّره, ويسّر القرآن له {ولقد يسّرنا القرآنَ للذِّكرِ فهل مِن مدَّكِر}. (سورة القمر).
ومَن ركبها لغير ذلك مِن مصلحة دنيوية بحتة فيها ظلم وتعدّي وكشف أستار, أو لتهمة ولقدح في التصرفات, أو لرعونة في الإملاءات؛ كانت عليه وبالاً في الدنيا للآخرة.
ومَن شاقّ؛ شاقّه الله.
قال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا } [النساء: 115].
وقال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال: 13]
والشُّقة تكون على النفس, منها! بسبب الجهل أو غيره من المهلكات كالحسد والبغي والغفلة والغضب.
وعلاج ذلك كله العلم, والاتّباع؛ وأول ذلك وأصفاه: علم الكتاب, وعلم السنة بأدلّتهما, وعلم إجماع سلف الأمة, ومعرفة مستنده؛ فهو بحقّ (الفقه في الدين) الذي هو الفهم مطلقا.
وإذا عزّ مَن له الولاية؛ فليعزّ العلماء والفقهاء النجباء؛ فالله قد أراد بهم خيراً, والناس قد أحبوهم ( وانتخبوهم ورشّحوهم), بل واستحيوا منهم؛ لنصحهم وإنكارهم, فبعد توفيق الله؛ بهم الثقة وعليهم التّكلان.
وتكون الشّقة من النفس لغيرها؛ فتقلّ وتكثر العثرات, بسبب ومباشرة؛ بحسب الأشخاص والجنايات.
ويدخل في ذلك أن تكون من المقلّد للمصيب, والمعذور؛ فتسبب ضرراً نفسياً, وخطأً مؤلماً.
فتورث القلق...
وتسبب الألم...
وتجلب السقم...
قال تعالى عن صفوة خلقه صلى الله عليه وسلم: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ. فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ. وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر: 97، 99].
ولذلك جاء في الحديث الذي رواه الإمام مسلم رحمه الله عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعائه: ((اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت ومن شر ما لم أعمل))
وللذكرى والعلاج؛
ما من غائبة إلا ويعلمها الله...
وما من خائنة إلا ويعلمها الله جلّ جلاله.
وما من خائنة إلا وسيلقى بها صاحبها الله سبحانه؛ فيجد مغبة فعله, إن تحسّس, أو ظلم, أو تكبّر, أو غَشم.
ولنذكر قوله تعالى: { يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185].
وقوله تعالى: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ} [الرعد: 6]
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا ضرر ولا ضرار)).
ألا فليتق الله من لا يُعدّ العدّة؛ فالكل على ثغر, والأدهى هو مكر الأعداء الأمرّ, وتسلّط البغيض الألدّ, والمنافق الأصدّ.
وبالقران الكريم العظيم؛ حفظ وعصمة؛ حتى يتروّى الغرّ ويفهم, ويقوى الشباب ويسلم!
وليصل كل عامل وكافل؛ إلى : تعظيم الأمر والنهي, ثم تقديم مصلحة الأمة؛ المستوحاة من المشكاة, وأقوال سلفنا الصالح.
وليكون ديدنه: رجاء الله؛ بعد خوفه ومحبته.
ومنها سننطلق - بإذن الله - إلى البناء الحقيقي والرّفعة المنشودة, والعمل الدؤوب؛ كمن خشي أن تأتيه المنيّة - وهو بكامل صحته وقواه - بغتة قبل انجاز عمله, أو قبل أن يصل لغايته النبيلة, ولو بابتداء عمل يُتمّه مَن خلفه من أجياله الصلحاء.
خاتمة:
لم لا يصلي (الليل)؛ من ابتلي بالذنب!؟
ولم لا يصلي الفرض مَن يفتري على الخلق؛ وإن جاء برجليه للمسجد!؟
فصلاة النفل: رزق... بنيّة...
وصلاة الفرض: عمل, ونيّة؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن)) أخرجه مسلم.
فمَن يقدر على هذه الصلاة! بحضور قلب ولسان, واطمئنان جوارح وعقل.
ومَن يقدر على تحمّل الشّقة في الشبكة المعلوماتية محتسباً صابراً, متقيّداً, نافذا في الخير, دافعا للشر وأهله.
قد كتبت ما كتبت قاصدا ما عند الله, وهو الهادي وإليه المصير.
اللهم وفّقنا لكل خير, واكفنا كل ذي شرّ, واجعلنا من عبادك الصالحين المصلحين.
والله أعلم وأحكم.
وكتب أبو محمد ملفي بن ساير بن مجاهد.
