وضاح أحمد الحمادي
:: متخصص ::
- إنضم
- 31 مارس 2009
- المشاركات
- 1,277
- الإقامة
- عدن
- الجنس
- ذكر
- الكنية
- أبو عبد الرحمن
- التخصص
- لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
- الدولة
- اليمن
- المدينة
- عدن
- المذهب الفقهي
- شافعي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا المقال كتبته الساعة جواباً على الأخ (أبو محمد المصري) في ملتقى الظاهرية أو ملتقى فقه الوحي كما صار اسمه الآن ، في مقال له عنونه بـ (من هو أول من روج للعلمانية من فقهاء المسلمين ؟)
http://www.zahereyah.com/vb/showthread.php?t=677
تحامل فيه على الطوفي ، معتمداً على عبارته المشهورة في تقديم المصلحة زعم فيها أن الطوفي هو أول من روج للعلمانية ، ورأيت نشره هنا للاستفادة من الآراء.
قلت :
الذي يظهر لي أن الطوفي لم يكن يطلق تقديم المصلحة على النصوص ، بل ولا يريد بتقديم المصلحة رد النصوص كما يشهد بذلك كلامه في نفس النصوص المنقولة وكما يظهر ذلك بشكل أجلى في كتابيه (مختصر الروضة) و(شرحها) بخلاف ما نقله الأخ الفاضل عن الدكتور الباحسين:
اقتباس:
بل تكلم فيهما وبين حقيقة موقفه.
فقال في (البلبل) وهو (مختصر الروضة) : "لرَّابِعُ: الِاسْتِصْلَاحُ: وَهُوَ اتِّبَاعُ الْمَصْلَحَةِ الْمُرْسَلَةِ.
وَالْمَصْلَحَةُ: جَلْبُ نَفْعٍ أَوْ دَفْعُ ضُرٍّ، ثُمَّ إِنْ شَهِدَ الشَّرْعُ بِاعْتِبَارِهَا كَاقْتِبَاسِ الْحُكْمِ مِنْ مَعْقُولِ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ، فَقِيَاسٌ، أَوْ بِبُطْلَانِهَا كَتَعَيُّنِ الصَّوْمِ فِي كَفَّارَةِ رَمَضَانَ عَلَى الْمُوسِرِ كَالْمَلِكِ وَنَحْوِهِ، فَلَغْوٌ، إِذْ هُوَ تَغْيِيرٌ لِلشَّرْعِ بِالرَّأْيِ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ لَهَا بِبُطْلَانٍ وَلَا اعْتِبَارٍ مُعَيَّنٍ فَهِيَ:
إِمَّا تَحْسِينَيٌّ، كَصِيَانَةِ الْمَرْأَةِ عَنْ مُبَاشَرَةِ عَقْدِ نِكَاحِهَا الْمُشْعِرِ بِمَا لَا يَلِيقُ بِالْمُرُوءَةِ بِتَوَلِّي الْوَلِيِّ ذَلِكَ.
أَوْ حَاجِيٌّ، أَيْ: فِي رُتْبَةِ الْحَاجَةِ، كَتَسْلِيطِ الْوَلِيِّ عَلَى تَزْوِيجِ الصَّغِيرَةِ لِحَاجَةِ تَقْيِيدِ الْكُفْءِ خِيفَةَ فَوَاتِهِ، وَلَا يَصِحُّ التَّمَسُّكُ بِمُجَرَّدِ هَذَيْنِ مِنْ غَيْرِ أَصْلٍ. وَإِلَّا لَكَانَ وَضْعًا لِلشَّرْعِ بِالرَّأْيِ."
وقال في (شرحه) 3/ 207 تفسراً لقوله (من غير أصل ، وإلا لكان وضعاً للشرع بالرأي) : "أَيْ: لَا يَجُوزُ لِلْمُجْتَهِدِ أَنَّهُ كُلَّمَا لَاحَ لَهُ مَصْلَحَةٌ تَحْسِينِيَّةٌ أَوْ حَاجِيَّةٌ اعْتَبَرَهَا، وَرَتَّبَ عَلَيْهَا الْأَحْكَامَ حَتَّى يَجِدَ لِاعْتِبَارِهَا شَاهِدًا مِنْ جِنْسِهَا، وَلَوْ لَمْ يُعْتَبَرْ لِلتَّمَسُّكِ بِهَذِهِ الْمَصْلَحَةِ وُجُودُ أَصْلٍ يَشْهَدُ لَهَا، لَلَزِمَ مِنْهُ مَحْذُورَاتٌ:
أَحَدُهَا: أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ «وَضْعًا لِلشَّرْعِ بِالرَّأْيِ» ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الشَّرْعِ هُوَ مَا اسْتُفِيدَ مِنْ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ: إِجْمَاعٌ، أَوْ نَصٌّ، أَوْ مَعْقُولُ نَصٍّ، وَهَذِهِ الْمَصْلَحَةُ لَا تَسْتَنِدُ إِلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، فَيَكُونُ رَأْيًّا مُجَرَدًا"
وقال منتفياً عن العلمنة المزعومة : " لَوْ جَازَ ذَلِكَ، لَاسْتُغْنِيَ عَنْ بَعْثَةِ الرُّسُلِ وَصَارَ النَّاسُ بَرَاهِمَةً ، لِنَحْوِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا: لَا حَاجَةَ لَنَا إِلَى الرُّسُلِ؛ لِأَنَّ الْعَقْلَ كَافٍ لَنَا فِي التَّأْدِيبِ وَمَعْرِفَةِ الْأَحْكَامِ، إِذْ مَا حَسَّنَهُ الْعَقْلُ، أَتَيْنَاهُ، وَمَا قَبَّحَهُ، اجْتَنَبْنَاهُ، وَمَا لَمْ يَقْضِ فِيهِ بِحُسْنٍ وَلَا قُبْحٍ، فَعَلْنَا مِنْهُ الضَّرُورِيَّ، وَتَرَكْنَا الْبَاقِيَ احْتِيَاطًا، فَالتَّمَسُّكُ بِهَذَيْنِ الضَّرْبَيْنِ مِنَ الْمَصَالِحِ مِنْ غَيْرِ شَاهِدٍ لَهُمَا بِالِاعْتِبَارِ يُؤَدِّي إِلَى مِثْلِ ذَلِكَ وَنَحْوِهِ، فَيَكُونُ بَاطِلًا"
وهذا الذي نسبه إلى البراهمة ، هو مذهب العلمانيين وهو ينتفي عنه كما ترى.
ثم أتبع ذلك في (مختصره) بالمصلحة الضرورية فقال : "أَوْ ضَرُورِيٌّ: وَهُوَ مَا عُرِفَ الْتِفَاتُ الشَّرْعِ إِلَيْهِ كَحِفْظِ الدِّينِ بِقَتْلِ الْمُرْتَدِّ وَالدَّاعِيَةِ، وَالْعَقْلِ بِحَدِّ السُّكْرِ، وَالنَّفْسِ بِالْقِصَاصِ، وَالنَّسَبِ وَالْعِرْضِ بِحَدِّ الزِّنَى وَالْقَذْفِ، وَالْمَالِ بِقَطْعِ السَّارِقِ.
قَالَ مَالِكٌ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: هِيَ حُجَّةٌ لِعِلْمِنَا أَنَّهَا مِنْ مَقَاصِدِ الشَّرْعِ بِأَدِلَّةٍ كَثِيرَةٍ" ونقل فيها الخلاف ، ورجح في (الشرح) 3/ 211 اعتبارها ، ونقل عن الغزالي قوله : "إِنْ وَقَعَتْ فِي مَوْضِعِ الْحَاجَةِ أَوِ التَّتِمَّةِ، لَمْ تُعْتَبَرْ، وَإِنْ وَقَعَتْ فِي مَوْضِعِ الضَّرُورَةِ جَازَ أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَيْهَا اجْتِهَادُ مُجْتَهِدٍ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ قَطْعِيَّةً كُلِّيَّةً، وَحَكَى مِثَالَ ذَلِكَ وَتَفْصِيلَهُ، ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَى كَوْنِهَا حُجَّةً ; بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا بَعَثَ الرُّسُلَ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِتَحْصِيلِ مَصَالِحِ الْعِبَادِ، عَلِمْنَا ذَلِكَ بِالِاسْتِقْرَاءِ، فَمَهْمَا وَجَدْنَا مَصْلَحَةً غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهَا مَطْلُوبَةٌ لِلشَّرْعِ، فَنَعْتَبِرُهَا؛ لِأَنَّ الظَّنَّ مَنَاطُ الْعَمَلِ" وأتبعه بقوله :"قُلْتُ: هَذَا دَلِيلٌ قَوِيٌّ لَا يَتَّجِهُ الْقَدْحُ فِيهِ بِوَجْهٍ"
فإذاً لا يرى الطوفي الإعتبار بكل مصلحة ، بل لا تعتبر الحاجيات والتحسينيات عنده جملة.
