ضرغام بن عيسى الجرادات
:: مشرف سابق ::
- إنضم
- 26 فبراير 2010
- المشاركات
- 596
- الكنية
- أبو الفضل
- التخصص
- الفقه المقارن
- المدينة
- الخليل
- المذهب الفقهي
- فقه مقارن
[h=1]التوسع في الأموال التيتجب فيها الزكاة [/h] أ.د. حسام الدَّين عفانة
يقول السائل:ما قولكم في اختلاف الفقهاء في الأموال التي تجب فيها الزكاة،هل يقتصر فيها على ما ورد النص فيه،أم أن المسألة فيها مجالٌ للاجتهاد؟أفيدونا.
الجواب:أبين أولاً أن الفقهاء قد اختلفوا في الأموال التي تجب فيها الزكاة،فكانوا ما بين مُضيقٍ وموسعٍ،
قال ابن رشد:[وأما ما تجب فيه الزكاة من الأموال،فإنهم اتفقوا منها على أشياء واختلفوا في أشياء.وأما ما اتفقوا عليه فصنفان من المعدن الذهب والفضة اللتين ليستا بحلي،وثلاثة أصناف من الحيوان الإبل والبقر والغنم،وصنفان من الحبوب الحنطة والشعير،وصنفان من الثمر التمر والزبيب]
ثم ذكر أسبابَ الاختلاف في كل نوعٍ فقال:[والسبب في اختلافهم تردد شبهه بين العروض وبين التبر والفضة اللتين المقصود منهما المعاملة في جميع الأشياء،فمن شبهه بالعروض التي المقصود منها المنافع أولا قال:ليس فيه زكاة،ومن شبهه بالتبر والفضة التي المقصود منها المعاملة بها أولا قال:فيه الزكاة.ولاختلافهم أيضا سببٌ آخر وهو اختلاف الآثار في ذلك...والسبب في اختلافهم معارضة القياس للّفظ،وما يظن من معارضة اللفظ للّفظ فيها...وسبب اختلافهم معارضة المطلق للمقيد،ومعارضة القياس لعموم اللفظ...ويشبه أن يقال إن من سبب الخلاف في ذلك أيضا معارضة دليل الخطاب للعموم...وسبب الخلاف أما بين منْ قصر الزكاة على الأصناف المجمع عليها،وبين منْ عدَّاها إلى المدخر المقتات،فهو اختلافهم في تعلق الزكاة بهذه الأصناف الأربعة،هل هو لعينها أو لعلة فيها،وهي الاقتيات فمن قال لعينها قصر الوجوب عليها،ومنْ قال لعلة الاقتيات عدَّى الوجوب لجميع المقتات.وسبب الخلاف بين منْ قصر الوجوب على المقتات وبين منْ عدَّاه إلى جميع ما تخرجه الأرض إلا ما وقع عليه الإجماع من الحشيش والحطب والقصب هو معارضة القياس لعموم اللفظ...والسبب في اختلافهم،اختلافهم في وجوب الزكاة بالقياس...]بداية المجتهد1/230-233.
وقد سقت كلام ابن رشد في ذكر أسباب الاختلاف بين الفقهاء في الأموال الزكوية لأبين أن المسألة اجتهادية،فيها مجال للأخذ والرد،وقد تباينت أقوال الفقهاء فيها،فمنهم من وقف عند ما وردت به النصوص،فأوجب الزكاة في الأصناف التي وردت بها النصوص فقط،ومنهم من توسع في ذلك فأوجب الزكاة في كل مالٍ نامٍ أو معدٍ للنماء،وهذا القول هو الذي أرجحه،ويستند هذا الترجيح إلى ما يلي:
أولاً عموم النصوص التي أوجبت الزكاة في الأموال،ومنها:
(1)قول الله تعالى:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا}سورة التوبة الآية 103.ولفظ الأموال عامٌ يشمل كل مالٍ مما تتحقق فيه شروط وجوب الزكاة.قال الشيخ ابن العربي المالكي:[والزكاة واجبة في العروض من أربعة أدلة:الأول:قول الله عزَّ وجَلَّ:{خُذْ مِنْ أمْوَالِهِمْ صَدَقَةٍ}وهذا عامٌ في كل مالٍ على اختلاف أصنافه وتباين أسمائه،واختلاف أغراضه،فمن أراد أن يخصه بشيءٍ فعليه الدليل]عارضة الأحوذي شرح سنن الترمذي3/86.
(2)قول الله تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ}سورة البقرة الآية 267.
