رد: هل ظهر تأثر ابن حجر بمذهبه الشافعي في كتاب بلوغ المرام ؟
وَقَوْلُهُ: وَفِي لَفْظٍ [فَلْيُرِقْهُ] هِيَ مِنْ أَلْفَاظِ رِوَايَةِ مُسْلِمٍ، وَهِيَ أَمْرٌ بِإِرَاقَةِ الْمَاءِ الَّذِي وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَوْ الطَّعَامِ، وَهِيَ مِنْ أَقْوَى الْأَدِلَّةِ عَلَى النَّجَاسَةِ، إذْ الْمُرَاقُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَاءً أَوْ طَعَامًا، فَلَوْ كَانَ طَاهِرًا لَمْ يَأْمُرْ بِإِرَاقَتِهِ كَمَا عَرَفْت، إلَّا أَنَّهُ نُقِلَ عَنْ الْمُصَنِّفِ فِي فَتْحِ الْبَارِي عَدَمُ صِحَّةِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ عَنْ الْحُفَّاظِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَمْ يَنْقُلْهَا أَحَدٌ مِنْ الْحُفَّاظِ مِنْ أَصْحَابِ الْأَعْمَشِ وَقَالَ ابْنُ مَنْدَهْ : لَا تُعْرَفُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ
مما يستغرب منه: أن يقول الصنعاني: (أَنَّهُ نُقِلَ عَنْ الْمُصَنِّفِ فِي فَتْحِ الْبَارِي) فهل هذا يدل على عدم اطلاعه على فتح الباري؟!
ثم تستغرب أيضا: أن تفهم من فحوى كلام الصنعاني أن ابن حجر في الفتح يرى عدم صحة هذه اللفظة
لكن الموجود في فتح الباري لابن حجر (1/ 275) خلاف ذلك، وعبارته: (وَزَادَ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ وَأَبِي رَزِينٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَلْيُرِقْهُ وَهُوَ يُقَوِّي الْقَوْلَ بِأَنَّ الْغَسْلَ لِلتَّنْجِيسِ إِذِ الْمُرَاقُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَاءً أَوْ طَعَامًا فَلَوْ كَانَ طَاهِرًا لَمْ يُؤْمَرْ بِإِرَاقَتِهِ لِلنَّهْيِ عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ لَكِنْ قَالَ النَّسَائِيُّ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا تَابَعَ عَلِيَّ بْنَ مُسْهِرٍ عَلَى زِيَادَةِ فَلْيُرِقْهُ وَقَالَ حَمْزَةُ الْكِنَانِيُّ إِنَّهَا غَيْرُ محفوظه وَقَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ لَمْ يَذْكُرْهَا الْحُفَّاظُ مِنْ أَصْحَابِ الْأَعْمَش كَأبي مُعَاوِيَة وَشعْبَة وَقَالَ بن مَنْدَهْ لَا تُعْرَفُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوِهِ إِلَّا عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ
قُلْتُ: قَدْ وَرَدَ الْأَمْرُ بِالْإِرَاقَةِ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا أخرجه بن عَدِيٍّ لَكِنْ فِي رَفْعِهِ نَظَرٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ وَكَذَا ذَكَرَ الْإِرَاقَةَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَن أَيُّوب عَن بن سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَوْقُوفًا وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ).