رد: التشهد الاول
لا خلاف في المذهب أن الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في التشهد الأخير ركن من أركان الصلاة والأظهرُ من قولي الشافعي - رحمه الله تعالى - سنُّها في الأول، ثم اختلفوا في الصلاة على الآل على أوجه ثلاثة:
وجهٍ يَرى أصحابُه وجوب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى الآل بعد التشهد مطلقا، فالوجوب مستفاد من الأمر بهما وظاهر الأمر للوجوب، وعدمُ التفريق مستفاد من الأحاديث المصرِّحة بالجمع بينهما.
ووجهيْن آخرَين يري أصحابهما عدمَ وجوب الصلاة على الآل مطلقا، ومن قال بالوجوب مسبوق عندهم بالإجماع على خلافه، ثم بعد اتفاقهم على سنها بعد التشهد الأخير اختلفوا في سنها بعد التشهد الأول على قولين:
1- أنها لا تسن بعده، وذلك لورود أحاديث دلَّتْ على طلب التخفيف فيه فعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- إذا جلس في الركعتين الأُولَيَيْينِ كأنه على الرَّضْفِ ، قال شُعْبَةُ : ثم حرَّك سعد شفتيه بشيء ، فأقول : «حتى يقوم ؟ فيقول : حتى يقومَ» أخرجه الترمذي وأبو داود والنسائى.
ويراجَع كذلك ما استدل به من قال بعدم سن الصلاة بعد التشهد الأول مطلقا من المذاهب الأخرى كالحنابلة مثلا، فمعظمها نفس أدلة أصحاب هذا القول لذا يقول الإمام النووي - رحمه الله تعالى - في التنقيح: إن التفرقة بينهما فيها نظر فينبغي أن يسنا جميعا أو لا يسنا ولا يظهر فرق مع ثبوت الجمع بينهما في الأحاديث الصحيحة.
2 - أنها تسن بعده، لما قاله الإمام النووي - رحمه الله تعالى - في التنقيح: إن التفرقة بينهما فيها نظر فينبغي أن يسنا جميعا أو لا يسنا ولا يظهر فرق مع ثبوت الجمع بينهما في الأحاديث الصحيحة.
وقال الأذرعي في "التوسط" : وهذا حق، والأحاديث الدالة على استحباب الصلاة عليه دالة على ذلك، وأي تطويل في قوله "وآل محمد"، والخروج من الخلاف أولى.
وكما رجح عبد العزيز الزمزمي هذا القول بأنه "وإن كان مخالفا لكلام الأصحاب الصريح، لكنه موافق لمقتضى قواعدهم: إن الخروج من الخلاف مستحب ... وهذا الخلاف وإن كان غير قوي في اصطلاحهم لأنه مقابل الصحيح لكنه قوي المدرك" . بخلاف الوجه القائل بوجوبها مطلقا، لا يراعى في الخلاف لضعفه نقلا ومدركا والله أعلم.