العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

حقيقة المشهد من الزاوية الأخرى

سهير علي

:: متميز ::
إنضم
17 يوليو 2010
المشاركات
805
الجنس
أنثى
الكنية
أم معاذ
التخصص
شريعة
الدولة
بريطانيا
المدينة
برمنجهام
المذهب الفقهي
شافعية
حقيقة المشهد من الزاوية الأخرى

قد يُحرم بعض الناس من النوم أو معرفة طعم الطعام أو الراحة لما يحدث لأهلنا في سوريا وميانمار وباقي بلاد المسلمين، وقد يتهم المرء نفسه أنه يعيش حياته طبيعيا وبعض من إخواننا في مشارق الأرض ومغاربها يعيشون أعنف مواقف الحياة شراسة مما قد يجعل الولدان شيبا، وظل القلب يسأل: لِمَ وكيف ولماذا وإلى متى وإلى أين؟ (وهذا ليس اعتراضا على حكم الله سبحانه).

والقلب تائه بين ثورته وتدبره للأمر، ويأتي هذا الأثر رزق من عند الله تعالى ليُفهمنا ما عجزت القلوب عن إدراكه، والعقول عن فهمه، والروح على التعايش معه، وهي اللحظة المرعبة في عيوننا، واليسيرة على المجاهد: وإلينا نص الأثر وكان حديث بين الصحابة في يوم أحد: ((اجتمع عبد الله بن جحش مع سعد بن أبي وقاص (رضي الله عنهما) فقال عبد الله بن جحش: يا سعد لقد حضر ما ترى.. فادعوا الله، وسل المولى لعل الله أن يرزقنا الشهادة.. فرفع يديه سعد بن أبي وقاص، وقال: اللهم إني أسألك أن تلقني اليوم رجلا شديدا حرده.. شديدا بأسه.. أقاتله فيك فأقتله.. ثم أخذ سلبه.. ثم تلقني رجلا ثالثا، ورابعا ثم تلقني رجلا شديدا حرده.. شديدا بأسه أقاتله فيك فيقتلني، ثم قال سعد بن أبي وقاص لعبد الله بن جحش تمنى على الله يا عبد الله.. قال عبد الله بن جحش: أما أنا فاللهم إني أسألك أن تلقني اليوم رجلا شديدا حرده.. شديدا بأسه.. أقاتله فيك فيقتلني... بل يجدع أنفي، ويقطع أذني، ويبقر بطني، ويفقع عيني.. فإذا لقيتك يوم القيامة قلت لي: فيما كان ذلك يا عبد الله؟ أقول: من أجلك.. فتقول: صدقت.. يقول سعد بن أبي وقاص: فلما انتهت غزوة أحد بحثت عن عبد الله بن جحش فوجدته على نفس الميتة التي تمناها.. وجدته مقتولا قد جدع أنفه، وقطعت أذنه، وفقئت عينه، وبقرت بطنه. فقلت: صدق الله فصدقه الله.))

قد يَصعُب على الكثير، والكثير منا فهم هذه الامنيات التي تركها الصحابة لنا لنتأسى بها، وتكون أمامنا متى احتجنا إليها وما أشد من احتياجنا لها هذه الأيام .
وتتعجب من هذه النفس التي تستثقل الصعاب، وعندما يتعلق الأمر بالذات العلية والدين، تتحول تحولا غير اعتياديا أو مفهوما لمن لم يمر بنفس التجارب أو اختبار تقديم حياته لله طواعية.

وهنا يأتي الحديث عن تعطيل الله تعالى لبعض النواميس الكونية لمن يريد من عباده؛ لنتفهم حالهم في لحظة الاختبار الأخيرة من حياتهم، لذا أتسائل هل خصهم الله تعالى ببعض ما خص به البعض من عباده الأولين؛ من تعطيل حاسة الشعور بالألم والرعب وقت الاختبار وهم يبذلون حياتهم طواعية لله تعالى، وإبدالها أمنا؟ أو يتجرعون أنواع بشعة من التعذيب البدني والنفسي وهم مستضعفون، لا حول لهم ولا قوة؟

فلم تأتي الآيات القرآنية للتسري عن النبي –صلى الله عليه وسلم- فقط؟! بل هي باقية إلى يوم الدين تعلمنا نحن المسلمون كل صغيرة وكبيرة في حياتنا كيف نحياها ليرضى الله تعالى عنا.

وضرب الله سبحانه الأمثال للناس في القرآن للعبرة والتأسي، فنرى عدم إحراق النار لسيدنا إبراهيم، وعدم هضم الحوت لسيدنا يونس، وعدم ذبح السكين سيدنا إسماعيل، والمكان الآمن لسيدنا موسى كان اليم! وثبات ماشطة ابنة فرعون هي وأطفالها وهم يلقون في النار؟ وتحمل سيدنا بلال رضي الله عنه، وسمية أول شهيدة في الإسلام وزوجها ياسر العذاب، وكانوا يستطيعون أن يتفادوه بكلمة واحدة!؟

حاشا لله تعالى- أيعجز من حمى الأولين أن يحمي من مشي على نفس دربهم الآن وإلى يوم الدين؟ ألم يمنحهم الله تعالى قوة التحمل في أشد لحظة صدقهم وهم يجودون بحياتهم له سبحانه؟ وإلا لما وجدنا عابدا لله تعالى؟

قد لا تتفهم عقولنا البشرية الأقدار؛ لما يحدث أمامها من هذا الكم الهائل مما لا يتحمله عقل، ولكنها تؤمن بها إيمانها بالله تعالى.

حفظنا الله وإياكم والمسلمين أجمعين إلى يوم الدين من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأسأله لنا جميعا الثبات والقبول، ودخول الجنة دون سابقة حساب أو عذاب، ورؤية جهه الكريم سبحانه، اللهم آمين.

أختكم في الله سهير علي
 
أعلى