قال الإمام الجصاص الحنفي:[وقد روي عن جماعة من السلف في قوله تعالى{أنفقوا من طيبات ما كسبتم}أنه من التجارات،منهم الحسن ومجاهد،وعموم هذه الآية يوجب الصدقة في سائر الأموال،لأن قوله تعالى:{ما كسبتم} ينتظمها وإن كان غير مكتفٍ بنفسه في المقدار الواجب فيها،فهو عمومٌ في أصناف الأموال،مجملٌ في المقدار الواجب فيها،فهو مفتقرٌ إلى البيان،ولما ورد البيان من النبي صلى الله عليه وسلم بذكر مقادير الواجبات فيه صح الاحتجاج بعمومها في كل مالٍ اختلفنا في إيجاب الحق فيه،نحو أموال التجارة،ويُحتج بظاهر الآية على من ينفي إيجاب الزكاة في العروض]أحكام القرآن2/174.
(3)قول الله تعالى:{وَالَّذِينَ فِي أمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلومٌ لِّلسَائِلِ وَالمَحْرُومِ}سورة المعارج الآيتان 24-25.
(4)قول الله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِه}سورة الأنعام الآية141.
والمراد بالحق في الآية الزكاة المفروضة كما نقل القرطبي ذلك عن جماعة من الصحابة والتابعين.
قال الإمام ابن العربي المالكي ناصراً قول أبي حنيفة في المسألة:[وأما أبو حنيفة فجعل الآية مرآته فأبصر الحق وقال:إن الله أوجب الزكاة في المأكول قوتاً كان أو غيره وبين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في عموم
فيما سقت السماء العشر)]أحكام القرآن لابن العربي2/759.
(5)قول الرسول صلى الله عليه وسلم
فيما سقت السماء والعيون أو كان عثرياً العشر وفيما سقي بالنضح نصف العشر)رواه مسلم.
(6)وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال
أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصدقة،فقيل منع ابن جميل وخالد بن الوليد وعباس بن عبد المطلب. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيراً فأغناه الله ورسوله،وأما خالد فإنكم تظلمون خالداً،قد احتبس أدراعه وأعتده في سبيل الله،وأما العباس بن عبد المطلب فعم رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي عليه صدقة ومثلها معها)رواه البخاري ومسلم.
قال الإمام النووي:[قال أهل اللغة:الأعتاد:آلات الحرب من السلاح والدواب وغيرها،والواحد عَتاد بفتح العين،ويجمع أعتاداً وأعتدةً.ومعنى الحديث:أنهم طلبوا من خالدٍ زكاة أعتاده ظناً منهم أنها للتجارة،وأن الزكاة فيها واجبة،فقال لهم:لا زكاة لكم عليَّ،فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم:إن خالداً منع الزكاة،فقال لهم:إنكم تظلمونه؛لأنه حبسها ووقفها في سبيل الله قبل الحول عليها،فلا زكاة فيها.ويحتمل أن يكون المراد:لو وجبت عليه زكاة لأعطاها ولم يشح بها؛لأنه قد وقف أمواله لله تعالى متبرعاً فكيف يشح بواجب عليه؟ واستنبط بعضهم من هذا وجوب زكاة التجارة،وبه قال جمهور العلماء من السلف والخلف خلافاً لداود]شرح النووي على صحيح مسلم 3/416.
(7)عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب في حجة الوداع فقال
اتقوا الله ربكم،وصلوا خمسكم،وصوموا شهركم،وأدُّوا زكاة أموالكم،وأطيعوا ذا أمركم،تدخلوا جنة ربكم)رواه الترمذي وقال:حسن صحيح،وصححه العلامة الألباني في صحيح سنن الترمذي.
(8)وعن ابن عمر رضي الله عنه قال:أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:يا معشر المهاجرين خمسٌ إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن،لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا،ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أُخذوا بالسنين وشدة المئونة وجور السلطان عليهم،ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنعوا القطر من السماء،ولولا البهائم لم يمطروا،ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلَّط الله عليهم عدواً من غيرهم،فأخذوا بعض ما في أيديهم،وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم)رواه ابن ماجة وأبو نعيم في حلية الأولياء،ورواه الحاكم وقال:صحيح الإسناد ووافقه الذهبي،وهو حديث حسن كما قال العلامة الألباني في السلسلة الصحيحة 1/167.
(9)عن ابن عباس رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذاً رضي الله عنه إلى اليمن فقال:ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله،فإن هم أطاعوا لذلك،فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك،فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم)رواه البخاري ومسلم.
(10)عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
إن الله لم يفرض الزكاة إلا ليطيب ما بقي من أموالكم) قال النووي:إسناده صحيح على شرط مسلم.المجموع 6/13.
