أم عبد الله السرطاوي
:: نائبة فريق طالبات العلم ::
- إنضم
- 13 يونيو 2010
- المشاركات
- 2,308
- التخصص
- شريعة/ هندسة
- المدينة
- ***
- المذهب الفقهي
- الحنبلي
![th.jpg th.jpg](https://feqhweb.com/vb/data/attachments/4/4819-8150833feb41518fe90e7e741fa18575.jpg)
يقول الشيخ علي الطنطاوي - رحمه الله- في ذكرياته :
وبمناسبة ذكر الكسوة فقد كانت تصنع في مصر وترسل كل سنة إلى مكة، ترد إليها باحتفال كالاحتفال بالمحمل، والمحمل بدعة لا أصل لها في الشرع ولقد قرأت (ولم أتحقق) أن أصله الهودج الذي كان يحمل شجرة الدر لما حكمت مصر أمدا قصيرا ....
وكان سبب إبطال هذه البدعة أن الحجاج من السلفيين من أهل نجد وصلوا إلى منى يوم النحر من سنه 1344 هـ، فرأوا المحمل المصري منصوبا والجند من حوله يحفظونه ويضربون طبولهم وينفخون في مزاميرهم، أي أنها الموسيقي العسكرية تصدح عنده، فعجبوا مما رأوا وأنكروه، ورأوا الجند كأنهم يعظمونه فلم يدروا ما هو!
فقال قائل منهم: صنم! يعبدون صنما في مني!
وتصايحوا: الصنم الصنم!
وأقبلوا يحصبونه ويرمونه كما يرمون الجمرات التي يرونها رمزا للشيطان.
وكان قائد الجنود المصريين أحد الباشوات العسكريين، ويبدو أنه كان أهوجا طياشا لا يعرف الحكمة ولا يحسن تدبير الأمور، فنصب مدافعه ووجه رشاشاته وأمر بإطلاق النار على الحجاج وهم بلباس الإحرام، فسقط منهم خمسة وعشرون قتيلا، وأربعون من الإبل ومن الدواب أصابها الرصاص.
وسمع الملك وهو في سرادقه الصوت، فأقبل يعدو حتي وقف بين الفريقين لا يبالي بالرصاص، يمد ذراعيه ينادي أنا عبد العزيز أنا عبد العزيز ....
فلما رآه قائد الحاميه المصرية أمر بوقف إطلاق النار وراح الملك يهدي الأمور وأمر ولده فيصلا (الملك فيصل رحمه الله) فأخذ قطعة من الجيش السعودي فأحاطت بالجنود المصرين لمنعهم من ارتكاب حماقة أخري ولحمايتهم من الناس، حتي إذا أتموا مناسكهم رحل بهم محروسين إلى جدة حتي ركبوا البحر سالمين.
وغضب الملك فؤاد فقطع العلاقات مع المملكة أكثر من سنتين، ولكن الملك عبد العزيز ما قطع من جهته موصولا ولا نسي أخوة ولا قابل إساءة بإساءة.
كل ما صنعه أن أنكر هذا المنكر الذي كان إنكاره حقا ومنعه واجبا أكيدا، فمنع المحمل، فانقطع بحمد الله من تلك السنة.
وكانت كسوة الكعبة تصنع في مصر وترسل منها، فلما قطعتها حكومة مصر يومئذ (ومنعت وصول ريع أوقاف الحرمين إلى أصحابه) كان جواب الملك عبد العزيز ما يرى لا ما يسمع.
فأمر بصنع الكسوة في المملكة وصنعت على عجل ثم حسنت صناعتها وارتقت يوما بعد يوم حتي أنشئ لها مصنع في جرول ثم فتح هذا المصنع الكبير في مدخل مكة فجاءت الكسوة محلية خالصة، تنسج هنا وتكتب خطوطها هنا وتخاط هنا.