العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الفرق بين قاعدة خبر الواحد في عموم البلوى , وقاعدة العسر وعموم البلوى .

إنضم
12 يناير 2010
المشاركات
863
الجنس
ذكر
الكنية
أبو مُـعـاذ
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
خميس مشيط
المذهب الفقهي
حنبلي
جاء قي بحث الدكتور عبدالرحمن القرني ( خبر الآحاد فيما تعم به البلوى ) :

المبحث الرابع:
الفروق بين قاعدة خبر الواحد في عموم البلوى , وقاعدة العسر وعموم البلوى.
أردت في هذا المبحث بيان وجه الاختلاف بين قاعدة خبر الواحد في عموم البلوىٰ، وقاعدة العسر وعموم البلوىٰ؛ وذلك لما تراه من اشتراك لقبي القاعدتين في بعض الألفاظ، وهو «عموم البلوىٰ».
ويمكن إيجاز الفرق بين القاعدتين في الأمور التالية:
أولاً: أن القاعدة الأولىٰ - وهي خبر الواحد في عموم البلوىٰ - قاعدة أصولية، وأما الثانية فهي قاعدة فقهية.
ثانياً: أن القاعدة الأولىٰ يراد بها: الحديث الآحادي الوارد في حكم تعم أهميته المسلمين، وتمس الحاجة إليه.
والقاعدة الثانية يراد بها: أن الشيء العام الذي يعسر التحرز منه فإن الشارع يسره وخففه علىٰ المكلف بحيث يمكنه فعل العبادة أو غيرها بحسب قدرته([126]).
فقولهم: «العسر»: أي عسر تجنب الشيء([127]).
وقولهم: «عموم البلوىٰ» أي الحالة التي تشمل كثيراً من الناس ويعم المصاب بها([128]).
وشرط العمل بهذه القاعدة أن يكون هذا الأمر الذي عمت به البلوىٰ وارداً في موضع لا نص فيه يخالفه، فإن وجد نص بخلافه فلا اعتبار للقاعدة([129]).
ثالثاً: أن القاعدة الأولىٰ مختلف فيها في المذاهب الأربعة بين الجمهور وبين الحنفية كما سبق بيانه.
والقاعدة الثانية متفق عليها في المذاهب الأربعة، وإليك الأمثلة بإيجاز:
* فقد استدل بها الحنفية في مواضع عدة، منها قول الزيلعي([130]) في بعض مسائل الطهارة: «… أن نجاسته مخففة عنده… ووجه التخفيف عموم البلوىٰ والضرورة، وهي توجب التخفيف فيما لا نص فيه» اهـ([131]).
وقال ابن الهمام: «وما ترشَّش علىٰ الغاسل من غسالة الميت مما لا يمكنه الامتناع عنه ما دام في علاجه لا ينجسه؛ لعموم البلوىٰ» اهـ([132]).
وفي (الدر المختار) قال التمرتاشي([133]):«وجاز إجارة القناة والنهر مع الماء، به يُفْتَىٰ لعموم البلوىٰ» اهـ([134]).
وذكر ابن نجيم([135]) هذه القاعدة في (أشباهه) فقال: «السادس: العسر وعموم البلوىٰ، كالصلاة مع النجاسة المعفو عنها كما دون ربع الثوب من المخففة وقدر الدرهم من المغلظة…» اهـ([136]).
* كما استدل بها المالكية في مواضع، منها قول الخرشي([137]): «يرخص في الخبز المخبوز بالزِّبْل([138]) عندنا بمصر؛ لعموم البلوىٰ» اهـ([139]).
وقال الحطاب([140]) في بعض مسائل الصلاة: «والظاهر صحة الصلاة لاسيما في هذه المسألة؛ لعموم البلوىٰ بها» اهـ([141]).
وفي (الشرح الكبير) للدردير([142]): «أو جلس علىٰ ثوب غيره في صلاة أو في مجلس يجوز فيه الجلوس معه فقام رب الثوب فانقطع فلا ضمان علىٰ الجالس» اهـ‍‍‍‍‍، قال الدسوقي([143]):«قوله: (فلا ضمان علىٰ الجالس) أي لأنه مما تعم به البلوىٰ في الصلاة والمجالس»اهـ([144]).
وقال ابن الشاط([145]): «القاعدةُ في الملة السمحة تخفيفٌ في كل ما عمت به البلوىٰ»اهـ([146]).
* واستدل بها الشافعية أيضاً، فمن ذلك قول النووي([147]) في بعض مسائل الصلاة: «أن الشك في ترك السجدة ونحوها تعم به البلوىٰ فَعُفِيَ عنه» اهـ([148]).
وقال أيضاً: «إذا انفصل شعر آدمي في حياته فطاهر علىٰ أصح الوجهين؛ تكرمةً للآدمي ولعموم البلوىٰ وعسر الاحتراز» اهـ([149]).
وقال شمس الدين الرملي([150]):«ويحكم أيضاً بطهارة ما عمت به البلوىٰ، كَعَرَقِ الدواب ولعابها…» اهـ([151]).
وذكر السيوطي([152]) هذه القاعدة في (أشباهه) فقال: «السادس: العسر وعموم البلوىٰ، كالصلاة مع النجاسة المعفو عنها كدم القروح والدمامل والبراغيث…» اهـ([153]).
* واستدل بها الحنابلة كذلك، فمن ذلك قول ابن قدامة([154]) في بعض مسائل الديات: «…وإن كان بغير إذنه ففيه روايتان: إحداهما لا يضمن… والثانية يضمن… والصحيح هو الأول؛ لأن هذا مما تدعو الحاجة إليه ويشق استئذان الإمام فيه وتعم البلوىٰ به»اهـ([155]).
وقال شمس الدين ابن مفلح([156]) في بعض مسائل الطهارة: «وكانت أيدي الصحابة تتلوث بالجرح والدمل ولم ينقل عنهم التحرز من المائع حتىٰ يغسلوه؛ ولعموم البلوىٰ ببعر الفأر وغيره» اهـ([157]).
وقال المرداوي([158]):«من رأىٰ سواداً بالليل فظنه عدواً فتبين أنه ليس بعدو بعد أن تيمم وصلىٰ، ففي الإعادة وجهان… أحدهما لا يعيد وهو الصحيح، قال المجد([159]) في شرحه: والصحيح لا يعيد؛ لكثرة البلوىٰ بذلك في الأسفار» اهـ([160]).
وفي (الإقناع) للحجاوي([161]) و(شرحه) للبهوتي([162]) بعد أن قَرَّرا أنَّ لعمل الجوارح أثراً في بطلان الصلاة: «ولا تبطل الصلاة بعمل القلب ولو طال؛ لعموم البلوىٰ به» اهـ([163]).