14 صفر 1433هـ
([1]) ينظر: تفسير غريب ما فى الصحيحين البخارى ومسلم للحميدي (ص 60), : غريب الحديث للخطابي (1/ 272), شرح النووي على مسلم (1/ 187- 188), فتح الباري لابن حجر 1/132, الفائق في غريب الحديث و الأثر (1/ 352 , 2/8).
والصلاة والسلام على رسوله الكريم.
وبعد؛ فلقد قلّبت النظر ساعة؛ فكتبت مستعينا بالله عن:
الشُّـِقَّة: التي هي بضم الشين وكسرها لغتان مشهورتان أشهرهما وأفصحهما الضم .
قيل: سميت شقة؛ لأنها تشق على الانسان, وقيل: هي المسافة, وقيل: الغاية.
وتطلق على الناحية, قاله ابن عرفة. وقال اليزيدي يقال: إن فلانا لبعيد الشقة أي بعيد السفر.
ويقال: شقة شاقة, أي طريق بعيدة ذات مشقة.
وتطلق في اللغة – بالكسر - على كل قطعة مما يُشَقّ, ومنه قولهم : غضب فطارت منه شقة في السماء وشقة في الأرض[SUP]([1])[/SUP].!
وقد جاء القرآن العظيم بلفظها, وبوب الإمام البخاري رحمه الله:
(باب وُجُوبِ النَّفِيرِ وَمَا يَجِبُ مِنَ الْجِهَادِ وَالنِّيَّةِ وَقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لاَتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ ... } [التوبة: 41- 42].... )
وفي الاصطلاح: كل ما من شأنه الانتهاء للتخفيف. أو تكون سببا له.
والشُّقة لها شعار, ودثار؛ فكما كانت قديماً - هي ومآلها - محفوفة بالمخاطر, أصبحت الآن متميّزة باللسعة المدمّرة والتي يُتستّر منها ويجتن عنها؛ - بعد توفيق الله - بالعلم والدراية!
في كل ما من شأنه الجُهد ورفعة الحق؛ مصداقه: { فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ } [الكهف: 95]
وسلاحها مع العلم : غضّ القلب قبل البصر! والتواصي به وبالصبر.
وإيجاد الحلول والبدائل لأهل الملّة بعد ثورة الصناعة وعلم الذرّ والخطر, وابتعاث الغرّ؛ ليعم النفع والظّفر.
وهي في الشبكة المعلوماتية (الانترنت) تبدو لكل ذي لبّ.
وتجدِّد الدماء, وتهب العطاء؛ ففيها انتقال وسفر, ومقصد, وغاية, وعواطف وعواصف.
ألا ترون أن طريقها لنا قعر البحر! وتصل إلى أعلى حيّز ملموس وممكن.
وفيها مجال رحب للتعلّم والتميّز والثناء, وجود الكرماء, وعطاء الأتقياء, وسمت النبلاء.
ومن المتفق عليه : كل صعود فيه شقة!
بل والجنة الغالية تبتغي الصعود والصمود.
وما هذه المواقع الالكترونية - الشرعية والمفيدة - ببعيد - ومنها وفي مقدّمتها وزينتها هذا الملتقى الفقهي ورابطته وما ينبثق عنه من منافع - ؛ فلقد قرّبت العلم وجعلته سهل المنال, وخلفها وأمامها ومعها دراسات وبحوث, وثلّة مؤمنة؛ يحدوهم الأمل وثواب إتقان وحسن العمل, وهمّهم (حسبنا الله... إنا إلى الله راغبون).
قد أعطاهم الله جوارح تديرها فهوم سليمة, وأفئدة قويمة؛ سهّل الله لهم العسير؛ ويسّرهم لليسرى.
فلقد أصبحت بعد العناية بها من أهل الإسلام؛ الخازن الأمين والمكتبة المعلوماتية المهمة, والنافذ لأسرار البيوت, والناشر لعلم لا يموت؛ إن وُجدت عناية, ودعم.
وإلا كان مريدها؛ كمن يحدّث الأعاجم, بلغة البيان!
ولها - الشّقّة - عاقبة ومآل؛ فمَن ركب الشّقَّة عموماً لوجه الله؛ تلقاه بالقبول واليسر والتيسير والودّ والرحمة؛ ومَن يمنع رحمة الله أن تصل! ومَن يمنع رزق الله أن يؤتى!
قال تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [فاطر: 2].
فكلّ تكليف فيه شقّة, والموفّق من قرّبه الله لكل خير وبرّ وفلاح, ويسّره, ويسّر القرآن له {ولقد يسّرنا القرآنَ للذِّكرِ فهل مِن مدَّكِر}. (سورة القمر).
ومَن ركبها لغير ذلك مِن مصلحة دنيوية بحتة فيها ظلم وتعدّي وكشف أستار, أو لتهمة ولقدح في التصرفات, أو لرعونة في الإملاءات؛ كانت عليه وبالاً في الدنيا للآخرة.
ومَن شاقّ؛ شاقّه الله.
قال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا } [النساء: 115].
وقال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال: 13]
والشُّقة تكون على النفس, منها! بسبب الجهل أو غيره من المهلكات كالحسد والبغي والغفلة والغضب.
وعلاج ذلك كله العلم, والاتّباع؛ وأول ذلك وأصفاه: علم الكتاب, وعلم السنة بأدلّتهما, وعلم إجماع سلف الأمة, ومعرفة مستنده؛ فهو بحقّ (الفقه في الدين) الذي هو الفهم مطلقا.
وإذا عزّ مَن له الولاية؛ فليعزّ العلماء والفقهاء النجباء؛ فالله قد أراد بهم خيراً, والناس قد أحبوهم ( وانتخبوهم ورشّحوهم), بل واستحيوا منهم؛ لنصحهم وإنكارهم, فبعد توفيق الله؛ بهم الثقة وعليهم التّكلان.
وتكون الشّقة من النفس لغيرها؛ فتقلّ وتكثر العثرات, بسبب ومباشرة؛ بحسب الأشخاص والجنايات.
ويدخل في ذلك أن تكون من المقلّد للمصيب, والمعذور؛ فتسبب ضرراً نفسياً, وخطأً مؤلماً.
فتورث القلق...
وتسبب الألم...
وتجلب السقم...
قال تعالى عن صفوة خلقه صلى الله عليه وسلم: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ. فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ. وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر: 97، 99].
ولذلك جاء في الحديث الذي رواه الإمام مسلم رحمه الله عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعائه: ((اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت ومن شر ما لم أعمل))
وللذكرى والعلاج؛
ما من غائبة إلا ويعلمها الله...
وما من خائنة إلا ويعلمها الله جلّ جلاله.
وما من خائنة إلا وسيلقى بها صاحبها الله سبحانه؛ فيجد مغبة فعله, إن تحسّس, أو ظلم, أو تكبّر, أو غَشم.
ولنذكر قوله تعالى: { يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185].
وقوله تعالى: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ} [الرعد: 6]
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا ضرر ولا ضرار)).
ألا فليتق الله من لا يُعدّ العدّة؛ فالكل على ثغر, والأدهى هو مكر الأعداء الأمرّ, وتسلّط البغيض الألدّ, والمنافق الأصدّ.
وبالقران الكريم العظيم؛ حفظ وعصمة؛ حتى يتروّى الغرّ ويفهم, ويقوى الشباب ويسلم!
وليصل كل عامل وكافل؛ إلى : تعظيم الأمر والنهي, ثم تقديم مصلحة الأمة؛ المستوحاة من المشكاة, وأقوال سلفنا الصالح.
وليكون ديدنه: رجاء الله؛ بعد خوفه ومحبته.
ومنها سننطلق - بإذن الله - إلى البناء الحقيقي والرّفعة المنشودة, والعمل الدؤوب؛ كمن خشي أن تأتيه المنيّة - وهو بكامل صحته وقواه - بغتة قبل انجاز عمله, أو قبل أن يصل لغايته النبيلة, ولو بابتداء عمل يُتمّه مَن خلفه من أجياله الصلحاء.
خاتمة:
لم لا يصلي (الليل)؛ من ابتلي بالذنب!؟
ولم لا يصلي الفرض مَن يفتري على الخلق؛ وإن جاء برجليه للمسجد!؟
فصلاة النفل: رزق... بنيّة...
وصلاة الفرض: عمل, ونيّة؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن)) أخرجه مسلم.
فمَن يقدر على هذه الصلاة! بحضور قلب ولسان, واطمئنان جوارح وعقل.
ومَن يقدر على تحمّل الشّقة في الشبكة المعلوماتية محتسباً صابراً, متقيّداً, نافذا في الخير, دافعا للشر وأهله.
قد كتبت ما كتبت قاصدا ما عند الله, وهو الهادي وإليه المصير.
اللهم وفّقنا لكل خير, واكفنا كل ذي شرّ, واجعلنا من عبادك الصالحين المصلحين.
والله أعلم وأحكم.
وكتب أبو محمد ملفي بن ساير بن مجاهد.
14 صفر 1433هـ