المعتبر من المصالح ما كان في رتبة الضروري وشهد له الشرع ، فما لم يكن له أصل فليس بمعتبر.
إلا أنه أساء العبارة بتعبيره بتقديم المصلحة على النص ، مع أنه بين مراده ذلك بقوله "بطريق التخصيص والبيان" أي؛ لا بطريق دفع النص وإبطاله ، فالنص العام يبقى عام في غير ما خصصته المصلحة مثلاً.
وعموماً تقديم المصلحة هنا هو تقديم الشرع بعينه ، لأنه يفرض التعارض بين المصلحة التي شهد لها الشرع وبين نصوص الشرع الأخرى ، فهو كتعارض النصوص أو القياس والنص عند من يجوز تخصيص النص بالقياس ، وهم الجمهور ، وعامتهم يخصص النص بعلته ولو مستنبطة .
فالطوفي ما جاء إلا بدعوى هو مسبوق إليها.
غايته أنه أساء العبارة .
وقد رأى بعض المعاصرين أنه لا يقصد بتقديمها على النص كل نص ، بل النص المحتمل .
وأخيراً ليس المنصف هو من رد على الطوفي وغير المنصف من نصره ، بل المنصف من نشد الحق من طريقه أصابه أو اخطأه ، سواءً كان في صف من رد على الطوفي أو كان في صف من نصره.
والله أعلم
هذا المقال كتبته الساعة جواباً على الأخ (أبو محمد المصري) في ملتقى الظاهرية أو ملتقى فقه الوحي كما صار اسمه الآن ، في مقال له عنونه بـ (من هو أول من روج للعلمانية من فقهاء المسلمين ؟)
http://www.zahereyah.com/vb/showthread.php?t=677
تحامل فيه على الطوفي ، معتمداً على عبارته المشهورة في تقديم المصلحة زعم فيها أن الطوفي هو أول من روج للعلمانية ، ورأيت نشره هنا للاستفادة من الآراء.
قلت :
الذي يظهر لي أن الطوفي لم يكن يطلق تقديم المصلحة على النصوص ، بل ولا يريد بتقديم المصلحة رد النصوص كما يشهد بذلك كلامه في نفس النصوص المنقولة وكما يظهر ذلك بشكل أجلى في كتابيه (مختصر الروضة) و(شرحها) بخلاف ما نقله الأخ الفاضل عن الدكتور الباحسين:
اقتباس:
وإن لم يتكلم عن المصلحة في بعض كتبه كشرحه لمختصر الروضة |
بل تكلم فيهما وبين حقيقة موقفه.
فقال في (البلبل) وهو (مختصر الروضة) : "لرَّابِعُ: الِاسْتِصْلَاحُ: وَهُوَ اتِّبَاعُ الْمَصْلَحَةِ الْمُرْسَلَةِ.