([126]) انظر (موسوعة القواعد الفقهية) 3/63، 2/317.
([127]) انظر (المواهب السنية علىٰ الفرائد البهية) 1/249.
([128]) انظر (موسوعة القواعد الفقهية) 3/63 و(الموسوعة الفقهية) 31/6.
([129]) انظر (المبسوط) 1/61، 4/105 و(تبيين الحقائق) 1/74 و(العناية) 1/206 و(الأشباه والنظائر) لابن نجيم ص93.
([130]) هو عثمان بن علي الزيلعي فخر الدين، فقيه حنفي، من كتبه (تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق) في الفقه و(شرح الجامع الكبير) توفي سنة 743هـ. انظر (الفوائد البهية) ص115.
([131]) (تبيين الحقائق) 1/75.
([132]) (فتح القدير) 1/209.
([133]) هو محمد بن عبدالله التُّمُرْتاشي شمس الدين، فقيه حنفي يُعرف بالخطيب، من كتبه (الوصول إلىٰ قواعد الأصول) و(تنوير الأبصار)، والصحيح أنه كان حياً سنة 1007هـ وأنه لا تُعرف سنة وفاته. انظر (الأعلام) 6/239 ومقدمة تحقيق (الوصول إلىٰ قواعد الأصول) ص84.
([134]) (الدر المختار) 6/63.
([135]) هو زَيْن بن إبراهيم بن محمد المصري المعروف بابن نُجَيم، فقيه حنفي أصولي، من كتبه (البحر الرائق) و(الأشباه والنظائر) توفي سنة 970هـ. انظر (الطبقات السنية) 3/275.
([136]) (الأشباه والنظائر) لابن نجيم ص85 وفيه: «عما» ولعل صوابها: «مما» أو «كما» وقد أثبتُّ الأخيرة.
([137]) هو محمد بن عبدالله الخَرَشي أبو عبدالله، فقيه مالكي انتهتْ إليه رئاسة المذهب بمصر، له شرحان كبير وصغير علىٰ (مختصر خليل) توفي سنة 1101هـ. انظر (شجرة النور) ص317.
([138]) الزِّبْل: هو رَوْثُ الحيوان، ويقال له أيضاً: «السرجين» و«السرقين» بفتح السين وكسرها. انظر (تحرير ألفاظ التنبيه) ص176و(تاج العروس) 14/301 «زبل».
([139]) (شرح مختصر خليل) للخرشي 1/93.
([140]) هو محمد بن محمد بن عبدالرحمن الرُّعَيني أبو عبدالله، فقيه مالكي يُعرف كأبيه بالحَطَّاب، من كتبه (شرح مختصر خليل) و(قرة العين شرح الورقات) توفي سنة 954هـ. انظر (شجرة النور) ص270.
([141]) (مواهب الجليل) 1/136.
([142]) هو أحمد بن محمد العدوي أبو البركات، فقيه مالكي يُعرف بالدردير، من كتبه (أقرب المسالك لمذهب مالك) و(متشابهات القرآن) توفي سنة 1201هـ. انظر (شجرة النور) ص359.
([143]) هو محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي الأزهري شمس الدين أبو عبدالله، فقيه مالكي محقِّق، من كتبه (حاشية علىٰ الشرح الكبير للدردير) و(حاشية علىٰ الرسالة الوضعية) توفي سنة 1230هـ. انظر (شجرة النور) ص361.
([144]) (حاشية الدسوقي علىٰ الشرح الكبير) 3/451.