والذي تفيده هذه النصوص وغيرها مما لم أذكره أنها جاءت عامة في كل الأموال،وأن ما ورد في بعض الأحاديث النبوية من ذكرٍ لأموالٍ معينةٍ تجب فيها الزكاة،إنما هو من باب أنها كانت الأموال المعروفة في زمانهم أو من باب التمثيل وليس الحصر.
ثانياً:[إن علة فرض الزكاة فى الأموال السابقة النماء(حقيقةً أو تقديراً)ولذلك تجب الزكاة فى أى مال أخر تتحقق فيه علة النماء]عن الإنترنت.
قال الشيخ القرضاوي:[إن علة وجوب الزكاة في المال معقولة،وهي النماء كما نص الفقهاء الذين يعللون الأحكام،ويعملون بالقياس،وهم كافة فقهاء الأمة ما عدا حفنة قليلة من الظاهرية والمعتزلة والشيعة...وإذا كان النماء هو العلة في وجوب الزكاة،فإن الحكم يدور معه وجوداً وعدماً،فحيث تحقق النماء في مالٍ وجبت فيه الزكاة،وإلا فلا] عن الإنترنت.
ثالثاً:إن القول بالتوسع في وجوب الزكاة في كل مالٍ بشروط الزكاة المعروفة يؤدي إلى تحقيق الغاية من تشريع الزكاة وهي محاربة ظاهرة الفقر.
رابعاً:[إذا كانت الزكاة عبادة مالية،فإنه في جانبها التعبدى يتقرب المسلم بأدائها إلى اللَّه عز وجل ويرجو زيادة ثوابه ورضوانه ومحبته،وكلما ازداد وعاء الزكاة واتسع نطاقها وزاد المال المخرج منها زكاة،كلما ازداد المسلم قرباً من اللَّه عز وجل وزاد ثوابه،وما أحوج جميع المسلمين إلى ذلك!وإذا كانت الزكاة حقاً في المال على رأي،أو حقاً على المسلم في ماله على رأي آخر،فالمعقول أن يخضع لها كل مالٍ وكل مسلم.وإذا كان معنى الزكاة هو التزكية للمال والتطهير للنفس من الآثام،فما أحوج أموال المسلمين الآن للتزكية،وما أحوج المسلم إلى التطهير من الذنوب والآثام التي تفرض عليه فرضاً وتحوطه من كل جانب!] عن الإنترنت.
وخلاصة الأمر أن مسألة اختلاف الفقهاء في الأموال التي تجب فيها الزكاة مسألةٌ اجتهاديةٌ،وأن القول بالتوسع في الأموال الزكوية أو "وعاء الزكاة"كما يسميه بعض المعاصرين هو القول الراجح،وأن هذا القول مبنيٌ على أدلةٍ قوية،منها عموم النصوص من الكتاب والسنة،وخاصة أن أنواع الأموال في زماننا قد تعددت واختلفت عما كانت عليه في العهد النبوي،ويؤكد ذلك أن القول بالتوسع فيه تحقيق لمقاصد الزكاة وغاياتها.
والله الهادي إلى سواء السبيل
يقول السائل:ما قولكم في اختلاف الفقهاء في الأموال التي تجب فيها الزكاة،هل يقتصر فيها على ما ورد النص فيه،أم أن المسألة فيها مجالٌ للاجتهاد؟أفيدونا.
الجواب:أبين أولاً أن الفقهاء قد اختلفوا في الأموال التي تجب فيها الزكاة،فكانوا ما بين مُضيقٍ وموسعٍ،
قال ابن رشد:[وأما ما تجب فيه الزكاة من الأموال،فإنهم اتفقوا منها على أشياء واختلفوا في أشياء.وأما ما اتفقوا عليه فصنفان من المعدن الذهب والفضة اللتين ليستا بحلي،وثلاثة أصناف من الحيوان الإبل والبقر والغنم،وصنفان من الحبوب الحنطة والشعير،وصنفان من الثمر التمر والزبيب]
ثم ذكر أسبابَ الاختلاف في كل نوعٍ فقال:[والسبب في اختلافهم تردد شبهه بين العروض وبين التبر والفضة اللتين المقصود منهما المعاملة في جميع الأشياء،فمن شبهه بالعروض التي المقصود منها المنافع أولا قال:ليس فيه زكاة،ومن شبهه بالتبر والفضة التي المقصود منها المعاملة بها أولا قال:فيه الزكاة.ولاختلافهم أيضا سببٌ آخر وهو اختلاف الآثار في ذلك...والسبب في اختلافهم معارضة القياس للّفظ،وما يظن من معارضة اللفظ للّفظ فيها...وسبب اختلافهم معارضة المطلق للمقيد،ومعارضة القياس لعموم اللفظ...ويشبه أن يقال إن من سبب الخلاف في ذلك أيضا معارضة دليل الخطاب للعموم...وسبب الخلاف أما بين منْ قصر الزكاة على الأصناف المجمع عليها،وبين منْ عدَّاها إلى المدخر المقتات،فهو اختلافهم في تعلق الزكاة بهذه الأصناف الأربعة،هل هو لعينها أو لعلة فيها،وهي الاقتيات فمن قال لعينها قصر الوجوب عليها،ومنْ قال لعلة الاقتيات عدَّى الوجوب لجميع المقتات.وسبب الخلاف بين منْ قصر الوجوب على المقتات وبين منْ عدَّاه إلى جميع ما تخرجه الأرض إلا ما وقع عليه الإجماع من الحشيش والحطب والقصب هو معارضة القياس لعموم اللفظ...والسبب في اختلافهم،اختلافهم في وجوب الزكاة بالقياس...]بداية المجتهد1/230-233.
وقد سقت كلام ابن رشد في ذكر أسباب الاختلاف بين الفقهاء في الأموال الزكوية لأبين أن المسألة اجتهادية،فيها مجال للأخذ والرد،وقد تباينت أقوال الفقهاء فيها،فمنهم من وقف عند ما وردت به النصوص،فأوجب الزكاة في الأصناف التي وردت بها النصوص فقط،ومنهم من توسع في ذلك فأوجب الزكاة في كل مالٍ نامٍ أو معدٍ للنماء،وهذا القول هو الذي أرجحه،ويستند هذا الترجيح إلى ما يلي:
أولاً عموم النصوص التي أوجبت الزكاة في الأموال،ومنها:
(1)قول الله تعالى:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا}سورة التوبة الآية 103.ولفظ الأموال عامٌ يشمل كل مالٍ مما تتحقق فيه شروط وجوب الزكاة.قال الشيخ ابن العربي المالكي:[والزكاة واجبة في العروض من أربعة أدلة:الأول:قول الله عزَّ وجَلَّ:{خُذْ مِنْ أمْوَالِهِمْ صَدَقَةٍ}وهذا عامٌ في كل مالٍ على اختلاف أصنافه وتباين أسمائه،واختلاف أغراضه،فمن أراد أن يخصه بشيءٍ فعليه الدليل]عارضة الأحوذي شرح سنن الترمذي3/86.
(2)قول الله تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ}سورة البقرة الآية 267.
قال الإمام الجصاص الحنفي:[وقد روي عن جماعة من السلف في قوله تعالى{أنفقوا من طيبات ما كسبتم}أنه من التجارات،منهم الحسن ومجاهد،وعموم هذه الآية يوجب الصدقة في سائر الأموال،لأن قوله تعالى:{ما كسبتم} ينتظمها وإن كان غير مكتفٍ بنفسه في المقدار الواجب فيها،فهو عمومٌ في أصناف الأموال،مجملٌ في المقدار الواجب فيها،فهو مفتقرٌ إلى البيان،ولما ورد البيان من النبي صلى الله عليه وسلم بذكر مقادير الواجبات فيه صح الاحتجاج بعمومها في كل مالٍ اختلفنا في إيجاب الحق فيه،نحو أموال التجارة،ويُحتج بظاهر الآية على من ينفي إيجاب الزكاة في العروض]أحكام القرآن2/174.
(3)قول الله تعالى:{وَالَّذِينَ فِي أمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلومٌ لِّلسَائِلِ وَالمَحْرُومِ}سورة المعارج الآيتان 24-25.
(4)قول الله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِه}سورة الأنعام الآية141.
والمراد بالحق في الآية الزكاة المفروضة كما نقل القرطبي ذلك عن جماعة من الصحابة والتابعين.
قال الإمام ابن العربي المالكي ناصراً قول أبي حنيفة في المسألة:[وأما أبو حنيفة فجعل الآية مرآته فأبصر الحق وقال:إن الله أوجب الزكاة في المأكول قوتاً كان أو غيره وبين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في عموم
(5)قول الرسول صلى الله عليه وسلم
(6)وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال
قال الإمام النووي:[قال أهل اللغة:الأعتاد:آلات الحرب من السلاح والدواب وغيرها،والواحد عَتاد بفتح العين،ويجمع أعتاداً وأعتدةً.ومعنى الحديث:أنهم طلبوا من خالدٍ زكاة أعتاده ظناً منهم أنها للتجارة،وأن الزكاة فيها واجبة،فقال لهم:لا زكاة لكم عليَّ،فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم:إن خالداً منع الزكاة،فقال لهم:إنكم تظلمونه؛لأنه حبسها ووقفها في سبيل الله قبل الحول عليها،فلا زكاة فيها.ويحتمل أن يكون المراد:لو وجبت عليه زكاة لأعطاها ولم يشح بها؛لأنه قد وقف أمواله لله تعالى متبرعاً فكيف يشح بواجب عليه؟ واستنبط بعضهم من هذا وجوب زكاة التجارة،وبه قال جمهور العلماء من السلف والخلف خلافاً لداود]شرح النووي على صحيح مسلم 3/416.
(7)عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب في حجة الوداع فقال
(8)وعن ابن عمر رضي الله عنه قال:أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:يا معشر المهاجرين خمسٌ إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن،لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا،ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أُخذوا بالسنين وشدة المئونة وجور السلطان عليهم،ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنعوا القطر من السماء،ولولا البهائم لم يمطروا،ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلَّط الله عليهم عدواً من غيرهم،فأخذوا بعض ما في أيديهم،وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم)رواه ابن ماجة وأبو نعيم في حلية الأولياء،ورواه الحاكم وقال:صحيح الإسناد ووافقه الذهبي،وهو حديث حسن كما قال العلامة الألباني في السلسلة الصحيحة 1/167.
(9)عن ابن عباس رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذاً رضي الله عنه إلى اليمن فقال:ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله،فإن هم أطاعوا لذلك،فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك،فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم)رواه البخاري ومسلم.
(10)عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
والذي تفيده هذه النصوص وغيرها مما لم أذكره أنها جاءت عامة في كل الأموال،وأن ما ورد في بعض الأحاديث النبوية من ذكرٍ لأموالٍ معينةٍ تجب فيها الزكاة،إنما هو من باب أنها كانت الأموال المعروفة في زمانهم أو من باب التمثيل وليس الحصر.
ثانياً:[إن علة فرض الزكاة فى الأموال السابقة النماء(حقيقةً أو تقديراً)ولذلك تجب الزكاة فى أى مال أخر تتحقق فيه علة النماء]عن الإنترنت.
قال الشيخ القرضاوي:[إن علة وجوب الزكاة في المال معقولة،وهي النماء كما نص الفقهاء الذين يعللون الأحكام،ويعملون بالقياس،وهم كافة فقهاء الأمة ما عدا حفنة قليلة من الظاهرية والمعتزلة والشيعة...وإذا كان النماء هو العلة في وجوب الزكاة،فإن الحكم يدور معه وجوداً وعدماً،فحيث تحقق النماء في مالٍ وجبت فيه الزكاة،وإلا فلا] عن الإنترنت.
ثالثاً:إن القول بالتوسع في وجوب الزكاة في كل مالٍ بشروط الزكاة المعروفة يؤدي إلى تحقيق الغاية من تشريع الزكاة وهي محاربة ظاهرة الفقر.
رابعاً:[إذا كانت الزكاة عبادة مالية،فإنه في جانبها التعبدى يتقرب المسلم بأدائها إلى اللَّه عز وجل ويرجو زيادة ثوابه ورضوانه ومحبته،وكلما ازداد وعاء الزكاة واتسع نطاقها وزاد المال المخرج منها زكاة،كلما ازداد المسلم قرباً من اللَّه عز وجل وزاد ثوابه،وما أحوج جميع المسلمين إلى ذلك!وإذا كانت الزكاة حقاً في المال على رأي،أو حقاً على المسلم في ماله على رأي آخر،فالمعقول أن يخضع لها كل مالٍ وكل مسلم.وإذا كان معنى الزكاة هو التزكية للمال والتطهير للنفس من الآثام،فما أحوج أموال المسلمين الآن للتزكية،وما أحوج المسلم إلى التطهير من الذنوب والآثام التي تفرض عليه فرضاً وتحوطه من كل جانب!] عن الإنترنت.
وخلاصة الأمر أن مسألة اختلاف الفقهاء في الأموال التي تجب فيها الزكاة مسألةٌ اجتهاديةٌ،وأن القول بالتوسع في الأموال الزكوية أو "وعاء الزكاة"كما يسميه بعض المعاصرين هو القول الراجح،وأن هذا القول مبنيٌ على أدلةٍ قوية،منها عموم النصوص من الكتاب والسنة،وخاصة أن أنواع الأموال في زماننا قد تعددت واختلفت عما كانت عليه في العهد النبوي،ويؤكد ذلك أن القول بالتوسع فيه تحقيق لمقاصد الزكاة وغاياتها.
والله الهادي إلى سواء السبيل
التعديل الأخير: