العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

حصري أهلُ الألفاظ وأهلُ المعاني: دراسة في تاريخ الفِقْه (بحث محكم).

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
أهلُ الألفاظ وأهلُ المعاني: دراسة في تاريخ الفِقْه
د. أيمن صالح
مجلة الأحمدية، دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، الإمارات العربية
العدد 28، ذو الحجة 1434ه/أكتوبر 2013م.
من صفحة 101 إلى صفحة 196.


مقدِّمة البحث

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد:
فمن الثابت الذي لا يَحُوجُ إلى برهان، والجَليِّ الذي لا يعوزه بيان، أنَّ النَّص، بشقَّيه: الكتاب والسُّنَّة، كان الْمِحْوَرَ الذي دار حولَه، والأُسَّ الذي رُكِّبَ عليه، والأرضَ الخِصْبَ التي نما فيها وعليها وحولها، مُعْظمُ النَتَاج العِلْمي للمُسلمين على مرِّ العُصور.
وإذا تفاوتَتِ العلومُ الإسلامية في درجة انبنائها على النَّص، وخدمتِها إِيَّاه، وقُربِها منه، وتعامُلِها معه، فإنَّ علم الفقه، الذي اضْطَّلع أربابُه بمهمَّة استنباط الأحكام العَمَليَّة التشريعِيَّة، كان من أكثر العلوم الإسلامية اختِصاصاً بالنَّص، وقُربا منه، وتفاعُلاً معه، فهما واستنباطا وتطبيقا.
وبسبب التَّفَاوُتِ الثبوتي للنّص، يقينا وظنا، وصِحَّةً وحُسْنا، والتَّفاوتِ الدَّلالي لألفاظه وُضوحاً وخفاءً، وتفاوُتِ النَّاظِرين فيه في القرائح: قُوَّةً وضَعْفاً، وفي الطَّبائع: إقداماً في مَظانِّ الزَّلل وإحجاما، وتَشَوُّفاً إلى ما بَطَن واقتِناعاً بما ظَهَر، كان من غير الْمُسْتَهجَن أن تتعدَّد طُرُقُ أهل الفقه في فهم النَّص وتفسيره واقتِباس الأحكام منه.
ولا يصعُب على الدَّارس في هذا المجال أن يُبصِرَ منهجين مُتَمايِزَين في طُرُق الفهم والتفسير:
أَحدُهما: يميل أصحابُه إلى التَّمَسُّك بظاهر ألفاظ النص من غير اسْترسال للفكر والعقل والرأي في دلالته، ولا فيما يتوخَّاه وراءَ ظواهر هذه الألفاظ من مقصدٍ بيانيٍّ أو تشريعي، أي أنَّهم يحتَكِمون، في غالب أحوالهم، إلى المقتضى اللغويِّ الصِّرْف لألفاظ النَّص الذي يَتَحَدَّد بمعانيها الجُمْهوريَّة القريبة المتبادَرَة منها في عُرف التَّخَاطُب.
والمنهجُ الآخر: يلتفتُ أصحابُه إلى ما اشتَمل عليه اللَّفظ من معنىً وحكمة، ورُبَّما أدَّاهم ذلك، في كثير من الأحيان، إلى تعميمِ حكم النص، وإن كان اللَّفظ الْمُفيدُ له خاصَّا بالمِقياس اللغوي، أو إلى تخصيصِهِ، وإن كان اللَّفظ عامَّا، أو صَرْفِ مدلول اللَّفظ من الحقيقة إلى المجاز من غير قرينةٍ سِياقيَّة أو حالِيَّة تدعم ذلك إلا ما لاحَ لهم من معنىً مُستنبطٍ وحكمةٍ يرونها مقصودة.
ومِنْ أنصار المنهج الأول مَن يَشْتَدُّ استِمْساكُه بِظَواهر الألفاظ حتى إنَّه لا يلتفت إلى المعنى مُطلقا، ولو كان لائِحا يكاد يجاري الظَّاهِرَ في قُربهِ وانْفِهامِه. وفي المقابل فإِنَّ مِنْ أنصار المنهج الثاني مَنْ يُغْرِقُ في التِماسِ المعنى والاعتِداد به، ويُؤوِّلُ به النَّصَّ حتى لو كان هذا المعنى بعيداً مُتَوهَّماً، أو كانتِ البِنْيَةُ اللُّغَويَّة، أو السِّياقِيَّة، للنَّص تنْبُو عن قَبُوله إلا بتكلُّفٍ واستِكْراه.
وبينَ هذين الطَّرفين المتباعِدين مَراتبُ كثيرةٌ متفاوِتةٌ قُرباً وبُعداً من هذا الطَّرف وذاك.
وتهدف هذه الدراسة إلى عرضٍ سريعٍ لتاريخ الفقه الإسلامي في ضوء منهَجَي اللفظ والمعنى هذين. وليس من غرض الباحث هنا المفاضلةُ بين المنهجين، أو إعلاءُ أحدهما ونقد الآخر، لا في الجملة ولا في آحاد المسائل، بل يعتقد الباحث أنَّ كلا المنهجين ـ باستثناء ما تطرَّف منهما ـ فِطريٌ، شرعيٌّ في الجملة، وأنَّهما مظهران للتَّنَوُّع الخَلْقي الذي بثَّه الله، تعالى، في طِباع الناس، وإمكاناتهم، ومُيولهم، وأنماط تفكيرهم.

