العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

أين أجد مسألة تقديم المأمور على المحظور أو العكس

إنضم
8 مارس 2010
المشاركات
10
التخصص
علوم القرآن
المدينة
حيث أهل العلم
المذهب الفقهي
الشافعي
إخواني الكرام السلام عليكم
أود سؤالكم عن مظان مسألة أيهما أولى في نظر الشرع امتثال المأمور أو ترك المحظور؟
 
إنضم
8 مارس 2010
المشاركات
10
التخصص
علوم القرآن
المدينة
حيث أهل العلم
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: أين أجد مسألة تقديم المأمور على المحظور أو العكس

أرجو منكم المساعدة خصوصا وأنا لست من أهل التخصص
 

زهرة الفردوس

:: متابع ::
إنضم
18 يونيو 2011
المشاركات
85
التخصص
..
المدينة
oooo
المذهب الفقهي
oooo
رد: أين أجد مسألة تقديم المأمور على المحظور أو العكس

فعل المأمور مقدم على ترك المحظور
هذا ورد في كتاب الورقات
وذكر ابن القيم في كتابه الفوائد بحثاً مطولاً في هذا وذكر الكثير من الأدلة عليها
وللمسألة صلة بالأمر بالشيء والنهي عن ضده في كتب الأصول


هذا جهد المقل
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: أين أجد مسألة تقديم المأمور على المحظور أو العكس

قال العلامة ابن القيِّم رحمه الله تعالى في "عِدَة الصابرين" : ( وقالت طائفة أخرى بل الصبر على فعل المأمور أفضل وأجل من الصبر على ترك المحظور؛ لأن فعل المأمور أحب إلى الله من ترك المحظور، والصبر على أحب الأمرين أفضل وأعلى، وبيان ذلك من وجوه:

أحدها: أن فعل المأمور مقصود لذاته فهو مشروع شرع المقاصد فإن معرفة الله وتوحيده وعبوديته وحده والإنابة إليه والتوكل عليه وإخلاص العمل له ومحبته والرضا به والقيام في خدمته هو الغاية التى خلق لها الخلق وثبت بها الأمر وذلك أمر مقصود لنفسه والمنهيات انما نهى عنها لأنها صادة عن ذلك أو شاغلة عنه أو مفوتة لكماله ولذلك كانت درجاتها في النهى بحسب صدها عن المأمور وتعويقها عنه وتفويتها لكماله فهي مقصودة لغيرها والمأمور مقصود لنفسه فلو لم يصد الخمر والميسر عن ذكر الله وعن الصلاة وعن التواد والتحاب الذى وضعه الله بين عباده لما حرمه وكذلك لو لم يحل بين العبد وبين عقله الذى به يعرف الله ويعبده ويحمده ويمجده ويصلى له ويسجد لما حرمه وكذلك سائر ما حرمه انما حرمه لأنه يصد عما يحبه ويرضاه ويحول بين العبد وبين إكماله.

