حكم الشارع بحبوط العمل، متى يكون مستلزماً للخروج عن الملة؟!

[بشرى عمر الغوراني]

قرأت للإمام محمد بن عبد الوهاب في "نواقض الإسلام" الآتي: (الخامس: من أبغض شيئاً مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم- ولو عمل به- كفر إجماعاً، والدليل قوله تعالى:"ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم".)
فهل كل حكم من الشارع بحبوط العمل مستلزم للحكم بكفر صاحبه؟ وهل من ضابط في ذلك؟ أم مردّ ذلك إلى النصوص الشرعية؟

 

[د. بدر بن إبراهيم المهوس]

رد: حكم الشارع بحبوط العمل، متى يكون مستلزماً للخروج عن الملة؟!

بارك الله فيكم
الحبوط في النصوص نوعان :
الأول : حبوط كلي ويكون بسبب الكفر وهو يحبط جميع الأعمال .
الثاني : حبوط جزئي ويترتب عليه حبوط ذلك العمل بعينه لفعل صاحبه ما يبطله .
والحبوط حكم وأثر مترتب على فعل محظور أو ترك واجب وقد يكون اعتقادياً أو قوليا أو فعلياً وقد يكون كفراً وقد يكون دون ذلك .
للوقوف على نوع الحبوط طرق منها :
1 - أن يشتمل النص على ما يدل على كفر صاحبه إما بأن يذكر الكفر أو الشرك في الآية أو أن يكون الفعل مما علم ضرورة أنه من المكفرات .
2 - أن يعرف ذلك بالسياق والقرائن .
3 - أن يكون الحبوط المذكور في النص مقيداً بحبوط عمل بعينه أو حبوط جميع الأعمال .
وقد يشكل الأمر في بعض المواضع فيقع الخلاف في نوع الحبوط كما حدث في تفسير قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون ) فالبعض حمل ذلك على الكفر والبعض الآخر حمله على أنه كبيرة وأن المقصود أنه سبب مفضي للكفر ولذلك جاء بأن المصدرية أي خشية أن تحبط أعمالكم .
وفي الجملة الوقوف على كونه مكفراً محبطاً للعمل كلياً هو بالوقوف على حكم الفعل هل هو مكفر أو لا ؟ وهذا أمر سمعي توقيفي لا مدخل للعقل فيه فالمكفرات تؤخذ من نصوص الكتاب والسنة فحسب واسم الكفر اسم شرعي لا يطلق إلا على ما أطلقه عليه الشارع .
وللفائدة ينظر في هذه الرسالة حول تتبع مواضع في القرآن ورد فيها الحكم بحبوط العمل وبيان نوعه وحكمه :
http://scholar.najah.edu/sites/default/files/واصف عبد الفتاح.pdf

 

[بشرى عمر الغوراني]

رد: حكم الشارع بحبوط العمل، متى يكون مستلزماً للخروج عن الملة؟!

جزاكم الله خيراً فضيلة الدكتور
حاولتُ أن أطبّق ما ذكرتم من الطرق على هذه الآية:"ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم"؛ فوجدتُ أن السياق يدل على أنّ مَن هذه صفتهم، وهذا حكمهم، هم الكافرون:"والذين كفروا فتعساً لهم وأضل أعمالهم"..
وهو لا يدل على حبوط عمل بعينه، بل يدل على حبوط جميع الأعمال، ورتب الإضلال على كراهية الوحي، ثم رتب على ذلك حبوط العمل.
ففكرتُ: كيف استُدل بهذه الآية على أن من كره شيئاً مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فقد كفر، ونُسب ذلك إلى الإجماع؟؟
فإن كان هذا الحكم صحيحاً؛ خرج كثير من المسلمين عن الملة!!

 

[د. بدر بن إبراهيم المهوس]

رد: حكم الشارع بحبوط العمل، متى يكون مستلزماً للخروج عن الملة؟!

جزاكم الله خيراً فضيلة الدكتور
حاولتُ أن أطبّق ما ذكرتم من الطرق على هذه الآية:"ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم"؛ فوجدتُ أن السياق يدل على أنّ مَن هذه صفتهم، وهذا حكمهم، هم الكافرون:"والذين كفروا فتعساً لهم وأضل أعمالهم"..
وهو لا يدل على حبوط عمل بعينه، بل يدل على حبوط جميع الأعمال، ورتب الإضلال على كراهية الوحي، ثم رتب على ذلك حبوط العمل.
ففكرتُ: كيف استُدل بهذه الآية على أن من كره شيئاً مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فقد كفر، ونُسب ذلك إلى الإجماع؟؟
فإن كان هذا الحكم صحيحاً؛ خرج كثير من المسلمين عن الملة!!

بارك الله فيكم
لماذا يخرج كثير من المسلمين عن الملة ؟
ما مفهومكم لكره ما نزل الله ؟
ينبغي التفريق بين الكره العقدي والكره أو النفور الطبعي :
قال الراغب رحمه الله : ( الكره المشقة التي تنال الإنسان من خارج فيما يحمل عليه بإكراه، والكره ما يناله من ذاته وهو يعافه، وذلك على ضربين، أحدهما: ما يعاف من حيث الطبع، والثاني: ما يعاف من حيث العقل أو الشرع، ولهذا يصح أن يقول الإنسان في الشيء الواحد إني أريده وأكرهه بمعنى إني أريده من حيث الطبع وأكرهه من حيث الشرع، أو أريده من حيث العقل أو الشرع وأكرهه من حيث الطبع، وقوله: [كتب عليكم القتال وهو كره لكم] ( أي تكرهونه من حيث الطبع" )
وقال الإمام البغوي رحمه الله: ( وهو كره لكم، أي شاق عليكم، قال بعض أهل المعاني: هذا الكره من حيث نفور الطبع عنه لما فيه من مؤنة المال ومشقة النفس وخطر الروح، لا أنهم كرهوا أمر الله تعالى )
وقال القرطبي رحمه الله : ( إنما كان الجهاد كرهاً لأن فيه إخراج المال ومفارقة الوطن والأهل، والتعرض بالجسد للشجاج والجراح وقطع الأطراف وذهاب النفس، فكانت كراهيتهم لذلك، لا أنهم كرهوا فرض الله تعالى )
وقال ابن القيم رحمه الله : ( وليس من شرط الرضى ألا يحس بالألم والمكاره، بل ألا يعترض على الحكم ولا يتسخطه، ولهذا أشكل على بعض الناس الرضى بالمكروه، وطعنوا فيه: وقالوا: هذا ممتنع على الطبيعة، وإنما هو الصبر، وإلا فكيف يجتمع الرضى والكراهة؟ وهما ضدان، والصواب: أنه لا تناقض بينهما، وأن وجود التألم وكراهة النفس له لا ينافي الرضى، كرضى المريض بشرب الدواء الكريه، ورضى الصائم في اليوم الشديد الحر بما يناله من ألم الجوع والظمأ، ورضى المجاهد بما يحصل له في سبيل الله من ألم الجراح وغيرها) .

 

[بشرى عمر الغوراني]

رد: حكم الشارع بحبوط العمل، متى يكون مستلزماً للخروج عن الملة؟!

بارك الله فيكم
لماذا يخرج كثير من المسلمين عن الملة ؟
ما مفهومكم لكره ما نزل الله ؟

مفهومي له: الاعتراض على شرع الحكم، وكراهة العمل به، وإن عمل به؛ بحيث يتمنى بأنه لم يُشرع.. وقد قال الله عز وجل:"فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً".
أو له مفهوم آخر؟

 

[بشرى عمر الغوراني]

رد: حكم الشارع بحبوط العمل، متى يكون مستلزماً للخروج عن الملة؟!

فالذي أفهمه من الآية هو انتفاء الإيمان المطلق، لا مطلق الإيمان، لكنْ على ما ذُكر في "نواقض الإسلام" أنه ينفي عنه الإيمان المطلق..

 

[بشرى عمر الغوراني]

رد: حكم الشارع بحبوط العمل، متى يكون مستلزماً للخروج عن الملة؟!

بارك الله فيكم
لماذا يخرج كثير من المسلمين عن الملة ؟
ما مفهومكم لكره ما نزل الله ؟
ينبغي التفريق بين الكره العقدي والكره أو النفور الطبعي :
قال الراغب رحمه الله : ( الكره المشقة التي تنال الإنسان من خارج فيما يحمل عليه بإكراه، والكره ما يناله من ذاته وهو يعافه، وذلك على ضربين، أحدهما: ما يعاف من حيث الطبع، والثاني: ما يعاف من حيث العقل أو الشرع، ولهذا يصح أن يقول الإنسان في الشيء الواحد إني أريده وأكرهه بمعنى إني أريده من حيث الطبع وأكرهه من حيث الشرع، أو أريده من حيث العقل أو الشرع وأكرهه من حيث الطبع، وقوله: [كتب عليكم القتال وهو كره لكم] ( أي تكرهونه من حيث الطبع" )
وقال الإمام البغوي رحمه الله: ( وهو كره لكم، أي شاق عليكم، قال بعض أهل المعاني: هذا الكره من حيث نفور الطبع عنه لما فيه من مؤنة المال ومشقة النفس وخطر الروح، لا أنهم كرهوا أمر الله تعالى )
وقال القرطبي رحمه الله : ( إنما كان الجهاد كرهاً لأن فيه إخراج المال ومفارقة الوطن والأهل، والتعرض بالجسد للشجاج والجراح وقطع الأطراف وذهاب النفس، فكانت كراهيتهم لذلك، لا أنهم كرهوا فرض الله تعالى )
وقال ابن القيم رحمه الله : ( وليس من شرط الرضى ألا يحس بالألم والمكاره، بل ألا يعترض على الحكم ولا يتسخطه، ولهذا أشكل على بعض الناس الرضى بالمكروه، وطعنوا فيه: وقالوا: هذا ممتنع على الطبيعة، وإنما هو الصبر، وإلا فكيف يجتمع الرضى والكراهة؟ وهما ضدان، والصواب: أنه لا تناقض بينهما، وأن وجود التألم وكراهة النفس له لا ينافي الرضى، كرضى المريض بشرب الدواء الكريه، ورضى الصائم في اليوم الشديد الحر بما يناله من ألم الجوع والظمأ، ورضى المجاهد بما يحصل له في سبيل الله من ألم الجراح وغيرها) .

جزاكم الله خير الجزاء وأوفاه فضيلة الشيخ،
يبدو أنكم أضفتم إلى مشاركتكم الأخيرة بعد أن كتبتُ آخر مشاركتين.
إذن، على ما ذكرتم، مفهومي للكره يدخل في الكره العقائدي، وهو الذي يحبط العمل ويخرج عن الملة؟

 

[د. بدر بن إبراهيم المهوس]

رد: حكم الشارع بحبوط العمل، متى يكون مستلزماً للخروج عن الملة؟!

جزاكم الله خير الجزاء وأوفاه فضيلة الشيخ،
يبدو أنكم أضفتم إلى مشاركتكم الأخيرة بعد أن كتبتُ آخر مشاركتين.
إذن، على ما ذكرتم، مفهومي للكره يدخل في الكره العقائدي، وهو الذي يحبط العمل ويخرج عن الملة؟

نعم هذا صحيح بارك الله فيكم

 

[حسين على حسين]

رد: حكم الشارع بحبوط العمل، متى يكون مستلزماً للخروج عن الملة؟!

جميل نسال الله السلامه