العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

ابن حزم الفقيه الثائر

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
ابن حزم الفقيه الثائر

دائما أطرح على نفسي هذا السؤال: ماذا وراء ابن حزم؟ لماذا كان هذا الرجال حاضرا بقوة ودوما باختلاف المناسبات؟ ما الذي جعل صورته بهذه الحدة؟ سواء كان في نيل خصومه منه؟ أو في تعصب محبيه له؟
هل هي عبقريته؟
كثير من أئمة المسلمين هم من فحول الذكاء والدهاء، ولم يذكر شيء له بال من ردة الفعل نحوهم بمقدار ما نال ابن حزم أو حصله.
هل هي ظاهريته؟
لقد سجل التاريخ مئات العلماء من أهل الظاهر، ولم يلاحظ التاريخ شيئا ملفتا، يستحق له أن يقف على غرار ما أوقف المراكشي نسق كتابه «المعجب بأخبار المغرب» بسيرة ابن حزم! لأنه يراه أشغل الناس! فهو بنظره أشهر علماء الأندلس اليوم، وأكثرهم ذكرًا في مجالس الرؤساء، وعلى ألسنة العلماء!
هل هو فقهه؟
أما هذه فلا، فالفقهاء مد البصر، ولم يكن شيء من ذلك.
هل هو شذوذه؟
كثير من شذوذاته لاسيما الذائع منها، هي نفسها تكرار لشذوذات داود الظاهري وأصحابه، إضافة إلى أن تراجم الفقهاء حافلة بشذوذات جماعات من المتفقهية، ومنهم من هو معروف بذلك، ولذا كان المعتاد في تراجمهم، أن تذكر غرائبهم في ذيل تراجمهم، وهي بالمئين.
هل هي حدته؟
ربما؛ فحدته خارجة عن السياق العام للحدة المعروفة عن العلماء، لكن هذه الحدة كفيلة بأن تكثر حوله الخصوم، لا أن تحشد الأنصار حوله! ولا أن تلفت ألحاظ المعاصرين نحوه!
إذن ما شأن ابن حزم؟ بم ملأ الدنيا؟ وماله شغل الناس؟
الذي أظنه والله أعلم:
أن السر وراء شخصية ابن حزم، هي طبيعته الثورية على علم وبصيرة؛ فهو ضيق العطن بالتناقض، لا يقبله، ولا يستسيغه، ويرمي بثقله لكتم أنفاسه! وإبطال مفعوله، وإنهائه بالمرة!
صحيح أن ابن حزم كان ظاهريا يقتصر على النص! لكن كان هذا جزءا من السياق العام في «ابن حزم المعرفي»، فهو رجل منطقي، عقلاني من الدرجة الأولى، ولذا وصفه ابن عقيل الظاهري بأنه ترجمان المعارف الإسلامية، وقد وصل ابن حزم نفسه إلى «متى» ترجمان المنطق بالسند المتصل، وقد ألف ابن حزم فيه كتابا يتقرب به إلى الله، وصدر به كتابه الأصولي، وأسس قواعده منه، وحشاه بأساليبه، وطبقه على كتابه الفقهي «المحلى»، وكتابه العقدي «الفَصْل»، ولذا كان من صفاته المتجذرة: الجدل! فهو رجل جَدِل من الطراز الصعب، يصك معارضه صك الجندل! وينسفه في أنفه انساف الخردل!
ولذا لو بحثنا: عن مساحة تقرير مسائل الظاهر في كتبه الكبار التي اقتصر فيها على النص، ومساحة هدم قواعد خصومه، التي استعمل فيها العقل: لوجدنا أن حجم النص أقل بكثير من حجم العقل لديه!
ولذا اعتبر بعض المعاصرين: أن ابن حزم أضاف إلى الظاهرية إضافة مهمة، وهي إخراجها بثوب منطقي!
المقصود: أن جُل كتابات ابن حزم هي في هدم قواعد خصومه، ولذا كان من العبارات الشائعة التي يكثر ترديدها، أن خصومه، لا النص اتبعوا، ولا القياس أخذوا.
ومن هنا: فإن أبرز صفة في ابن حزم كانت في الردود المباشرة على خصومه لاسيما الفقهاء، وأنهم يتلاعبون بالأدلة، ويتحكمون بمواضع الاستدلال، وأنهم لا يلتزمون قاعدة صحيحة منضبطة مطردة.
وقد برهن على ذلك: لا أقول بعشرات الأمثلة، ولا بالمئات، بل بالآلاف!
سواء كان ذلك:
في كتابه الفرعي: «المحلى»، فإنه فيه هدم أصولهم من الأسفل!
أو كان في كتابه الأصولي: «الإحكام» فإنه هدم فيه فروعهم من الأعلى!
وبهذا يظهر: أن هذين الكتابين وإن كانا متعاكسين من حيث الصورة فإنهما متحدان من حيث المضمون، فهما يقصدان تأكيد حقيقة واحدة، وهي تناقض الفقهاء القياسيين في أصولهم وفروعهم.
ولا أجد ضرورة لذكر كتابه «الفصل»: مع أن فيه ما ذكر في الكتابين السابقين حرفا بحرف، وذلك لأن الردود والطعون مشهورة ورائجة بين المتكلمين.
لكن الجديد لدى ابن حزم: أنه واجه الفقهاء بحقائق مرة وصريحة ومباشرة، بطريقة لم تكن معهودة قبل ابن حزم، فالذائع لدى الفقهاء، ردود أصحاب المذاهب بعضهم على بعض، وغالبا، ما يكون على طريقة الانتصار للمذهب، والرد على الخصوم.
لكن ليس إلى درجة أن يصل الأمر: الادعاء على المتفقهة لاسيما المتأخرين منهم: بالتناقض! فهم ينصرون أقوال أئمتهم في أي موضع! ولو كان على حساب إفساد ألف موضع!
وقد اتسع نطاق دعوى ابن حزم أصوليا: دلالة الألفاظ والمفاهيم، إلى الأقيسة والاستحسان وسد الذرائع، إلى الإجماع وعمل المدينة، وقول الجمهور، وحجية قول الصحابي، وقبل ذلك: اعتبار الحديث الصحيح، وشروطه، والمرسل، والحديث الضعيف، والاحتجاج به.
فهو يعتبرهم متناقضين في كل هذه الأدلة! يخبطون خبط عشواء!
واتسع نطاق دعواه فقهيا: مسألة مسالة من أول كتاب الطهارة إلى آخر كتاب في الفقه، وهو يناقش الأقوال وأدلتها، ويضع النظائر لفساد ما استدلوا به في مواضع أخرى، تتحقق فيها الشروط نفسها!
وفوق ذلك كله: فهو يرى أن ذكر هذه الأدلة لدى المتأخرين من المتفقهة، إنما هو أمر ثانوي عارض، وإنما الغرض نصر أقوال أئمتهم بأي وجه، وإبطال قول خصومهم، حقا كان أو باطلا!
فهم مقلدة يستعملون البراهين اعتباطا لتقودهم قسرا إلى منازل أئمتهم!
إضافة إلى ذلك: فإنه قصد في الغالب الأعم فترة زمنية شاع فيها التقليد، وقلَّ فيها المجتهدون، فتحول الفقه من نظر وبحث إلى إرث يحفظ!
فكان ابن حزم: حالة إنكار لعلمٍ كان روحا، فصار جثة!
ومن المهم هنا: الإشارة إلى أن تميز نقد ابن حزم كان لخبرته بمذاهب الخصوم، فهو ينقض المذهب أصوليا وفقهيا وحديثيا، ينقده طولا وعرضا، شديد الاستحضار لخطوط الطول والعرض عند خصومه، فيثير جراحهم عند كل تقاطع!