([145]) هو قاسم بن عبدالله الأنصاري أبو القاسم، فقيه مالكي يُعرف بابن الشاط، من كتبه (أنوار البروق) و(غنية الرائض في علم الفرائض) توفي سنة 723هـ. انظر (الديباج المذهب) 2/152.
([146]) (تهذيب الفروق والقواعد السنية) 3/182.
([147]) هو يحيىٰ بن شرف النووي محيي الدين أبو زكريا، فقيه شافعي محدِّث من أعيان المذهب، من كتبه (روضة الطالبين) و(المنهاج في شرح صحيح مسلم) توفي سنة 676هـ. انظر (طبقات الشافعية) لابن قاضي شهبة 2/153.
([148]) (المجموع) 1/202.
([149]) المصدر السابق 1/232.
([150]) هو محمد بن أحمد بن حمزة الرملي شمس الدين، فقيه شافعي يُعرف بالشافعي الصغير، من كتبه (شرح المنهاج في الفقه) و(شرح الآجرومية) توفي سنة 1004هـ. انظر (خلاصة الأثر) 3/342.
([151]) (نهاية المحتاج) 1/101.
([152]) هو عبدالرحمن بن أبي بكر الخضيري السيوطي جلال الدين أبو الفضل، فقيه شافعي محدِّث وأحد المكثرين من التصنيف، من كتبه (الدر المنثور في التفسير بالمأثور) و(شرح روض الطالب) توفي سنة 911هـ. انظر (النور السافر) ص90.
([153]) (الأشباه والنظائر) للسيوطي ص78.
([154]) هو عبدالله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي موفق الدين أبو محمد، فقيه حنبلي أصولي من أعيان المذهب، من كتبه (المغني) في الفقه و(روضة الناظر) في أصول الفقه، توفي سنة 620هـ.انظر (المنهج الأحمد) 4/148.
([155]) (المغني) 12/90.
([156]) هو محمد بن مفلح بن محمد الصالحي الراميني شمس الدين أبو عبدالله، فقيه حنبلي أصولي، من كتبه (الفروع) في الفقه و(أصول الفقه) توفي سنة 763هـ. انظر (المنهج الأحمد) 5/118.
([157]) (الفروع) 1/258.
([158]) هو علي بن سليمان المرداوي الصالحي علاء الدين أبو الحسن، فقيه حنبلي أصولي منقِّح المذهب، من كتبه (التحرير) في أصول الفقه، و(التنقيح المشبع) في الفقه، توفي سنة 885هـ. انظر (المنهج الأحمد) 5/290.
([159]) هو عبدالسلام بن عبدالله الحراني مجد الدين أبو البركات، فقيه حنبلي أصولي يُعرف بابن تيمية، من كتبه (المنتقىٰ من أحاديث الأحكام) و(المحرر في الفقه) توفي سنة 652هـ. انظر (المنهج الأحمد) 4/265.
([160]) (الإنصاف) 1/268 ونحوه في 2/362.
([161]) هو موسىٰ بن أحمد الحَجَّاوي المقدسي الصالحي شرف الدين أبو النجا، فقيه حنبلي من أعيان المذهب، من كتبه (الإقناع في الفقه) و(مختصر المقنع) توفي سنة 968هـ. انظر (السحب الوابلة) 3/1134.
([162]) هو منصور بن يونس البُهُوتي المصري أبو السعادات، فقيه حنبلي محقِّق، من كتبه (شرح منتهىٰ الإرادات) و(شرح الإقناع) توفي سنة 1051هـ. انظر (السحب الوابلة) 3/1131.
([163]) (الإقناع وشرحه كشاف القناع) 1/378.