الثاني ان المأمورات متعلقة بمعرفة الله وتوحيده وعبادته وذكره وشكره ومحبته والتوكل عليه والإنابة اليه فمتعلقها ذات الرب تعالى وأسماؤه وصفاته ومتعلق المنهيات ذوات الاشياء المنهى عنها والفرق من اعظم ما يكون.
الثالث: ان ضرورة العبد وحاجته إلى فعل المأمور أعظم من ضرورته إلى ترك المحظور فإنه ليس إلى شىء أحوج واشد فاقة منه إلى معرفة ربه وتوحيده واخلاص العمل له وافراده بالعبودية والمحبة والطاعة وضرورته إلى ذلك أعظم من ضرورته إلى نفسه ونفسه وحياته أعظم من ضرورته إلى غذائه الذى به قوام بدنه بل هذا لقلبه وروحه كالحياه والغذاء لبدنه وهو انما هو انسان بروحه وقلبه لا ببدنه وقالبه كما قيل:
يا خادم الجسم كم تشقى بخدمته
...
فأنت بالقلب لابالجسم انسان
وترك المنهى انما شرع له تحصيلا لهذا الأمر الذى هو ضرورى له وما أحوجه وافقره اليه.
الرابع: ان ترك المنهى من باب الحمية وفعل المأمور من باب حفظ القوة والغذاء الذى لاتقوم البنية بدونه ولا تحصل الحياة الا به فقد يعيش الإنسان مع تركه الحميه وان كان بدنه عليلا أشد ما يكون علة ولا يعيش بدون القوة والغذاء الذى يحفظها فهذا مثل المأمورات والمنهيات.
الخامس: ان الذنوب كلها ترجع إلى هذين الأصلين ترك المأمور وفعل المحظور ولو فعل العبد المحظور كله من أوله إلى آخره حتى أتى من مأمور الايمان بأدنى أدنى مثقال ذرة منه نجا بذلك من الخلود في النار ولو ترك كل محظور ولم يأت بمأمور الإيمان لكان مخلدا في السعير فأين شيء مثاقيل الذر منه تخرج من النار إلى شيء وزن الجبال منه أضعافا مضاعفة لا تقتضي الخلود في النار مع وجود ذلك المأمور أو أدنى شىء منه.
السادس: ان جميع المحظورات من أولها إلى آخرها تسقط بمأمور التوبة ولا تسقط المأمورات كلها معصية المخالفة الا بالشرك أو الوفاة عليه ولا خلاف بين الأمة ان كل محظور يسقط بالتوبة منه واختلفوا هل تسقط الطاعة بالمعصية وفي المسألة نزاع وتفاصيل ليس هذا موضعه.
السابع: ان ذنب الاب كان يفعل المحظور فكان عاقبته أن اجتباه ربه فتاب عليه وهدى وذنب ابليس كان بترك المأمور فكان عاقبته ما ذكر الله سبحانه وجعل هذا عبرة للذرية إلى يوم القيامة.
الثامن ان المأمور محبوب إلى الرب والمنهى مكروه له وهو سبحانه انما قدره وقضاه لأنه ذريعة إلى حصول محبوبه من عبده ومن نفسه تعالىأما من عبده فالتوبة والاستغفار والخضوع والذل والانكسار وغير ذلك وأما من نفسه فبالمغفرة والتوبة على العبد والعفو عنه والصفح والحلم والتجاوز عن حقه وغير ذلك مما هو أحب اليه تعالى من فواته بعدم تقدير ما يكرهه واذا كان انما قدر ما يكرهه لأنه يكون وسيلة إلى ما يحبه علم أن محبوبه هو الغاية ففوات محبوبه أبغض اليه وأكره له من حصول مبغوضه بل اذا ترتب على حصول مبغوضه ما يحبه من وجه آخر كان المبغوض مرادا له ارادة الوسائل كما كان النهى عنه وكراهته لذلك وأما المحبوب فمراده ارادة المقاصد كما تقدم فهو سبحانه انما خلق الخلق لاجل محبوبه ومأموره وهو عبادته وحده كما قال تعالى: {وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون} وقدر مكروهه ومبغوضه تكميلا لهذه الغاية التى خلق خلقه لأجلها فانه ترتب عليه من المأمورات ما لم يكن يحصل بدون تقديره كالجهاد الذى هو أحب العمل اليه والموالاة فيه والمعاداة فيه ولولا محبته لهذه المأمورات لما قدر من المكروه له ما ما يكون سببا لحصولها.
