رد: زيارة القبور ايام العيد.
على حد علمي القاصر
الخلاف فى أصل المسألة مبنيٌ على الخلاف فى تعريف البدعة وتقسيمها (وهو على حد علمي القاصر خلاف ثابت بين الإمام ابن تيمية والإمام الشاطبي ومن وافقهما من جهة وبين الإمام العز ابن عبد السلام والإمام النووي ومن وافقهما من جهة أخرى والله أعلم)
فهل أيضاً تعتبرون الخلاف فى هذه المسألة خلافاً غير سائغ؟
تهذيب الأسماء واللغات للإمام النووي:
بدع: البِدعة بكسر الباء في الشرع هي إحداث ما لم يكن في عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهي منقسمة إلى: حسنة وقبيحة.
قال الشيخ الإمام المجمع على إمامته وجلالته وتمكنه في أنواع العلوم وبراعته أبو محمد عبد العزيز بن عبد السلام رحمه الله ورضي عنه في آخر كتاب “القواعد”: البدعة منقسمة إلى: واجبة، ومحرمة، ومندوبة، ومكروهة، ومباحة. قال: والطريق في ذلك أن تعرض البدعة على قواعد الشريعة، فإن دخلت في قواعد الإيجاب فهي واجبة، أو في قواعد التحريم فمحرمة، أو الندب فمندوبة، أو المكروه فمكروهة، أو المباح فمباحة
وروى البيهقي بإسناده في “مناقب الشافعي” عن الشافعي رضي الله عنه قال: المحدثات من الأمور ضربان: أحدهما: ما أحدث مما يخالف كتابًا أو سنة أو أثرًا أو إجماعًا، فهذه البدعة الضلالة، والثانية: ما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من العلماء، وهذه محدثة غير مذمومة، وقد قال عمر رضي الله عنه في قيام شهر رمضان: نعمت البدعة هذه، يعني أنها محدثة لم تكن، وإذا كانت ليس فيها رد لما مضى، هذا آخر كلام الشافعي رضي الله تعالى عنه.
http://shamela.ws/browse.php/book-9702#page-743
فتح الباري للحافظ ابن حجر العسقلاني:
قَالَ الشَّافِعِيُّ الْبِدْعَةُ بِدْعَتَانِ مَحْمُودَةٌ وَمَذْمُومَةٌ فَمَا وَافَقَ السُّنَّةَ فَهُوَ مَحْمُودٌ وَمَا خَالَفَهَا فَهُوَ مَذْمُومٌ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ بِمَعْنَاهُ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْجُنَيْدِ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَجَاءَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا مَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي مَنَاقِبِهِ قَالَ الْمُحْدَثَاتُ ضَرْبَانِ مَا أُحْدِثُ يُخَالِفُ كِتَابًا أَوْ سُنَّةً أَوْ أَثَرًا أَوْ إِجْمَاعًا فَهَذِهِ بِدْعَةُ الضَّلَالِ وَمَا أُحْدِثُ مِنَ الْخَيْرِ لَا يُخَالِفُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَهَذِهِ مُحْدَثَةٌ غَيْرُ مَذْمُومَةٍ انْتَهَى وَقَسَّمَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْبِدْعَةَ إِلَى الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ وَهُوَ وَاضِحٌ وَثَبَتَ عَن بن مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ قَدْ أَصْبَحْتُمْ عَلَى الْفِطْرَةِ وَإِنَّكُمْ سَتُحْدِثُونَ وَيُحْدَثُ لَكُمْ فَإِذَا رَأَيْتُمْ مُحْدَثَةً فَعَلَيْكُمْ بِالْهَدْيِ الْأَوَّلِ فَمِمَّا حَدَثَ تَدْوِينُ الْحَدِيثِ ثُمَّ تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ ثُمَّ تَدْوِينُ الْمَسَائِلِ الْفِقْهِيَّةِ الْمُوَلَّدَةِ عَنِ الرَّأْيِ الْمَحْضِ ثُمَّ تَدْوِينُ مَا يَتَعَلَّقُ بِأَعْمَالِ الْقُلُوبِ فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَأَنْكَرَهُ عُمَرُ وَأَبُو مُوسَى وَطَائِفَةٌ وَرَخَّصَ فِيهِ الْأَكْثَرُونَ وَأَمَّا الثَّانِي فَأَنْكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ كَالشَّعْبِيِّ وَأَمَّا الثَّالِثُ فَأَنْكَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَطَائِفَةٌ يَسِيرَةٌ وَكَذَا اشْتَدَّ إِنْكَارُ أَحْمَدَ لِلَّذِي بَعْدَهُ وَمِمَّا حَدَثَ أَيْضًا تَدْوِينُ الْقَوْلِ فِي أُصُولِ الدِّيَانَاتِ فَتَصَدَّى لَهَا الْمُثْبِتَةُ وَالنُّفَاةُ فَبَالَغَ الْأَوَّلُ حَتَّى شَبَّهَ وَبَالَغَ الثَّانِي حَتَّى عَطَّلَ وَاشْتَدَّ إِنْكَارُ السَّلَفِ لِذَلِكَ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَالشَّافِعِيِّ وَكَلَامُهُمْ فِي ذَمِّ أَهْلِ الْكَلَامِ مَشْهُورٌ وَسَبَبُهُ أَنَّهُمْ تَكَلَّمُوا فِيمَا سَكَتَ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ وَثَبَتَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ شَيْءٌ مِنَ الْأَهْوَاءِ يَعْنِي بِدَعَ الْخَوَارِجِ وَالرَّوَافِضِ وَالْقَدَرِيَّةِ وَقَدْ تَوَسَّعَ مَنْ تَأَخَّرَ عَنِ الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ الْفَاضِلَةِ فِي غَالِبِ الْأُمُورِ الَّتِي أَنْكَرَهَا أَئِمَّةُ التَّابِعِينَ وَأَتْبَاعُهُمْ وَلَمْ يَقْتَنِعُوا بِذَلِكَ حَتَّى مَزَجُوا مَسَائِلَ الدِّيَانَةِ بِكَلَامِ الْيُونَانِ وَجَعَلُوا كَلَامَ الْفَلَاسِفَةِ أَصْلًا يَرُدُّونَ إِلَيْهِ مَا خَالَفَهُ مِنَ الْآثَارِ بِالتَّأْوِيلِ وَلَوْ كَانَ مُسْتَكْرَهًا ثُمَّ لَمْ يَكْتَفُوا بِذَلِكَ حَتَّى زَعَمُوا أَنَّ الَّذِي رَتَّبُوهُ هُوَ أَشْرَفُ الْعُلُومِ وَأَوْلَاهَا بِالتَّحْصِيلِ وَأَنَّ مَنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْ مَا اصْطَلَحُوا عَلَيْهِ فَهُوَ عَامِّيٌّ جَاهِلٌ فَالسَّعِيدُ مَنْ تَمَسَّكَ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ وَاجْتَنَبَ مَا أَحْدَثَهُ الْخَلَفُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْهُ بُدٌّ فَلْيَكْتَفِ مِنْهُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَيَجْعَلَ الْأَوَّلَ الْمَقْصُودَ بِالْأَصَالَةِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنْ غُضَيْفِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ بَعَثَ إِلَيَّ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ فَقَالَ إِنَّا قَدْ جَمَعْنَا النَّاسَ عَلَى رَفْعِ الْأَيْدِي عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَعَلَى الْقَصَصِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ فَقَالَ أَمَا إِنَّهُمَا أَمْثَلُ بِدَعِكُمْ عِنْدِي وَلَسْتُ بِمُجِيبِكُمْ إِلَى شَيْءٍ مِنْهُمَا لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا أَحْدَثَ قَوْمٌ بِدْعَةً إِلَّا رُفِعَ مِنَ السُّنَّةِ مِثْلُهَا فَتَمَسُّكٌ بِسَنَةٍ خَيْرٌ مِنْ إِحْدَاثِ بِدْعَةٍ انْتَهَى وَإِذَا كَانَ هَذَا جَوَابُ هَذَا الصَّحَابِيِّ فِي أَمْرٍ لَهُ أَصْلٌ فِي السُّنَّةِ فَمَا ظَنُّكَ بِمَا لَا أَصْلَ لَهُ فِيهَا فَكَيْفَ بِمَا يَشْتَمِلُ عَلَى مَا يُخَالِفُهَا
وَقَدْ مَضَى فِي كِتَابِ الْعِلْمِ أَنَّ بن مَسْعُودٍ كَانَ يُذَكِّرُ الصَّحَابَةَ كُلَّ خَمِيسٍ لِئَلَّا يملوا وَمضى فِي كتاب الرقَاق ان بن عَبَّاسٍ قَالَ حَدِّثِ النَّاسَ كُلَّ جُمْعَةٍ فَإِنْ أَبَيْتَ فَمَرَّتَيْنِ وَنَحْوُهُ وَصِيَّةُ عَائِشَةَ لِعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَالْمُرَادُ بِالْقَصَصِ التَّذْكِيرُ وَالْمَوْعِظَةُ
وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكِنْ لَمْ يَكُنْ يَجْعَلْهُ رَاتِبًا كَخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ بَلْ بِحَسْبِ الْحَاجَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ الْعِرْبَاضِ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُحْدَثَ يُسَمَّى بِدْعَةً وَقَوْلُهُ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ قَاعِدَةٌ شَرْعِيَّةٌ كُلِّيَّةٌ بِمَنْطُوقِهَا وَمَفْهُومِهَا أَمَّا مَنْطُوقُهَا فَكَأَنْ يُقَالَ حُكْمُ كَذَا بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ فَلَا تَكُونُ مِنَ الشَّرْعِ لِأَنَّ الشَّرْعَ كُلَّهُ هُدًى فَإِنْ ثَبَتَ أَنَّ الْحَكَمَ الْمَذْكُورَ بِدْعَةٌ صَحَّتِ الْمُقَدِّمَتَانِ وَأَنْتَجَتَا الْمَطْلُوبَ
وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ مَا أُحْدِثُ وَلَا دَلِيلَ لَهُ مِنَ الشَّرْعِ بِطَرِيقٍ خَاصٍّ وَلَا عَام وَقَوله فِي آخر حَدِيث بن مَسْعُود وان مَا توعدون لآت وَمَا أَنْتُم بمعجزين أَرَادَ خَتْمَ مَوْعِظَتِهِ بِشَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ يُنَاسِبُ الْحَال وَقَالَ بن عَبْدِ السَّلَامِ فِي أَوَاخِرِ الْقَوَاعِدِ الْبِدْعَةُ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ فَالْوَاجِبَةُ كَالِاشْتِغَالِ بِالنَّحْوِ الَّذِي يُفْهَمُ بِهِ كَلَامُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِأَنَّ حِفْظَ الشَّرِيعَةِ وَاجِبٌ وَلَا يَتَأَتَّى إِلَّا بِذَلِكَ فَيَكُونُ مِنْ مُقَدَّمَةِ الْوَاجِبِ وَكَذَا شَرْحُ الْغَرِيبِ وَتَدْوِينُ أُصُولِ الْفِقْهِ وَالتَّوَصُّلُ إِلَى تَمْيِيزِ الصَّحِيحِ وَالسَّقِيمِ وَالْمُحَرَّمَةُ مَا رَتَّبَهُ مَنْ خَالَفَ السُّنَّةَ مِنَ الْقَدَرِيَّةِ وَالْمُرْجِئَةِ وَالْمُشَبِّهَةِ وَالْمَنْدُوبَةُ كُلُّ إِحْسَانٍ لَمْ يُعْهَدْ عَيْنُهُ فِي الْعَهْد النَّبَوِيّ كالاجتماع عَن التَّرَاوِيحِ وَبِنَاءِ الْمَدَارِسِ وَالرُّبَطِ وَالْكَلَامِ فِي التَّصَوُّفِ الْمَحْمُودِ وَعَقْدِ مَجَالِسِ الْمُنَاظَرَةِ إِنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ وَجْهُ اللَّهِ وَالْمُبَاحَةُ كَالْمُصَافَحَةِ عَقِبِ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ وَالتَّوَسُّعِ فِي الْمُسْتَلَذَّاتِ مِنْ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَمَلْبَسٍ وَمَسْكَنٍ وَقَدْ يَكُونُ بَعْضُ ذَلِكَ مَكْرُوهًا أَوْ خِلَافَ الْأَوْلَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ
http://shamela.ws/browse.php/book-1673#page-7533
بارك الله فيكم ونفع بكم