العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

إشكاليات في طريق الإجماع الأصولي

د.محمد جمعة العيسوي

عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر
إنضم
12 يونيو 2008
المشاركات
212
الكنية
ابو عبد الله
التخصص
الفقه
المدينة
محافظة كفر الشيخ
المذهب الفقهي
الشافعي
لقد قرأت كثيرا في الإجماع عند الأصوليين المقر به والمنكر له ، وقد حاولت أن أصل إلى لب المشكلة وأصلها فالإجماع واقع والواقع لا يرتفع أجمعوا مثلا على أركان الإسلام ووجوبها على المسلمين إذا توافرت شروط الوجوب - وإن اختلفوا في بعض الشروط بعد ذلك - فهل يستطيع منكروا الإجماع أن يقولوا إن المسلمين مختلفون في شيء من هذا وماذا سيسمون هذا الاتفاق ؟!.
لكن قد يقال هذا الإجماع لم ينشئ ذلك الحكم بل هو ثابت بالكتاب والسنة فلا حاجة للإجماع وكلامنا في إجماع بلا كتاب أو سنة - مستند الإجماع - ليصبح الإجماع دليلا مستقلا وهذا ما جعل بعضهم يتكلم في الاستحالات المعروفة في هذا الموضع ولعل أصل الإشكال قول بعضهم : إن الإجماع أقوى دلالة من القرآن والسنة .فلا بد أن يكون الإجماع شيئا مباينا للقرآن والسنة مستقلا عنهما .
والحق : أن الإجماع أقوى دلالات القرآن والسنة . لأنه ينشأ من قطعي الثبوت والدلالة فيهما .
أما أن يكون الإجماع شيئا مباينا للقرآن والسنة مستقلا عنهما - ووجود إجماع دون مستند - فهو ضرب من الوهم دفع إليه الإشكال السابق - إذا لم يصبح دليلا مستقلا فليس بدليل - فكيف أن تجتمع العقول المختلفة بالطبيعة على حكم شرعي لا يستند إلى كتاب أو سنة قطعية ولو بطريق العموم ، فإنهم قد يجمعون ولا يتصور اختلافهم على تحريم استعمال مادة ما جديدة ثبت قطعا أنها تقتل الإنسان إذا استعملها مع أنه لم يأتي دليل (خاص) بتحريمها .
أم سيقول منكرو الإجماع هنا يجوز استعمالها !! حتى يثبتوا أنه لا إجماع على هذا الحكم .
ولكنهم سيقولون أيضا ثبتت بعموم النصوص وليست بالإجماع فلا فائدة منه .
والجواب أنني أقول أنه ثبتت بالنصوص مثلك ولكن للإجماع فائدة التأكيد على قطعية الحكم والكشف قطعية دليله ثبوتا ودلالة .
وهذا يجرنا إشكالية جديد في قضية الإجماع كانت سببا في سوء الفهم وسببا للخلاف في جزئيات أخرى من ذلك :
وخلاصة هذه الإشكالية : هل الإجماع دليل منشئ مثبت للحكم أم مؤكد كاشف ؟
والذي أعتقده بعد البحث والتأمل أن الإجماع مؤكد لدلالة الدليل على الحكم وليس منشئا للحكم وأنه كاشف عن قطعية الدلالة لا موجد لها بل طبيعة الدليل ثبوتا ودلالة هي المنشئة للقطعية ؛ لأن الحكم وجد قبل وجود الإجماع بالقوة والفعل قبل الإحاطة والاستقرأ وعدم العلم بالمخالف لأقوال العلماء فقد وقفنا على الحكم أولا ثم أخذنا نبحث عمن وافق أو خالف فكيف يقال أن هذا الحكم وقفنا عليه قبل علمنا بالموافقه أو المخالفة ثبت بما علمناه بعدُ من الموافقة عليه .
وطبيعة الدليل ثبوتيا ودلاليا هي من أثرت في العقول المختلفة وأسرتها فلم تختلف في ثبوته ودلالته فخرج الحكم واحدا عند الجميع .
فالإجماع لم ينشئ القطعية إنما أوجدت القطعية الإجماع بقوتها .
فمثلا : الإجماع منعقد لا ينكره أحد على أن الصلاة مفروضة على المسلمين وركن من أركان الدين .
وذلك قد ثبت بالدليل من القرآن والسنة القطعي الثبوت والدلالة قبل الاستقرأ .
فالأدلة المنشأة للحكم هي القرآن والسنة فقط حقيقة حتى القياس هو تعدية وإثبات للحكم الثابت بالكتاب والسنة في غير محل النص للعلة المشتركة عند المثبت ومظهر ذلك أنهم اشترطوا في الأصل أن يكون ثابتا بالكتاب أو السنة أو هما معا.
وتصور مسألة الإجماع معي مشكلة جديدة لم تبحث في عصر الصحابة مثلا : مشكلة أو مسألة - يبحث فيها كل مجتهد على حده في الأدلة التي بين يديه حتى يصل إلى الحكم الشرعي فيها قطعا ليس من الأدلة التي يبحث فيها عن الجواب الإجماع على هذه المسألة عند أول بحث فيها - يصل المجتهد للحكم ويصل الثاني والثالث ...الخ يبحث مجتهد في العصر التالي- عند من يشترط إنقراض العصر - أو بعد الحكم فيها ولو من أهل العصر - عند من لم يشترط- يجد أن هؤلاء متفقون على الحكم فينشأ الإجماع على حكم المسألة .
فالإجماع تأخر وجوده بعد وجود الحكم إلى حصول التتبع والاستقرأ والاحاطة بالاتفاق فلا يقال إن الحكم السابق ثبت بما تأخر وجوده عنه وتوقف عليه بل غاية الأمر أنه تأكدت قطعيته . وهذا مايستفيده الباحث .
وبه يفهم قول الفقهاء : الأصل فيه قبل الإجماع ، أي: دليل الحكم قبل حصول الإجماع عليه
إشكال آخر هل يحصل إجماع على ظني ؟!
وجوابه :هل يكون الظني ظنيا إذا اتفق عليه إن الظني طبيعته خلافية نكتشف وجوده بالتباين حوله ثبوتا ودلالة وإلا فمن أين جاءته الظنية