وَالْمَصْلَحَةُ: جَلْبُ نَفْعٍ أَوْ دَفْعُ ضُرٍّ، ثُمَّ إِنْ شَهِدَ الشَّرْعُ بِاعْتِبَارِهَا كَاقْتِبَاسِ الْحُكْمِ مِنْ مَعْقُولِ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ، فَقِيَاسٌ، أَوْ بِبُطْلَانِهَا كَتَعَيُّنِ الصَّوْمِ فِي كَفَّارَةِ رَمَضَانَ عَلَى الْمُوسِرِ كَالْمَلِكِ وَنَحْوِهِ، فَلَغْوٌ، إِذْ هُوَ تَغْيِيرٌ لِلشَّرْعِ بِالرَّأْيِ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ لَهَا بِبُطْلَانٍ وَلَا اعْتِبَارٍ مُعَيَّنٍ فَهِيَ:
إِمَّا تَحْسِينَيٌّ، كَصِيَانَةِ الْمَرْأَةِ عَنْ مُبَاشَرَةِ عَقْدِ نِكَاحِهَا الْمُشْعِرِ بِمَا لَا يَلِيقُ بِالْمُرُوءَةِ بِتَوَلِّي الْوَلِيِّ ذَلِكَ.
أَوْ حَاجِيٌّ، أَيْ: فِي رُتْبَةِ الْحَاجَةِ، كَتَسْلِيطِ الْوَلِيِّ عَلَى تَزْوِيجِ الصَّغِيرَةِ لِحَاجَةِ تَقْيِيدِ الْكُفْءِ خِيفَةَ فَوَاتِهِ، وَلَا يَصِحُّ التَّمَسُّكُ بِمُجَرَّدِ هَذَيْنِ مِنْ غَيْرِ أَصْلٍ. وَإِلَّا لَكَانَ وَضْعًا لِلشَّرْعِ بِالرَّأْيِ."
وقال في (شرحه) 3/ 207 تفسراً لقوله (من غير أصل ، وإلا لكان وضعاً للشرع بالرأي) : "أَيْ: لَا يَجُوزُ لِلْمُجْتَهِدِ أَنَّهُ كُلَّمَا لَاحَ لَهُ مَصْلَحَةٌ تَحْسِينِيَّةٌ أَوْ حَاجِيَّةٌ اعْتَبَرَهَا، وَرَتَّبَ عَلَيْهَا الْأَحْكَامَ حَتَّى يَجِدَ لِاعْتِبَارِهَا شَاهِدًا مِنْ جِنْسِهَا، وَلَوْ لَمْ يُعْتَبَرْ لِلتَّمَسُّكِ بِهَذِهِ الْمَصْلَحَةِ وُجُودُ أَصْلٍ يَشْهَدُ لَهَا، لَلَزِمَ مِنْهُ مَحْذُورَاتٌ:
أَحَدُهَا: أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ «وَضْعًا لِلشَّرْعِ بِالرَّأْيِ» ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الشَّرْعِ هُوَ مَا اسْتُفِيدَ مِنْ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ: إِجْمَاعٌ، أَوْ نَصٌّ، أَوْ مَعْقُولُ نَصٍّ، وَهَذِهِ الْمَصْلَحَةُ لَا تَسْتَنِدُ إِلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، فَيَكُونُ رَأْيًّا مُجَرَدًا"
وقال منتفياً عن العلمنة المزعومة : " لَوْ جَازَ ذَلِكَ، لَاسْتُغْنِيَ عَنْ بَعْثَةِ الرُّسُلِ وَصَارَ النَّاسُ بَرَاهِمَةً ، لِنَحْوِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا: لَا حَاجَةَ لَنَا إِلَى الرُّسُلِ؛ لِأَنَّ الْعَقْلَ كَافٍ لَنَا فِي التَّأْدِيبِ وَمَعْرِفَةِ الْأَحْكَامِ، إِذْ مَا حَسَّنَهُ الْعَقْلُ، أَتَيْنَاهُ، وَمَا قَبَّحَهُ، اجْتَنَبْنَاهُ، وَمَا لَمْ يَقْضِ فِيهِ بِحُسْنٍ وَلَا قُبْحٍ، فَعَلْنَا مِنْهُ الضَّرُورِيَّ، وَتَرَكْنَا الْبَاقِيَ احْتِيَاطًا، فَالتَّمَسُّكُ بِهَذَيْنِ الضَّرْبَيْنِ مِنَ الْمَصَالِحِ مِنْ غَيْرِ شَاهِدٍ لَهُمَا بِالِاعْتِبَارِ يُؤَدِّي إِلَى مِثْلِ ذَلِكَ وَنَحْوِهِ، فَيَكُونُ بَاطِلًا"
وهذا الذي نسبه إلى البراهمة ، هو مذهب العلمانيين وهو ينتفي عنه كما ترى.
ثم أتبع ذلك في (مختصره) بالمصلحة الضرورية فقال : "أَوْ ضَرُورِيٌّ: وَهُوَ مَا عُرِفَ الْتِفَاتُ الشَّرْعِ إِلَيْهِ كَحِفْظِ الدِّينِ بِقَتْلِ الْمُرْتَدِّ وَالدَّاعِيَةِ، وَالْعَقْلِ بِحَدِّ السُّكْرِ، وَالنَّفْسِ بِالْقِصَاصِ، وَالنَّسَبِ وَالْعِرْضِ بِحَدِّ الزِّنَى وَالْقَذْفِ، وَالْمَالِ بِقَطْعِ السَّارِقِ.
قَالَ مَالِكٌ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: هِيَ حُجَّةٌ لِعِلْمِنَا أَنَّهَا مِنْ مَقَاصِدِ الشَّرْعِ بِأَدِلَّةٍ كَثِيرَةٍ" ونقل فيها الخلاف ، ورجح في (الشرح) 3/ 211 اعتبارها ، ونقل عن الغزالي قوله : "إِنْ وَقَعَتْ فِي مَوْضِعِ الْحَاجَةِ أَوِ التَّتِمَّةِ، لَمْ تُعْتَبَرْ، وَإِنْ وَقَعَتْ فِي مَوْضِعِ الضَّرُورَةِ جَازَ أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَيْهَا اجْتِهَادُ مُجْتَهِدٍ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ قَطْعِيَّةً كُلِّيَّةً، وَحَكَى مِثَالَ ذَلِكَ وَتَفْصِيلَهُ، ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَى كَوْنِهَا حُجَّةً ; بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا بَعَثَ الرُّسُلَ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِتَحْصِيلِ مَصَالِحِ الْعِبَادِ، عَلِمْنَا ذَلِكَ بِالِاسْتِقْرَاءِ، فَمَهْمَا وَجَدْنَا مَصْلَحَةً غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهَا مَطْلُوبَةٌ لِلشَّرْعِ، فَنَعْتَبِرُهَا؛ لِأَنَّ الظَّنَّ مَنَاطُ الْعَمَلِ" وأتبعه بقوله :"قُلْتُ: هَذَا دَلِيلٌ قَوِيٌّ لَا يَتَّجِهُ الْقَدْحُ فِيهِ بِوَجْهٍ"
فإذاً لا يرى الطوفي الإعتبار بكل مصلحة ، بل لا تعتبر الحاجيات والتحسينيات عنده جملة.
المعتبر من المصالح ما كان في رتبة الضروري وشهد له الشرع ، فما لم يكن له أصل فليس بمعتبر.
إلا أنه أساء العبارة بتعبيره بتقديم المصلحة على النص ، مع أنه بين مراده ذلك بقوله "بطريق التخصيص والبيان" أي؛ لا بطريق دفع النص وإبطاله ، فالنص العام يبقى عام في غير ما خصصته المصلحة مثلاً.
وعموماً تقديم المصلحة هنا هو تقديم الشرع بعينه ، لأنه يفرض التعارض بين المصلحة التي شهد لها الشرع وبين نصوص الشرع الأخرى ، فهو كتعارض النصوص أو القياس والنص عند من يجوز تخصيص النص بالقياس ، وهم الجمهور ، وعامتهم يخصص النص بعلته ولو مستنبطة .
فالطوفي ما جاء إلا بدعوى هو مسبوق إليها.
غايته أنه أساء العبارة .
وقد رأى بعض المعاصرين أنه لا يقصد بتقديمها على النص كل نص ، بل النص المحتمل .
وأخيراً ليس المنصف هو من رد على الطوفي وغير المنصف من نصره ، بل المنصف من نشد الحق من طريقه أصابه أو اخطأه ، سواءً كان في صف من رد على الطوفي أو كان في صف من نصره.
والله أعلم
التعديل الأخير: