العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

هل يقتضي النهي فساد المنهي عنه (الاتجاهات، المآخذ)

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
هل يقتضي النهي فساد المنهي عنه
(الاتجاهات، المآخذ)



  • [*=center]الأسئلة:


  • [*=center]
    • ما أهمية المسألة؟
    • لماذا استعصت هذه المسألة على بعض المحققين؟
    • هل اقتضاء النهي فساد المنهي عنه هو اقتضاء عقلي أو لغوي أو شرعي؟
    • ما هي أقسام النهي عن الشيء، لدى الجمهور، ولدى الحنفية؟
    • ما هي اتجاهات الأصوليين والفقهاء؟ وكيف تصوغها باعتبار السعة والضيق (المضيقون، الموسوعون، المتوسطون)؟
    • هناك عدة صيغ في حكاية الخلاف، برأيك ما هو أجودها؟
    • ما الفرق الجوهري بين مذهبي الجمهور والحنفية؟
    • ما هو الفرق الجوهري بين مذهبي الجمهور والحنابلة؟
    • أين موضع الخلاف في المسألة؟
    • ما هي مآخذ الأقوال؟
    • ما أثر الخلاف الأصولي في المسألة على التفريع الفقهي؟
    • برأيك ما سبب اختلاف قول الغزالي بين كتبه الأصولية والفرعية، وهل ثمة اضطراب؟ أو أنه بنى المسألة الأصولية على رأيه، وفي الفروع على رأي أصحابه؟
    • ما هي إشكالية مسألة "طلاق الحيض" في فروعها الفقهية مع بناء هذه المسألة الأصولي؟
    • من هو المصنف الذي خص هذه المسألة بالبحث، وما رأيه؟ وما قيمة بحثه؟
    • ما هو قول ابن تيمية، وهل رأيه هو رأي الحنابلة بالتمام؟ وبم انتقد المتكلمين؟
    • الطوفي النجم، هل تظن أن رأيه في المسألة هو التحقيق؟
    • إذا كنت على عجل، فيمكنك الاطلاع على نتائج المسألة، بشرط نية العود!
    • لكن لا تنس أن تمر على صياغة الأقوال، فهي إطار المسألة، وللقرافي تدخل حسن في ترتيبها.
    • ألا تتعجب من الكاتب حين قلل من أهمية رأيه في المسألة، وأن المهم إحكام العلاقة الفقهية بما يناسبها من الجذر الأصولي، ثم لم يسأم من الإشارة إلى قول الطوفي النجم! ثم أجرى العباب من بحر الزركشي المحيط، وفوق ذلك كله، هو ما انتهى إليه المحقق المتخصص في المسألة، الذي جمع أطرافها في "تحقيق المراد في أن النهي يقتضي الفساد"، وما إلى ذلك! ولحظوظ النفس حظها!
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: هل يقتضي النهي فساد المنهي عنه (الاتجاهات، المآخذ)

§ ما أهمية المسألة؟
هذه المسألة اعتاصت على قوم من المحققين فذهبوا إلى آراء معضلة تداعي مذهب أبي حنيفة، كما يقول الزركشي في البحر المحيط[1]، وجعلها ابن اللحام في القواعد الأصولية من أمهات مسائل الخلاف، ووصفها الزنجاني في كتابه تخريج الفروع على الأصول بأنها: (أصل عظيم فيه اختلاف الفئتين)، نقلا عن التعليل المقاصدي لعبدالقادر خرز الله.
وتظهر قيمة المسألة أنها تنبني على جذور ومقدمات، وتتفرع منها جملة لا حصر لها من التفريعات، قال العلائي: مسألة إقتضاء النهي الفساد من مهمات الفوائد وأمهات القواعد لرجوع كثير من المسائل الفرعية إليها وتخريج خلاف الأئمة في مآخذهم عليها[2].
وعندما اعتبر الطوفي مسألة مبدأ اللغات من رياضات الأصول، مثل بمسألتين على الضروري من الأصول، إحداهما هذه المسألة[3]، وتبعه على ذلك الزركشي في البحر المحيط.
إضافة إلى أن المذاهب في المسألة قد اضطربت، وتشعبت الآراء، وتباينت المطالب، وكل الأئمة المجتهدين قد تناقض فيها قولهم، ولم يطردوا أصلهم الذي اختاروه فيها سوى الإمام الشافعي ومن تابعه، بحسب رأي العلائي[4].
وقد حكى العلائي في الفصل الثاني من كتابه: "تحقيق المراد في أن النهي يقتضي الفساد" كثيرا من الأقوال المشكلة في المسألة إضافة إلى أن في المنقول عن أصحابها اضطراب.



§ هل مقتضى المسألة عقلي أو شرعي أو وضعي؟

يرى ابن الحاجب أن مقتضى مسألة الصحة والفساد، عقلي، وليس شرعيا، ولا وضعيا، فالعقل يفيد ابتداء صحة الشيء إذا اكتملت أركانه وشروطه، وعدم صحته إذا اختل شيء منها، أما ما يكون به الشيء صحيحا في الشرع، فهذا مرده إلى الشرع، ولا دخل للعقل فيه[5].

ورجح هذه الطريقة: الدكتور محمد المنيعي في كتابه البطلان وأثره في العبادات، وهذا القول له وجاهته كما ترى.

فهي عقلية باعتبار أنها تنظم صورة الاقتضاء العقلي لصحة الشيء إذا تمت ماهيته وأركانه، وشرعية باعتبار المضمون، فإن الشارع هو الذي يفيد ما يصح به الشيء وما لا يصح[6].

وقد انتقد ابن تيمية طريقة كثير من المتكلمين في بناء هذه المسألة: وبين أنهم لم يكونوا من أئمة الفقه العارفين بتفصيل أدلة الشرع، وأنهم وأمثالهم لا يتكلمون في الأدلة الشرعية الواقعة، وهي الأدلة التي جعلها الله ورسوله أدلة على الأحكام الشرعية، بل يتكلمون في أمور يقدرونها في أذهانهم أنها إذا وقعت هل يستدل بها أم لا يستدل، والكلام فيذلك لا فائدة فيه، ولهذا لا يمكنهم أن ينتفعوا بما يقدرونه من أصول الفقه في الاستدلال بالأدلة المفصلة على الأحكام فإنهم لم يعرفوا نفس أدلة الشرع الواقعة بل قدروا أشياء قد لا تقع وأشياء ظنوا أنها من جنس كلام شارع، وهذا من هذا الباب، فإن الشارع لم يدل الناس قط بهذه الألفاظ التي ذكروها، ولا يوجد في كلامه شروط البيع، أو النكاح، كذا، وكذا، ولا هذه العبادة، أو العقد صحيح؛ أو ليس بصحيح، ونحو ذلك مما جعلوه دليلا على الصحة والفساد، بل هذه كلها عبارات أحدثها من أحدثها من أهل الرأي والكلام[7].

وفي كلام ابن تيمية: جانب من النظر العميق في خطأ تناول المتكلمين كثير من المسائل الفقهية وأصولها، والتي ليست من شأنهم، وإنما يتداولونها نظرا مجردا، وقد تكون أبعد مات كون عن الواقع العملي.


§ النهي عن الشيء ثلاثة أقسام:

الأول: ما يرجع إلى ذات المنهي عنه كنكاح المحارم، وبيع الحر.

ومثل له العلائي: بالكذب والظلم، وهذا هو الدارج في أمثلة الأصوليين، وسيأتي في كلام ابن تيمية ما يفيد أن ما كان كالكذب والظلم ونحو ذلك فهو خارج موضوع المسألة، وسيأتي سببه.

الثاني: ما يرجع إلى غيره كالنهي عن البيع وقت النداء وعن النجش وما أشبههما.

الثالث: ما يرجع إلى وصف المنهي عنه كصوم يوم النحر وبيع الربويات على الوجه المنهي عنه والوطء في حالة الحيض والطلاق فيه أيضا، فالصوم من حيث إنه صوم مشروع لكن من حيث إيقاعه في يوم العيد منهي عنه والبيع مشروع من حيث الجملة لكن من حيث إيقاعه انه وقع مقرونا بشرط فاسد أو بزيادة في المال الربوي ممنوع وكذلك الوطء والطلاق حالة الحيض[8].

§ وينقسم عند آخرين إلى قسمين:

القسم الأول: النهي عن الشيء لعينه.

وفيه نوعان:

النوع الأول: وضعي كالعبث والسفه.

النوع الثاني: شرعي كبيع الحر والمضامين والملاقيح والصلاة بغير طهارة لارتفاع أهلية الأداء شرعا.

القسم الثاني: النهي عن الشيء لغيره.

وفيه نوعان:

النوع الأول: مجاور: كالوطء في الحيض والبيع وقت النداء وكصوم يوم النحر والصلاة في الدار المغصوبة.

النوع الثاني: وصف لازم: كبيع الربوي متفاضلا أو بنسيئة وسائر العقود الفاسدة[9].

ولخص الزركشي: أنواع المنهي عنه بأنه أربعة: (إما تمام الماهية أو جزؤها أو لازم لها أو خارج مقارن)[10].


§ الأقوال في المسألة:

للأصوليين والفقهاء عدة طرق في صياغة مسألة :"هل النهي يقتضي فساد المنهي عنه":

1) منهم من أطلق الفساد (مذهب لأحمد وسائر الظاهرية[11]).

2) منهم من أطلق عدم الفساد (الأكثر من المتكلمين[12]، الغزالي[13]).

3) منهم من قيد الفساد بإحدى الحالات التالية:

§ إذا كان النهي عائدا إلى عينه لا إلى وصفه(الحنفية).

§ إذا كان النهي عائدا إلى عينه أو وصفه اللازم دون وصفه المجاور (المالكية، الشافعية[14]، الطوفي، العلائي[15])[16].

§ إذا كان النهي عائدا إلى عينه أو وصفه اللازم أو وصفه المجاور (الحنابلة).

§ إذا كان النهي في العبادات دون المعاملات(أبو الحسين البصري، الرازي، الآمدي[17]، حكي عن الغزالي[18]).

§ إذا كان النهي لحق الله لا لحق المخلوقين(ابن تيمية، التلمساني[19]، اللخمي[20]).

§ ويمكن تلخيصها من زاوية السعة والضيق إلى ثلاثة مراتب:

- الموسعون (الحنابلة والظاهرية): يقتضي النهي فساد المنهي عنه مطلقا أو فيغالب الصور (إما مطلقا كما هي طريقة الظاهرية، وإما إذا عاد النهي إلى عينه أو وصفه اللازم أو المجاور كما هو المشهور عند الحنابلة).

- المضيقون (الحنفية): يقتضي النهي فساد المنهي عنه إذا كان عائدا إلى عينه فقط.

- المتوسطون (الجمهور): يقتضي النهي فساد المنهي عنه إذا كان النهي عائدا إلى ذاته أو شرطه.

أما القولان: باقتضاء النهي الفساد في حق الله لا في حق الآدمي، أو في العبادات دون المعاملات، فسيأتي أنها عند التحقيق خارج الخلاف، وأن القائلين بها ترجع حقيقة أقوالهم إلى إحدى المراتب الثلاثة السابقة.

وقد لاحظ القرافي هذه المراتب الثلاثة: فوصف قول أصحابه المالكية بالتوسط في اعتبار الفرق، وقول الحنفية بالمبالغة في اعتبار الفرق، وقبالته الحنابلة بإلغاء هذا الفرق[21].

ويمكن تلخيص المسألة جملة: بأن النهي إذا كان راجعا إلى ذات المنهي عنه فإنه يقتضي الفساد لا إلأمر خارج منفك عنه، ثم اختلفوا فيما تنفك به ا لجهة، إلى إحدى الاعتبارات السابقة.

§ محل الخلاف في اقتضاء النهي فساد المنهي عنه:

أن يمكن ألا يحصل مقصود: كالنكاح والبيع؛ فهو يحل تارة ويحرم تارة فينقسم إلى صحيح وفاسد كالبيع المحرم والنكاح المحرم، والنهي في هذا الجنس يقتضي فساد المنهي عنه.
أما الأفعال التي حصل المنهي عنها مقصوده بها: فقد قرر ابن تيمية أنه يقال إنها باطلة أو غير منعقدة، كالمنهي عن الزنا، والسرقة، وشرب الخمر، فإنه إذا فعل ذلك فقد فعل مقصوده من المنهي عنه، فلا يمكن إبطاله، فمن كفر أو كذب لا يمكن أن يقال: ما كفرَ ولا كذبَ، فهذه لا يمكن أن تنقسم إلى صحيح وغير صحيح؛ بل صاحبها يستحق العقوبة بكل حال[22].
وفسر بعضهم فساد المنهي عنه في الأفعال الحسية: أن المراد انتفاء المشروعية، ولهذا لم يقل أحد بمشروعية الزنى والغصب[23].
والغالب من الأصوليين والفقهاء: إدراجها في قسم المنهي عنه لذاته، وأنه باطل، لا يرتب الشارع أي أثر عليه لا في التعبد ولا في العقود والإيقاعات.
§ يمكن إضافة "غير العبادات": حيث الفقهاء متفقون على اقتضاء المنهي فساد المنهي عنه في العبادات.
وهذا وإن حكي أنه خارج النزاع، إلا أن ذلك فيما إذا عاد النهي إلى ذاتها لا إلى أمر خارج، كالصلاة في الأرض المغصوبة، ونحو ذلك من المسائل.
§ يمكن إضافة في "غير ذات المنهي عنه": حيث الفقهاء متفقون في الجملة على أن النهي يقتضي فساد المنهي عنه إذا توجه إلى ذاته وعينه[24].
§ يمكن إضافة: "ما لم يكن النهي لحق آدمي يمكن استدراكه": فإن كان ولا مانع، كتلقي الركبان والنجش، فإنهما يصحان على الأكثرين، ومنهم الحنابلة وهم أكثر المتشددين في هذا الباب[25].
§ يمكن إضافة: "إذا كان النهي للتحريم":فإن كان النهي للكراهة فالذي يشعر به كلام الأكثرين وصرح به جماعة أنه لا خلاف فيه إذ لا مانع من الاعتداد بالشيء مع كونه مكروها[26].




مآخذ الأقوال:

§ مأخذ عدم الفساد مطلقا:

أن النهي خطاب تكليفي، والصحة والفساد إخباري وضعي، وليس بينهما رابط عقلي، وإنما تأثير فعل المنهي عنه في الإثم به لا في صحته ولا في فساده[27].

وقد انتقد الغزالي التفريق بين ما كان النهي عائدا إلى ذاته أو إلى غيره: لأنه إن أمكن أن يقال: ليس منهيا عن الطلاق لعينه في الطلاق حال الحيض، بل لوقوعه في حال الحيض، وكذا لوقوع الصلاة في الدار المغصوبة، فإنه يمكن تقدير مثل ذلك في الصلاة في حال الحيض!

ومن هنا قال: إنه لا اعتماد إلا على فوات الشرط، ويعرف الشرط بدليل دل عليه وعلى ارتباط الصحة به، ولا يعرف بمجرد النهي فإنه لا يدل عليه لا وضعا ولا شرعا، قال: وكل نهي تضمن ارتكابه الإخلال بالشرط دل على الفساد من حيث الإخلال بالشرط لا من حيث النهي[28].


§ مأخذ القول باقتضاء النهي فساد المنهي عنه:

ومأخذ هذا القول من وجوه:

الوجه الأول: السنة:

1) عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد).

قال الخطابي: في هذا بيان أن كل شيء نهى عنه صلى الله عليه وسلم من عقد نكاح وبيع وغيرهما من العقود فإنه منقوض مردود لأن قوله فهو رد يوجب ظاهره إفساده وإبطاله إلا أن يقوم الدليل على أن المراد به غير الظاهر فيترك الكلام عليه لقيام الدليل فيه[29].

وقال ابن القيم: هذا تصريح بإبطال كل عمل على خلاف أمره ورده وعدم اعتباره في حكمه المقبول ومعلوم أن المردود هو الباطل بعينه بل كونه ردا أبلغ من كونه باطلا إذ الباطل قد يقال لما لا تقع فيه أو لما منفعته قليلة جدا وقد يقال لما ينتفع به ثم يبطل نفعه وأما المردود فهو الذي لم يجعله شيئا ولم يترتب عليه مقصوده أصلا[30].

2) حديث المسيء صلاته: (صل فإنك لم تصل).

3) الأعرابي الذي واقع امرأته في رمضان :(صم يوما مكانه)، وذلك دليل على فساد الصوم بارتكاب المنهي عنه

4) عن فضالة رضي الله عنه: (أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم عام خيبر بقلادة فيها ذهب وخرز ابتاعها رجل بتسعة دنانير أو سبعة فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا حتى تميز بينهما فرده حتى ميز بينهما) رواه مسلم

5) عن علي رضي الله عنه أنه فرق بين والدة وولدها فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ورد البيع

6) عن أم سلمة رضي الله عنها أنها بعثت بصاعين من تمر عتيق واشترت بهما صاع عجوة فقدمته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فتناول منه تمرة ثم سأل عنه فأخبرته بما صنعت فألقى التمرة وقال ردوه ردوه التمر بالتمر مثلا بمثل

7) عن أبي المنهال اشتريت أنا وشريك لي شيئا يدا بيد ونسيئة فجاء البراء بن عازب فسألناه فقال فعلتهأنا وشريكي زيد بن أرقم قال فسألنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال أما ماكان يدا بيد فخذوه وما كان نسيئة فردوه

8) حديث بيع الصاعين من التمر بالصاع، وقوله صلى الله عليه وسلم: "أوه عين الربا"، وذلك بعد القبض، فأمر برده[31].

9) حديث العسيف: قوله صلى الله عليه وسلم: (المائة شاة والخادم رد عليك) أي مردود عليك والمردود هو المفسوخ الذي لا يعمل به ولا يلتفت إليه وهو نقيض المقبول والصحيح[32].

10) أن في الشرعيات منهيات باطلة، ولا مستند لها إلا أن النهي للأصل[33].


الوجه الثاني: الإجماع:
فإنه قد تواتر عن الصحابة والتابعين وسائر أئمة المسلمين في قديم الدهر وحديثه أنهم كانوا يحتجون على فساد العقود بمجرد النهي، في وقائع كثيرة يقتضي مجموعها القطع بذلك لاستعمالها على المعنى الكلي، وذلك كاحتجاجهم على فساد نكاح المشركات ونكاح المحرم وعقود الربا، ولم ينقل عن أحدمنهم إنكار ذلك
[34].

الوجه الثالث: المعنى: وذلك بطرق، منها:

- أن الشيء إنما نهي عنه لرجحان المفسدة، ومقصود الشرع رفع الفساد ومنعه لا إيقاعه والإلزام به، فإذا جعله صحيحًا بحيثُ يترتب عليه حكمه ويحصُل به مقصودُه لَزِمَ وقوعُ المفسدة، لالتزام فسادٍ قد شرع دفعه ومنعه، بل الفساد ينشأ من صحة المنهي عنه أكثر من فعله، فأما إذا أبطلَه فلم يترتَّب عليه مقصود المنهي الذي ارتكبه انتفت المفسدةُ بالكلية؛ فإن الحكم بفساد المنهي عنه إعدام لها بأبلغ الطرق[35].

- أن المخالفين أبطلوا النكاح في العدة ونكاح المحرم، والمحاقلة والمزابنة والمنابذة والملامسة، والعقد على منكوحة الأب لقوله تعالى: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف}. {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن} والصلاة في المكان النجس والثوب النجس، وحالة كشف العورة، إلى غير ذلك، ولا مستند إلا النهي[36].

§ مأخذ قول المالكية والشافعية في اقتضاء النهي فساد المنهي عنه إذا كان عائدا إلى ذاته أو وصفه اللازم:

والقول بالفرق بين ما يخل بركن أو شرط، فإنه يقتضي الفساد دون ما لا يخل بواحد منهما، ذكره ابن برهان وابن السمعاني، والطوفي[37].

قال الغزالي في الوسيط ": عندنا أن مطلق النهي عن العقد يدل على فساده فإن العقد الصحيح هو المشروع، والمنهي عنه في عينه غير مشروع فلم يكن صحيحا إلا إذا ظهر تعلق النهي بأمر عن العقد اتفق مجاوزته العقد، كالنهي عن البيع وقت النداء.

وقسم المناهي إلى ما لا يدل على الفساد، كالنجش والبيع على بيع أخيه وبيع الحاضر للبادي، وإلى ما لا يدل على الفساد إما لتطرق خلل إلى الأركان والشرائط أو لأنه لم يبق للنهي تعلق سوى العقد فحمل على الفساد، كبيع حبل الحبلة وبيع الحصاة وبيوع الغرر وأشباهها[38].

وقال العلائي: المراد من كون العقد صحيحا أن يكون مستجمعا لجميع أركانه وشرائطه ومن كونه فاسدا أن لا يكون كذلك[39].

وقال الطوفي: المختار: أن النهي عن الشيء لذاته، أو وصف لازم له مبطل، ولخارج عنه غير مبطل، وفيه لوصف غير لازم تردد، والأولى الصحة.

والفرق بينهما: أن النهي يصلح أن يكون مؤثرا في فساد المنهي عنه بالجملة، لكن إذا تعلق بالشيء لعينه، كان أمس به وأخص، فقوي على التأثير، بخلاف ما إذا نهي عنه لغيره، فإن تعلقه به ضعيف، والأصل يقتضي صحة أفعال العقلاء ; فلا يقوى هذا السبب الضعيف على رفع هذا الأصل القوي، وأيضا النهي عنه لعينه، يدل على أن ذاته منشأ المفسدة المطلوب إعدامها ; فتكون مفسدته ذاتية ; فيقوى مقتضى إعدامها، والمنهي عنه لغيره يدل على أن مفسدته عرضية، منشؤها أمر خارج عنه ; فيضعف المقتضي لإعدامها.

هذا تفصيل في المسألة أقرب إلى التحقيق من الإطلاقات الواقعة فيها، وهو أن النهي عن الفعل إما أن يكون لذاته، أو لوصف لازم له، لا ينفك عنه، أو لأمر خارجعنه لا يتعلق به أصلا، أو لوصف يتعلق به، لكنه عارض فيه، غير لازم له[40].

وللفرق بين هذه المقامات تأثير، وقد ضرب له المازري مثلا حسنا: وهو أن الرجل إذا غص بلقمة أو عطش فأمر غلامه أن يأتيه بماء حلو في كوز وأن يرفق في مجيئه، ولا يكون منه عجلة ولا لعب فله أحوال.
أحدها: أن يقعد فلا يأتيه بشيء، فالمخالفة فيه ظاهرة.
والثاني: أن يأتيه بالكوز ليس فيه ماء فهذا ارتكاب المنهي عنه لعينه؛ لأن وجود هذا الكوز كالعدم.
والثالث: أن يأتيه بالكوز وفيه ماء مالح زعاق فهو كالذي قبله في المخالفة، وارتكابه المنهي عنه اللازم له.
الرابع: أن يأتيه بكوز ماء عذب بارد ولكنه جرى في مجيئه، وخالف ما نهي عنه من ذلك فلا ريب في أن امتثال المقصود قد حصل، وإن كان قد خالف في أمر خارج عن ذلك، فهذا هو المنهي عنه لغيره، وحاصله أنه لم يتوارد فيه النفي والإثبات بالنسبة إلى معنى واحد
[41].

ومن هذا الباب: انعقاد النذر مع كونه منهيا عنه، فإن النهي لأمر خارج وهي مفسدة اعتقاد أنه يقضي حاجته أو عدم الوفاء به، لا لفعل القرب، فإن القرب يحبها الله، ولذا فإنه مع فعل المنذور، فالمصلحةراجحة[42].

§ مأخذ الحنابلة في أن النهي يقتضي الفساد سواء كان النهي عن ذات الشيء أو وصفه اللازم له أو المجاور:
أن النهي يعتمد المفاسد ومتى ورد نهي أبطلنا ذلك العقد وذلك التصرف بجملته، فإن ذلك العقد إنما اقتضى تلك الماهية بذلك الوصف أما بدونه فلم يتعرض له المتعاقدان، فيبقى على الأصل غير معقود عليه فيرد من يد قابضه بغير عقد، وكذلك الوضوء بالماء المغصوب معدوم شرعا والمعدوم شرعا كالمعدوم حسا ومن صلى بغير وضوء حسا فصلاته باطلة، فكذلك صلاة المتوضئ بالماء المغصوب باطلة وكذلك الصلاة في الثوب المغصوب والمسروق والذبح بالسكين المغصوبة والمسروقة فهي كلها معدومة شرعا فتكون معدومة حسا ومن فرى الأوداج بغير أداة حسا لم تؤكل ذبيحته فكذلك ذبيحة الذابح بسكين مغصوبة وعلى هذا المنوال[43].
§ أمثلة القرافي في الفرق بين مذهب الحنابلة والجمهور:

الصلاة في الدار المغصوبة أو في الثوب المغصوب، المسح على الخف المغصوب، التوضؤ بالمال المغصوب، كل هذه المسائل، الجمهور على صحتها خلافا للحنابلة.

يقول القرافي: نحن نلاحظ أن حقيقة المأمور قد وجد فيها بكماله من حيث المصلحة لا من حيث الإذن الشرعي فالصلاة مثلا من حيث هي صلاة حاصلة غير أن المصلي جنى على حق صاحب الدار فالنهي في المجاور والحنابلة مشوا على أصلهم في التسوية بين الأصل والوصف[44].


§ مأخذ القول بأن النهي إذا كان لحق المخلوق فإنه لا يقتضي فساد المنهي عنه:

هؤلاء اعتبروا أن النهي يقتضي فساد المنهي عنه إذا كان لحق الله كنكاح المحرمات، والمطلقة ثلاثا، وبيع الربا، واستثنوا ما إذا كان النهي لحق الإنسان وأمكن استدراكه بتدارك الخلل فيه، كتلقي الركبان، وبيع التدليس والعيب والمصراة والنجش، والخطبة على خطبة أخيه، فإنها ليست فاسدة لإثبات الشرع الخيارَ فيه، وأيضا فهي ليست لازمة، والخيار لصاحب الحق إذا أجازه، فإن النهي لما كان لحق الآدمي لم يجعله الشارع صحيحا لازما كالحلال، بل أثبت حق المظلوم وسلطه على الخيار، فإن شاء أمضى وإن شاء فسخ، فأما كونه فاسدا مردودا، وإن رضي به فهذا لا وجهله لأن النهي عنه لحق الخلق، وتزول المعصية بإسقاط المالك حقه، ولذلك قد أثبت الشارع الخيار في التلقي وبيع المصراة، بخلاف ما هو حق لله فلا يسقط بإذن أحد ولا إسقاطه[45].

قال الزركشي: هذا القول غريب جدا، ومقتضاه أن النهي في العبادات يقتضي الفساد مطلقا؛ لأن جميع مناهيها لحق الله تعالى، والتفصيل إنما هو في غيرها، ويرد عليه صور كثيرة مما قيل فيها بالفساد، والنهي فيها لحق الخلق، كالبيع المقترن بالشرط الفاسد والأجل المجهول خصوصا عند المالكية في البيع على بيع أخيه، ولا يجيء ما ذكره إلا في صور قليلة، والبيع وقت النداء، فإنه فاسد على المشهور عندهم، والنهي فيه لحق الله[46].

قلت: هذا القول هو جزء من قول الحنابلة فإنهم يقولون إن النهي يقتضي فساد المنهي عنه واستثنوا حالين: حال ما إذا كان النهي يتعلق لحق مخلوق، وما إذا كان النهي لمجاور لا يعود إلى ذات الشيء ولا إلى شرطه.

§ مأخذ الحنفية في أن النهي لا يقتضي فساد المنهي عنه إذا كان النهي في وصفه لا في أصله:

في القول بالفساد مطلقا تسوية بين الماهية المتضمنة للفساد وبين السالمة عن الفساد، وأيضا فإن في القول بالصحة مطلقا تسوية بين الماهية السالمة في ذاتها وصفاتها وبين المتضمنة للفساد في صفاتها، وكل ذلك غير جائز فإن التسوية بين مواطن الفساد وبين السالم عن الفساد خلاف القواعد فتعين حينئذ أن يقابل الأصل بالأصل والوصف بالوصف، فإذا كان أصل الماهية سالما عن النهي، فإن الأصل في تصرفات المسلمين وعقودهم الصحة حتى يرد نهي، فيثبت لأصل الماهية الأصل الذي هو الصحة ويثبت للوصف الذي هو الزيادة المتضمنة للمفسدة الوصف العارض وهو النهي فيفسد الوصف دون الأصل وهو المطلوب[47].
ومن صوره: تصحيح الحنفية العقد الفاسد بالقبض، لما في الرجوع من ضرر، ولأن العقد عاد صحيحا لزوال المفسد، فيكون البيع فاسدا ما دامت المفسدة قائمة، فإذا زالت صح البيع لسلامته من المانع[48].
قال القرافي: وهو فقه حسن[49].


§ مأخذ القول بأن النهي يقتضي فساد المنهي عنه في العبادات دون المعاملات:

ذهب بعض الأصوليين إلى أن النهي في العبادات يقتضي فساد المنهي عنه لأن العبادة قربة، وارتكاب النهي معصية، فيتناقضان، وإذا كان في المعاملات لم يقتض الفساد، لأن ذلك يضر بالناس وقطع معايشهم أو تقليلها، فصحت رعاية لمصلحتهم، وعليهم إثم ارتكاب النهي[50].

وهذا التقسيم: ليس بدقيق والله أعلم، فلا فرق في تقرير القاعدة عند تجريدها بين العبادات والمعاملات:
نعم صحيح: أن الفقهاء في الجملة لم يتخلفوا في فساد العبادة التي توجه إليها النهي، لأن الشارع حدد ما يتقرب إليه من صور، فإذا لم تكن العبادة على الصورة التي وضعها الشارع فإنها لا تكون كما أراد وأمر، ثم وقع بينهم خلاف عريض في المعاملات، فهذا يحدد موقع الخلاف، وليس بالضرورة أن يكون إجماعهم في العبادات، وخلافهم في غيرها، هو اعتبار هذا المعنى، بدليل أنهم كلهم أبطلوا جملة من التصرفات المنهي عنها خارج العبادات، فقد اتفق المسلمون على بطلان نكاح ذوات المحارم وبطلان بيع الدم والميتة ولحم الخنزير ونحو ذلك[51]،وأيضا فإن هناك مسائل في العبادات لا يقتضي فيها النهي فساد المنهي عنه عند جمهور أهل العلم كالصلاة في الأرض المغصوبة، والتوضؤ في الآنية المسروقة، ونحو ذلك.
وغاية ما في المسألة: إفادة أن واقع النهي إذا توجه إلى العبادات غير واقع النهي إذا توجه إلى غيرها، وهو أمر خارج عن ذات القاعدة عند تجريدها، وإن كان يدل على قوة العبادة إذ لا تصح إلا على الوجه المشروع، وضعف المعاملة وإمكانية تصحيحها إلى الوجه المشروع إذا تم التخلص من المفسدة.

ومن هنا ندرك دقة تعبير ابن تيمية حين قال: (النهي يقتضي فساد المنهي عنه لا سيما إذا كان من العبادات وكان النهي لمعنى في المنهي عنه)[52].


§ أثر الخلاف الأصولي على التفريع الفقهي:

خلاف الفقهاء في فروع المسألة مشهور بين الجمهور والحنفية من جهة، وبين الجمهور والحنابلة من جهة:

بين الجمهور والحنفية من جهة: أن الجمهور يعتبرون النهي يقتضي فساد المنهي عنه ما دام عائدا إلى عينه أو وصفه اللازم، بينما يذهب الحنفية إلى أنه لا يقتضي الفساد إلا إذا عاد النهي إلى عينه، وهو ركنه وما يصح به.

ومن هنا: أبطل الجمهور كثيرا من العقود المنهي عنها، بينما صححها الحنفية لسلامة الركن، وكان مأخذ الجمهور أن الشيء إذا لم اختل أحد أركانه أو شروطه فإنه بديهيا أن لا يكون صحيحا، وكان مأخذ الحنفية أن الركن إذا سلم فإنه يكون صحيحا، والنهي لا يمكن أن يتوجه إلى ما لا يتصور.

وبين الجمهور والحنابلة من جهة: أن الجمهور لا يفسدون ما نهي عنه إذ اتوجه النهي إلى أمر مجاور، وليس هو عين الشيء ولا وصفه اللازم، كالنهي عن الصلاة في الأرض المغصوبة، أو الشراء بعد نداء الجمعة الثاني، بينما الحنابلة يقولون بفساد ما سبق لأنه وإن كان مجاورا إلا أنه لا يمكن الانفكاك عنه فالمصلي لا بد أن يصلي على بقعة مغصوبة، وهو مأمور أن يخرج منها ويخليها لصاحبها، أما النهي عن البيع بعد نداء الجمعة الثاني فإنه يفسد لأنه منهي عنه لحق الله.

ومن الأمثلة المشهور على ذلك:

النهي الوارد على عقد البيع، فالخلاف بين الجمهور والحنفية من جهتين:

الجهة الأولى: أن الركن عند الحنفية الصيغة فقط وما تصح به من الأهلية (العاقد)،والمحلية (عين المبيع)، بينما هو عند الجمهور أوسع من ذلك من شروط العاقدين والصيغة والعين المبيعة.

الجهة الثانية: أن النهي عند الحنفية يبطل العقد إذا كان واردا على الركن فقط وما يصحبه، فإذا كان واردا على ما يصح به البيع من خارج ماهية الركن اقتضى الفساد لا البطلان، بينما يبطل العقد عند الجمهور إذا اختل أحد أركان البيع أو شروطه.

قال القرافي: (أركان العقد أربعة: عوضان وعاقدان فمتى وجدت الأربعة من حيث الجملة سالمة عن النهي فقد وجدت الماهية المعتبرة شرعا سالمة عن النهي، فيكون النهي إنما تعلق بأمر خارج عنها ومتى انخرم واحد من الأربعة فقد عدمت الماهية؛ لأن الماهية المركبة كما تعدم لعدم كل أجزائها تعدم لعدم بعض أجزائها ... فمتى وجدت الأركان كلها وأجزاء الماهية فالنهي في الخارج ومتى كان النهي في جزء من أجزاء الماهية أو في جميع أجزائها فالنهي في الماهية)[53].



[1]) البحر المحيط في أصول الفقه (3/ 390).
[2]) تحقيق المراد في أن النهي يقتضي الفساد (ص: 60).
[3]) شرح مختصر الروضة (1/ 474).
[4]) تحقيق المراد في أن النهي يقتضي الفساد (ص: 201).
[5]) مختصر التحرير شرح الكوكب المنير (1/ 464)، تحقيق المراد في أن النهي يقتضي الفساد (ص: 92).
9لأن الفعل إما أن يكون مسقطا للقضاء أو موافقا لأمر الشارع فيكون صحيحا بحكم العقل، واما أن لا يسقط القضاء أو لا يوافق أمر الشارع فهو باطل وفاسد بحكم العقل،" انظر: مختصر ابن الحاجب وشرح العضد عليه 2/ 7، فواتح الرحموت 1/ 55، 120،121، تيسير التحرير 2/ 238".
[6]) شرح مختصر الروضة (2/ 435، 436)، شرح الكوكب المنير (1/ 472).
[7]) الفتاوى الكبرى لابن تيمية (5/ 138-140).
8]) تحقيق المراد في أن النهي يقتضي الفساد (ص: 66).
[9]) تحقيق المراد في أن النهي يقتضي الفساد (ص: 67).
[10]) البحر المحيط في أصول الفقه (3/ 389).
[11]) تحقيق المراد في أن النهي يقتضي الفساد (ص: 79، 91).
[12]) تحقيق المراد في أن النهي يقتضي الفساد (ص: 75، 79).
[13]) البحر المحيط (3/392).
[14] قال الزركشي: هذا الذي ينبغي أن يكون مذهب الشافعي، وتصرفه في الأدلة يقتضيه. البحر المحيط في أصول الفقه (3/ 388)
[15]) قال العلائي: (هذا أرجح المذاهب وأصحها دليلا، وهو الذي ينبغي أن يكون مذهب الشافعي وجمهور أصحابه) تحقيق المراد في أن النهي يقتضي الفساد (ص: 92).
[16]) شرح مختصر الروضة (2/ 429، 432، 433، 439).
[17]) تحقيق المراد في أن النهي يقتضي الفساد (ص: 91).
[18]) في كلامه في المستصفى، وقد خالف ذلك في كتبه الفرعية. البحر المحيط (3/ 386).
[19]) الفتاوى الكبرى لابن تيمية (5/ 138-140)، مفتاح الوصول ص 421-423،شرح الكوكب المنير لابن النجار (3/96).
[20]) قال الزركشي: ذكره المازري في شرح البرهان عن شيخه، وأظنه أبا الحسن اللخمي. البحر المحيط في أصول الفقه (3/ 388)
[21]) قال القرافي واصفا قول أصحابه المالكية: (أما نحن فتوسطنا بين المذهبين فقلنا بالفساد لأجل النهي عن الوصف في مسائل دون مسائل).
وقال في الفرق بين اقتضاء النهي الفساد في نفس الماهية وبين قاعدة اقتضاء النهي الفساد في أمر خارج عنه: (هذا الفرق بالغ أبو حنيفة في اعتباره حتى أثبت عقود الربا وإفادتها الملك في أصل المال الربوي ورد الزائد فإذا باع درهما بدرهمين أوجب العقد درهما من الدرهمين ويرد الدرهم الزائد وكذلك بقية الربويات وبالغ قبالته أحمد بن حنبل في إلغاء هذا الفرق حتى أبطل الصلاة بالثوب المغصوب والوضوء بالماء المسروق والذبح بالسكين المغصوبة وسوى فيه بين موارد النهي وتوسط مالك والشافعي بين المذهبين فأوجبا الفساد في بعض الفروع دون بعض) الفروق للقرافي (الفرق السبعون بين قاعدة اقتضاء النهي الفساد في نفس الماهية وبين قاعدة اقتضاء النهي الفساد في أمر خارج عنه (2/ 82 - 84).
[22]) مجموع الفتاوى (33/ 89، 90)، جامع المسائل لابن تيمية - عزير شمس(1/ 319، 328).
[23]) البحر المحيط في أصول الفقه (3/ 383).
[24]) قال الزركشي: (الصواب: أن خلافهم إنما هو في المنهي عنه لغيره،أما المنهي عنه لعينه فلا يختلفون في فساده) البحر المحيط (3/ 386).
[25]) أصول الفقه لابن مفلح (2/ 744)، مختصر التحرير شرح الكوكب المنير(3/ 96).
[26])تحقيق المراد في أنالنهي يقتضي الفساد (ص: 63، 64).
[27]) شرح مختصر الروضة (2/ 428، 436).
[28]) وقد خالف الغزالي ذلك في كتبه الفرعية، كما سيأتي. البحر المحيط (3/386، 392).
[29]) معالم السنن (4/ 299).
[30]) حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (6/ 169).
[31]) معالم السنن (4/ 299).
[32]) تحقيق المراد في أن النهي يقتضي الفساد (ص: 111).
[33]) مختصر التحرير شرح الكوكب المنير (3/ 89).
[34]) تحقيق المراد في أن النهي يقتضي الفساد (ص: 120)، مختصر التحرير شرح الكوكب المنير (3/ 85).
[35]) مجموع الفتاوى (5/138، 33/89، 90)، الفتاوى الكبرى لابن تيمية(5/ 138-140)، جامع المسائل لابن تيمية - عزير شمس (1/319، 328)، التحبير شرح التحرير (5/ 2293).
[36]) مختصر التحرير شرح الكوكب المنير (3/ 86).

[37]) البحر المحيط (3/ 388).
[38]) البحر المحيط (3/ 386، 392).
[39])تحقيق المراد في أن النهي يقتضي الفساد (ص: 71).
[40]) شرح مختصر الروضة (2/ 429، 432، 433، 439).
[41]) البحر المحيط (3/ 391).
[42]) جامع المسائل لابن تيمية - عزير شمس (1/ 329).
[43]) الفروق للقرافي (2/ 84).
[44]) الفروق للقرافي (2/ 85).
[45]) الفتاوى الكبرى لابن تيمية (5/ 138-140)، مفتاح الوصول ص421-423، البحر المحيط (3/ 389)، مختصر التحرير شرح الكوكب المنير (3/ 96).
[46]) البحر المحيط (3/ 389).
[47]) الفروق للقرافي (2/ 83).
[48]) فتح القدير للكمال ابن الهمام (6/ 413، 414).
[49]) الفروق للقرافي (2/ 83).
[50]) شرح مختصر الروضة (2/ 428)، التحبير شرح التحرير (5/ 2287، 2288).
[51]) جامع المسائل لابن تيمية - عزير شمس (1/ 319).
[52]) شرح عمدة الفقه لابن تيمية (الصلاة ص: 404).
[53]) الفروق للقرافي (2/ 83).
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: هل يقتضي النهي فساد المنهي عنه (الاتجاهات، المآخذ)

  • نتائج البحث:
أولا: هذه المسألة من أمهات مسائل أصول الفقه، وتتفرع عنها جملة لا حصر لها من المسائل الفرعية، وقد اعتاصت على قوم من المحققين، واضطربت فيها الآراء وتشعبت.
ثانيا: مقتضى المسألة عقلي باعتبار أنها تنظم صورة الاقتضاء العقلي لصحة الشيء إذا تمت ماهيته وأركانه، وشرعية باعتبار المضمون، فإن الشارع هو الذي يفيد ما يصح به الشيء وما لا يصح[1].
ثالثا: انتقد ابن تيمية طريقة كثير من المتكلمين في بناء هذه المسألة الأصولية وأنهم لم يكونوا من أئمة الفقه العارفين بتفصيل أدلة الشرع، وأنهم وأمثالهم لا يتكلمون في الأدلة الشرعية الواقعة بل يتكلمون في أمور يقدرونها في أذهانهم ولهذا لا يمكنهم أن ينتفعوا بما يقدرونه من أصول الفقه في الاستدلال بالأدلة المفصلة على الأحكام.
وبخصوص هذه المسألة: فإن الشارع لم يدل الناس قط بهذه الألفاظ التي ذكروها، ولا يوجد في كلامه: (شروط البيع، أو النكاح، كذا، وكذا)، ولا: (هذه العبادة، أو العقد صحيح أو ليس بصحيح)، ونحو ذلك مما جعلوه دليلا على الصحة والفساد، بل هذه كلها عبارات أحدثها من أحدثها من أهل الرأي والكلام.
رابعا: ليس المراد من اقتضاء النهي فساد المنهي عنه ما ورد فيه النص بالنهي دون ما ورد فيه النص، فهذه الطريقة إنما تمشي على طريقة أهل الظاهر، وإنما المراد ما نهي عنه لفظا أو معنى.
ولذا كانت عبارة العز ابن عبد السلام: دقيقة حين صاغ المسألة على أساس "تصرف منهي عنه"، سواء ورد نص بالنهي عنه أو لم يرد ، قال الزركشي: (قال الشيخ عز الدين في قواعده: "كل تصرف منهي عنه لأمر يجاوزه أو يقارنه مع توفر شرائطه وأركانه فهو صحيح، وكل تصرف منهي عنه ولم يعلم لما نهي عنه فهو باطل حملا للفظ النهي على الحقيقة")[2].
خامسا: قول الحنابلة والظاهرية باقتضاء النهي فساد المنهي عنه في عامة الصور، حتى ما كان النهي عائدا إلى أمر مجاور وليس ركنا ولا وصفا ملازما، قول بعيد، وهو قول يليق بمذهب الظاهرية، لكن كيف يقول به من لا يقتصر على لفظ النص في استنباط صورة المنهي عنه، فإنه إذا ورد نهي عن البيع بعد نداء الجمعة الثاني، فإن الإنسان كذلك منهي عن البيع إذا وجب عليه حق يفوت في حينه، فهل يقول أحد بأن البيع لا يصح حينئذ، والصور في هذا لا يمكن حصرها، فكيف نعتبر النهي يقتضي فساد المنهي في الصورة التي ورد فيها النص فقط، ألسنا قياسيين نوسع دائرة المنهي عنه في كل ما أفاد الشرع النهي عنه ولو لم ينطق النص بصورته.
ومن هنا قال الزركشي: (أقوى ما يرد من قال بأن النهي عن الشيء لغيره يقتضي الفساد: أن من تعين عليه قضاء دين وهو متمكن من أدائه فاشتغل عنه بالتحرم بصلاة مفروضة، أو إنشاء عقد بيع أو نكاح فإن صلاته لا تصح، وكذلك بيعه ونكاحه، ولا قائل به)[3].
سادسا: استثناء الحنابلة، صورة ما كان لحق الآدمي مما يمكن تداركه كتلقي الركبان، وبيع المصراة، وبيع التدليس، والخطبة على خطبة أخيه ونحو ذلك، لورود النصوص في بعض هذه الصور بمنحه الخيار أو الفسخ: هو يتفق مع مذهب الجمهور في هذه الصور، ويزيد من قوة قول الجمهور، حيث ورد "نص" في النهي عن هذه الصور، ومع ذلك ورد "نص" أيضا أنه لا يقتضي البطلان إذا أجازه صاحب الحق، وهذا يدل أن النهي إذا كان لمعنى خارج "ماهية العقد" فإنه لا يقتضي الفساد وهو هاهنا لحق المخلوق، كفرد من هذه الصور، وليس اقتصارا عليه.
سابعا: النصوص الواردة على نحو: " لا صلاة إلا بطهور "، و " لا نكاح إلا بولي "، و " لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل ": تدل أن الشارع إنما ينفي صحة الشيء إذا لم تتوفر فيه شروطه أو أركانه لا مطلقا.
ثامنا: اعتبر ابن تيمية قوله مطردا في اقتضاء النهي فساد المنهي عنه في مسألة طلاق الحائض، فإنه لا يقع عنده، بينما هو يقع عند الفقهاء الأربعة، وهو مشكل أكثر على فقهاء المذهب الحنبلي، حيث يتوسعون في اعتبار النهي يقتضي فساد المنهي عنه ولو كان في أمر مجاور، وقد يجيب الجمهور بأن النهي هنا لأمر خارج الطلاق، وهو الزمن، لكن يمكن قول ذلك في صوم الحائض وصلاتها، فإن ذلك لا يصح وإنما كان لأجل الزمن، ويمكن ذكر الفرق بأنه يشترط لتلك العبادات الطهارة، بخلاف الطلاق فإنه منهي عنه لمعنى يتعلق باحتساب العدة، وهو خارج موضوع إيقاع الطلاق، والمسألة تحتاج بحث، ونظم للقول الفقهي ضمن إطاره الأصولي، وقد تناول جانبا من ذلك العلائي في رسالته الخاصة في المسألة[4].
تاسعا: الراجح في المسألة عندي ليس مهما عندك بقدر ما يهم أحدنا ضبط علاقة المسألة الأصولية بما نعتقده من فروعها الفقهية.
عاشرا: رسالة العلائي متميزة وجامعة وفيها تحقيق، وجمع أطراف المسألة، وقد جعلها في فصول ستة، حقق فيها قول المالكية والشافعية وكثير من المحققين الأصوليين في أن النهي يقتضي فساد المنهي عنه إذا كان النهي عائدا إلى ذات المنهي عنه أو وصفه اللازم، وهو أيضا ترجيح الطوفي، واعتبره القرافي قولا وسطا بين قول الحنفية الذين بالغوا في اعتبار الفرق حتى أخرجوا الوصف اللازم من دائرة الفساد، وبين قول الحنابلة، الذين بالغوا في عدم اعتبار الفرق حتى أدرجوا في الفساد ما كان تعلقه بعيدا لمعنى المجاورة.



[1]) شرح مختصر الروضة (2/ 435، 436)، شرح الكوكب المنير (1/ 472).

[2]) البحر المحيط (3/ 392)، ولعل الزركشي تصرف في عبارة العز، فلم أجدها بنصها موضع الشاهد في قواعد الأحكام (2/ 25).

[3]) البحر المحيط (3/ 391).

[4]) تحقيق المراد في أن النهي يقتضي الفساد (ص: 116).
 
إنضم
21 ديسمبر 2010
المشاركات
396
الإقامة
وهران- الجزائر
الجنس
ذكر
التخصص
الشريعة والقانون
الدولة
الجزائر
المدينة
سعيدة
المذهب الفقهي
مالكي
رد: هل يقتضي النهي فساد المنهي عنه (الاتجاهات، المآخذ)


فتح الله على شيخنا الفاضل الدكتور
فؤاد بن يحيى الهاشمي على هذا البحث الممتع الذي له آثار نظرية وعملية مفيدة لا تكاد تنحصر
و ينبني على فهمها فهم كثير من القضايا الفقهية بل وربما لقضايا العقدية الفرعية المختلف حولها.
هنالك تعقيب على عجالة أرجو من فضيلتكم التعليق عليه:
ويمكن تلخيصها من زاوية السعة والضيق إلى ثلاثة مراتب:
- الموسعون (الحنابلة والظاهرية): يقتضي النهي فساد المنهي عنه مطلقا أو فيغالب الصور (إما مطلقا كما هي طريقة الظاهرية، وإما إذا عاد النهي إلى عينه أو وصفه اللازم أو المجاور كما هو المشهور عند الحنابلة).
- المضيقون (الحنفية): يقتضي النهي فساد المنهي عنه إذا كان عائدا إلى عينه فقط.
- المتوسطون (الجمهور): يقتضي النهي فساد المنهي عنه إذا كان النهي عائدا إلى ذاته أو شرطه.


لا شك أن هذا مسلك حسن وإحاطة كلية بمذاهب المذاهب في هذه المسألة. هل لي فضيلة الشيخ أن نعدل عبارة المتوسطين (الجمهور) بقولنا:
يقتضي النهي فساد المنهي عنه إذا كان النهي عائدا إلى ذاتـه أو شرط انعقاده (أي أركانه دون شروط الصحة) وذلك في المعاملات دون العبادات ؟
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: هل يقتضي النهي فساد المنهي عنه (الاتجاهات، المآخذ)


فتح الله على شيخنا الفاضل الدكتور
فؤاد بن يحيى الهاشمي على هذا البحث الممتع الذي له آثار نظرية وعملية مفيدة لا تكاد تنحصر
و ينبني على فهمها فهم كثير من القضايا الفقهية بل وربما لقضايا العقدية الفرعية المختلف حولها.
هنالك تعقيب على عجالة أرجو من فضيلتكم التعليق عليه:


لا شك أن هذا مسلك حسن وإحاطة كلية بمذاهب المذاهب في هذه المسألة. هل لي فضيلة الشيخ أن نعدل عبارة المتوسطين (الجمهور) بقولنا:
يقتضي النهي فساد المنهي عنه إذا كان النهي عائدا إلى ذاتـه أو شرط انعقاده (أي أركانه دون شروط الصحة) وذلك في المعاملات دون العبادات ؟

هذا هو مذهب الحنفية! وقد اعتبراه القرافي قد بالغ في عدم اعتبار الفرق، والله أعلم.
 
إنضم
21 ديسمبر 2010
المشاركات
396
الإقامة
وهران- الجزائر
الجنس
ذكر
التخصص
الشريعة والقانون
الدولة
الجزائر
المدينة
سعيدة
المذهب الفقهي
مالكي
رد: هل يقتضي النهي فساد المنهي عنه (الاتجاهات، المآخذ)

قال الزركشي: هذا القول غريب جدا، ومقتضاه أن النهي في العبادات يقتضي الفساد مطلقا؛

ومن صوره: تصحيح الحنفية العقد الفاسد بالقبض، لما في الرجوع من ضرر، ولأن العقد عاد صحيحا لزوال المفسد، فيكون البيع فاسدا ما دامت المفسدة قائمة، فإذا زالت صح البيع لسلامته من المانع[48].
قال القرافي: وهو فقه حسن[49].

بداية، أشكر فضيلتكم على طرح هذه المسألة المهمة وعلى العمل على تفتيق أذهاننا كالعادة بأمهات المسائل.
كما ترى فضيلتكم أن الزركشي -رحمه الله- ذم من قال بأن النهي في العبادات يقتضي الفساد مطلقا، ولم يقل به من باب الأحوط، فما بالك بالمعاملات التي هي أوسع في النظر والاجتهاد ولتعلقها بحقوق الآدميين وللضرورات التي تقترن بالتصرفات والعقود تقتضي الحفاظ على استقرار العقود وعدم تعريضها للبطلان لمدة طويلة من الزمن؛ كتصرفات الصبي المميز الدائرة بين النفع والضرر، أو كالنكاح بدون ولي بناء على رأي الحنفية إذا تم الدخول بها، فلا شك أن في المثال الأول؛ أي تصرفات الصبي المميز (يتوقف) العقد على إجـازة وليه أو وصيه أو إقـراره إن كان فضوليا تصرف في ملك الغير. وفي المثال الثاني (يبطل) النكاح بدون ولي على رأي الجمهور بما فيهم المالكية وذلك قبل البناء بها، أما بعد البناء فقد قال المالكية بجواز العقد؛ للأثر الوارد في ذلك.
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال : "لا تُزوج المرأةُ المرأةَ ، ولا تزوجُ نفسها ؛ فإنّ الزانية هي التي تزوج نفسها"
[SUP]([1])[/SUP].
وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : "أيّما امرأة نُُكِحَتْ بغير إذن وليها ؛ فنكاحها باطلٌ ، فنكاحها باطلٌ ، فنكاحها باطلٌ ، فإن دخل بها؛ فالمهر لها بما أصاب منها"
[SUP]([2]) [/SUP] .
وجه الدلالة : أن الرسول ـ صل الله عليه وسلم ـ حكم ببطلان العقد أولاً ، وأكّده بالتكرار ثلاثاً ، وسماه زنا ، وأقل مقتضياته ، عدم اعتبار هذا العقد جملة ، لكنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ عقّبه بما اقتضى اعتباره بعد الوقوع ، بقوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ : "فإن دخلها بها ، فالمهر لها بما أصاب منها" ، ومن المعلوم أن مهر البغي حرام ، فلو كان زنا ، لما أثبت لها الشارع المهر ، فدل إثبات المهر لها على صحة النكاح بعد الوقوع ، وأنه ليس في حكم الزنا
[SUP]([3]) [/SUP] .
ومراعاة لقول المخالف ( مذهب الحنفية) الذي له حظ من النظر، ومراعاة لمآل مقتضى القول بالنهي من المفسدة التي تفوق المفسدة المترتبة على العدول عن النهي إلى القول بالجواز. وعند الحنفية (يفسد) العقد ويصح بزوال الوصف المفسد.


وتقسيم الجمهور للبطلان ليس ثنائيا تماما (أي 1-عقد صحيح، 2-عقد باطل أو فاسد) فحسب، وإنما يستعملون مصطلح: 3-عقد الموقوف.
وهم يضاهون التقسيم الثلاثي عند الحنفية ( 1-عقد صحيح، 2- عقد باطل(مشروع بأصله ووصفه)، 3- فاسد (مشروع بأصله دون وصفه) خصوصا في المعاملات دون العبادات.
قد يقول قائل: العقد الموقوف عند الجمهور هو عقد صحيح ، عكس العقد الفاسد عند الحنفية فهو غير صحيح، والقياس مع الفارق، فبطل المقيس.
والجواب: أن العقد الفاسدُ عند الحنفية، هو عقد صحيحٌ، منتجٌ لآثاره، لازمٌ لأطرافه، لكنه قابلٌ للإبطال لما يتهدده من خطر تقرير بطلانه. فإن تقرر بطلانه بطل، وإن زال البطلان بالإجازة اللاحقة من الولي أو من الصبي نفسه عند البلوغ أو الإقرار ونحو ذلك بقي العقد على أصله وهو الصحة، ولم يتحول من البطلان إلى الصحة؛ لأن الإجازة اللاحقة لا تغير من طبيعة العقد، وهذا ما دعا القرافي -رحمه الله- للتعقيب على مذهب الحنفية بأنه "هو فقه حسن".
وقد توصلت إلى هذه النتيجة في باب المعاملات من خلال دراستي للمسألة من قبل، خصوصا بعد تناولي لمراعاة الخلاف في الماجستير، وقد امتنعت عن طبعها تأثما؛ لما فيها من فتح باب واسع لمن ليس عنده ورع من التشهي والإحداث في الدين ما ليس منه، وازدادت النتيجة الأخيرة اتضاحا من خلال تدريسي لنظرية الالتزام في القانون المدني من وجهة نظر الفقه الإسلامي وأصوله، والله تعالى أعلم والرد إليه أسلم وأحكم ونسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقا والباطل باطلا و أن يقبضنا إليه لا لنا ولا علينا.


([1]) سنن الدارقطني مع التعليق المغني للعظيم آبادي ، كتاب النكاح : (3/227) ، الحديث رقم (25) ، عالم الكتب ، بيروت ، الطبعة الرابعة ، 1402هـ ـ 1986م ، وسنن ابن ماجة تحقيق: محمد مصطفى الأعظمي ، كتاب : النكاح ، باب : لا نكاح إلا بولي: (1/347) ، شركة الطباعة العربية ، الرياض ، 1404هـ ـ 1984م .

([2]) رواه الترمذي بزيادة "فإن تشاجروا ، فالسلطان ولي من لا ولي له" . وقال أبو عيسى : حديث حسن : (عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي ، لابن العربي ، كتاب : النكاح ، باب : ما جاء لا نكاح إلا بولي : (5/103) ، إعداد هشام سمير البخاري ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، الطبعة الأولى ، 1415هـ ـ 1995م ، وسنن الدارقطني، كتاب النكاح : (3/221) ، الحديث رقم (10) ، وانظر : صحيح سنن أبي داود ، للشيخ محمد ناصر الدين الألباني بمساعدة زهير الشاويش بلفظ مقارب ، كتاب : النكاح ، باب : في الولي : (2/393) ، نشر مكتب التربية لدول الخليج، الطبعة الأولى ، 1409هـ ـ 1989م .

([3]) انظر : الاعتصام للشاطبي : (2/148) .





 
التعديل الأخير:
أعلى