ففائدة الإجماع : تحصين الحكم من النقض والبحث في أدلته ودلالتها ووجوب العمل به ، واعتقد صحته حتى يكفر منكره .
وكل هذا لا يثبت بكل دليل جاء في القرآن والسنة .
ولهذا ضيق بعضهم القول بالإجماع إلا فما يعلم قطعيا- علم العامة - أنه لا خلاف فيه حتى لا تتسع دائرة التحصين والحجب للعقل الفقهي .

.

 
التعديل الأخير:

لبنى السموني

:: متابع ::
إنضم
24 أكتوبر 2013
المشاركات
24
الكنية
ام عمر
التخصص
دراسات اسلامية
المدينة
مكناس
المذهب الفقهي
المالكي
رد: إشكاليات في طريق الإجماع الأصولي

هل هذا دليل للحكم على الاجماع بتضعيف الاستدلال به ؟؟؟
 
إنضم
23 يوليو 2012
المشاركات
156
التخصص
?
المدينة
؟
المذهب الفقهي
سلفي
رد: إشكاليات في طريق الإجماع الأصولي

ففائدة الإجماع : تحصين الحكم من النقض والبحث في أدلته ودلالتها ووجوب العمل به
نفهم من ذلك أن الإجماع لا ينقض أبداً ولا يجب البحث في أدلته ؟
 
إنضم
23 يوليو 2012
المشاركات
156
التخصص
?
المدينة
؟
المذهب الفقهي
سلفي
رد: إشكاليات في طريق الإجماع الأصولي

واعتقد صحته حتى يكفر منكره
هل يكفر منكر ما اعتقد صحته بالإجماع ؟؟؟
إذا كانت الإجابة نعم ، فهلا تكرمت بمثال على ذلك .
 

د.محمد جمعة العيسوي

عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر
إنضم
12 يونيو 2008
المشاركات
212
الكنية
ابو عبد الله
التخصص
الفقه
المدينة
محافظة كفر الشيخ
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: إشكاليات في طريق الإجماع الأصولي

الإجماع إذا بني على ثابت شرعي كالإجماع النصوصي فقط - أعني ما لا يدخل فيه متغير معرفي في تكونيه - لا يقبل النقض ولا التغير كالإجماع على وجوب الصلاة والزكاة الحج وتحريم القتل والزنا والسرقة ...إلخ .
فلا يقبل أن يقول قائل :" لي رأي في أن الصلاة ليست بواجبه بل هي مستحبة وأني أحمل الأمر بها على الاستحباب " .
ومن ثم يكفر منكر شيء مما سبق ذكره .
أما الإجماع الذي يدخل في خلفيته المعرفية متغير معرفي فيمكن أن يتغير بتغير المدخل المعرفي المتغير وفي نفس الاتجاه .
مثاله : إذا قال الأطباء أن الشيء الفلاني يسبب السرطان فإننا سنجمع على تحريم استعماله بلا شك فإذا تبين بعد ذلك أن قول الأطباء لم يكن دقيقا فإن الفقهاء سيقولون بغير ما قالوا وفقا لما يقوله أهل الاختصاص ( الأطباء ) .
 

أحمد عرفة أحمد

:: متفاعل ::
إنضم
22 يوليو 2008
المشاركات
460
الإقامة
مصر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
فقه مقارن
الدولة
مصر
المدينة
الشرقية
المذهب الفقهي
شافعى
رد: إشكاليات في طريق الإجماع الأصولي

جزاكم الله خيرا استاذنا الدكتور وبارك الله فيكم ونفع بكم اللهم آمين
 
إنضم
21 مارس 2012
المشاركات
168
الجنس
ذكر
الكنية
أبو سعد المراكشي
التخصص
فقه النوازل المعاصرة
الدولة
المغرب
المدينة
مراكش
المذهب الفقهي
مالكي
رد: إشكاليات في طريق الإجماع الأصولي

شكر الله لكم أستاذنا الكريم.
متى كانت القطعيات والمعلومات من الدين ضرورة مفتقرة إلى الإجماع؟ إنما يصار إلى الإجماع فيما كان سبيله الظن -منصوصا أو غير منصوص عليه- وإلَّا فما فائدة الإجماع؟
 
أعلى