عبد الرحمن بكر محمد
:: قيم الملتقى المالكي ::
- إنضم
- 13 يونيو 2011
- المشاركات
- 373
- الجنس
- ذكر
- الكنية
- أبو أنس
- التخصص
- الشريعة والقانوزن
- الدولة
- مصر
- المدينة
- القاهرة
- المذهب الفقهي
- المالكي
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا الأمين، وعلى الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد فقد كان القدماء من علماء المالكية يعزون على المدونة والتهذيب بدون تفريق بينهما _في غالب الأمر_ فيقولون في المدونة والكلام بنصه من التهذيب والعكس أيضًا، وقديمًا تنبه ابن فرحون لهذا في مقدمة شرحه لمختصر ابن الحاجب الفرعي (جامع الأمهات) فقال فيكشف النقاب الحاجب عن مصطلح ابن الحاجب: ومن قاعدة المؤلف أنه يكني عن المدونة بقوله: وفيها، وإن لم يتقدم لها ذكر، وذلك لاستحضارها في الذهن وكثرة تداولها بين أهل المذهب، وقد قيل: المدونة بالنسب إلى كتب المذهب كالفاتحة في الصلاة، تغني عن غيرها، ولا يغني غيرها عنها. واعلم أن المؤلف لم يتقيد في قوله: (وفيها) بالمدونة الكبرى، ولا بالتهذيب، فتارة ينقل من المدونة، وتارة ينقل من التهذيب، ولعل ذلك يكون التهذيب قصد فيه البراذعي إتباع ترتيبها، والمحافظة على كثير من ألفاظها، فصار عنده منزلة المدونة، فمن ذلك قوله في الوديعة: (وفيها: وإن بعثت بضاعة إلى رجل) هذا لفظ المدونة ولفظ التهذيب: وإن بعثت بمال إلى رجل وقوله في بيوع الآجال : (وفيها مسألتا الفرس والحمار) والفرس وقع في التهذيب، وفي المدونة برذون، والأمر في هذا قريب. اهـ.
وقد كان لي بحث سابق عن أن أول من أطلق (فيها) يعني به المدونة هو ابن شاس رحمه الله في مواضع قليلة جدًا من كتابه، ثم أتى ابن الحاجب فأغرق في استخدامه، ثم درج على صنيعه من أتى بعده، ولكن أيقظ في نفسي الإشكاية التي ذكرها ابن فرحون عن عدم تحديد المنقول منه على هي الأم أم المختصر حين رأيت المواق قال في شرحه على سيدي خليل ما نصه:
قال مالك: إن قبضت من رجل طعامًا من سلم أو بيع وصدقته في كيله -جاز ذلك، وليس لك رجوع بما تدعي من نقص إن كذبك إلا أن تقيم بينة لم تفارقك من حين قبضته حتى وجدت فيه النقص، فإن كان الذي وجدت بمحضرهم نقصًا أو زيادة كنقص المكيال أو زيادته فذلك لك أو عليك وإن زاد على المتعارف رجع البائع بما زاد ورجعت عليه بما نقص إن كان عليه مضمونًا وإن كان بعينه فبحصة النقصان من الثمن وإن لم تكن بينة حلف البائع لقد أوفاه جميع ما سمى إن كان اكتاله هو، وإن بعث به إليه فليقل في يمينه لقد بعثته على ما كتب إلي أو قيل لي فيه من الكيل الذي يذكر فيه ولا شيء عليه وإن نكل حلفت أنت ورجعت عليه بما ذكرت فإن نكلت فلا شيء لك [SUP]([1])[/SUP]. اهـ.
وبحثت عن هذا القول في المدونة فلم أقف عليه، فذهبت لتهذيب المدونة فوجدته بنصه، وجعلت أبحث في المونة حتى وقفت عليها، ولكنها ليست من قول مالك، وإنما من حكاية ابن القاسم، ونصها: (قلت: فالذي أجازه مالك أن يشتريه رجل من هذا الذي اشتراه بكيل واحد ما هو؟ قال: الرجل يشتري الطعام فيكتاله لنفسه ورجل واقف لم يعده على بيعه فإذا اكتاله لنفسه ورضي هذا الرجل الواقف أن يشتريه منه بهذا الكيل, وكذلك إن لم يشهد كيله وكان غائبا عن كيله فاشتراه منه وصدقه على كيله فذلك جائز إذا كان ذلك منهما على غير موعد كان بينهما ولا وأي وهذا قول مالك؟ قال: فقلت لمالك: فإن صدقه بكيله فأخذه فوجد فيه زيادة أو نقصانا؟ قال: أما ما كان من زيادة الكيل ونقصانه فهو للمشتري وما كان من نقصان يعرف أنه لا ينقص في الكيل فإنه يوضع عن المشتري من الثمن بقدر النقصان ولا يُعطى طعامًا ولكن يرد عليه من الثمن بقدر ما نقص إذا كان من غير نقصان الكيل. قال: فقلت لمالك فإن قال البائع: لا أصدقك فيما تدعي من النقصان؟ قال مالك: إذا كان المشتري لم يغب عليه وكاله بحضرة شهود حين اشتراه فأرى أن يرجع المشتري على البائع بما نقص من الطعام بقدر ذلك من الثمن, فإن كان قد غاب عليه المشتري ثم جاء بعد ذلك يدعي وكذبه البائع أحلف البائع بالله الذي لا إله إلا هو لقد كان فيه كذا)
فالبراذعي ذكر المسألة هكذا، فجاء المواق فجعلها من قول مالك ورضي بنص التهذيب، ولم ينظر في المدونة، ولفظ المدونة أحسن لما فيه من تفصيل.
فهل نصير إلى العزو على التهذيب لسهولة الأمر ويسره أم نعزو على الأم باعتبارها الأصل، أم نفعل كما فعل اللخمي في نقله عن التهذيب للبراذعي، ويسعنا في ذلك ما وسعهم؟
هذه دعوى لإثراء النقاش علميًا بغية الإفادة والاستفادة والله الموفق لما فيه الصواب.
([1]) التاج والإكليل: 4/ 520 .
وقد كان لي بحث سابق عن أن أول من أطلق (فيها) يعني به المدونة هو ابن شاس رحمه الله في مواضع قليلة جدًا من كتابه، ثم أتى ابن الحاجب فأغرق في استخدامه، ثم درج على صنيعه من أتى بعده، ولكن أيقظ في نفسي الإشكاية التي ذكرها ابن فرحون عن عدم تحديد المنقول منه على هي الأم أم المختصر حين رأيت المواق قال في شرحه على سيدي خليل ما نصه:
قال مالك: إن قبضت من رجل طعامًا من سلم أو بيع وصدقته في كيله -جاز ذلك، وليس لك رجوع بما تدعي من نقص إن كذبك إلا أن تقيم بينة لم تفارقك من حين قبضته حتى وجدت فيه النقص، فإن كان الذي وجدت بمحضرهم نقصًا أو زيادة كنقص المكيال أو زيادته فذلك لك أو عليك وإن زاد على المتعارف رجع البائع بما زاد ورجعت عليه بما نقص إن كان عليه مضمونًا وإن كان بعينه فبحصة النقصان من الثمن وإن لم تكن بينة حلف البائع لقد أوفاه جميع ما سمى إن كان اكتاله هو، وإن بعث به إليه فليقل في يمينه لقد بعثته على ما كتب إلي أو قيل لي فيه من الكيل الذي يذكر فيه ولا شيء عليه وإن نكل حلفت أنت ورجعت عليه بما ذكرت فإن نكلت فلا شيء لك [SUP]([1])[/SUP]. اهـ.
وبحثت عن هذا القول في المدونة فلم أقف عليه، فذهبت لتهذيب المدونة فوجدته بنصه، وجعلت أبحث في المونة حتى وقفت عليها، ولكنها ليست من قول مالك، وإنما من حكاية ابن القاسم، ونصها: (قلت: فالذي أجازه مالك أن يشتريه رجل من هذا الذي اشتراه بكيل واحد ما هو؟ قال: الرجل يشتري الطعام فيكتاله لنفسه ورجل واقف لم يعده على بيعه فإذا اكتاله لنفسه ورضي هذا الرجل الواقف أن يشتريه منه بهذا الكيل, وكذلك إن لم يشهد كيله وكان غائبا عن كيله فاشتراه منه وصدقه على كيله فذلك جائز إذا كان ذلك منهما على غير موعد كان بينهما ولا وأي وهذا قول مالك؟ قال: فقلت لمالك: فإن صدقه بكيله فأخذه فوجد فيه زيادة أو نقصانا؟ قال: أما ما كان من زيادة الكيل ونقصانه فهو للمشتري وما كان من نقصان يعرف أنه لا ينقص في الكيل فإنه يوضع عن المشتري من الثمن بقدر النقصان ولا يُعطى طعامًا ولكن يرد عليه من الثمن بقدر ما نقص إذا كان من غير نقصان الكيل. قال: فقلت لمالك فإن قال البائع: لا أصدقك فيما تدعي من النقصان؟ قال مالك: إذا كان المشتري لم يغب عليه وكاله بحضرة شهود حين اشتراه فأرى أن يرجع المشتري على البائع بما نقص من الطعام بقدر ذلك من الثمن, فإن كان قد غاب عليه المشتري ثم جاء بعد ذلك يدعي وكذبه البائع أحلف البائع بالله الذي لا إله إلا هو لقد كان فيه كذا)
فالبراذعي ذكر المسألة هكذا، فجاء المواق فجعلها من قول مالك ورضي بنص التهذيب، ولم ينظر في المدونة، ولفظ المدونة أحسن لما فيه من تفصيل.
فهل نصير إلى العزو على التهذيب لسهولة الأمر ويسره أم نعزو على الأم باعتبارها الأصل، أم نفعل كما فعل اللخمي في نقله عن التهذيب للبراذعي، ويسعنا في ذلك ما وسعهم؟
هذه دعوى لإثراء النقاش علميًا بغية الإفادة والاستفادة والله الموفق لما فيه الصواب.
([1]) التاج والإكليل: 4/ 520 .