 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: الفرق بين قاعدة خبر الواحد في عموم البلوى , وقاعدة العسر وعموم البلوى .

بارك الله فيكم يا شيخ فهد على هذا النقل
برأيي الشخصي أنه لا حاجة للتفريق بين ( خبر الآحاد وعموم البلوى ) وبين ( العسر وعموم البلوى ) فليس هناك أصلا اشتراك يستدعي التفريق بينهما فقولنا ( خبر الآحاد وعموم البلوى ) كقولنا : ( الاستحسان وعموم البلوى ، والإجماع وعموم البلوى ، والقياس وعموم البلوى ، والعسر وعموم البلوى ونحو ذلك ) فهي عبارة عن قاعدة تبين اجتماع خبر الآحاد وعموم البلوى بأن يأتي خبر آحاد في مسألة تعم بها البلوى فهل يقبل خبر الآحاد أم لا ؟ خلاف بين الجمهور والحنفية .
والعسر وعموم البلوى تفيد اجتماع العسر وعموم البلوى كسببين من أسباب التخفيف والتيسير .
ولا أدري لم احتاج الدكتور عبد الرحمن - حفظه الله - للتفريق بينهما وليس بينهما اشتراك سوى تكرر مصطلح ( عموم البلوى )
 
إنضم
12 يناير 2010
المشاركات
863
الجنس
ذكر
الكنية
أبو مُـعـاذ
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
خميس مشيط
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: الفرق بين قاعدة خبر الواحد في عموم البلوى , وقاعدة العسر وعموم البلوى .

جزاكم الله خيرا شيخنا الفاضل
قد انقدح في ذهني ما قلتم والله قبل أن أنقل المسألة
ولكن أردت على الأقل نقل الفروع التي ذكرها الشيخ في مسألة قاعدة العسر وعموم البلوى ..
 
أعلى