د. فؤاد بن يحيى الهاشمي
:: مشرف سابق ::
- انضم
- 29 أكتوبر 2007
- المشاركات
- 8,558
- الكنية
- أبو فراس
- التخصص
- فقه
- المدينة
- جدة
- المذهب الفقهي
- مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
لماذا دور النشر الإلكترونية باتت ضرورة علمية
"كثير" من دور النشر الورقية القائمة على نشر "العلم والمعرفة والفكرة" في بلادنا تقوم مادتها العلمية على كتب المشاهير وأصحاب العلاقات!
ولذا نجد أن المنشور على الشبكة من الأبحاث العلمية في مجمله أقوى بمراحل من المعروض في المكتبات.
فالباحث تفاعل إيجابا مع تكنلوجيا العصر، بينما المؤسسات التي كان من المفترض أن ترعى أبحاثه لا تعرف عنه شيئا! وإنما تعرف جيدا ذوي الأموال الساخنة، والمشاهير، وكله بخت وحظ، وقسمة ونصيب!
صرح لي بعض المسؤولين في دور النشر أنه لا علاقة بالقيمة للعلمية للمنشور، وإنما بالجدوى المالية! وراح المغمورون في 60 دهية! فأبواب دور النشر موصدة دونهم، ولا تقبل مجرد الاستماع إلى فلسفة الباحثين في قيمة أبحاثهم التي استنفدت أعمارهم في بنائها، وكثير من دور الشر لا يوجد لديها أصلا مكتب علمي في استقبال الأبحاث وتقويمها!
نتفق جميعا على أن المستوى العلمي للمصنفين العصريين أقل بكثير من مستوى الأئمة المتقدمين، لكن تعظم الحسرة حين يكون المنشور من الكتب لا يعكس مستوى عصرنا، وإنما هو دونه بكثير بسبب خروج الباحثين من معادلة النشر، ودخول المشاهير وذوي الأموال في صدارة العرض.
فبالله عليكم أي تجديد علمي، وأي نهضة فكرية يقوم نتاجها على المحسوبيات في مثلث المشاهير والأموال والعلاقات!
خاطب أحد الباحثين إحدى دور النشر قائلا: لا أريد حقوقا، ولا مالا، انشروا كتابي! احفظوا علمي! ودور النشر صمٌ بكمٌ عميٌ!
وهذه القصة ذكرها لي أكثر من باحث، ولذا يا أيها الباحث العريق، فكر جيدا في أن تعدل خطتك!
وعنَّت لي فكرة؛ فما رأيك أن تتفرغ سنة للبحث، وخمسة سنوات تشتغل تاجرا، أو تتحول صانعا، حتى تجمع الدراهم لنشر بحثك، فما الفائدة أن تبحث ستة أبحاث في ست سنوات ولا تنشر! اختصرها في بحث، واعمل بقية عمرك لنشره! لكن إذا عدت إلى طلب العلم فأخبرني! وإن كنت أشك في ذلك!
إضافة إلى أن نسبة نشر الكتب لا ترجع إلى مستوى التقدم العلمي للبلد، وإنما ترجع إلى مستوى البلد الاقتصادي، وهذا سبب خللا في نوعية المنشور، فهو ينشر للباحث المرفه! ولا ينشر للباحث الفقير! وهذه المعلومة ستجبر خاطر صاحبي!
إضافة إلى التكلفة الباهظة لسعر الكتاب، فإن دور النشر يقع عليها عبء مالي كبير في نشر كتاب واحد، ربما بعشرات الآلاف، إضافة إلى بطء التصريف، وهذا هو السبب الرئيسي في ارتفاع سعر الكتاب، ولذا فلا تغتر بمستوى الربحية العالي، فالسؤال، متى يتم تحصيله؟ فما الفائدة من ربحية كتاب 60% ولا أحصله إلا بعد 3 سنوات! فعادت الربحية إلى 20% سنويا.
لذا فهم يبالغون في رفع السعر لاستعادة سعر التكلفة سريعا، والباقي يجيء على مهله!
ولذا لا بد من تدخل الجهات الداعمة للعلم والمعرفة لحل هذه المشكلة، لتخفيض سعر الكتاب، ولطبع الكتب الجادة وإن كان أصحابها غير مشاهير.
أما الجامعات فالمفترض أن تكون في ذروة فكر المجتمع لكنها في الغالب مؤسسات حكومية مترهلة! ومنها جامعات لا تكاد تجد ما يقيم صلبها!
وأما المجلات المحكمة، التي تنشر أربعة أبحاث أو ستة في كل ستة شهور، فمثلها مثل بعير بسنامين يحمل عدلين، وربما هودج محمل بمخطوطات الورق! يحاول جهده أن يطير عبر الأثير!
وهنا وصلنا إلى مقصود الكلام؛ فإن الحل الجذري والسريع والمتاح والميسور: هو إقامة مؤسسات دور نشر إلكترونية غير ربحية تقوم على تقويم الأبحاث، ونشر المتميز منها بدرجة علمية في عدة مستويات، سواء كان بثمن رمزي أو مجانا.
وهذه وسيلة منطقية وخطيرة للدفع قدما إلى الأمام، للنشر المتميز على أوسع نطاق بأحسن ما لدينا من عصارة الفكرة والبحث.
وقد مضى النشر الإلكتروني قدما لدى معشر «الخواجة»، فيأتيك خبر الكتاب الوليد، وتدفع ثمنه الرمزي بهاتفك المحمول، ثم تستدعيه، فلا يلبث أن يكون بين يديك قائلا: شبيك لبيك بشحمي ولحمي بين يديك!
والخلاصة:
- كثير من دور النشر الورقية متخلفة شكلا ومضمونا، متخلفة عن العصر التقني شكلا، ومتخلفة عن النتاج العلمي مضمونا، وتعاني من مشاكل مالية، والنشر للمشاهير ومن لف لفهم.
- الجامعات توصي بطبع الكتب المتميزة قولا، ثم تقوم برصها على رفوفها فعلا! ولو نشطت لنشر الكتب، فستبدأ بكتب مدير الجامعة، ثم عميد الكلية، ثم رئيس القسم! ولو أنشأت عمادة خاصة بتصنيف المتميز، فسيكون عليها الأستاذ البرفسور الطائر في مهب الريح! فإصلاح منظومة الجامعة أولى بهم.
- دور النشر الإلكترونية هي الحل المتاح والمواكب للعصر، ومفعوله سريع، وتكلفته قليلة جدا بإزاء تكلفة الورق.
- نشر الباحثين أبحاثهم على الشبكة بشكل ارتجالي ليس بذاك، لكثرة الأبحاث المعروضة على الشبكة، إضافة إلى خشية بعض الباحثين من سرقة أبحاثهم، ويخشى بعضهم بأن تكون مبتذلة، فالكتاب الورقي لا يزال يحظى بمكانة خاصة في نفس الباحث، لكن إذا كانت هناك دور نشر إلكترونية متخصصة، المعاملات المالية مثلا، تقوم على تقويم الأبحاث، ونشر المتميز منها، وتصنيفه في مكانه الخاص، إضافة إلى تنسيقه ككتاب ورقي من تصميم الغلاف إلى شكل الورق، فإن هذا أحظى ببقاء هيبة الكتاب.
Twitter: fhashmy
التعديل الأخير:
