د. فؤاد بن يحيى الهاشمي
:: مشرف سابق ::
- إنضم
- 29 أكتوبر 2007
- المشاركات
- 9,059
- الكنية
- أبو فراس
- التخصص
- فقه
- المدينة
- جدة
- المذهب الفقهي
- مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
لماذا اجتهاد المتأخر أيسر؟ د/ محمد بولوز
يقول الدكتور بولوز في كتابه: "تربية ملكة الاجتهاد من خلال بداية المجتهد لابن رشد":قال ابن عبد السلام في كتابه شرح "مختصر ابن الحاجب":إن رتبة الاجتهاد مقدور على تحصيلها (...) ومواد الاجتهاد في زماننا أيسر منها في زمان المتقدمين لو أراد الله بنا الهداية)1329.وكذلك قال العلماء بعده فهذا محمد بن الحسن الحجوي الثعالبي الفاسي بعده بقرون يقول واعلم أن مواد الاجتهاد اليوم في القرن الرابع عشر أيسر مما كان في زمن الأبي وابن عرفة ومن قبلهما بسبب أهل الفضل الذين اعتنوا بالمطابع ،وطبعوا الكتب المعينة على الاجتهاد(...) فقد وجدت كتبا كانت أعز من بيض الأنوق ..)
وأقول: قد أصبحت طرق الاجتهاد أيسر بعد وفاة الحجوي رحمه الله سنة (1376هـ) ونحن في عام 1427ه حيث ظهر كثير مما كان خافيا من كتب السابقين ،وحقق كثير مما لم يكن محققا من كتب الحديث والتفسير والفقه المذهبي والفقه المقارن والأصول وغيرها ،وتطورت أكثر أدوات مساعدة مثل أجهزة النسخ والتصوير وأهم منها الخازن أو المنظم أو الحافظ العجيب "الحاسوب"الذي يسهل جمع العلوم الإسلامية من حديث وفقه وغيره وتصنيفها وتسهيل عملية استحضارها في كل حين،وظهور الأقراص المدمجة التي تحوي الآلاف من المصنفات والتطور الهائل في الشبكة العنكبوتية المعلوماتية (الإنترنت) فلو أخذنا برنامج بحث واحد فيه مثل:كوكل (google ) فإنه يبحث في ثوان معدودة في أكثر من أربعة ملايير صفحة.والتطور آخذ في ازدياد مستمر في هذا المجال.
فالعلوم التي يحتاجها المجتهد متوفرة، والمعارف الضرورية يمكن الحصول عليها في أقل زمن وبأيسر جهد ،كما أن القواعد الأصولية نوقشت بما يبعث على الاطمئنان، ومعظم المسائل تحدث فيها السابقون وأفتى فيها العلماء ولم يبق في الغالب للمجتهد إلا اختيار ما يناسب الزمان.
كما أن الضروري من العلوم الحديثة لفهم الواقع ميسر التناول، وترجيح القول بتجزؤ الاجتهاد وشيوع مبدأ التخصص يسهل الأمر أكثر. فمن عكف على فقه الأسرة أو الأحوال الشخصية وتفرغ له وأتقنه ونفذ الى أعماق مسائله وجمع ما يتعلق به رواية ودراية وفتاوى وأقوال، سهل عليه أمره من غير شك وكذلك الشأن في المعاملات المالية والجوانب الاقتصادية والجنائية وغيرها
كما يمكن بسهولة الاطلاع في أي تخصص على جزء مهم من الإنتاج البشري لغير المسلمين في المجال لأخذ ما هنالك من حكمة.
والقيام بمقارنات والوقوف على أوجه الباطل وما تفعله الأهواء بالناس حتى يتجنب ذلك ويظهر بإزائه روعة التشريع الرباني،فقد تيسر أمر الترجمة التقريبية في عدد من المواقع الاليكترونية حيث تعطيها نصا مهما بلغ حجمه في اللغة الإنجليزية مثلا فتعطيك في زمن لا يكاد يذكر ترجمته الأولية إلى اللغة العربية..
وسيزداد الأمر سهولة إذا تصدى أولياء الأمور لتقنين (نهضة العلم والفكر بتنظيم وتيسير التأهيل والاجتهاد، وتأسيس معاهد للبحث، بدلا من أن يترك كل متعلم يحاول التحصيل، لا سيما أن مدى ما ينبغي الإحاطة به من علوم التراث والعصر أصبح معجزا للفذ من العلماء وكذلك الشأن إذا نظم الاجتهاد الجماعي بضابط الشورى والسلطان المنبثق عن الأمة بالحق والاختيار.وللجامعات ما تستطيع فعله بأيسر جهد: وذلك بتوجيه الطلاب عموما وطلاب الإجازة على وجه الخصوص بإشراف الأساتذة،إلى إنجاز أعمال تفيد الباحثين وعموم الأمة:مثل المعالجة المعلوماتية للبحوث المتوفرة في مختلف الكليات،وكذا ما تيسر من مختلف أنواع الكتب القديمة والحديثة، وذلك لتيسير سبل البحث وحدوث تراكم معرفي وتجنب تكرار الجهود، فيسهل على الراغب في اختيار موضوع البحث الإطلاع على الموجود أولا وتسير الاستفادة منه بعد ذلك.كما أن الجامعات يمكنها من الآن، أن تطالب جميع الباحثين بتقديم أعمالهم في أقراص مدمجة إلى جانب ما يضعونه من نسخ مطبوعة وذلك لإغناء بنك معلوماتها وخزانتها الإلكترونية وموقعها العلمي على شبكة(الإنترنت).
فليس أمام المعاصرين الا تمزيق الران الذي خيم على العقول والقلوب من رواسب الماضي وآفات الخمول والظن بعدم إمكان الوصول الى ما وصل اليه الأولون مع عدم نسيان فضلهم والتواضع أمامهم واخلاص الدعاء لهم .
ذلك أن عمل المتقدمين -وكما يقول محمد بن إبراهيم بن علي الوزير (ت840ه) في كتابه (القواعد في الا جتهاد)- هو: (بمنزلة من استخرج العيون العظيمة واحتفروها وشقوا مساقيها وأمروها في مجاريها.والمتأخر بمنزلة من نظر في أيها أعذب مذاقا وألذ شرابا وأبرد في الصدور وأهنى وأخف في الطبع وأمرأ.
فلا يعجب من تيسر الاجتهاد وسهولته عليه، ويظن أن ذلك لفرط ذكائه وعلو همته وليعرف أنه بسبب سعي غيره، قرب منه البعيد وسهل عليه الشديد.فليكثروا لهم الدعاء).