رد: تقسيم الكراهة عند الشافعية؟
الشائع عند الشافعية ما تفضلتم بذكره من أنهم لا يفرقون، وهو كذلك ، فالكراهة إذا أطلقت عندهم فالمقصود بها كراهة التنزيه، وإذا أرادوا غيرها بينوا .
وبالنظر في كتب أصول الشافعية نجد أنهم قسموا الكراهة إلى درجات، فمنها ما يقترب من الحرام ، ومنها المتوسط ، ومنها دون ذلك.
قال الإمام الغزالي رحمه الله في " المستصفى" :
" وأما المكروه فهو لفظ مشترك في عرف الفقهاء بين معاني:
أحدها المحظور، فكثيرا ما يقول الشافعي رحمه الله: وأكره كذا، وهو يريد التحريم .
الثاني: ما نهي عنه نهي تنزيه، وهو الذي أشعر بأن تركه خير من فعله، وإن لم يكن عليه عقاب، كما أن الندب هو الذي أشعر بأن فعله خير من تركه.
الثالث: ترك ما هو الأولى، وإن لم ينه عنه، كترك صلاة الضحى مثلا، لا لنهي ورد عنه، ولكن لكثرة فضله وثوابه، قيل فيه: إنه مكروه تركه.
الرابع: ما وقعت الريبة والشبهة في تحريمه، كلحم السبع،وقليل النبيذ، وهذا فيه نظر، لأن من أداه اجتهاده إلى تحريمه فهو عليه حرام، ومن أداه اجتهاده إلى حله فلا معنى للكراهية فيه، إلا إذا كان من شبهة الخصم حزازة في نفسه ووقع في قلبه، فقد صلى الله عليه وسلم قال: الإثم حزاز القلب، فلا يقبح إطلاق لفظ الكراهة لما فيه من خوف التحريم، وإن كان غالب الظن الحل، ويتجه هذا على مذهب من يقول المصيب واحد، فأما من صوب كل مجتهد فالحل عنده مقطوع به إذا غلب على ظنه الحل" .
المستصفى 53-54 ، وانظر الاحكام للآمدي 1/174
ملاحظة : الحديث " الإثم حزاز القلب " لا يعرف بهذا اللفظ ، والله أعلم ، ولعل الإمام ساقه بمعناه ، وقد ورد معناه من حديث وابصة بن معبد رضي الله عنه بلفظ : " أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " جئت تسأل عن البر ؟ " ، قلت : نعم ، فقال : " استفت قلبك، البر ما اطمأنت إليه النفس ، واطمأن إليه القلب ، والاثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر ، وإن أفتاك الناس وأفتوك" .
وكذا حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه ، بلفظ : " الإثم ما حاك في نفسك ، وكرهت أن يطلع عليه الناس". والله أعلم