الدِّراسات السابقة:

كثيرةٌ هي الكتب التي تحدَّثت عن تاريخ الفقه ومدارسه، ولكنَّها في مجملها لم تركِّز البحث على ثنائية انقسام أهل العلم إلى أهل لفظٍ وأهل معنىً، على مدار هذا التاريخ. نعمْ، أشارَ كثيرٌ من الباحثين إلى ثنائيَّة "اللفظ والمعنى" حين تناولوا مدرستي أهل الرأي وأهل الحديث، واصِفين: أهل الرأي من أهل العراق بأنَّهم أهلُ معانٍ وتقصيد وتعليل، وأهل الحديث من أهل الحجاز بأنهم أهلُ ألفاظٍ وظواهرَ واتِّباع. وقد أشارَ قِلَّةٌ من الباحثين ـ كما ستراه من خلال البحث ـ إلى خطأ هذه النَّظْرة الشائعة في التقسيم والتوصيف، ولكن دون برهنةٍ جَليَّةٍ على ذلك. وهذا ما حاولت هذه الدراسة القيامَ بجانب منه.

أهميَّة الدِّراسة:

تُؤَدِّي هذه الدراسة إلى تفهُّمٍ أعمقَ للاختلافات الفقهية الناشبة بين أهل العلم قديماً وحديثاً، بالوصول إلى الأسباب العَمِيقة لهذه الاختِلافات، والتي تعود في جانِبٍ ليس بالهيِّن منها إلى الخصائص والسِّمات النَّفسية في أشخاص العلماء وانقِسامهم الفِطري إلى: نزَّاعين إلى اللفظ والظاهر، ونزَّاعين إلى المعنى والقصد. ومن شأن هذا الفهم أن يعود على صاحبه، سواءٌ أكان فقيها أو مُحَدِّثا، أستاذا أو طالبا، ظاهريا أو مقاصديا، بفائدتين: الأُولى: فهمٌ أدقّ لمناهج الاستنباط والتنزيل ومآخذها. والأخرى: تسامُحٌ أكبر مع الخلاف الفقهي، وتقبُّل أَرْحبُ للرأي المخالف.

منهج الدِّراسة:

1. وصفيٌّ تحليلي ومِن ثَمَّ استنتاجي، مع الإكثار من الشَّوَاهد النَّصِّيّة التي تخدم فكرة البحث.
2. فيما يتعلَّق بتوثيق الروايات: اكتفيتُ، في الغالب، بالعزو إلى الشيخين أو أحدِهما فيما روياه أو رواه أحدهما، وإلا عزوت إلى غيرهما من غير استقصاء. وما وجدتُّ لأهل الحديث، قدماء ومعاصرين، فيه حكما بالصِّحَّة أو الضَّعف على الرواية ذكرتُه، وإلا اجتهدت في الحكم على الرواية بحسب ظاهر الإسناد من الاتصال وعدالة الرواة إلا أن يكون الإسناد من مشاهير الأسانيد الصحيحة، كمالك عن نافع عن ابن عمر، فأحكم عليه بالصِّحة بلا تردد.

هيكل الدِّراسة:

تتكوَّن الدراسة، بعد هذه المقدِّمة، من ثلاثةِ مباحث وخاتمة:
المبحث الأول: التعريف باللفظ والمعنى وعلاقة القصد بالمعنى.
المطلب الأول: المقصود بثُنَائية "اللفظ والمعنى" في الفقه وأصوله.
المطلب الثاني: القصد وعلاقته بالمعنى.
المبحث الثاني: مدرسة اللفظ ومدرسة المعنى سُنَّة إلهية في الخلق.
المبحث الثالث: مدرسة اللفظ ومدرسة المعنى في تاريخ الفقه.
المطلب الأول: أهل الألفاظ وأهل المعاني في العهد النبوي.
المطلب الثاني: أهل الألفاظ وأهل المعاني في عهد الصحابة.
المطلب الثالث: أهل الألفاظ وأهل المعاني في عهد التابعين.
المطلب الرابع: أهل الرأي وأهل الحديث وأهل الألفاظ وأهل المعاني.
المطلب الخامس: أهل الألفاظ وأهل المعاني في عهد أئمة الاجتهاد.
المطلب السادس: أهل الألفاظ وأهل المعاني في العصر الحديث.
وخاتمة.
 
التعديل الأخير:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: أهلُ الألفاظ وأهلُ المعاني: دراسة في تاريخ الفِقْه (بحث محكم).

بارك الله فيك يا دكتور أيمن على هذا البحث القيم
والذي يجب أن يقرأ بتأنٍ وعدة مرات لغزارة أفكاره وعمقها

وللفائدة هذا رابط مباشر للبحث محملاً على مركز الشبكة
https://feqhup.com/uploads/13975819111.pdf

 
التعديل الأخير:
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: أهلُ الألفاظ وأهلُ المعاني: دراسة في تاريخ الفِقْه (بحث محكم).

السلام عليكم ورحمة الله
جزاك الله خيراً على هذا البحث الممتع حقاً
وقد كنتُ أردتُ نقاشكم حول ما جاء فيه ، ولكنه يطول لطول الدراسة النسبي ، ولكن نُتَف
مما يعتري هذه القسمة أن كثير من اختلاف الفقهاء غير مبني على مسألة الظاهر والمعنى ، ومع ذلك يُزَجُّ به في هذا الباب نصرةً لإمام المذهب ، فمثلاً قد تغيب عن إمام المذهب جملة من الأحاديث المتعلقة بالأحكام لأي سبب كان كتقدم الزمان أو عدم الرحلة ، فيحكم فيها اعتماداً على القياس والرأي ؛ لأنه فرضه حينئذٍ ، فيطلع أصحابه على هذه النصوص ، فبدلاً من اتباعها يلجؤون إلى تبرير مخالفة إمامهم لها بأنه اتبع معاني لم تظهر لمن اتبع النصوص ، ثم يتهمون متبعها بأنهم ظاهرية استنقاصاً. (مع مخالفتنا في كون هذا الوصف يطلق دوماً بقصد الاستنقاص)
ولعل هذا مشمول بكلامكم على المغالين في النظر في المعاني.

نخالفكم في بعض الألفاظ ودلالتها ككون (المعنى) أعم من أن يكون مقصوداً للمتكلم من اللفظ أو لازماً له غير مقصود. وفي الإستدلال عليه "بالمعنى الإشاري" .
فإن الأول غير متصور في كلام الشارع مع إطلاق العلم ونفي الغفلة كما قالوه في عموم اللفظ للصور النادرة وغير المقصودة.
وهو وإن كان متصوراً في كلام المكلفين حتى انقسم الفقهاء بالنسبة إليهم من معمل للفظ من غير نظر إلى المعنى ومن ناظر إلى المعنى إلى جانب اللفظ ، فلا يدخل في القسمة المذكورة للفقهاء ، لأن المعاني المعتبرة عندهم هي مقاصد الشارع خاصة.
أما الثاني : وهو الاستدلال بـ"المعنى الإشاري" فيكفي تسميته "معنى" للتنبيه على وجه الاعتراض ، وقد اختلفوا فقيل أن المفهوم من دلالات اللفظ وقيل بل قياسية ، وكيفما قدرته فلا يخرج عن كونه من دلالاته أو لوازمه.
ولم أفهم وجه استدلال بكلام الغزالي رحمه الله ، وأما الكفوي فقد صرح بالخلاف ، والتبعية إحدى صور اللزوم.
(ملاحظة : ينبغي التنبه إلى أن بعض كلمات الأصوليين مبنية على مذاهبهم العقدية في الكلام)

هذا فيما يتعلق بالمبحث الأول.

والله أعلم
 

عارف محمد المرادي

:: مطـًـلع ::
إنضم
27 مارس 2012
المشاركات
116
التخصص
أصول الفقه
المدينة
صنعاء
المذهب الفقهي
شافعي
رد: أهلُ الألفاظ وأهلُ المعاني: دراسة في تاريخ الفِقْه (بحث محكم).

دراسة قيمة بارك الله في الدكتور أيمن ووفقه لكل خير
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: أهلُ الألفاظ وأهلُ المعاني: دراسة في تاريخ الفِقْه (بحث محكم).

مما يعتري هذه القسمة أن كثير من اختلاف الفقهاء غير مبني على مسألة الظاهر والمعنى ، ومع ذلك يُزَجُّ به في هذا الباب نصرةً لإمام المذهب ، فمثلاً قد تغيب عن إمام المذهب جملة من الأحاديث المتعلقة بالأحكام لأي سبب كان كتقدم الزمان أو عدم الرحلة ، فيحكم فيها اعتماداً على القياس والرأي ؛ لأنه فرضه حينئذٍ ، فيطلع أصحابه على هذه النصوص ، فبدلاً من اتباعها يلجؤون إلى تبرير مخالفة إمامهم لها بأنه اتبع معاني لم تظهر لمن اتبع النصوص ، ثم يتهمون متبعها بأنهم ظاهرية استنقاصاً. (مع مخالفتنا في كون هذا الوصف يطلق دوماً بقصد الاستنقاص)
ولعل هذا مشمول بكلامكم على المغالين في النظر في المعاني.
أحسنتم. التخريج الفقهي دائما تعتريه مثل هذه المشاكل، ولذلك فأنا ضد التخريج على أقوال الأئمة جملة وتفصيلا، ولا ننسب إليهم إلا ما صرحوا بقوله.


نخالفكم في بعض الألفاظ ودلالتها ككون (المعنى) أعم من أن يكون مقصوداً للمتكلم من اللفظ أو لازماً له غير مقصود. وفي الإستدلال عليه "بالمعنى الإشاري" .
فإن الأول غير متصور في كلام الشارع مع إطلاق العلم ونفي الغفلة كما قالوه في عموم اللفظ للصور النادرة وغير المقصودة.
وهو وإن كان متصوراً في كلام المكلفين حتى انقسم الفقهاء بالنسبة إليهم من معمل للفظ من غير نظر إلى المعنى ومن ناظر إلى المعنى إلى جانب اللفظ ، فلا يدخل في القسمة المذكورة للفقهاء ، لأن المعاني المعتبرة عندهم هي مقاصد الشارع خاصة.
أما الثاني : وهو الاستدلال بـ"المعنى الإشاري" فيكفي تسميته "معنى" للتنبيه على وجه الاعتراض ، وقد اختلفوا فقيل أن المفهوم من دلالات اللفظ وقيل بل قياسية ، وكيفما قدرته فلا يخرج عن كونه من دلالاته أو لوازمه.
ولم أفهم وجه استدلال بكلام الغزالي رحمه الله ، وأما الكفوي فقد صرح بالخلاف ، والتبعية إحدى صور اللزوم.
(ملاحظة : ينبغي التنبه إلى أن بعض كلمات الأصوليين مبنية على مذاهبهم العقدية في الكلام)
كون المعنى الإشاري "غير مقصود" أمر درج عليه الأصوليون كما أوردنا النقول عنهم، وما أثاره بعض المتأخرين، بأن هذا لا يتصور في لفظ الشارع أجاب عنه الزركشي والقرافي وغيرهم بأن خطاب الشارع نزل بحسب سنن العرب وطريقتهم في الخطاب، فالمراعى في فهمه حال المخاطب لا حال المتكلم. والدلالة الإشارية بحسب لغة العرب غير مقصودة. وعلى أية حال فالخلاف في هذه المسألة لا يظهر له ثمرة لأن الكل متفق على أن الدلالة الإشارية اللازمة حجة سواء قيل بأنها مقصودة (باعتبار حال المتكلم) أو غير مقصودة (باعتبار حال المخاطب). والأمر في هذه المسألة يختلف عنه في مسألة خروج الصورة النادرة عن العموم إذ الخلاف هناك في القصد له ثمرة عملية، فمن راعى حال المتكلم لم يخرج الصورة النادرة عن العموم، ومن راعى طبيعة اللغة وحال المخاطب أخرجها عن العموم كما هو رأي إمام الحرمين، ومثل هذا يقال في المفهوم المخالف وغيره. والله أعلم.
شكرا لكم على هذه المناقشات
 
إنضم
4 أكتوبر 2013
المشاركات
2
الكنية
أبو عبد الله
التخصص
لغة
المدينة
/
المذهب الفقهي
/
رد: أهلُ الألفاظ وأهلُ المعاني: دراسة في تاريخ الفِقْه (بحث محكم).

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولا أتشرف بأن أشارك أستاذنا الكريم، الذي عرفته أول مرّة عن طريق كتابه" القرائن والنص"؛ فأدركت من خلاله بأنّ هناك رجالا يمتلكون من القدرات التنظيرية، التي تردُ الفروعَ إلى أصولها، والجزئيات إلى كلياتها، مايجعل الطلاب- وأنا منهم- يمتحون من هذا المعين، ويسيرون على نهجٍ دقيق مرسوم بفكر ألمعي، يقلص الكثير من الجهود التي تهيم من دون أن تعرفَ إحداثيات الجزئية التي هي بصددها لأنها لا تدرك حواليتها -وهنا أهمية التنظير- فيعطيها هذا البحث موقعها من قسيماتها، لتتجه بعدَ ذلك نحو التعمق، وهذا ما استهدفهُ كتابهُ، فجزاه الله عنا خيرا.
أما بعد، مالفتّ نظري في الموضوع الذي طرحه أستاذنا، هو أنّ هذه الثنائية"لفظ/معنى" كل قطب منها له أنصارٌ توافقُ طبائعُهم واحدا منها.فمن مالَ إلى قطب أفرط فيه وازورَ عن الآخر.
وما دام الحديث عن التشابه بين البشر؛ فمن عجيب ماوقفت عليه في معالجة العلماء لهذا الأمر"الإفراط والتفريط"، ذلك التواردُ البيّن الشديد، بين الإمام ابن تيمية، والإمام الشاطبي، حين قسما الطرق الحائدة عن الجادة في التفسير، فذكرا هذين النوعين(أي اللفظ والمعنى) وبيّنا أن الصواب هو التوسط. فكان كلامهما متفقا معنى، بل ويكاد يتفق لفظا في كثير من العبارات، حتى كأني بالإمام الشاطبي قد نقلَ مقولةَ الإمام ابن تيمية، فالأول ذكرها في كتابه" مقدمة التفسير"، والثاني في كتابه "الموافقات" فسبحان الله !.
وختاماجزاكم الله عنا كلّ خير على هذا البحث النافع الماتع.
 
إنضم
21 يوليو 2011
المشاركات
9
التخصص
فقه وأصوله
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
مالكي -تقريبا^^-
رد: أهلُ الألفاظ وأهلُ المعاني: دراسة في تاريخ الفِقْه (بحث محكم).

شكر الله لكم د.أيمن، وأعجبني تحليلكم لموقف الشافعي رحمه الله وكيف تدرج به الحال، وماهي المحاور التي وافق فيها أو خالف أصحاب كل مدرسة. نوهتم إلي أن لكم بحثا خاصا بالشافعي، فهل تم نشره؟ أكرر شكري
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: أهلُ الألفاظ وأهلُ المعاني: دراسة في تاريخ الفِقْه (بحث محكم).

شكر الله لكم د.أيمن، وأعجبني تحليلكم لموقف الشافعي رحمه الله وكيف تدرج به الحال، وماهي المحاور التي وافق فيها أو خالف أصحاب كل مدرسة. نوهتم إلي أن لكم بحثا خاصا بالشافعي، فهل تم نشره؟ أكرر شكري
حياكم الله أخي محمد
وبحث الشافعي لم ينشر بعد، يسر الله العمل على ذلك.
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: أهلُ الألفاظ وأهلُ المعاني: دراسة في تاريخ الفِقْه (بحث محكم).

صدر الكتاب حديثاً عن دار التكوين

attachment.php
 

المرفقات

  • أهل الألفاظ وأه&#1.jpg
    أهل الألفاظ وأه&#1.jpg
    6.5 KB · المشاهدات: 0
أعلى