العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

أحكام حراك السُّود في بلاد الحرمين !

إنضم
11 يوليو 2012
المشاركات
350
التخصص
أصول فقه
المدينة
قرن المنازل
المذهب الفقهي
الدليل

أحكام حراك السُّود في بلاد الحرمين
تشهد بلاد الحرمين في هذه الأيام حراكا مُنظَّما فيما يبدو للتسلُّل والنزوح في مناطق واسعة ولأهداف غير مُحدَّدة . وقد ترتب على هذا الحراك أمران هما : الاختطاف والاختطاب .
والمقصود بالاختطاف : الاعتداء على الناس ونهب أموالهم وتهديد أعراضهم، بدعوى الفقر والجوع .
والمقصود بالاختطاب : المناداة باهدار دماء هؤلاء السُّود من الناس والإذن بقتلهم والترصُّد لهم بدون العودة إلى القضاء وأهل الولاية .

وكلاهما من المصالح الملغاة شرعا كما قرر الأصوليون .
وتداعي السُّود الى أرض الحرمين كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، ليس مُحرَّما لذاته ، فإن الملايين من البِيض والسُّود يتداعون إلى بلادنا في كل يوم وفي كل عام ،من أنحاء المعمورة لأغراض شتى ، وإنما التحريم لأمور متعدية بعضها شرعيُّ والبعض الآخر يتعلق بصيانة النفس عن الهجرة الى بلد يُذُّل فيه الانسان .

ولا يخفى أن الهجرة غير النظامية إلى بلد لم يُؤذن للانسان بدخولها سبب لإذلال النفس وركوب لمخاطر لا طاقة للجسد على تحمُّلها ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم :" لا ينبغي للمسلم أن يُذلَّ نفسه ، قالوا : وكيف يُذلُّ نفسه ؟ قال : يعرض نفسه من البلاء لما لا يطيق ". أخرجه الترمذي بإسناد صحيح .

وثبت في المرفوع :" من أعطى الذِّلة من نفسه طائعاً غير مكره ، فليس مِنا ". أخرجه الطبراني باسناد حسن .

• وهذه بعض الفوائد والقواعد لأحكام حراك السُّود في بلاد الحرمين :
1- السود الأحباش ليسوا على طبقة واحدة . فمنهم الفُسَّاق والمجرمون ومنهم دون ذلك . بل منهم مؤمنون وأهل خير لكن شبح الفاقة والمجاعة والتصارع في بلادهم ، أجبرتهم على التسلُّل والهجرة والتشرُّد في الأرض .قال الله تعالى : " اعدلوا هو أقرب للتقوى " ( المائدة : 8 ) .

2- هجرة هؤلاء الأحباش بدعوى الفقر لا مُبرِّر شرعي لها ، فقد يتعرضون للضياع في البحر أو في الصحراء أو يتردَّون من الجبال ،أو تأكلهم السِّباع ، وقد يهلكون أو يعتقلون ويضيع بهلاكهم من خلفهم من أهاليهم وأسرهم ، قال تعالى : وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ (البقرة: 195) وقال سبحانه : وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (النساء: 29) ، ولهذا فإنها تحرم الهجرة غير النظامية لهذه التعليلات .

3- لا يجوز قتل هؤلاء السُّود إلا بقضاء الشرع ومعرفة الحاكم . وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد نهى عن أكل الصيد الذي وقع في الماء بقوله : " وإن وجدته غريقا فلا تأكله، فإنك لا تدري الماء قتله أو كلبك " متفق عليه .فكيف بآدميِّ يهيم في الأرض لا يُعرف حاله ويُقتل ابتداءاً ؟! . ولهذا قال الأصوليون : الاستصحاب حجة إلى أن يرد ما يُغيِّره .

4- هؤلاء السُّود فيهم مسلمون مُوحِّدون ،وجنايتهم ليست كجناية العجماء التي توجب الهدر .بل لهم حقوق مضمونة شرعاً، حتى ولو كان بعضهم نصارى .
ويجب على الدولة محاسبتهم أو اعادتهم إلى بلادهم احساناً وإغاثة للملهوف .

5- القصاص من هؤلاء السُّود دون القتل ،جائز شرعاً إذا ظهرت أذيتهم وبان شرهم ،ويكون هذا من باب دفع الصائل .ودفعه بالقتل يُورِّط المسلم فيما هو غنيُّ عنه .

6- حمل السلاح من الجماعات والقبائل بدعوى الحماية الجماعية للقبيلة ،من الأسباب التى تفتح أبواب الجريمة وذريعة للتعصُّب القبلي وخروج من وحدة الصف والكلمة ، ومنازعة لأهل الولاية بغير موجب شرعي .

7- يجوز تطبيق أحكام الظَّفر في مسألة حراك السُّود ، بشرط عدم الاسراف في العقوبة . فإن أحكام الظَّفر تختلف باختلاف الحق المراد أخذه . فمن ظفر بحقِّه مع إنسان ، فله أخذه بدون تعدِّي أو احداث فتنة .

8- المعاملة بالمثل جائزة ما لم يترتب عليها مُحرَّم . ومن الناس من يتأوَّل بعض الآيات الكريمات على غير وجهها الصحيح ، كما في قول سبحانه : " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم"( البقرة : 19 ) وقوله : "وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عُوقبتم به " (النحل : 126) وقوله : " وجزاءُ سيئةٍ سيئةٌ مثلها " (الشورى : 40) . قال المفسرون : هذه الآيات فيمن أصيب بظلامة لا ينال من ظالمه إذا تمكن منه إلا مثل ظلامته ، لا يتعدَّاها إلى غيرها .

9- من وقع عليه اعتداء من هؤلاء السُّود الأحباش فهو مُخيَّر بين ثلاثة أُمور :
الأول:أن يعفو ويصفح، لينال أجر المتقين الصابرين ومعية الله وعونه، كما قال تعالى: "وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين "(آل عمران : 133) .
الثاني: الإمساك عن العفو والصفح ، ليلقى المذنب ربَّه بما اقترف من الإثم. لكن كما قال بعض السلف :" ما يفيدك أن يُعذِّب الله أحداً لأجلك؟ مع ما يفوتك من أجر العفو، لو عفوت" .
الثالث: القصاص بشروطه ، أو الدية المُقدَّرة شرعاً، والقصاص والدِّية إنما يكون لدى القاضي الشرعي، ولا يستوفي القصاص آحاد الناس ، مجنيَّا عليه أو غيره .

10- هذه الفتن سببها الظلم وعدم اعطاء الناس حقوقهم . وقد كتب عامل إلى عمر بن عبد العزيز(ت: 101هـ) رحمه الله تعالى: أن مدينتنا قد تشعَّث سورها فأرسِل لنا مالًا نُرمِّمُها، فردَّ عليه رحمه الله بقوله: "حَصِّنها بالعدل ونقِّ طرقها من الظُّلم ، فتلك مرمتها والسلام " .

وقد أعجبتني عبارة البروفيسور البنجلاديشي الفائز بجائزة نوبل للسلام "محمد يونس" وفقه الله تعالى حين قال : " الفقر خطر على السلام " وقوله "ما ينجم عن الفقر المشين من إحباط وحقد وغضب، لا يمكن أن يضمن السلام في أي مجتمع ".
وهو مفكر ذكي ، له برنامج اقتصادي لانقاذ الفقراء عبر القروض الصغيرة ، بدأ تطبيقه في البلاد الغربية الكبرى .
فأين التجار والمفكرون من الافادة والتخطيط لانقاذ الناس من شبح الجوع ؟! .
هذا ما تيسر تحريره ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,508
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: أحكام حراك السُّود في بلاد الحرمين !

شيخنا الفاضل
جزاكم الله خيرا على هذا التحليل المفيد
ولكن لي تحفظ على كلمة " السود" التي عنوت بها مقالكم وضمنتموها في كل فقرة
فقد ظننت لأول وهلة أني ما فهمت الكلمة لغرابتها
ألا يحسن بنا أن نجد لفظا أفضل لوصف هؤلاء المساكين الذين تقطعت بهم السبل وأذلهم الفقر والعوز - كما تفضلتم -
أليس الأفضل لنا أن نسميهم بجنسهم أو بجنسيتهم بدل استخدام لفظ كرهه رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما استعمله الصحابي رضي الله عنه
فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم:
"أعيرته بأمه"
لقد أصبح في بلاد غير المسلمين قانونا يغرم من استعمل لفظ (Niger) لوصف الأفارقة الأمريكان
لأنها تعني أسود وتعد إهانة للشخص وتعييرا له بشكله أو لونه
ونحن أولى بتجنب مثل هذه الأوصاف
وجزاكم الله خيرا
 
إنضم
11 يوليو 2012
المشاركات
350
التخصص
أصول فقه
المدينة
قرن المنازل
المذهب الفقهي
الدليل
رد: أحكام حراك السُّود في بلاد الحرمين !

جزاكم الله خيرا وسددكم وزادكم علما وإيمانا .
لا يوجد محظور في استعمال لفظ السواد إذا قصد به الوصف والتعريف . وحديث أبي ذر رضي الله عنه كان يقصد به التعيير .
وقد استعمل الحبيب صلى الله عليه وسلم هذه اللفظة بقصد الوصف والتعريف كما في الحديث :
"لا فضلَ لعربيٍّ على عجميٍّ ، ولا لعجميٍّ على عربيٍّ ، ولا لأبيضَ على أسودَ ، ولا لأسودَ على أبيضَ - : إلَّا بالتَّقوَى " صححه الألباني في شرح الطحاوية .
فالكلمة على حسب سياقها والقصد من ايرادها . وشكرا على تعقيبك واستدراكك اللطيف .
 
إنضم
22 يونيو 2008
المشاركات
1,566
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
الحنبلي ابتداءا
رد: أحكام حراك السُّود في بلاد الحرمين !

لا أرى استعمال لفظ السود في محله ،، إذ قد أصبح في زماننا تعييرا في حد ذاته (مع علمي بأن صاحب المقال لم يقصده، إلا أن البعض يتحسس منه)
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,508
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: أحكام حراك السُّود في بلاد الحرمين !

والله ما أحب كثرة الجدل
ولكن أريد لإخواني الفضلاء في الملتقى أفضل من يكون
والله يا شيخ أحمد إني أعلم بأنك لم تقصد الانتقاص ولا التحقير وليس هذا طبعك بدليل كتاباتك المميزة التي أتحفتنا بها في هذا الملتقى
وبدليل الطرح الرائع الذي قدمته في مقالك هذا
ولكن لو أن أحد المذكورين أو من هو من جنسيتهم قرأ مقالكم ألن يحز في نفسه هذا الاسم
فلنراع مشاعر إخوان لنا يعيشون بيننا ولهم علينا حق الأخوة ومن أقلها وصفهم بما يحبون
وهذا وصف لا أحسب أحداً يستسيغه أو يقبل ان يطلق عليه
هذا ما قصدت حفظم الباري
وجزاكم خير الجزاء
 
إنضم
18 ديسمبر 2012
المشاركات
39
الكنية
أبو عبد المهيمن
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
البليدة
المذهب الفقهي
أهل الحديث
إنضم
11 يوليو 2012
المشاركات
350
التخصص
أصول فقه
المدينة
قرن المنازل
المذهب الفقهي
الدليل
رد: أحكام حراك السُّود في بلاد الحرمين !


روى أحمد وأبو داود والترمذي عن أبي موسى رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" إن الله تعالى خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، جاء منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك، والخبيث والطيب والسهل والحزن وبين ذلك" .

صححه الألباني .

وقد قال سبحانه :

وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ " (الروم:22) .

وشكراً لكل من قرأ وعقب واستدرك .
جزاكم الله من الخيرات أوفاها ومنتهاها .
والعلم بطي اللزام ،بعيد المرام ،لا يدرك بالسهام ،ولا يرى في المنام ،ولا يورث عن الآباء والاعمام .

 

محمد إبراهيم صبري

:: مطـًـلع ::
إنضم
16 يوليو 2011
المشاركات
125
الكنية
ابو إبراهيم
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
القدس
المذهب الفقهي
الحنفي
رد: أحكام حراك السُّود في بلاد الحرمين !

جزى الله الاخوة الكرام خير الجزاء
وأضم صوتي للاخوة السابقين بالابتعاد عن لفظ (السود) فلقد جال بخاطري وأنا أقرأ ما قد وجدته عند الأخت أم طارق وقد جال بخاطرها أيضا ، فوجدت غيري قد أحس بما أحسسته.
مع يقيننا بعلم وفصاحة الشيخ ورزانة عقله ، والأحاديث التي ذكرها الأخ الكريم هي أكبر دليل على أهمية الابتعاد عن هذا المسمى ، إذ فيها نبذ التفاضل بالألوان ، أي إسقاطها وعدم اعتبارها حتى بالوصف. والله تعالى أجل وأعلم ، وهو الموفق والمعلّم.
 
إنضم
13 سبتمبر 2008
المشاركات
246
التخصص
تجاره
المدينة
القاهره
المذهب الفقهي
الدليل
رد: أحكام حراك السُّود في بلاد الحرمين !

والله لقد آلمنى هذا اللفظ واستفزنى لمعرفتى انه يجرح اخوة لنا وقد سبقنى الافاضل واوافقهم على الانكار ولغتنا العربيه غنيه بفنون البيان وعندنا فى مصر مثل بلدى يقول (الملافظ سعد ) اى من ضمن الرزق الذى يؤتيه المرء حسن التعبير مع يقينى ان اخى لايقصد جرح احد
 
إنضم
22 يونيو 2008
المشاركات
1,566
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
الحنبلي ابتداءا
رد: أحكام حراك السُّود في بلاد الحرمين !

شفت يا شيخ أحمد ! تركنا الموضوع الأساسي وصرنا نناقش اللفظة (ابتسامة) ،،،
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,508
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: أحكام حراك السُّود في بلاد الحرمين !

شكرا للشيخ زايد على نباهته وتنبيهه
من هنا سأبدأ بمناقشة الموضوع تاركة اللفظة على جنب

القصاص من هؤلاء السُّود دون القتل ،جائز شرعاً إذا ظهرت أذيتهم وبان شرهم ،ويكون هذا من باب دفع الصائل .
نحتاج توضيح هذه الفقرة بارك الله فيكم
هل هذا يعني:
يجوز قطع يده أو رجله أو فقء عينه ، ولكن لا يجوز قتله؟
وما دليل التفريق بين الاثنين؟
 

انبثاق

:: مخضرم ::
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,228
التخصص
الدراسات الإسلامية..
المدينة
بريدة
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: أحكام حراك السُّود في بلاد الحرمين !

شكرا لكم شيخنا الكريم
ونحتاج إلى مناقشة :
(ماذا لو) اعتدى أحدهم على إنسان يتمكن من الدفاع عن نفسه ، فهل يدفع بالأقل فالأقل حال الاعتداء؟ أم يمسك خوفا من كون هذا الزمن هو زمن الهرج؟
 
إنضم
11 يوليو 2012
المشاركات
350
التخصص
أصول فقه
المدينة
قرن المنازل
المذهب الفقهي
الدليل
رد: أحكام حراك السُّود في بلاد الحرمين !

الأختان الكريمتان أم طارق وانبثاق : وفيكم بارك ، وأحسن الله إليكم وزادكم علما وإيمانا .
أنتما تطلبان التفصيل في مسائل قد قعدت لها في مقالي ولم أترك ثغرة لسائل ولله الحمد . والتفصيل ليس هذا محله إنما محله المطولات . انظرا الفقرات 7، 8 و9 من مقالي ، ففيها الشفاء إن شاء الله تعالى لحيرتكما .

وأزيدكما بعض القواعد المهمة لاثراء الموضوع :
إذا أمكن دفع الصائل بالأمر بالمغادرة فليس للمصول عليه أن يجرحه أو يقتله ، وإذا انصرف بالضرب فليس له جرحه ، وكذلك إذا جرحه جرحاً عطله ، لم يكن له أن يثني عليه لأنه كفي شره ، فإن فعل ذلك كان ظالماً ومعتدياً وتحمل مسؤولية فعله بالقصاص منه ، لأنه تجاوز حد الدفاع الشرعي .

ويدل على مراعاة مبدأ التدرج في المدافعة والممانعة أمره صلى الله عليه وسلم بأن ينشد الله قبل المقاتلة ؛ فقد جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله : " أرأيت إن عدا على مالي ؟ قال : " أنشد الله " ، قال : فإن أبوا عليّ ؟ قال : " أنشد الله " ، قال : فإن أبوا عليَّ ؟ قال: " قاتل ، فإن قتلت ففي الجنة ، وإن قتلت ففي النار " .أخرجه البيهقي باسناد صحيح .
قال الشوكاني : " فيه من الفقه أن يدفع بالأسهل فالأسهل " .

ولأن الضرورة تقدر بقدرها ، فإذا زالت الضرورة بالأخف فلا يلجأ إلى الأشد ، ومهما أمكن التخليص بدون ذلك فعدل عنه إلى الأثقل لم يهدر ، لأنه لا ضرورة في الأثقل مع إمكان تحصيل المقصود بالأسهل حتى ولو كان كلاماً .
قاعدة في شروط دفع الصائل :
1- أن يكون ثمة اعتداء : بمعنى أن يحصل الفعل بغير حق ، فإذا كان بحق كقتل مستحق القصاص ، أو أخذ المال من المدين الممتنع ، فهذا لا يعتبر اعتداءً ؛ وإنما هو استعمال لحق .
2- أن يكون الاعتداء حالاً : فإذا كان مهدداً بشيء في المستقبل فلا يجوز الدفاع ؛ لأنه لا دفاع قبل الاعتداء ولا دفاع بعد الانصراف منه ، ولا يفهم من هذا أن ينتظر المعتدى عليه حتى يصيبه الصائل بالفعل ، بل من حقه أن يسرع إلى رد الاعتداء المتوقع إذا علم أو غلب على ظنه أنه لا يخطئه ، وقد عبر الفقهاء عن هذا بوضوح، فاعتبروا أن مجرد إشهار السلاح من الصائل كاف لقتله ، مادام السلاح الذي شهره يستعمل في القتل عادة .
3- أن يقدم المعتدي عليه بينة تثبت وقوع الاعتداء عليه : لأن مجرد الادعاء لا يعفيه من المسؤولية ، وإلا استبيحت أمال الناس وأبدانهم بدعوى الاعتداء ، فإذا لم تقم له بينة إلا مقالته ودعواه فهو ضامن ؛ لأنه لا يؤخذ بدعواه على غيره .
4- أن يرد الاعتداء بالقوة اللازمة لرده : وذلك بتقديم الأخف فالأخف والأيسر فالأيسر ؛ فلا يعدل إلى القتل مع إمكان الدفع بدونه ، يقول النووي : " فيجب على المصول عليه رعاية التدريج والدفع بالأهون فالأهون " .
وقد أشارت اختي الكريمة انبثاق إلى مسألة الهرج فينبغي للمسلم أن يتقي القتل ماأمكن لغلبة فساد الزمان وكثرة الشر في عصرنا . نسأل الله العافية .
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,508
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: أحكام حراك السُّود في بلاد الحرمين !

تطلبان التفصيل في مسائل قد قعدت لها في مقالي ولم أترك ثغرة لسائل ولله الحمد . والتفصيل ليس هذا محله إنما محله المطولات .

أستاذنا الفاضل افتتحت موضوعا في نازلة مهمة نعيشها فقعدت لها قواعد رأيتها ورتبتها بطريقة جيدة ولكنها مختصرة
فإذا ظهر بعض الغموض للقارئ - ونحن في منتدى حواري- أليس من حقه أن يستفسر عنها؟
وما الفائدة إذن من طرح موضوع لا يقبل النقاش والاستيضاح؟
أو أن قصدكم أنكم قعدتم قواعد يعني أنها نهائية لا تقبل المراجعة ولا الرد؟
-------------
وللتمثيل :
ذكرتم قاعدتين يظهر أن كلا واحدة منهما عكس الأخرى . نرجو أن توسع صدرك لنا لنناقشها ونفهمها فالموضوع مهم والخطب جلل والتأصيل ضروري ونحن طلبة علم ومنكم نستفيد

قلتم:
القصاص من هؤلاء السُّود دون القتل ،جائز شرعاً إذا ظهرت أذيتهم وبان شرهم ،ويكون هذا من باب دفع الصائل .
إذن الفصاص جائز من باب دفع الصائل
ثم قلتم
والقصاص والدِّية إنما يكون لدى القاضي الشرعي، ولا يستوفي القصاص آحاد الناس ، مجنيَّا عليه أو غيره
والقصاص هنا غير جائز لأنه من حق القاضي
فكيف نجمع بين الأمرين؟
نرجو التوضيح
وجزاكم الله خيراً
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,508
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: أحكام حراك السُّود في بلاد الحرمين !

ممكن ننقل الموضوع لملتقى الحدود والجنايات؟
أو ملتقى السياسة الشرعية؟
 
إنضم
11 يوليو 2012
المشاركات
350
التخصص
أصول فقه
المدينة
قرن المنازل
المذهب الفقهي
الدليل
رد: أحكام حراك السُّود في بلاد الحرمين !

الأخت الكريمة أم طارق : بارك الله فيكم وسدَّدكم وزادكم علما وإيمانا .
أوصيك بالتأنِّي في فهم المسائل وتكرار النظر فيها ، فإن المباحث الفقهية واسعة ولها فروع كثيرة والاختلاف فيها عند المذاهب الأربعة عويص لا يكاد يحيط به الا من أدمن النظر وقلَّب المسائل دهراً طويلاً .
وفي كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية مثلا في مباحث الجنايات ستجدين كثيرا من المسائل التي طال فيها الخلاف بين المذاهب لكثرة معاني أدلتها وتباين مآخذها . وقد ألمحتُ الى ذلك في نقلي لكلمة الامام الشافعي في ردِّي عليكي : العلم بطي اللزام ، بعيد المرام ،لا يُدرك بالسِّهام ،ولا يرى في المنام ،ولا يورث عن الآباء والاعمام .
أما سؤالكي الأول والثاني فلا عكس في كلامي ولله الحمد ولا تعارض فإن العلماء يُفرِّقون بين القِصاص واستيفاء القصاص . فالأول يقصد به – في مسألة دفع الصائل – رد العدوان بمثله أو ما يقاربه ، فعند الضرب أو ما في معناه : يقتص بالمثل .
أما استيفاء القصاص فيُقصد به دفع الصائل بضربه مثلاً ضرباً شديداً يُفضي إلى الوفاة . وهذا الأخير لأنه لا يؤمن فيه الحيف ، فلا بُدَّ من نظر القاضي فيه لأن الافراط فيه قد يكون ظلماً على الصائل أو الجاني ، مع الاقرار بعدوان الصائل والجاني . فالقصاص – في مسألتنا - يقصد به الدِّفاع عن النفس ، والاستيفاء يقصد به أخذ الحق مع الزيادة وظلم الجاني والافراط في عقوبته .
واعلمي أن صدري سمح لكل من عقَّب واستدرك ، فأنا أعمل بالتدريس منذ عشرين عاماً ،وهذه المهنة علَّمتني الحِلم مع الناس كلهم .
وأحيِّيك على هِمتك العالية في طلب العلم . وسامحيني إن كان في كلامي قسوة فما قصدتُ إلا الخير .
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,508
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: أحكام حراك السُّود في بلاد الحرمين !

فإن العلماء يُفرِّقون بين القِصاص واستيفاء القصاص . فالأول يقصد به – في مسألة دفع الصائل – رد العدوان بمثله أو ما يقاربه ، فعند الضرب أو ما في معناه : يقتص بالمثل .
أما استيفاء القصاص فيُقصد به دفع الصائل بضربه مثلاً ضرباً شديداً يُفضي إلى الوفاة . وهذا الأخير لأنه لا يؤمن فيه الحيف ، فلا بُدَّ من نظر القاضي فيه لأن الافراط فيه قد يكون ظلماً على الصائل أو الجاني ، مع الاقرار بعدوان الصائل والجاني . فالقصاص – في مسألتنا - يقصد به الدِّفاع عن النفس ، والاستيفاء يقصد به أخذ الحق مع الزيادة وظلم الجاني والافراط في عقوبته .
بارك الله فيكم وزادكم علما
لقد أفدت وأحسنت في الشرح والتوضيح
وهذه فائدة عزيزة
ونحتفظ بحقنا في متابعة الاستفسارات وطلب المزيد من التوضيح
ففيها الخير الكثير
واعتبرونا من تلاميذكم المجدين والمتابعين

 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,508
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: أحكام حراك السُّود في بلاد الحرمين !

أوصيك بالتأنِّي في فهم المسائل وتكرار النظر فيها ، فإن المباحث الفقهية واسعة ولها فروع كثيرة والاختلاف فيها عند المذاهب الأربعة عويص لا يكاد يحيط به الا من أدمن النظر وقلَّب المسائل دهراً طويلاً .
جزاك الله خيرا على النصيحة

 
أعلى