بينما كثير من المعاصرين: يحملون روح ابن حزم الثورية على الفقه القديم! لكن كأنهم ينفخون في الرماد؛ لأن كثيرا من هؤلاء يفتقد للمادة العلمية التي تسمح له بدعواه، فأنت ترى حتى المتفقهة المعاصرون لا ينشطون للرد عليه! لأنه بنظرهم! لا يستحق تضييع الزمان معه!
وأخيرا: فهذه بعض الأمثلة لحالة ابن حزم الثورية على واقع أليم للفقه بعد عز! وقد كان اختيار هذه الأمثلة من غير تكلف، وإنما مما نالته اليد، فهو ميدان ابن حزم الفسيح، الذي صال فيه وجال.
المثال الأول: تسليط الفساق على إماء المسلمين.
المثال الثاني: إلا الأعور!
المثال الثالث: خصي الرجال خوف أن يزنوا!
المثال الرابع: ألم تعرض له في الليل بولة ولا قرقرة ؟
فإلى بسط ذلك:
المثال الأول: تسليط الفساق على إماء المسلمين:
«ذَهَبَ بعضُ مَنْ وَهَلَ في قول الله تعالى: ﴿يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ﴾([1]) إلى أنه إنما أمر الله تعالى بذلك لأنّ الفُسَّاقَ كانوا يتعرَّضون للنساء ؛ لِلْفِسْقِ ، فأَمَرَ الحرائرَ بأنْ يَلْبَسْنَ الجلابيبَ ؛ لِيَعْرِف الفُسَّاقُ أنهن حرائر ، فلا يتعرَّضوا لهنَّ.
قال علي: ونحنُ نَبْرَأُ مِنْ هذا التفسير الفاسد ، الذي هو إمَّا زلّةَ عالم ، ووهْلَةََ فاضل عاقل ، أو افتراء كاذب فاسق ؛ لأن فيه أنَّ الله تعالى أَطْلَقَ الفُسَّاقَ على أعراض إماء المسلمين ، وهذه مصيبة الأبد ، وما اختلف اثنان مِنْ أهل الإسلام في أنَّ تحريم الزنا بالحرة كتحريمه بالأمة ، وأنَّ الحَدَّ على الزاني بالحرة ، كالحَدِّ على الزاني بالأمة ، ولا فَرْقَ ، وأنَّ تَعَرُّضَ الحرة في التحريم كَتَعَرُّض الأمة ، ولا فَرْقَ»([2]).
قلت: هذا الجواب من ابن حزم يكشف شبهة دارت في رؤوس بعض المعاصرين؛ كيف يكون نزول الحجاب: سببا للتعرض للإماء؟!
المثال الثاني: إلا الأعور!
ولا أَقَلُّ حياءً ممن يجعلُ قولَ ابن عمر: «بني الإسلام على خمس» حجةً في إسقاط فرض العمرة ، وهو حُجَّة في وجوب فرضها، ولا يَجعلُ قولَه: ( ما أحدٌ مِن خلق الله إلا عليه حجة وعمرة) حُجَّةً في وجوب الحج على العبد.
فإن قيل: لعلَّهما أرادا إلا العبد.
قيل: هذا هو الكذب بعينه أنْ يريدا إلا العبد ، ثم لا يبينانه.
وأيضاً : فلعلَّهما أرادا إلا المُقْعَد! وإلا الأعمى! وإلا الأعور! وإلا بني تميم! وإلا أهل أفريقية!...ولا يَصِحُّ مع هذه الدعوى قَوْلَةٌ لأحدٍ أبداً.
ولعلَّ كلَّ ما أخذوا به مِنْ قولِ أبي حنيفة ، ومالك ، والشافعي ليس على عمومه!
ولكنَّهم أرادوا تخصيصاً لم يبيِّنوه!
وهذه طريق السوفسطائية نفسها ، ولا يجوز أنْ يُقوَّل أحدٌ ما لم يَقُلْ ، إلا ببيان وارد متيقَّن، يُنبئ بأنه أراد غير مقتضى قوله([3]).
المثال الثالث: خصي الرجال خوف أن يزنوا!
طلب ابن حزم من المحرمين ما أحل الله بدعوى سد الذرائع:
- أن يخصي الرجال خوف أنْ يزنوا!
- وأن يقتل الناس خوف أنْ يكفروا!
- وأن يقطع الأعناب خوف أنْ يعمل منها الخمر!
وبالجملة: فهذا المذهب أفسد مذهب في الأرض! لأنه يؤدي إلى إبطال الحقائق كلها!([4])
المثال الرابع: ألم تعرض له في الليل بولة ولا قرقرة ؟
قال ابن حزم:
فهذا ما راموا به نصر قول مالك رحمه الله وتغليبه ، إلى حماقات سوى هذه:
- يريدون أن يُعرِبوا بها فيُعجموا.
- ويقصدون أن يبنوا فيهدموا.
من نحو قولهم : إن مالكًا رحمه الله صلى الصبح بوضوء العتمة أربعين سنة!
والعجب ممن أراد مدحه بهذا وهو خلاف ما كان عليه رسول الله ص وأصحابه رضي الله عنهم ، وقد صح عن صلى الله عليه وسلم أنه ما قام ليلة حتى الصباح ، وأنه عليه السلام نهى عن ذلك عبد الله بن عمرو بن العاص ، وأبا الدرداء رضي الله عنهم .
وقال عليه السلام : ( قم ونم ) ، وأخبر عليه السلام أنه من رغب عن سنتي في ذلك فليس منه .
أفترى مالكًا في هذه الأربعين سنة لم يكن له إلى أهله حاجة ؟
ألم يمرض ؟
ألم تعرض له في الليل بولة ولا قرقرة ؟
ألم تغلبه سنة ؟
إن هذا لعجب ، فهذا مع أنه ذم وبدعة ، فهو أيضاً كذب وفرية ومحال في الطبيعة .
وحكوا أيضاً عن ابن القاسم صاحبه رحمه الله : أنه كان يختم القرآن في رمضان مئتي مرة!
وهذه طامة من فضائح الكذب المشبع ؛ لأن هذا إذا قُسِمَ ، وقع لكل يوم وليلة ختم القرآن فيها ست مرات وثلثي مرة زيادة ، ومثل هذا من القول فهو أميل إلى الاستخفاف بالقرآن ، والاستهزاء بكلام الله عز وجل وتلاوته غير موفاة الحروف .
هذا لو أمكن ، ثم هو بعدُ معصية لله تعالى ؛ لأنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يقرأ القرآن في أقل من ثلاث ليال ، ولم يختلف عن هذا أخد من الصحابة رضي الله عنهم في دون ذلك إلا في مرة واحدة في الليلة فقط ، ثم بعد هذا كله فهو محال وكذب ، أتراه لم ينم طول شهر رمضان لا ليلاً ولا نهاراً ؟ أما كانت عليه صلاة فرض ؟ أما كان عليه إفطار بأكل وشرب ؟ أما كان عليه شهود جمعة ؟ وإنصات للخطبة ؟ أما كان عليه وضوء وما يوجب الوضوء من بول وغيره وغسل جمعة ؟ أما كان من بني آدم فيأخذه من دندنة النهار والليل حيران وصداع ودوار وعشواء النفس وبحة الصوت ؟ أما كان يسأم ولا يفتر من قراءة القرآن ست مرات في كل بياض يوم وثلثا زيادة شهراً كاملاً متصلاً ؟ هذه صفة الملائكة التي ذكر الله عز وجل فيهم أنهم لا يسأمون ولا يفترون ، وليست هذه صفة آدمي أصلاً ، أما يستحي من له مُسكة عقل أو دين من أن يحدث بمثل هذا الحديث الذي قد جمع فيه الكذب والمعصية ؟ ونسأل الله تعالى أن لا يخذلنا بمنه . الرسالة الباهرة لابن حزم.

سبق كتابة عدة مقالات تدندن حول هذا الموضوع:
- خلاصة أصول ابن حزم.
http://feqhweb.com/vb/showthread.php?t=18127&p=126434#post126434
- مآخذ ابن حزم على الفقهاء.
https://feqhweb.com/vb/threads/.18126
- مالئ الدنيا، وشاغل الناس! رغم يبسه في "الماضي"؛ ماله سال "اليوم" وانثال؟
http://feqhweb.com/vb/showthread.php?t=17449&highlight=%C7%E1%ED%E6%E3+%E6%C7%E4%CB%C7%E1



([1]) سورة الأحزاب : 59

([2]) المحلى (3/218 ، 219).

([3]) المحلى (7/42 ،43).

([4]) الإحكام (6/755).
 
التعديل الأخير:
إنضم
26 أغسطس 2009
المشاركات
130
التخصص
التاريخ والحضارة الإسلامية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الظاهرى
رد: ابن حزم الفقيه الثائر

رائع دكتور فؤاد ....حقا إن ثورية ابن حزم الإصلاحية والنضالية كانتا السبب فى ذيوع اسمه فى كل مكان ، إن هذه الثورية هى التى دفعته لتقديم مشروعه النهضوى المتكامل سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وفكريا ودينيا ....وهو ما فصلناه فى كتابنا ابن حزم الظاهرى وأثره فى المجتمع الأندلسى الصادر عن دار الآفاق العربية بالقاهرة ...
 
إنضم
29 نوفمبر 2015
المشاركات
41
الكنية
أبو معاوية
التخصص
تقني
المدينة
العاصمة
المذهب الفقهي
مالكي
رد: ابن حزم الفقيه الثائر

رحم الله ابن حزم فوالله الّذي لا إله إلاّ هو لهو من أساطين أهل العلم
 
إنضم
12 نوفمبر 2011
المشاركات
54
الكنية
أبو هاجر
التخصص
فقه الأقليات المسلمة
المدينة
مراكش
المذهب الفقهي
سني مالكي
رد: ابن حزم الفقيه الثائر

رحم الله تعالى العلامة ابن حزم الأندلسي صاحب المقاربة النصية في استنباط الأحكام من أدلتها التفصيلية؛ فهو قلعة محصنة لا يستطيع الغور في حصونها المنيعة إلا من كان ريان على شرطه... وحسبه أن محط احتفاء وثناء من قبل الخصوم قبل الأنصار؛ فالمصنفات الفقهية والأصولية باختلاف تجلياتهما(المتكلمون/أهل الحديث) إلا لهم قبس من اختياراته وتقريراته الفريدة "أحيانا" ... وطالما أنه شُهِد له بالأهلية العلمية وبتوفره على شروط الاجتهاد،فإن اختياراته تدخل في باب الاختلاف المقبول شرعا،فهو اختلاف غنى واختلاف وحدة وائتلاف... لكن يستوقفني في بعضها(العديد من الاختيارات) مثلا: حصر الربا بمقاربته التنصيصية في الأصناف الستة المذكورة في الحديث الصحيح دون قبول تعدي علة المنع إلى غيرها على غرار ما قام به علماء المذاهب الفقهية المشهورة(يراجع بداية المجتهد)،فإن تم قبول هذا الرأي فحري بنا ألا نسمي العديد من المعاملات الربوية المعاصرة "ربا" بالمفهوم الظاهري لابن حزم!!
كذلك استوقفتني كثيرا مسألة المحرمات من النساء من الرضاعة،فحصرها مرة أخرى ابن حزم بمقاربته النصية في ما ذكر فقط القرآن الكريم في الأم المرضعة والأخت من الرضاعة!!
وحصر كذلك الرضاع في الالتقام من الثدي مباشرة،دون الأنواع الأخرى التي يمكن أن تدخل مدخل الرضاع كالسعوط والوجور ولبن الميتة واللبن المخلوط أو اللبن المشوب... وللفقهاء أبواب كبيرة يمكن الرجوع لها.فصاحبنا الأجل بمقاربته التنصيصية الصرفة دون الالتفات إلى القواعد والأصول الأخرى في استنباط الأحكام حكم على اختياراته وتقريراته أن تبقى حبيسة المصنفات يصعب انزالها إلى أرض الواقع في كثير من الأحيان وإن كانت بعضها الملاذ الوحيد لمن أراد رخصة التيسير ورفع الحرج بدعوى الرجوع إلى النص(أحيانا)...والله تعالى أعلم
والشكر موصول للأخ الفاضل الدكتور سيدي فؤاد بن يحيى الهاشمي على مجهوداته الطيبة الماتعة جزاك الله خيرا.
 
أعلى