عبد الله بن يوسف الحسني
:: متابع ::
- إنضم
- 24 يناير 2013
- المشاركات
- 14
- الكنية
- الخطاط
- التخصص
- الشريعة الإسلامية (الفقه وأصوله)
- المدينة
- كوالا لامبور
- المذهب الفقهي
- سني
بسم الله الرّحمن الرّحيم
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بعد التّحيّة والاحترام والتّقدير:
إخوتي وأخواتي الأعزاء، سبق أن قلنا في آخر الحلقة الثالثة: (وفي الحلقة القادمة، نقدم إلى القراء الكرام -بإذن الباري- المبحث الخامس الذي هو: أ) المسائل التي يرجح فيها إلحاق النادر بنفسه، ثم نقدم: قائمة أهم المصادر والمراجع) وهذه هي الحلقة الرابعة -وهي الأخيرة من هذا الموضوع- من سلسلة المسائل النادرة المختلف فيها عند الشافعية وإن كانت مسائل منصوصة في الفقه الإسلامي ككل، وفي كل المذاهب؛ إلا أن بحثنا هذا يركز توضيح اختلاف الشافعية والأوجه الواردة في هذه القاعدة المهمة (النادر هل يلحق بجنسه؟ أو بنفسه؟) مع ذكر الوجه الصحيح أو الأصح المعتمد لدى المذهب، انطلاقا من كتاب الأشباه والنظائر للسيوطي رحمه الله -كما مر- ونقول وبالله وحده نستعين:-
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بعد التّحيّة والاحترام والتّقدير:
إخوتي وأخواتي الأعزاء، سبق أن قلنا في آخر الحلقة الثالثة: (وفي الحلقة القادمة، نقدم إلى القراء الكرام -بإذن الباري- المبحث الخامس الذي هو: أ) المسائل التي يرجح فيها إلحاق النادر بنفسه، ثم نقدم: قائمة أهم المصادر والمراجع) وهذه هي الحلقة الرابعة -وهي الأخيرة من هذا الموضوع- من سلسلة المسائل النادرة المختلف فيها عند الشافعية وإن كانت مسائل منصوصة في الفقه الإسلامي ككل، وفي كل المذاهب؛ إلا أن بحثنا هذا يركز توضيح اختلاف الشافعية والأوجه الواردة في هذه القاعدة المهمة (النادر هل يلحق بجنسه؟ أو بنفسه؟) مع ذكر الوجه الصحيح أو الأصح المعتمد لدى المذهب، انطلاقا من كتاب الأشباه والنظائر للسيوطي رحمه الله -كما مر- ونقول وبالله وحده نستعين:-
تــــــــــــــابــــــــ ــــع:
المبحث الخامس:
المسائل التي يرجح فيها إلحاق النادر بنفسه
_______________________________________
المبحث الخامس: المسائل التي يرجح فيها إلحاق النادر بنفسه:
التوضيح:
هذه المسائل الآتية، مسائل مختلفة فيها، ولكن يرجح فيها إلحاق النادر بنفسه، أي لا يبنى عليها الأحكام.
المسألة الأولى: لمس العضو المبان من المرأة، فيه وجهان، أصحهما عدم النقض، لأنه لا يسمى امرأة، والنقض منوط بلمس المرأة.
المعنى:
إذا لمس الرجل عضوا من امرأة أجنبية نقض وضوؤه، فكيف إذا لمسه بعد قطعه فهل ينقض أم لا ينقض؟.
التطبيق:
فهذه من المسائل التي فيها وجهان عند الشافعية:
الوجه الأول: ينقض، لأنه يطلق عليه اسم المرأة، فعضوها المنفصل عنها، كعضوها الأصلي[SUP])[/SUP][1][SUP]([/SUP].
والوجه الثاني: لا ينقض، لأن هناك فرق بينهما، إذ لا يسمى هذا العضو المبان امرأة، قال الغزالي: {في الشعر والظفر خلاف وكذا في العضو المبان منها –أي المرأة– والصحيح أنه لا ينتقض لانتفاء المعنى وهو الظاهر إذ لا يقال لمس النساء}[SUP])[/SUP][2][SUP]([/SUP].
وقد قطع الشربيني في المغنى عدم نقضه إذا انفصل، فقال: {أما إذا انفصلت[SUP]([3])[/SUP] فلا تنقض قطعا، ولا ينقض العضو المبان غير الفرج ولو قطعت المرأة نصفين هل ينقض كل منهما أو لا وجهان والأقرب عدم الانتقاض، قال الناشري: ولو كان أحد الجزأين أعظم نقض دون غيره انتهى}[SUP]([4])[/SUP]، ثم قال الشربيني –رحمه الله: {والذي يظهر أنه إن كان بحيث يطلق عليه اسم امرأة نقض وإلا فلا}[SUP]([5])[/SUP].
وفي حاشية الرملي: {قال في الخادم: العضو المبان من الأجنبية يحرم النظر إليه ولا يحرم مسه على الأصح وفي هذا الترجيح نظر أهـ. ولو أمكن الطبيب معرفة العلة بالمس دون النظر فإنه يباح له المس لا النظر وقوله ولا يحرم مسه على الأصح، قال شيخنا بل الأصح حرمة مسه لأنه أبلغ من النظر في إثارة الشهوة}[SUP]([6])[/SUP].
والراجح –والله أعلم- أن اللمس المقطوع من المرأة لا ينقض، ولكن يحرم النظر إليه، كما في حاشية عميرة: {ومتى حرم النظر[SUP]([/SUP][SUP][SUP][7][/SUP][/SUP][SUP])[/SUP] حرم المس}[SUP]([SUP][8][/SUP][/SUP]).
تنبـيـــــــه:
هناك فرق بين مس الذكر المبان وبين لمس العضو المبان من المرأة، فالأول ينقض كما مر، والثاني لا ينقض على الوجه الأصح، قال الجاوي –رحمه الله– في نهاية الزين: اعلم أن اللمس يفارق المس في سبعة أمور:-
أحدها: أن اللمس لا يختص بعضو بخلاف المس فإنه يختص ببطن كف.
ثانيها: أنه لا بد في اللمس من اختلاف الجنس بخلاف المس.
ثالثها: أن الفرج المبان ينقض مسه على ما تقدم بخلاف العضو المبان لا ينقض لمسه.
رابعها: أن اللمس ينقض وضوء اللامس والملموس بخلاف المس فإنه عند اتحاد الجنس لا ينقض إلا وضوء الماس.
خامسها: أن مس فرج المحرم ناقض بخلاف لمسها.
سادسها: اشتراط بلوغ حد الشهوة في اللمس دون المس.
سابعها: أن اللمس لا بد فيه من التعدد بخلاف المس فإنه يحصل بمس فرج نفسه[SUP]([9])[/SUP].
* * * *
المسألة الثانية: لو حلف لا يأكل اللحم، فأكل الميتة، أو أكل ما لا يؤكل كلحم حمار، وذئب، ففيه وجهان، أصحهما عند النووي عدم الحنث.
المعنى:
حلف شخص أن لا يأكل لحما، فأكل لحم حيوان ميت، أو أكل لحم ما لا يؤكل كلحم حمار وذئب، فهل أكل لحما ويكون حانثا بذلك؟ أم لم يأكل ما يعرف باللحم فلا يكون حانثا؟.
التطبيق:
فإذا أكل لحم ميتة أو لحم حمار، وقد حلف لا يأكل لحما ففي كونه حانثا أو غير حانث وجهان:
الأول: يحنث، لأنه أكل لحما حقيقة وعرفا، وبه قال أبو حنيفة والحنابلة[SUP]([10])[/SUP].
الثاني: لا يحنث وهو المختار عند المذهب، فقال السيوطي في الأشباه والنظائر: {فلو حلف لا يأكل لحما لم يحنث بالميتة}[SUP]([11])[/SUP]، قال ابن قدامة في المغني: {قال: الشافعي في أحد الوجهين لا يحنث بأكل المحرم بأصله؛ لأن يمينه تنصرف إلى ما يحل لا إلى ما يحرم فلم يحنث بما لا يحل، وكما لو حلف لا يبيع فباع بيعا فاسدا لم يحنث}[SUP]([12])[/SUP].
فكذلك إذا حلف لا يأكل بيضا، فأكل بيض السمك، فيه وجهان: أصحهما لا يحنث كذا رجحه النووي في المجموع[SUP]([13])[/SUP]، وقال السيوطي: {فلو حلف لا يأكل لحما لم يحنث بالسمك و إن سماه الله لحما[SUP]([14])[/SUP]}[SUP]([/SUP][SUP][SUP][15][/SUP][/SUP][SUP])[/SUP].
المسألة الثالثة: جريان الربا في الفلوس إذا راجت رواج النقود، وجهان، أصحهما: لا.
المعنى:
الفلوس هي النحاس أو الحديد المضروب الذي يتعامل بها، فهي المسكوك من غير الذهب والفضة[SUP]([16])[/SUP] إذا راجت واستعملت كما كان يستعمل الذهب والفضة، فهل تجري فيها الربا كما تجري في النقدين؟ أم لا تدخل فيها الربا، ويجوز بيع بعضها ببعض متفاضلا؟!.
التطبيق:
اختلف العلماء في هذه المسألة إلى قولين:
أحدهما: يجري فيها الربا ويحرم؛ لأن فائدة تعليل تحريم التفاضل في النقدين تحريم التفاضل في الفلوس إن استعملت نقودا -كما حكى إمام الحرمين في البرهان[SUP]([17])[/SUP]- ولا يجوز بيع مال بجنسه متفاضلا سواء كان مطعوما أو نقدا أو غيرهما وهو قول للخراسانيين، كما نقل النووي في المجموع وضعفه، وسيأتي تفصيله قريبا.
وثانيهما: لا ربا في الفلوس مهما راجب رواج النقود، وهذا هو الصحيح في المذهب، وبه قطع الشيرازي والجمهور، قال النووي: {إذا راجت الفلوس رواج النقود لم يحرم الربا فيها هذا هو الصحيح المنصوص وبه قطع المصنف والجمهور وفيه وجه شاذ أنه يحرم حكاه الخراسانيون (وأما) ما سواها من الموزونات كالحديد والنحاس والرصاص والقطن والكتان والصوف والغزل وغيرها فلا ربا فيها عندنا فيجوز بيع بعضها ببعض متفاضلا ومؤجلا ولا خلاف في شئ من هذا عندنا إلا وجها حكاه المتولي والرافعي عن أبى بكر الاولى من أصحابنا المتقدمين أنه قال لا يجوز بيع مال بجنسه متفاضلا سواء كان مطعوما أو نقدا أو غيرهما وهذا شاذ ضعيف}[SUP]([18])[/SUP]،
وقال أبو حامد الغزالي: {أما الفلوس إن راجت رواج النقود فالصحيح أنها كالعروض}[SUP]([19])[/SUP]، ووافق السيوطي في ذلك وقال: {فلا ربا في الفلوس ولو راجت رواج النقود في الأصح، واختص المضروب منهما بكونهما قيم الأشياء فلا تقويم بغيرهما}[SUP]([/SUP][SUP][SUP][20][/SUP][/SUP][SUP])[/SUP]، والله أعلم.
* * * *
المسألة الرابعة: ما يتسارع إليه الفساد في شرط الخيار، فيه وجهان، أصحهما: لا يجوز.
المعنى:
هل يثبت خيار الشرط فيما يتسارع إليه الفساد كالمهيّأ للأكل أو اللحم، أو الفواكه من الموز، والعنب ونحوهما، وكذا الخضروات من البقل، والجرجير.. أم لا يثبت فيه شرط الخياط؟[SUP]([21])[/SUP].
التطبيق:
قد اختلف العلماء في هذه المسألة كغيرها من المسائل المختلفة فيها، فإن إثبات الخيار المشروط فيما يفسد بسرعة مسألة نادرة، فهل يلحق هذا النادر بجنسه فيدخل شرط الخيار فيها، أو يلحق بنفسه فلا يدخل فيه على وجهين:
الوجه الأول: يبطل البيع، لأنه لا يثبت فيه خيار الشرط.
الوجه الثاني: يثبت فيه خيار الشرط، ويصح البيع. كما نص النووي في المجموع: {لو كان المبيع مما يتسارع إليه الفساد فباعه بشرط الخيار ثلاثة أيام، فوجهان حكاهما صاحب البيان: أصحهما: يبطل البيع. والثانى: يصح ويباع عند الاشرف على الفساد ويقام ثمنه مقامه وهذا غلط ظاهر}[SUP]([22])[/SUP].
فالأصح عدم جوازه كما قال الزركشي: {ما يتسارع إليه الفساد في مدة الخيار لا يثبت فيه خيار الشرط في الأصح}[SUP]([23])[/SUP].
أما إذا كان الشرط في مدة لا يحصل فيها الفساد جاز كما في حاشية الجمل على المنهج، وحواشي الشرواني والعبادي[SUP]([24])[/SUP].
* * * *
المسألة الخامسة: دم البراغيث يعفى عن قليله قطعا، وكثيره في الأصح [SUP]([25])[/SUP].
المعنى:
ما حكم من صلى بثوب وعليه دم برغوث؟ فهل يعفى عن هذا الدم اليسير أم إنه نجاسة لا يعفى، ولا يجوز له أن يصلي بذاك الثوب، أو يعيدها إذا صلى به؟.
التطبيق:
أولا: البراغيث جمع برغوث وهو: ضرب من صغار الهوام عضوض شديد الوثب[SUP]([SUP][26][/SUP][/SUP])، قال المزني في المختصر: {قال الشافعي: ولو صلى رجل وفي ثوبه نجاسة من دم أو قيح وكان قليلا مثل دم البراغيث وما يتعافاه الناس لم يعد}[SUP]([27])[/SUP]، ويعفى عن قليل دم البراغيث ونحوها مما تعم به البلوى كبق وقمل[SUP]([28])[/SUP] وعلل الزركشي بقوله: {لأن هذا الجنس يشق الاحتراز منه في الغالب فألحق نادره بغالبه}[SUP]([29])[/SUP].
وذكر القرطبي في تفسيره الاجماع على التجاوز والعفو عن دم البراغيث ما لم يتفاحش[SUP]([30])[/SUP].
* * * *
والله أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
وإلى هنا انتهى الجزء الرابع من هذه القاعدة، وبانتهائه انتهت الحلقات.
الخاتمة: ونسأل الله حسن الخاتمة:والله أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
وإلى هنا انتهى الجزء الرابع من هذه القاعدة، وبانتهائه انتهت الحلقات.
بعد حملة مكثفة على كتب الفقهاء للقراءة والسبر، وبعد جهد جبار في العكوف على الحاسوب تدوينا وتسجيلا؛ لإنجاز هذا البحث البسيط حجما، لكنه كبير المنفعة عمقا -والعبرة بالكيف لا بالكمّ- تبين للباحث ما يلي:
- أن البحث في النوادر في هذا العصر الذي تغير فيه كل شيء مهم للغاية.
- أن العلماء –رحمهم الله– لم يتركوا شيئا في العلم إذ إنهم كانوا يتكلمون حكم النظر إلى قلامة الظفر.
- أنه من الممكن التفريق بين متماثلين –أحيانا– والجمع بين متفرقين.
- أنه ينبغي النظر في كل مسألة على حدتها، ولا يطلق كل شيء على ظاهره، لأن كل قاعدة عامة لها مستثنيات.
- أن الشريعة الإسلامية تيسر للعباد ما ينفعهم، وتستر أحوالهم رحمة بهم، وصدق الله إذ قال: " وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ"[SUP]([31])[/SUP].
____________________________________________________________________________________
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
____________________________________________________________________________________وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
الـــفـــهــــــــــــارس:
أولا: قائمة أهـم المصادر والمـراجع:
أولا: قائمة أهـم المصادر والمـراجع:
أ) القرآن الكريم والحديث النبوي |