ايهاب محمد جاسم السامرائي
:: متابع ::
- إنضم
- 8 أبريل 2012
- المشاركات
- 60
- الكنية
- كلية الامام الاعظم الجامعة
- التخصص
- أصول فقه
- المدينة
- سامراء
- المذهب الفقهي
- مالكي
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد المرسلين ، وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد :
لا شك أن جعل المناهج العلمية للشخصيات المتميزة محل دراسة ونظر وبحث لتُعدُّ إحدى المجالات المهمة في تطوير المعارف والمناهج ، وتنشيط البحث العلمي ، وذلك للاستفادة مما قدموه من علوم وفنون وبصمات تجديدية تساهم في انتاج الفكر وتجديد العلم ، لا سيما إذا كانت تلك الشخصيات معدودة ضمن أهم الشخصيات العالمية التي رسمت منهجاً وفكراً متميزاً بالعمق المعرفي والشمول المنهجي ، مع التمسك بأصول الشرع وعدم التتنكر لمقتضيات العصر
والعلامة عبد الله بن بيّه يُعد من هؤلاء الأعلام ، الذين يعدهم التاريخ الحاضر من أعلامه ومن أفضل رموزه الكبار في العالم الاسلامي والغربي .
وللوقوف على بعض النظرات التجديدية فإني سأقتصر على ثلاثة مسائل :
المسألة : منهجية التجديد : ولبيان منهجية التجديد في موسوعة العلامة بن بيّه فلابد من الإشارة إلى محورين :
المحور الأول : نظرة شيخنا الإمام لآليات التجديد ومنطلقاته :
إن منطلقات التجديد في العلوم الإسلامية في تصور شيخنا بن بيّه ترتكز على جملة من المحطات :
المحطة الأولى : إحياء المحتوى : وذلك من خلال: ( تعامل جديد مع التراث بالتعمق فيه ، والاستنجاد بإيجابياته ، وتحريره وتأصيله ، والتنقيب في أعماقه ، وتجليته بكل إمكانيات الإشراق حتى يصبح حياً)([1]).
المحطة الثانية : فتح قنوات التواصل وتلاقح الأفكار : ويتم ذلك من خلال تلاقح الأفكار لغرض التطوير فهو : ( تعامل جديد كذلك مع التراث يهدف إلى استكشاف فضاءات الالتقاء ومجالات التماس والتقاطع ، وتوسيع قنوات التواصل والاندفاع بقوة إلى المعاصرة فكراً وعلماً بندية وكفاءة )([2]) .
المحطة الثالثة : الاستعانة بمعارف العصر لتطوير وتجديد العلوم : ( إنه إحياء لثقافتنا عبر منطلقات جديدة بآليات العصر ووسائله )([3]).
المحطة الرابعة : التجديد لا يتنكر لمناهج التراث بل يمثل التراث الإسلامي منطلق التجديد : وذلك لكي لا ينفلت المتعاطون مع الثقافات الأخرى بحيث تكون لديهم مرجعية واضحة ومنضبطة ، مهما ساروا وابتعدوا وتعمقوا لا سبيل لهم سواها ( إن الخيار الاستراتيجي للتجديد هو التحرك من خلال التراث إلى المعاصرة ليكون التفاعل بين الاثنين أساس الصيرورة الثقافية)([4]) .
المحطة الخامسة : الشراكة بين التراث والمعاصرة في وضع مخطط منهجي تجديدي : ( ... إن التراث سيكون إطار المرجعية وإن التجديد هو توسيع وعاء الثوابت لتستوعب الحديث ، وقولبة الحديث ليُسْتَوْعَب ، إنه انطلاق من عقال الحيرة ، وتزحزح عن مفترق الطرق ، لسلوك الجادة وولوج الفضاء الرحب في انسجام بين الضمير الجمعي ومتطلبات العصر ، إنه مزج الأصالة في أجلى صورها بالمعاصرة في أنجح وسائلها وصيغتها )
المحور الثاني : مفهوم التجديد الأصولي : ولبيان مفهوم التجديد الأصولي فلابد من الوقوف على محطتين رئيستين
المحطة الأولى : التعريف بالتجديد الأصولي : يعرف العلامة عبد الله بن بيّه التجديد الأصولي : ( بأنه تحريك المفاهيم التي تشكل المنظومة الأصولية ، وتمثل الصورة المحددة لها لإبداع مفهوم جديد ، أو إدراج مضمون حديث في مفهوم قديم في قراءة جديدة للأصول ؛ قواعد ومقاصد وعلاقتها بالجزئيات الفقهية على ضوء مستجدات العصر . فهو ربط واصب بين الكلي والجزئي في ضوء ضرورات الواقع وحاجياته )([5])
المحطة الثانية : التعريف بمجال التجديد :
إن الحديث عن مجالات التجديد الأصولي في موسوعه العلامة بن بيّه ييتم على أربعة محاور :
المحور الأول : المادة : موضوعات الدرس الأصولي ، ولا يوجد تجديد بمعنى التبديل وإنما فقط تحريك مادتي المنطق ، وعلم الكلام لتندرج تحت كلي يعمها وأصل يضمها ، وهو دليل العقل .
المحور الثاني : الصورة : الصورة الخارجية للدرس الأصولي المعبر عنها بخمسة أشكال : التركيب ، والترتيب ، والتبويب ، والتلقيب ، والتقريب .
المحور الثالث : الغاية : تمثل البوصلة الحقيقية لمحاكمة دعاوى التجديد .
المحور الرابع : الفاعل : وهو المجتهد ، واقترح شيخنا بأن يكون الاجتهاد جماعي .
ولبيان مجالات التجديد يقول حجة الإسلام الغزالي: ( العلة تطلق على أربعة معان : الأول ما منه بذاته الحركة ، وهو السبب في وجود الشيء ، كالنجار للكرسي ، والأب للصبي([6]).الثاني : المادة ، وما لا بد من وجوده لوجود الشيء ، مثل الخشب للكرسي ، أو دم الطمث والنطفة لصبي .الثالث : الصورة ، وهي تمام كل شيء ، وقد تسمى علة صورية ، كصورة السرير من السرير ، وصورة البيت للبيت .الرابع : الغاية الباعثة أولاً ، المطلوب وجودها آخراً ، كالسكن للبيت ، والصلوح للجلوس من السرير )([7])
المسألة الثانية : التجديد في مدلول الدليل :
وقد تضمنت أطروحة شيخنا بن بيه جوانب التجديد في هذا الموضوع من عدة زوايا ومزايا :
الزاوية الأولى : تنبيه المجتهدين وتبصير الباحثين بالخطوات المنهجية التي لا بد أن يلتزموها في تعاملهم مع الظاهرة اللغوية .
الزاوية الثانية : إحياء ما اندثر من مناهج عملية تنهض بالظاهرة اللغوية ؛ لضبط منهجية قراءة النص الشرعي .
الزاوية الثالثة : تقديم جملة من الحلول العملية التي تضمن ضبط منهجية قراءة النصوص الشرعية ، شريطة الالتزام بها ، وهي ثلاثي : الوضع ، والاستعمال ، والحمل .
الزاوية الرابعة : تقديم جملة من المقترحات التجديدية النظرية .
الزاوية الخامسة : تضمن تراثه الأصولي والفقهي والدعوي كثير من المباحث التطبيقية ؛ لكبرى المسائل الحساسة ، بمحاولة جادة لتقديم صورة الاسلام الوسطي ، ودرء أبواب الفتنة المبنية على قراءات قاصرة أحياناً ومتعصبة أحياناً أخرى ، كالولاء والبراء وغيرها كثير
ويمكن اختصار أبعاد التجديد بثلاث آليات :
الآلية الأولى : تجديد تصفية : وذلك بمحاولة تشذيب المادة من مسائل
الآلية الثانية : تجديد المحتوى : وذلك يتم بالاهتمام بالجانب اللغوي وإدخال جملة من المسائل الضرورية التي يتم من خلالها الاطلاع على سعة اللسان العربي ، ويتم ذلك على مرحلتين :
المرحلة الأولى : الاستنباط : فيتم استثمار دلالات الألفاظ في استنباط المعاني المقصودة من الخطاب بالاستعانة بمنهجية الدرس الأصولي .
المرحلة الثانية : الانضباط : وذلك بمحاولة إحياء ثلاثي : الوضع ، والاستعمال ، والحمل .
وذلك لضمان سلامة الاستنباط ، وعدم السير خلف منهج الظاهرية المعطلة لطاقات النص الشرعي .
الآلية الثالثة : تجديد إضافة : وذلك بالاستعانة بجملة من العلوم المعاصرة وما توصلت إليها معارف العصر كالهرمينوطقيا .
المسألة الثالثة : التجديد في معقول النص :
إن منهجية التجديد في معقول النص أشار إليها شيخنا من خلال جانبين :
الجانب الأول : الدرس المنطقي : ويتمحور جانب التجديد في تقديم المقدمة المنطقية مقرونة بأوعية الاستنباط الأصولي بجملة من المسائل :
المنحى الأول : توسيع أوعية الاستنباط :
المنحى الثاني : ضبط آليات الاستنباط : وذلك من خلال الضوابط الثمانية لاستنباط المقاصد
المنحى الثالث : استنباط المقاصد : أضاف جملة من الآليات والأدوات التي تساهم في استنباط المقاصد كبدعة الترك .
المنحى الرابع : الاستنجاد بالمقاصد : قد ضم هذا المنحى أكثر من ثلاثين وجهاً للتعاضد بين الدرسين الأصولي والمقاصدي بغية توسيع أوعية الاستنباط ، وكذا توليد الأحكام ، فهي أوجه جاءت لرمي نظرية استقلال المقاصد عن أصول الفقه بالفند ، وبيان الاندماج بينهما اندماج الروح في الجسد والمعدود في العدد .
المنحى الخامس : مجالات الاستنجاد بالمقاصد في منهجية الاستنباط : ويتم ذلك من خلال ثلاث مجالات :
المجال الأول : تفعيل أصول الفقه على ضوء إعمال المقاصد في بنيتها ، لتوسيع دوائر وأوعية الاستنباط الأربع وهي :
الدائرة الأولى : إلحاق جزئي بجزئي منصوص وهو القياس .
الدائرة الثانية : استثناء جزئي والعدول به عن كلي تخفيفاً لمعنى اجتاله لضرورة حاقة أو حاجة ماسة وهو الاستحسان .
الدائرة الثالثة : إلحاق جزئي بكلي مصلحي استقرائي وهو الاستصلاح .
والدائرة الرابعة : استثناء من أصل الاباحة بناء على مئال متوقع وهو المعبر عنه بسد الذرائع .
المجال الثاني : اختيار الأقوال المناسبة التي تحقق المقاصد الشرعية ، حتى ولو كانت مهجورة ، مادامت نسبتها صحيحة . كقاعدة جريان العمل .
ومن أقول العلامة بن بيّه في بيان منهجية الموازنة بين الآراء التي تحقق المقصد في الواقع وإن كانت ضعيفة فتقدم على القول الراجح فيقول : فإني أقول لطلبتي إن مكانة القول الراجح محفوظة ، وحقوقه مصونة ، لكن المقاصد تحكم عليه بالذهاب في إجازة ، ولا تحيله إلى التقاعد ، ريثما تختفي المصلحة التي من أجلها تبوَّأ القول الضعيف مكانه .
المجال الثالث : تفعيل النظرية المقاصدية في وضع فلسفة إسلامية شاملة تجيب على الأسئلة التي يطرحها العصر في مختلف القضايا الكبرى .
وفي ختام هذه الورقة أرجو أن أكون قد وفقت لإبراز أهم ملامح التجديد في مدونة شيخنا الإمام عبد الله بن بيّه ، وأدعو الباحثين ليستفيدوا من مؤلفاته . ويؤسسوا على بنيانه .
ألقيت هذه الورقة في الندوة العلمية في كلية الإمام الأعظم الجامعة سامراء ، 15/ 4/2015
وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين
([1]) فتاوى فكرية ، (100) .
([2]) المرجع السابق ، (101) .
([3]) المرجع نفسه .
([4]) المرجع السابق ، (101)، 102).
([5]) إثارات تجديدية في حقول الأصول ، (15 ،16) .
([6]) يقصد الفاعل .
([7]) معيار العلم ، حجة الاسلام محمد بن محمد الغزالي، تحقيق : سليمان دنيا ، دار المعارف ، (258) .
أما بعد :
لا شك أن جعل المناهج العلمية للشخصيات المتميزة محل دراسة ونظر وبحث لتُعدُّ إحدى المجالات المهمة في تطوير المعارف والمناهج ، وتنشيط البحث العلمي ، وذلك للاستفادة مما قدموه من علوم وفنون وبصمات تجديدية تساهم في انتاج الفكر وتجديد العلم ، لا سيما إذا كانت تلك الشخصيات معدودة ضمن أهم الشخصيات العالمية التي رسمت منهجاً وفكراً متميزاً بالعمق المعرفي والشمول المنهجي ، مع التمسك بأصول الشرع وعدم التتنكر لمقتضيات العصر
والعلامة عبد الله بن بيّه يُعد من هؤلاء الأعلام ، الذين يعدهم التاريخ الحاضر من أعلامه ومن أفضل رموزه الكبار في العالم الاسلامي والغربي .
وللوقوف على بعض النظرات التجديدية فإني سأقتصر على ثلاثة مسائل :
المسألة : منهجية التجديد : ولبيان منهجية التجديد في موسوعة العلامة بن بيّه فلابد من الإشارة إلى محورين :
المحور الأول : نظرة شيخنا الإمام لآليات التجديد ومنطلقاته :
إن منطلقات التجديد في العلوم الإسلامية في تصور شيخنا بن بيّه ترتكز على جملة من المحطات :
المحطة الأولى : إحياء المحتوى : وذلك من خلال: ( تعامل جديد مع التراث بالتعمق فيه ، والاستنجاد بإيجابياته ، وتحريره وتأصيله ، والتنقيب في أعماقه ، وتجليته بكل إمكانيات الإشراق حتى يصبح حياً)([1]).
المحطة الثانية : فتح قنوات التواصل وتلاقح الأفكار : ويتم ذلك من خلال تلاقح الأفكار لغرض التطوير فهو : ( تعامل جديد كذلك مع التراث يهدف إلى استكشاف فضاءات الالتقاء ومجالات التماس والتقاطع ، وتوسيع قنوات التواصل والاندفاع بقوة إلى المعاصرة فكراً وعلماً بندية وكفاءة )([2]) .
المحطة الثالثة : الاستعانة بمعارف العصر لتطوير وتجديد العلوم : ( إنه إحياء لثقافتنا عبر منطلقات جديدة بآليات العصر ووسائله )([3]).
المحطة الرابعة : التجديد لا يتنكر لمناهج التراث بل يمثل التراث الإسلامي منطلق التجديد : وذلك لكي لا ينفلت المتعاطون مع الثقافات الأخرى بحيث تكون لديهم مرجعية واضحة ومنضبطة ، مهما ساروا وابتعدوا وتعمقوا لا سبيل لهم سواها ( إن الخيار الاستراتيجي للتجديد هو التحرك من خلال التراث إلى المعاصرة ليكون التفاعل بين الاثنين أساس الصيرورة الثقافية)([4]) .
المحطة الخامسة : الشراكة بين التراث والمعاصرة في وضع مخطط منهجي تجديدي : ( ... إن التراث سيكون إطار المرجعية وإن التجديد هو توسيع وعاء الثوابت لتستوعب الحديث ، وقولبة الحديث ليُسْتَوْعَب ، إنه انطلاق من عقال الحيرة ، وتزحزح عن مفترق الطرق ، لسلوك الجادة وولوج الفضاء الرحب في انسجام بين الضمير الجمعي ومتطلبات العصر ، إنه مزج الأصالة في أجلى صورها بالمعاصرة في أنجح وسائلها وصيغتها )
المحور الثاني : مفهوم التجديد الأصولي : ولبيان مفهوم التجديد الأصولي فلابد من الوقوف على محطتين رئيستين
المحطة الأولى : التعريف بالتجديد الأصولي : يعرف العلامة عبد الله بن بيّه التجديد الأصولي : ( بأنه تحريك المفاهيم التي تشكل المنظومة الأصولية ، وتمثل الصورة المحددة لها لإبداع مفهوم جديد ، أو إدراج مضمون حديث في مفهوم قديم في قراءة جديدة للأصول ؛ قواعد ومقاصد وعلاقتها بالجزئيات الفقهية على ضوء مستجدات العصر . فهو ربط واصب بين الكلي والجزئي في ضوء ضرورات الواقع وحاجياته )([5])
المحطة الثانية : التعريف بمجال التجديد :
إن الحديث عن مجالات التجديد الأصولي في موسوعه العلامة بن بيّه ييتم على أربعة محاور :
المحور الأول : المادة : موضوعات الدرس الأصولي ، ولا يوجد تجديد بمعنى التبديل وإنما فقط تحريك مادتي المنطق ، وعلم الكلام لتندرج تحت كلي يعمها وأصل يضمها ، وهو دليل العقل .
المحور الثاني : الصورة : الصورة الخارجية للدرس الأصولي المعبر عنها بخمسة أشكال : التركيب ، والترتيب ، والتبويب ، والتلقيب ، والتقريب .
المحور الثالث : الغاية : تمثل البوصلة الحقيقية لمحاكمة دعاوى التجديد .
المحور الرابع : الفاعل : وهو المجتهد ، واقترح شيخنا بأن يكون الاجتهاد جماعي .
ولبيان مجالات التجديد يقول حجة الإسلام الغزالي: ( العلة تطلق على أربعة معان : الأول ما منه بذاته الحركة ، وهو السبب في وجود الشيء ، كالنجار للكرسي ، والأب للصبي([6]).الثاني : المادة ، وما لا بد من وجوده لوجود الشيء ، مثل الخشب للكرسي ، أو دم الطمث والنطفة لصبي .الثالث : الصورة ، وهي تمام كل شيء ، وقد تسمى علة صورية ، كصورة السرير من السرير ، وصورة البيت للبيت .الرابع : الغاية الباعثة أولاً ، المطلوب وجودها آخراً ، كالسكن للبيت ، والصلوح للجلوس من السرير )([7])
المسألة الثانية : التجديد في مدلول الدليل :
وقد تضمنت أطروحة شيخنا بن بيه جوانب التجديد في هذا الموضوع من عدة زوايا ومزايا :
الزاوية الأولى : تنبيه المجتهدين وتبصير الباحثين بالخطوات المنهجية التي لا بد أن يلتزموها في تعاملهم مع الظاهرة اللغوية .
الزاوية الثانية : إحياء ما اندثر من مناهج عملية تنهض بالظاهرة اللغوية ؛ لضبط منهجية قراءة النص الشرعي .
الزاوية الثالثة : تقديم جملة من الحلول العملية التي تضمن ضبط منهجية قراءة النصوص الشرعية ، شريطة الالتزام بها ، وهي ثلاثي : الوضع ، والاستعمال ، والحمل .
الزاوية الرابعة : تقديم جملة من المقترحات التجديدية النظرية .
الزاوية الخامسة : تضمن تراثه الأصولي والفقهي والدعوي كثير من المباحث التطبيقية ؛ لكبرى المسائل الحساسة ، بمحاولة جادة لتقديم صورة الاسلام الوسطي ، ودرء أبواب الفتنة المبنية على قراءات قاصرة أحياناً ومتعصبة أحياناً أخرى ، كالولاء والبراء وغيرها كثير
ويمكن اختصار أبعاد التجديد بثلاث آليات :
الآلية الأولى : تجديد تصفية : وذلك بمحاولة تشذيب المادة من مسائل
الآلية الثانية : تجديد المحتوى : وذلك يتم بالاهتمام بالجانب اللغوي وإدخال جملة من المسائل الضرورية التي يتم من خلالها الاطلاع على سعة اللسان العربي ، ويتم ذلك على مرحلتين :
المرحلة الأولى : الاستنباط : فيتم استثمار دلالات الألفاظ في استنباط المعاني المقصودة من الخطاب بالاستعانة بمنهجية الدرس الأصولي .
المرحلة الثانية : الانضباط : وذلك بمحاولة إحياء ثلاثي : الوضع ، والاستعمال ، والحمل .
وذلك لضمان سلامة الاستنباط ، وعدم السير خلف منهج الظاهرية المعطلة لطاقات النص الشرعي .
الآلية الثالثة : تجديد إضافة : وذلك بالاستعانة بجملة من العلوم المعاصرة وما توصلت إليها معارف العصر كالهرمينوطقيا .
المسألة الثالثة : التجديد في معقول النص :
إن منهجية التجديد في معقول النص أشار إليها شيخنا من خلال جانبين :
الجانب الأول : الدرس المنطقي : ويتمحور جانب التجديد في تقديم المقدمة المنطقية مقرونة بأوعية الاستنباط الأصولي بجملة من المسائل :
- ببيان عمق التأصيل الأصولي النظري من خلال التعاضد المنهجي والوظيفي بين الدرس المنطقي والأصولي .
- محاولة إعادة تفعيل الدرس المنطقي في البحث الأصولي ، لأنهما يمثلان وجها لعملة واحدة في جملة من الأدوات المؤسسة لبنية التفكير الأصولي .
- محاولة ضبط عملية توليد الأحكام من خلال معايير الضبط المنطقي .
- بيان أوجه التماييز الأصولي عن الدرس المنطقي .
المنحى الأول : توسيع أوعية الاستنباط :
المنحى الثاني : ضبط آليات الاستنباط : وذلك من خلال الضوابط الثمانية لاستنباط المقاصد
المنحى الثالث : استنباط المقاصد : أضاف جملة من الآليات والأدوات التي تساهم في استنباط المقاصد كبدعة الترك .
المنحى الرابع : الاستنجاد بالمقاصد : قد ضم هذا المنحى أكثر من ثلاثين وجهاً للتعاضد بين الدرسين الأصولي والمقاصدي بغية توسيع أوعية الاستنباط ، وكذا توليد الأحكام ، فهي أوجه جاءت لرمي نظرية استقلال المقاصد عن أصول الفقه بالفند ، وبيان الاندماج بينهما اندماج الروح في الجسد والمعدود في العدد .
المنحى الخامس : مجالات الاستنجاد بالمقاصد في منهجية الاستنباط : ويتم ذلك من خلال ثلاث مجالات :
المجال الأول : تفعيل أصول الفقه على ضوء إعمال المقاصد في بنيتها ، لتوسيع دوائر وأوعية الاستنباط الأربع وهي :
الدائرة الأولى : إلحاق جزئي بجزئي منصوص وهو القياس .
الدائرة الثانية : استثناء جزئي والعدول به عن كلي تخفيفاً لمعنى اجتاله لضرورة حاقة أو حاجة ماسة وهو الاستحسان .
الدائرة الثالثة : إلحاق جزئي بكلي مصلحي استقرائي وهو الاستصلاح .
والدائرة الرابعة : استثناء من أصل الاباحة بناء على مئال متوقع وهو المعبر عنه بسد الذرائع .
المجال الثاني : اختيار الأقوال المناسبة التي تحقق المقاصد الشرعية ، حتى ولو كانت مهجورة ، مادامت نسبتها صحيحة . كقاعدة جريان العمل .
ومن أقول العلامة بن بيّه في بيان منهجية الموازنة بين الآراء التي تحقق المقصد في الواقع وإن كانت ضعيفة فتقدم على القول الراجح فيقول : فإني أقول لطلبتي إن مكانة القول الراجح محفوظة ، وحقوقه مصونة ، لكن المقاصد تحكم عليه بالذهاب في إجازة ، ولا تحيله إلى التقاعد ، ريثما تختفي المصلحة التي من أجلها تبوَّأ القول الضعيف مكانه .
المجال الثالث : تفعيل النظرية المقاصدية في وضع فلسفة إسلامية شاملة تجيب على الأسئلة التي يطرحها العصر في مختلف القضايا الكبرى .
وفي ختام هذه الورقة أرجو أن أكون قد وفقت لإبراز أهم ملامح التجديد في مدونة شيخنا الإمام عبد الله بن بيّه ، وأدعو الباحثين ليستفيدوا من مؤلفاته . ويؤسسوا على بنيانه .
ألقيت هذه الورقة في الندوة العلمية في كلية الإمام الأعظم الجامعة سامراء ، 15/ 4/2015
وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين
([1]) فتاوى فكرية ، (100) .
([2]) المرجع السابق ، (101) .
([3]) المرجع نفسه .
([4]) المرجع السابق ، (101)، 102).
([5]) إثارات تجديدية في حقول الأصول ، (15 ،16) .
([6]) يقصد الفاعل .
([7]) معيار العلم ، حجة الاسلام محمد بن محمد الغزالي، تحقيق : سليمان دنيا ، دار المعارف ، (258) .