العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

معالم عقيدة العلامة محمد الخضر حسين

إنضم
11 يوليو 2012
المشاركات
350
التخصص
أصول فقه
المدينة
قرن المنازل
المذهب الفقهي
الدليل

العلَّامة محمد الخضر حسين (1293 هـ - 1377 هـ )، من أعلام تونس ، أصله من الجزائر . أديب ، باحث ، له نظم ، من أعضاء المجمعين العربيين بدمشق والقاهرة. وممن تولَّوا مشيخة الأزهر ، ولد في نفطه ( من بلاد تونس ) وتخرَّج بجامع الزيتونه ودرَّس فيه ، وأنشأ مجلة ( السعادة العظمى ) سنة 1321 هـ . وولي قضاء ( بنزرت ) في تونس سنة 1323 هـ ثم عاد الى التدريس بالزيتونة سنه 1324 هـ . حكم عليه الاستعمار الفرنسي بالاعدام فهاجر يسيح في الأرض .

رحل إلى الجزائر والشام والقاهرة والاستانة وبرلين . أنشا جمعية الهداية الاسلامية وتولى رئاستها وتحرير مجلتها . عُيَّن شيخا للأزهر بترشيح من علمائه أواخر سنة 1371 هـ واستقال منه سنة 1373 هـ بعد زلات وطوامّ حدثت في الأحكام الأزهرية ، ليس له يد فيها . وتوفى بالقاهرة .

كانت بينه وبين الشيخ محمد رشيد رضا ردود ومناقشات عنيفة ، تدخل الأزهر لوقفها . من أشهر مؤلفاته : ( نقض كتاب الاسلام وأصول الحكم ) و(طائفة القاديانية ) و ( نقض كتاب في الشعر الجاهلي ) و (الرحلات ) و( رسائل الاصلاح ) . وقد جُمعت أعماله كاملة في خمسة عشر مجلدا ، صدرت عن دار النوادر . وفيها من النفائس والفوائد ما لا يستغني عنها طالب علم . وقد كثر اللغط حول عقيدته ومنهجه في التلقِّي ، فأحببتُ أن اُحرِّر بعض ما تحصَّل لي عن بعض المسائل المشار اليها، والله المستعان .

*معالم عقيدته وكشف الشبهات حولها :
1-كان في أول أمره أشعريا ،على عقيدة الأشاعرة ، بحكم البيئة التي عاش فيها ، مثله مثل كثير من أهل المغرب .وفي كتابه محاضرات اسلامية إشارات الى ذلك . لكنه لم يكن داعيا الى هذه العقيدة .

2- في بعض كتاباته القديمة رائحة تصوف، كتبجيله لابن عربي (ت:638هـ) الصوفي ، كما في ثنايا كتابه الرحلات . والأغلب على الظن أنه تراجع عن تزكية أعلام التصوف و تعظيمهم، والدليل تكفيره لابن عربي وطعنه في عقيدته وعقيدة أتباعه كما في كتابه : المحاضرات .
وقيل إنه كان ينتمي الى عائلة صوفية من جهة الأم ، على الطريقة الرحمانية . وقد أشار إلى هذه الشبهة بعض صوفية العصر. وتُدفع هذه الشبهة بتقريراته في مؤلفاته التي أبطل فيها مصطلحات الصوفية وردَّ على أباطيلهم . كما في كتابيه المحاضرات ، ورسائل الاصلاح .

3- له ردود على الاتجاهات التغريبية والتنويرية في مصر وتونس ومن سار في فلك الاستعمار . ويتضح ذلك في كتابيه : نقض كتاب الاسلام واُصول الحكم ، و نقض كتاب في الشعر الجاهلي . وقد انتصر في هذين الكتابين لعقيدة السلف وحماية جناب التوحيد الخالص والذود عن لغة العرب .
4- كان عضوا في هيئة كبار العلماء واختير شيخا للأزهر بالأغلبية ، وترأس مجلة نور الاسلام وهي مجلة تصدر عن جامعة الازهر . وله فيها كتابات على منهج أهل السنة والجماعة . وقد عُزل عنها بعد أربع سنوات بسبب تضييق أهل البدع على دعوته .

5- له تعليقات نفيسة على جادَّة أهل السنة والجماعة ضَّمنها حواشي كتاب الموافقات للشاطبي (ت: 790هـ ) رحمه الله تعالى .

6-رحلته إلى بلاد المشرق بعد أن نفاه الاستعمار ، كانت سببا في استقامة منهجه وعقيدته ومعرفته لعلماء أهل السنة والجماعة ، وقد ثبت على ذلك المسلك حتى لبَّى نداء ربه .

7-للعلامة محمد الخضر حسين تأصيلات شرعية ضمَّنها كتابه الشهير : رسائل الاصلاح . وفيها من البلاغة ما يعجز القلم عن الاشارة الى سموها ورقي معانيها .

8- من الشبهات التي ُروِّجت في الطعن في عقيدة الخضر حسين ما قيل إنه أفسح مجال مجلة الأزهر التي كان يرئسُها ، لقلم الشيخ يوسف الدجوي (ت: 1365هـ ) عامله الله بعدله ، الذي كان يرقم مقالات في الطعن في عقيدة التوحيد والرد على أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب ( ت: 1206هـ )رحمه الله تعالى ، ولمز العقيدة السلفية . وقد راجعتُ الأعداد التي كتب فيها الدجوي مقالاته عندما كان الخِضر رئيسا للمجلة فلم أقف على مقالة واحدة نُشرت وفيها طعن في عقيدة التوحيد أو لمز عقيدة السلف . وما نُشر للدجوي إبان رئاسة الشيخ للمجلة : إما مقالات في الإيمان والرد على منكري البعث ، أو فتاوى فقهية ، أو موضوعات عامة لا علاقة لها بالسلفية .

9- الشيخ محمد الخضر حسين كان تونسيا ثم رحل الى مصر وحصل على الجنسية المصرية ، وكانت العيون ترقبه وتلحظه، وهناك في مصر من يتابع سكناته وحركاته . وقد أُخرج من بلده شريدا طريدا . وأجزم إن شاء الله أن الشيخ كان يداري بعض ما لا يستطيع تغييره أو الحديث عنه، مراعاة للمصالح التي ترجَّحت عنده .

10- مؤلفات الشيخ كلها الآن متداولة ومنشورة فلا يجوز الخوض في عقيدته بغير دليل بيِّن . والمواضع التي زلَّ فيها قلم الشيخ نعذره فيها ونأخذ بما غلب على الظن من أحواله في مؤلفاته التي اُنتفع بها وسارت بها الركبان .

11- إذا خفيت عقيدة الرجل من مؤلفاته ولم يتمكن الباحث من تلمس خبره ، فلا مناص من النظر في عقيدة ألصق الناس به من أقرانه وتلاميذه . وبالنظر إلى هذا الجانب ، فإن أحبَّ أقران الشيخ محمد الخضر حسين هو العلامة "أحمد تيمور باشا" ( ت: 1348هـ ) وقد أوصى الخِضر أن يُدفن بمقبرته التيمورية . وقد كان تيمور على عقيدة صالحة مستقيمة . ومن أقرانه المحدِّث السلفي" أحمد محمد شاكر" (ت: 1377هـ ) ، و"محب الدين الخطيب" ( ت: 1389هـ ) البحاثة السلفي، ومن تلاميذه علامة الشام "محمد بهجت البيطار"( ت : 1396هـ ) وقد كان على جادَّة السلف رحمهم الله جميعا ورضي عنهم .

12-الخطوط العريضة للأعمال الكاملة للشيخ محمد الخضر حسين، فيها إضاءات نيِّرة في الثناء على أهل الحديث وإثبات صفات الله تعالى كما جاء بها الوحي ، وفيها دعوة إلى التمسك بالسنة والتشبُّث بالدليل .وهذه منقبة تكاد تكون غريبة في تلك الحقبة قبل ستين عاما . والله أعلم ، والحمد لله رب العالمين .


المصادر :

1-معجم المطبوعات / يوسف سركيس / ص / 1652 .

2- معجم المؤلفين/ لعمر كحاله / 3/273-374 وفيه أنه ولد في( قفصة )والظاهر أنها تحريف صوابه ما أثبته أعلاه .

3-الأعلام/ للزركلي 6/113 .

4- محمد الخضر حسين / محمد مواعده / ص 22/ وفيه : أن المترجم عُرف بـ ( محمد الخضرحسين ) واسمه الاصلي ( محمد الاخضر بن الحسين) .

5- مجله اللغة بدمشق 36-148*149 .

6- المجموعة الكاملة لمؤلفات الشيخ محمد الخضر حسين / طبعة دار النوادر .

7- محاضرات إسلامية / محمد الخضر حسين /ص 70- وما بعدها .

8- الشريعة الإسلامية / محمد الخضر حسين / ص274- وما بعدها .

9- الرحلات/ محمد الخضر حسين / ص 60- وما بعدها. وفيه تحريرات مفيدة عن مشاهداته :في ليبيا ،والجزائر،ومالطه، والاسكندرية ،والقاهرة ،وبور سعيد ،ويافا ،وحيفا،ودمشق، وبيروت ،واستنبول، والحجاز، وألبانيا، وبلاد البلقان ،والاستانة، وألمانيا.

10- جريدة الشرق الأوسط / العدد 12026 بتاريخ 4/12/1432هـ وفيه : أن كتاب الاسلام واصول الحكم الذي ردَّ عليه الخضر حسين اُعيد طباعته ثلاث مرات قبل سنتين ، بعد أن منع الأزهر تداوله ، وحاكم مؤلفه، وسحب شهادة العالمية منه .

 
أعلى