رد: هل يقول الشافعية بتأثيم الحاج الذى لم يحج؟
المجموع:
( الثَّالِثَةُ ) : إذَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ وَتَمَكَّنَ مِنْ أَدَائِهِ وَاسْتَقَرَّ وُجُوبُهُ , فَمَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَمْ يَحُجَّ , فَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُ يَجِبُ قَضَاؤُهُ.
وَهَلْ نَقُولُ مَاتَ عَاصِيًا ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ مَشْهُورَةٌ فِي كُتُبِ الْخُرَاسَانِيِّينَ:
( أَصَحُّهَا ) : وَبِهِ قَطَعَ جَمَاهِيرُ الْعِرَاقِيِّينَ , وَنَقَلَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَآخَرُونَ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَمُوتُ عَاصِيًا , وَاتَّفَقَ الَّذِينَ ذَكَرُوا فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا عَلَى أَنَّ هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ , قَالُوا : وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ التَّأْخِيرُ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ.
( وَالثَّانِي ) : لَا يَعْصِي لِأَنَّا حَكَمْنَا بِجَوَازِ التَّأْخِيرِ
( وَالثَّالِثُ ) يَعْصِي الشَّيْخُ دُونَ الشَّابِّ , لِأَنَّ الشَّيْخَ يُعَدُّ مُقَصِّرًا لِقِصَرِ حَيَّاتِهِ فِي الْعَادَةِ...
قَالَ أَصْحَابُنَا : وَإِذَا قُلْنَا : يَمُوتُ عَاصِيًا فَمِنْ أَيْ وَقْتٍ يُحْكَمُ بِعِصْيَانِهِ ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ:
( أَصَحُّهَا ) : مِنْ السَّنَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ سِنِي الْإِمْكَانِ , لِأَنَّ التَّأْخِيرَ إلَيْهَا جَائِزٌ , قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ : وَهَذَا قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ
( وَالثَّانِي ) : مِنْ السَّنَةِ الْأُولَى لِاسْتِقْرَارِ الْفَرْضِ فِيهَا
( وَالثَّالِثُ ) : يَمُوتُ عَاصِيًا , وَلَا يُضَافُ الْعِصْيَانُ إلَى سَنَةٍ بِعَيْنِهَا .
قَالَ أَصْحَابُنَا : وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا فِي صُوَرٍ:
( مِنْهَا ) أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ بِشَهَادَةٍ وَلَمْ يُحْكَمْ بِهَا حَتَّى مَاتَ , لَمْ يُحْكَمْ لِبَيَانِ فِسْقِهِ.
وَلَوْ قُضِيَ بِشَهَادَتِهِ بَيْنَ السَّنَةِ الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ مِنْ سِنِي الْإِمْكَانِ - فَإِنْ قُلْنَا عِصْيَانُهُ مِنْ الْأَخِيرَةِ - لَمْ يُنْقَضْ ذَلِكَ الْحُكْمُ ; لِأَنَّ فِسْقَهُ لَمْ يُقَارِنْ الْحُكْمَ , بَلْ طَرَأَ بَعْدَهُ فَلَا يُؤَثِّرُ , وَإِنْ قُلْنَا : عِصْيَانُهُ مِنْ الْأَوْلَى فَفِي نَقْضِهِ الْقَوْلَانِ , فِيمَا إذَا بَانَ أَنَّ فِسْقَ الشُّهُودِ كَانَ مُقَارِنًا لِلْحُكْمِ , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . هَذَا حُكْمُ الْحَجِّ...