التاسع: ان ترك المحظور لا يكون قربة ما لم يقارنه فعل المأمور فلو ترك العبد كل محظور لم يثبه الله عليه حتى يقارنه مأمور الايمان وكذلك المؤمن لا يكون تركه المحظور قربة حتى يقارنه مأمور النية بحيث يكون تركه لله فافتقر ترك المنهيات بكونه قربة يثاب عليها إلى فعل المأمور ولا يفتقر فعل المأمور في كونه قربة وطاعة إلى ترك المحظور ولو افتقر اليه لم يقبل الله طاعة من عصاه أبدا وهذا من أبطل الباطل.
العاشر: ان المنهى عنه مطلوب اعدامه والمأمور مطلوب ايجاده والمراد ايجاد هذا واعدام ذاك فإذا قدر عدم الأمرين أو وجودهما كان وجودهما خير من عدمهما فإنه اذا عدم المأمور لم ينفع عدم المحظور واذا وجد المأمور فقد يستعان به على دفع المحظور أو دفع أثره فوجود القوة والمرض خير من عدم الحياة والمرض.
الحادى عشر: ان باب المأمور الحسنة فيه بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة وباب المحظور السيئة فيه بمثلها وهى بصدد الزوال بالتوبة والاستغفار والحسنة الماحية والمصيبة المكفرة واستغفار الملائكة للمؤمنين واستغفار بعضهم لبعض وغير ذلك وهذا يدل على أنه أحب إلى الله من عدم المنهى.
الثانى عشر: ان باب المنهيات يمحوه الله سبحانه ويبطل أثره بأمور عديدة من فعل العبد وغيره فإنه يبطله بالتوبة النصوح وبالاستغفار وبالحسنات الماحية وبالمصائب المكفرة وباستغفار الملائكة وبدعاء المؤمنين فهذه ستة في حال حياته وبتشديد الموت وكربه وسياقه عليه فهذا عند مفارقته الدنيا وبهول المطلع وروعة الملكين في القبر وضغطته وعصرته له وشدة الموقف وعنائه وصعوبته وبشفاعة الشافعين فيه وبرحمة أرحم الراحمين له فإن عجزت عنه هذه الأمور فلا بد له من دخول النار ويكون لبثه فيها على قدر بقاء خبثه ودرنه فإن الله حرم الجنة الا على كل طيب فما دام درنه ووسخه وخبثه فيه فهو في كير التطهير حتى يتصفى من ذلك الوسخ والخبث وأما باب المأمورات فلا يبطله إلا الشرك.
الثالث عشر: أن جزاء المأمورات الثواب وهو من باب الاحسان والفضل والرحمة وجزاء المنهيات العقوبة وهى من باب الغضب والعدل ورحمته سبحانه تغلب غضبه فما تعلق بالرحمة والفضل أحب اليه مما تعلق بالغضب والعدل وتعطيل ما تعلق بالرحمة أكره اليه من فعل ما تعلق بالغضب.
الرابع عشر: ان باب المنهيات تسقط الآلاف المؤلفة منه الواحدة من المأمورات وباب المأمورات لا يسقط الواحدة منه الآلاف المؤلفة من المنهيات.
الخامس عشر: ان متعلق المأمورات الفعل وهو صفة كمال بل كمال المخلوق من فعاله فإنه فعل فكمل ومتعلق النهى الترك والترك عدم ومن حيث هو كذلك لا يكون كمالا فإن العدم المحض ليس بكمال وانما يكون كمالا لما يتضمنه أو يستلزمه من الفعل الوجودى الذى هو سبب الكمال وأما أن يكون مجرد الترك الذى هو عدم محض كمالا أو سببا للكمال فلا مثال ذلك لو ترك السجود للضم لم يكن كماله في مجرد هذا الترك ما لم يكن يسجد لله والا فلو ترك السجود لله وللصنم لم يكن ذلك كمالا وكذلك لو ترك تكذيب الرسول ومعاداته لم يكن بذلك مؤمنا ما لم يفعل ضد ذلك من التصديق والحب وموالاته وطاعته فعلم أن الكمال كله في المأمور وان المنهى ما لم يتصل به فعل المأمور لم يفد شيئا ولم يكن كمالا فإن الرجل لو قال للرسول لا أكذبك ولا أصدقك ولا أواليك ولا أعاديك ولا أحاربك ولا أحارب من يحاربك لكان كافرا ولم يكن مؤمنا بترك معاداته وتكذيبه ومحاربته ما لم يأت بالفعل الوجودى الذى أمر به.
السادس عشر: ان العبد اذا أتى بالمأمور به على وجهه ترك المنهى عنه ولا بد فالمقصود انما هو فعل المأمور ومع فعله على وجهه يتعذر فعل المنهى فالمنهى عنه في الحقيقة هو تعريض المأمور للإضاعة فإن العبد اذا فعل ما أمر به من العدل والعفة وامتنع من صدور الظلم والفواحش منه فنفس العدل يتضمن ترك الظلم ونفس العفة تتضمن ترك الفواحش فدخل ترك المنهى عنه في المأمور به ضمنا وتبعا وليس كذلك في عكسه فان ترك المحظور لا يتضمن فعل المأمور فإنه قد يتركهما معا كما تقدم فعلم أن المقصود هو إقامة الأمر على وجهه ومع ذلك لا يمكن ارتكاب النهى البتة وأما ترك المنهى عنه فإنه يستلزم اقامة الأمر
السابع عشر: ان الرب تعالى اذا أمر عبده بأمر ونهاه عن أمر ففعلهما جميعا كان قد حصل محبوب الرب وبغيضه فقد تقدم له من محبوبه ما يدفع عنه شر بغيضه ومقاومته ولا سيما اذا كان فعل ذلك المحبوب أحب اليه من ترك ذلك البغيض فيهب له من جنايته ما فعل من هذا بطاعته ويتجاوز له عما فعل من الآخر
ونظير هذا في الشاهد أن يقتل الرجل عدوا للملك هو حريص على قتله وشرب مسكرا نهاه عن شربه فإنه يتجاوز له عن هذه الزلة بل عن أمثالها في جنب ما أتى به من محبوبه وأما اذا ترك محبوبه وبغيضه فإنه لا يقوم ترك بغيضه بمصلحة فعل محبوبه أبدا كما اذا أمر الملك عبده بقتل عدوه ونهاه عن شرب مسكر فعصاه في قتل عدوه مع قدرته عليه وترك شرب المسكر فإن الملك لا يهب له جرمه بترك أمره في جنب ترك ما نهاه عنه وقد فطر الله عباده على هذا فهكذا السادات مع عبيدهم والآباء مع أولادهم والملوك مع جندهم والزوجات مع أزواجهم ليس التارك منهم محبوب الامر ومكروهه بمنزلة الفاعل منهم محبوب أمره ومكروهه.
يوضحه الوجه الثامن عشر: ان فاعل محبوب الرب يستحيل أن يفعل جميع مكروهه بل يترك من مكروهه بقدر ما أتى به من محبوبه فيستحيل الاتيان بجميع مكروهه وهو يفعل ما أحبه وأبغضه فغايته أنه اجتمع الأمران فيحبه الرب تعالى من وجه ويبغضه من وجه أما اذا ترك المأمور به جملة فإنه لم يقم به ما يحبه الرب عليه فإن مجرد ترك المنهى لا يكون طاعة الا باقترانه بالمأمور كما تقدم فلا يحبه على مجرد الترك وهو سبحانه يكرهه ويبغضه على مخالفة الأمر فصار مبغوضا للرب تعالى من كل وجه إذ ليس فيه ما يحبه الرب عليه فتأمله.
يوضحه الوجه التاسع عشر: وهو أن الله سبحانه لم يعلق محبته إلا بأمر وجودى أمر به ايجابا أو استحبابا ولم يعلقها بالترك من حيث هو ترك ولا في موضع واحد فإنه يحب التوابين ويحب المحسنين ويحب الشاكرين ويحب الصابرين ويحب المتطهرين ويحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ويحب المتقين ويحب الذاكرين ويحب المتصدقين فهو سبحانه انما علق محبته بأوامره اذ هى المقصود من الخلق والأمر كما قال تعالى {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} فما خلق الخلق الا لقيام أوامره وما نهاهم الا عما يصدهم عن قيام أوامره ويعوقهم عنها.وضحه الوجه العشرون: أن المنهيات لو لم تصد عن المأمورات وتمنع وقوعها على الوجه الذى أمر الله بها لم يكن للنهى عنها معنى وانما نهى عنها لمضادتها لأ2وامره وتعويقها لها وصدها عنها فالنهى عنها من باب التكميل والتتمة للمأمور فهو بمنزلة تنظيف طرق الماء ليجرى في مجاريه غير معوق فالأمر بمنزلة الماء الذى أرسل في نهر لحياة البلاد والعباد والنهى بمنزلة تنظيف طرقه ومجراه وتنقيتها مما يعوق الماء والأمر بمنزلة القوة والحياة والنهى بمنزلة الحمية الحافظة للقوة والداء والخادم لها
قالوا واذا تبين أن فعل المأمور أفضل فالصبر عليه أفضل أنواع الصبر وبه يسهل عليه الصبر عن المحظور والصبر على المقدور فإن الصبر الا على يتضمن الصبر الأدنى دون العكس وقد ظهر لك من هذا أن الأنواع الثلاثة متلازمة وكل نوع منها يعين على النوعين الآخرين وان كان من الناس من قوة صبره على المقدور فإذا جاء الأمر والنهى فقوة صبره هناك ضعيفة ومنهم من هو بالعكس من ذلك ومنهم من قوة صبره في جانب الامر أقوى ومنهم من هو بالعكس والله أعلم ).

ويبقى هذا التقديم لفعل المأمور ليس على إطلاقه، للتفاوت بين المأمورات وكذا المحظورات، واختلافها في الدرجات. وبالله التوفيق
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: أين أجد مسألة تقديم المأمور على المحظور أو العكس

قال العلامة ابن القيِّم رحمه الله تعالى في "عِدَة الصابرين" : ( وقالت طائفة أخرى بل الصبر على فعل المأمور أفضل وأجل من الصبر على ترك المحظور؛ لأن فعل المأمور أحب إلى الله من ترك المحظور، والصبر على أحب الأمرين أفضل وأعلى، وبيان ذلك من وجوه:

أحدها: أن فعل المأمور مقصود لذاته فهو مشروع شرع المقاصد فإن معرفة الله وتوحيده وعبوديته وحده والإنابة إليه والتوكل عليه وإخلاص العمل له ومحبته والرضا به والقيام في خدمته هو الغاية التى خلق لها الخلق وثبت بها الأمر وذلك أمر مقصود لنفسه والمنهيات انما نهى عنها لأنها صادة عن ذلك أو شاغلة عنه أو مفوتة لكماله ولذلك كانت درجاتها في النهى بحسب صدها عن المأمور وتعويقها عنه وتفويتها لكماله فهي مقصودة لغيرها والمأمور مقصود لنفسه فلو لم يصد الخمر والميسر عن ذكر الله وعن الصلاة وعن التواد والتحاب الذى وضعه الله بين عباده لما حرمه وكذلك لو لم يحل بين العبد وبين عقله الذى به يعرف الله ويعبده ويحمده ويمجده ويصلى له ويسجد لما حرمه وكذلك سائر ما حرمه انما حرمه لأنه يصد عما يحبه ويرضاه ويحول بين العبد وبين إكماله.


الثاني ان المأمورات متعلقة بمعرفة الله وتوحيده وعبادته وذكره وشكره ومحبته والتوكل عليه والإنابة اليه فمتعلقها ذات الرب تعالى وأسماؤه وصفاته ومتعلق المنهيات ذوات الاشياء المنهى عنها والفرق من اعظم ما يكون.


الثالث: ان ضرورة العبد وحاجته إلى فعل المأمور أعظم من ضرورته إلى ترك المحظور فإنه ليس إلى شىء أحوج واشد فاقة منه إلى معرفة ربه وتوحيده واخلاص العمل له وافراده بالعبودية والمحبة والطاعة وضرورته إلى ذلك أعظم من ضرورته إلى نفسه ونفسه وحياته أعظم من ضرورته إلى غذائه الذى به قوام بدنه بل هذا لقلبه وروحه كالحياه والغذاء لبدنه وهو انما هو انسان بروحه وقلبه لا ببدنه وقالبه كما قيل:
يا خادم الجسم كم تشقى بخدمته
...
فأنت بالقلب لابالجسم انسان
وترك المنهى انما شرع له تحصيلا لهذا الأمر الذى هو ضرورى له وما أحوجه وافقره اليه.

الرابع: ان ترك المنهى من باب الحمية وفعل المأمور من باب حفظ القوة والغذاء الذى لاتقوم البنية بدونه ولا تحصل الحياة الا به فقد يعيش الإنسان مع تركه الحميه وان كان بدنه عليلا أشد ما يكون علة ولا يعيش بدون القوة والغذاء الذى يحفظها فهذا مثل المأمورات والمنهيات.


الخامس: ان الذنوب كلها ترجع إلى هذين الأصلين ترك المأمور وفعل المحظور ولو فعل العبد المحظور كله من أوله إلى آخره حتى أتى من مأمور الايمان بأدنى أدنى مثقال ذرة منه نجا بذلك من الخلود في النار ولو ترك كل محظور ولم يأت بمأمور الإيمان لكان مخلدا في السعير فأين شيء مثاقيل الذر منه تخرج من النار إلى شيء وزن الجبال منه أضعافا مضاعفة لا تقتضي الخلود في النار مع وجود ذلك المأمور أو أدنى شىء منه.


السادس: ان جميع المحظورات من أولها إلى آخرها تسقط بمأمور التوبة ولا تسقط المأمورات كلها معصية المخالفة الا بالشرك أو الوفاة عليه ولا خلاف بين الأمة ان كل محظور يسقط بالتوبة منه واختلفوا هل تسقط الطاعة بالمعصية وفي المسألة نزاع وتفاصيل ليس هذا موضعه.


السابع: ان ذنب الاب كان يفعل المحظور فكان عاقبته أن اجتباه ربه فتاب عليه وهدى وذنب ابليس كان بترك المأمور فكان عاقبته ما ذكر الله سبحانه وجعل هذا عبرة للذرية إلى يوم القيامة.


الثامن: ان المأمور محبوب إلى الرب والمنهى مكروه له وهو سبحانه انما قدره وقضاه لأنه ذريعة إلى حصول محبوبه من عبده ومن نفسه تعالى أما من عبده فالتوبة والاستغفار والخضوع والذل والانكسار وغير ذلك وأما من نفسه فبالمغفرة والتوبة على العبد والعفو عنه والصفح والحلم والتجاوز عن حقه وغير ذلك مما هو أحب اليه تعالى من فواته بعدم تقدير ما يكرهه واذا كان انما قدر ما يكرهه لأنه يكون وسيلة إلى ما يحبه علم أن محبوبه هو الغاية ففوات محبوبه أبغض اليه وأكره له من حصول مبغوضه بل اذا ترتب على حصول مبغوضه ما يحبه من وجه آخر كان المبغوض مرادا له ارادة الوسائل كما كان النهى عنه وكراهته لذلك وأما المحبوب فمراده ارادة المقاصد كما تقدم فهو سبحانه انما خلق الخلق لاجل محبوبه ومأموره وهو عبادته وحده كما قال تعالى: {وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون} وقدر مكروهه ومبغوضه تكميلا لهذه الغاية التى خلق خلقه لأجلها فانه ترتب عليه من المأمورات ما لم يكن يحصل بدون تقديره كالجهاد الذى هو أحب العمل اليه والموالاة فيه والمعاداة فيه ولولا محبته لهذه المأمورات لما قدر من المكروه له ما ما يكون سببا لحصولها.


التاسع: ان ترك المحظور لا يكون قربة ما لم يقارنه فعل المأمور فلو ترك العبد كل محظور لم يثبه الله عليه حتى يقارنه مأمور الايمان وكذلك المؤمن لا يكون تركه المحظور قربة حتى يقارنه مأمور النية بحيث يكون تركه لله فافتقر ترك المنهيات بكونه قربة يثاب عليها إلى فعل المأمور ولا يفتقر فعل المأمور في كونه قربة وطاعة إلى ترك المحظور ولو افتقر اليه لم يقبل الله طاعة من عصاه أبدا وهذا من أبطل الباطل.


العاشر: ان المنهى عنه مطلوب اعدامه والمأمور مطلوب ايجاده والمراد ايجاد هذا واعدام ذاك فإذا قدر عدم الأمرين أو وجودهما كان وجودهما خير من عدمهما فإنه اذا عدم المأمور لم ينفع عدم المحظور واذا وجد المأمور فقد يستعان به على دفع المحظور أو دفع أثره فوجود القوة والمرض خير من عدم الحياة والمرض.


الحادى عشر: ان باب المأمور الحسنة فيه بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة وباب المحظور السيئة فيه بمثلها وهى بصدد الزوال بالتوبة والاستغفار والحسنة الماحية والمصيبة المكفرة واستغفار الملائكة للمؤمنين واستغفار بعضهم لبعض وغير ذلك وهذا يدل على أنه أحب إلى الله من عدم المنهى.


الثانى عشر: ان باب المنهيات يمحوه الله سبحانه ويبطل أثره بأمور عديدة من فعل العبد وغيره فإنه يبطله بالتوبة النصوح وبالاستغفار وبالحسنات الماحية وبالمصائب المكفرة وباستغفار الملائكة وبدعاء المؤمنين فهذه ستة في حال حياته وبتشديد الموت وكربه وسياقه عليه فهذا عند مفارقته الدنيا وبهول المطلع وروعة الملكين في القبر وضغطته وعصرته له وشدة الموقف وعنائه وصعوبته وبشفاعة الشافعين فيه وبرحمة أرحم الراحمين له فإن عجزت عنه هذه الأمور فلا بد له من دخول النار ويكون لبثه فيها على قدر بقاء خبثه ودرنه فإن الله حرم الجنة الا على كل طيب فما دام درنه ووسخه وخبثه فيه فهو في كير التطهير حتى يتصفى من ذلك الوسخ والخبث وأما باب المأمورات فلا يبطله إلا الشرك.


الثالث عشر: أن جزاء المأمورات الثواب وهو من باب الاحسان والفضل والرحمة وجزاء المنهيات العقوبة وهى من باب الغضب والعدل ورحمته سبحانه تغلب غضبه فما تعلق بالرحمة والفضل أحب اليه مما تعلق بالغضب والعدل وتعطيل ما تعلق بالرحمة أكره اليه من فعل ما تعلق بالغضب.


الرابع عشر: ان باب المنهيات تسقط الآلاف المؤلفة منه الواحدة من المأمورات وباب المأمورات لا يسقط الواحدة منه الآلاف المؤلفة من المنهيات.


الخامس عشر: ان متعلق المأمورات الفعل وهو صفة كمال بل كمال المخلوق من فعاله فإنه فعل فكمل ومتعلق النهى الترك والترك عدم ومن حيث هو كذلك لا يكون كمالا فإن العدم المحض ليس بكمال وانما يكون كمالا لما يتضمنه أو يستلزمه من الفعل الوجودى الذى هو سبب الكمال وأما أن يكون مجرد الترك الذى هو عدم محض كمالا أو سببا للكمال فلا مثال ذلك لو ترك السجود للضم لم يكن كماله في مجرد هذا الترك ما لم يكن يسجد لله والا فلو ترك السجود لله وللصنم لم يكن ذلك كمالا وكذلك لو ترك تكذيب الرسول ومعاداته لم يكن بذلك مؤمنا ما لم يفعل ضد ذلك من التصديق والحب وموالاته وطاعته فعلم أن الكمال كله في المأمور وان المنهى ما لم يتصل به فعل المأمور لم يفد شيئا ولم يكن كمالا فإن الرجل لو قال للرسول لا أكذبك ولا أصدقك ولا أواليك ولا أعاديك ولا أحاربك ولا أحارب من يحاربك لكان كافرا ولم يكن مؤمنا بترك معاداته وتكذيبه ومحاربته ما لم يأت بالفعل الوجودى الذى أمر به.


السادس عشر: ان العبد اذا أتى بالمأمور به على وجهه ترك المنهى عنه ولا بد فالمقصود انما هو فعل المأمور ومع فعله على وجهه يتعذر فعل المنهى فالمنهى عنه في الحقيقة هو تعريض المأمور للإضاعة فإن العبد اذا فعل ما أمر به من العدل والعفة وامتنع من صدور الظلم والفواحش منه فنفس العدل يتضمن ترك الظلم ونفس العفة تتضمن ترك الفواحش فدخل ترك المنهى عنه في المأمور به ضمنا وتبعا وليس كذلك في عكسه فان ترك المحظور لا يتضمن فعل المأمور فإنه قد يتركهما معا كما تقدم فعلم أن المقصود هو إقامة الأمر على وجهه ومع ذلك لا يمكن ارتكاب النهى البتة وأما ترك المنهى عنه فإنه يستلزم اقامة الأمر


السابع عشر: ان الرب تعالى اذا أمر عبده بأمر ونهاه عن أمر ففعلهما جميعا كان قد حصل محبوب الرب وبغيضه فقد تقدم له من محبوبه ما يدفع عنه شر بغيضه ومقاومته ولا سيما اذا كان فعل ذلك المحبوب أحب اليه من ترك ذلك البغيض فيهب له من جنايته ما فعل من هذا بطاعته ويتجاوز له عما فعل من الآخر

ونظير هذا في الشاهد أن يقتل الرجل عدوا للملك هو حريص على قتله وشرب مسكرا نهاه عن شربه فإنه يتجاوز له عن هذه الزلة بل عن أمثالها في جنب ما أتى به من محبوبه وأما اذا ترك محبوبه وبغيضه فإنه لا يقوم ترك بغيضه بمصلحة فعل محبوبه أبدا كما اذا أمر الملك عبده بقتل عدوه ونهاه عن شرب مسكر فعصاه في قتل عدوه مع قدرته عليه وترك شرب المسكر فإن الملك لا يهب له جرمه بترك أمره في جنب ترك ما نهاه عنه وقد فطر الله عباده على هذا فهكذا السادات مع عبيدهم والآباء مع أولادهم والملوك مع جندهم والزوجات مع أزواجهم ليس التارك منهم محبوب الامر ومكروهه بمنزلة الفاعل منهم محبوب أمره ومكروهه.

يوضحه الوجه الثامن عشر: ان فاعل محبوب الرب يستحيل أن يفعل جميع مكروهه بل يترك من مكروهه بقدر ما أتى به من محبوبه فيستحيل الاتيان بجميع مكروهه وهو يفعل ما أحبه وأبغضه فغايته أنه اجتمع الأمران فيحبه الرب تعالى من وجه ويبغضه من وجه أما اذا ترك المأمور به جملة فإنه لم يقم به ما يحبه الرب عليه فإن مجرد ترك المنهى لا يكون طاعة الا باقترانه بالمأمور كما تقدم فلا يحبه على مجرد الترك وهو سبحانه يكرهه ويبغضه على مخالفة الأمر فصار مبغوضا للرب تعالى من كل وجه إذ ليس فيه ما يحبه الرب عليه فتأمله.


يوضحه الوجه التاسع عشر: وهو أن الله سبحانه لم يعلق محبته إلا بأمر وجودى أمر به ايجابا أو استحبابا ولم يعلقها بالترك من حيث هو ترك ولا في موضع واحد فإنه يحب التوابين ويحب المحسنين ويحب الشاكرين ويحب الصابرين ويحب المتطهرين ويحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ويحب المتقين ويحب الذاكرين ويحب المتصدقين فهو سبحانه انما علق محبته بأوامره اذ هى المقصود من الخلق والأمر كما قال تعالى {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} فما خلق الخلق الا لقيام أوامره وما نهاهم الا عما يصدهم عن قيام أوامره ويعوقهم عنها.

وضحه الوجه العشرون: أن المنهيات لو لم تصد عن المأمورات وتمنع وقوعها على الوجه الذى أمر الله بها لم يكن للنهى عنها معنى وانما نهى عنها لمضادتها لأ2وامره وتعويقها لها وصدها عنها فالنهى عنها من باب التكميل والتتمة للمأمور فهو بمنزلة تنظيف طرق الماء ليجرى في مجاريه غير معوق فالأمر بمنزلة الماء الذى أرسل في نهر لحياة البلاد والعباد والنهى بمنزلة تنظيف طرقه ومجراه وتنقيتها مما يعوق الماء والأمر بمنزلة القوة والحياة والنهى بمنزلة الحمية الحافظة للقوة والداء والخادم لها

قالوا واذا تبين أن فعل المأمور أفضل فالصبر عليه أفضل أنواع الصبر وبه يسهل عليه الصبر عن المحظور والصبر على المقدور فإن الصبر الا على يتضمن الصبر الأدنى دون العكس وقد ظهر لك من هذا أن الأنواع الثلاثة متلازمة وكل نوع منها يعين على النوعين الآخرين وان كان من الناس من قوة صبره على المقدور فإذا جاء الأمر والنهى فقوة صبره هناك ضعيفة ومنهم من هو بالعكس من ذلك ومنهم من قوة صبره في جانب الامر أقوى ومنهم من هو بالعكس والله أعلم ).

ويبقى هذا التقديم لفعل المأمور ليس على إطلاقه، للتفاوت بين المأمورات وكذا المحظورات، واختلافها في الدرجات. وبالله التوفيق
 
التعديل الأخير:
إنضم
8 مارس 2010
المشاركات
10
التخصص
علوم القرآن
المدينة
حيث أهل العلم
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: أين أجد مسألة تقديم المأمور على المحظور أو العكس

جزاكم الله خيرا
لكن ما نقلتموه لي هو كلام ابن القيم في المسألة وما أعرفه ان ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله خالفا جمهور أهل العلم في تقديمهما فعل المأمور على ترك المحظور، لكن أين اجد تقرير الجمهور لهذه المسألة في كتب الأصول
فالوصول لها في كتب ابن القيم وابن تيمية سهل لكن ما صعب علي هو رأي الجمهور الذين يقدمون ترك المحظور على فعل المأمور
أرجو منكم الإفادة
 
إنضم
8 مارس 2010
المشاركات
10
التخصص
علوم القرآن
المدينة
حيث أهل العلم
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: أين أجد مسألة تقديم المأمور على المحظور أو العكس

للرفع
 

فاتن حداد

:: متخصص ::
إنضم
14 يوليو 2009
المشاركات
553
الجنس
أنثى
الكنية
أصولية حنفية
التخصص
الفقه وأصوله
الدولة
الأردن
المدينة
إربد
المذهب الفقهي
المذهب الحنفي
رد: أين أجد مسألة تقديم المأمور على المحظور أو العكس

ذكر ابن رجب المسألة في جامع العلوم والحكم وعدنان أمامة ناقش المسألة بإيجاز في الإحكام والتقرير لقاعدة المشقة تجلب التيسير
أرجو أن أكون قد أفدت
 
أعلى