العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

ضابط المشقة التي تبيح الفطر

إنضم
11 مارس 2008
المشاركات
226
الإقامة
فنلندا
الجنس
ذكر
الكنية
أبو نوح
التخصص
لا يوجد
الدولة
فنلندا
المدينة
هلسنكي
المذهب الفقهي
شافعي
السلام عليكم ورحمة الله أيها الإخوة الكرام والأخوات الكريمات. نفع الله بكم.

أفيدونا بما لديكم: ما هو ضابط المشقة المبيحة للفطر في نهار رمضان؟

هل هو كل ما يسبب المرض أو يزيده أو يؤخر البرء أو هو غير ذلك؟

وماذا نقول في من لا يمرض من أجل الصوم لكنه يصبح ضعيفًا جدًا بحيث يصعب عليه التعامل مع أولاده والناس وتكون في ذلك مشقة ومجاهدة؟ فمثل هذا الشخص ليس مريضًا لكن ضعفه أشد من ضعف غيره.

هذه السنة الصوم عندنا 21 ساعة وكثير من الناس يشق عليهم أداؤه جدًا لكن قد لا تصل المشقة إلى درجة المرض.
 
إنضم
11 مارس 2008
المشاركات
226
الإقامة
فنلندا
الجنس
ذكر
الكنية
أبو نوح
التخصص
لا يوجد
الدولة
فنلندا
المدينة
هلسنكي
المذهب الفقهي
شافعي
رد: ضابط المشقة التي تبيح الفطر

هل من جواب؟

هل نقول إن المسلم يجب عليه أن يصوم 21، ساعة لمدة 30 يومًا متوالية ولو كان تعبه غير عادي ما لم يمرض مرضًا جليًا؟ أو نقول إن مثل هذا يلحق بالمرض؟
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: ضابط المشقة التي تبيح الفطر

أخي رشيد بارك الله فيكم

أولاً : الصوم لا يجب عند تحقق وجود عذر من الأعذار المؤثرة في القدرة على الصوم كالسفر والمرض والصغر والحمل والرضاعة .
وقد ألحق العلماء بها ما هو في معناها من جواز الفطر لملاقاة العدو وإن كان مقيماً وأصحاب المهن الشاقة بقيودها.
وكذلك ألحقوا الجوع والعطش الشديدين اللذين يخشى على الصائم منهما :
1 - قال الكاساني الحنفي : ( وإذا اختلف الحكم بالعذر فلا بد من معرفة الأعذار المسقطة للإثم والمؤاخذة فنبينها بتوفيق الله تعالى فنقول هي المرض والسفر والإكراه والحبل والرضاع والجوع والعطش وكبر السن لكن بعضها مرخص وبعضها مبيح مطلق لا موجب كما فيه خوف زيادة ضرر دون خوف الهلاك فهو مرخص وما فيه خوف الهلاك فهو مبيح مطلق بل موجب ...) بدائع الصنائع ( 2 / 94 )
ثم قال : ( وأما
الجوع والعطش الشديد الذي يخاف منه الهلاك فمبيح مطلق بمنزلة المرض الذي يخاف منه الهلاك بسبب الصوم ) بدائع الصنائع ( 2 / 97 ) وينظر : البحر الرائق ( 2 / 303 )
2 - وقال القرافي المالكي : ( المبيح الخامس المرض ، وقد تقدم تفصيله في الشروط ، قال سند قال ابن القاسم إذا أجهده الصداع من الخواء أفطر وأجاز مالك من العطش الشديد من غير إطعام ) الذخيرة ( 2 / 516 )
3 - وقال محمد مولود اليعقوبي الموسوي الشنقيطي المالكي في نظم الكفاف ( ص 59 ) : ( 1049 - وجاز الافطار بما زاد على ** ما اعتيد من جوع وشيطان الفلا )
4 - وفي حاشية قليوبي الشافعي ( 2 / 81 ) قال : ( ومثل المرض غلبة جوع وعطش لا نحو صداع ووجع أذن وسن خفيفة )
5 - وقال ابن قدامة الحنبلي : ( والصحيح إذا خاف على نفسه لشدة عطش أو جوع أو شبق يخاف أن تنشق أنثياه ونحو ذلك فله الفطر ويقضي لأنه خائف على نفسه أشبه المريض ) الكافي ( 1 / 433 ) .
6 - وفي الموسوعة الفقهية ( 28 / 56 - 57 ) : ( من أرهقه جوع مفرط ، أو عطش شديد ، فإنه يفطر ويقضي .
وقيده الحنفية بأمرين :
الأول : أن يخاف على نفسه الهلاك ، بغلبة الظن ، لا بمجرد الوهم ، أو يخاف نقصان العقل ، أو ذهاب بعض الحواس ، كالحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما الهلاك أو على أولادهما .
قال المالكية : فإن خاف على نفسه حرم عليه الصيام ، وذلك لأن حفظ النفس والمنافع واجب .
الثاني : أن لا يكون ذلك بإتعاب نفسه ، إذ لو كان به تلزمه الكفارة ، وقيل : لا .
وألحقه بعض الفقهاء بالمريض ، وقالوا : إن الخوف على النفس في معنى المرض .
وقال القليوبي : ومثل المرض غلبة جوع وعطش ، لا نحو صداع ، ووجع أذن وسن خفيفة .

ومثلوا له بأرباب المهن الشاقة ، لكن قالوا : عليه أن ينوي الصيام ليلا ، ثم إن احتاج إلى الإفطار ، ولحقته مشقة ، أفطر .
قال الحنفية : المحترف المحتاج إلى نفقته كالخباز والحصاد ، إذا علم أنه لو اشتغل بحرفته يلحقه ضرر مبيح للفطر ، يحرم عليه الفطر قبل أن تلحقه مشقة .
وقال أبو بكر الآجري من الحنابلة : من صنعته شاقة ، فإن خاف بالصوم تلفاً أفطر وقضى ، إن ضره ترك الصنعة ، فإن لم يضره تركها أثم بالفطر وبتركها ، وإن لم ينتف الضرر بتركها ، فلا إثم عليه بالفطر للعذر )


ثانياً : ضابط المشقة الموجبة للتخفيف :
قد فصل العلماء في ضابط المشقة الموجبة للتخفيف ولعل من أجود من تكلم في ذلك
القرافي المالكي حيث يقول في كتابه الفروق في الفرق الرابع عشر ( 1 / 481 ) : ( المشاق قسمان :
أحدهما لا تنفك عنه العبادة كالوضوء والغسل في البرد والصوم في النهار الطويل والمخاطرة بالنفس في الجهاد ونحو ذلك فهذا القسم لا يوجب تخفيفاً في العبادة لأنه قرر معها .
وثانيهما المشاق التي تنفك العبادة عنها وهي ثلاثة أنواع :
نوع في الرتبة العليا كالخوف على النفوس والأعضاء والمنافع فيوجب التخفيف لأن حفظ هذه الأمور هو سبب مصالح الدنيا والآخرة فلو حصلنا هذه العبادة لثوابها لذهب أمثال هذه العبادة .
ونوع في المرتبة الدنيا كأدنى وجع في أصبع فتحصيل هذه العبادة أولى من درء هذه المشقة لشرف العبادة وخفة هذه المشقة .
النوع الثالث مشقة بين هذين النوعين ، فما قرب من العليا أوجب التخفيف ، وما قرب من الدنيا لم يوجبه ، وما توسط يختلف فيه لتجاذب الطرفين له فعلى تحرير هاتين القاعدتين تتخرج الفتاوى في مشاق العبادات ) .
وكذلك فصل فيها الإمام الشاطبي حيث بين معاني المشقة فقال : ( وهذا المعنى إذا أخذ مطلقاً من غير نظر إلى الوضع العربي اقتضى أربعة أوجه اصطلاحية :
أحدها :
أن يكون عاماً في المقدور عليه وغيره، فتكليف ما لا يطاق يسمى مشقة، من حيث كان تطلب الإنسان نفسه بحمله موقعاً في عناء وتعب لا يجدي، كالمقعد إذا تكلف القيام، والإنسان إذا تكلف الطيران في الهواء، وما أشبه ذلك، فحين اجتمع مع المقدور عليه الشاق الحمل إذا تحمل في نفسه المشقة، سمى العمل شاقا والتعب في تكلف حمله مشقة.
والثاني :
أن يكون خاصاً بالمقدور عليه، إلا أنه خارج عن المعتاد في الأعمال العادية، بحيث يشوش على النفوس في تصرفها، ويقلقها في القيام بما فيه تلك المشقة.
إلا أن هذا الوجه على ضربين:
أحدهما: أن تكون المشقة مختصة بأعيان الأفعال المكلف بها، بحيث لو وقعت مرة واحدة لوجدت فيها، وهذا هو الموضع الذي وضعت له الرخص المشهورة في اصطلاح الفقهاء كالصوم في المرض والسفر، والإتمام في السفر، وما أشبه ذلك.
والثاني : أن لا تكون مختصة ، ولكن إذا نظر إلى كليات الأعمال والدوام عليها صارت شاقة، ولحقت المشقة العامل بها ويوجد هذا في النوافل وحدها إذا تحمل الإنسان منها فوق ما يحتمله على وجه ما، إلا أنه في الدوام يتعبه، حتى يحصل للنفس بسببه ما يحصل لها بالعمل مرة واحدة في الضرب الأول، وهذا هو الموضع الذي شرع له الرفق والأخذ من العمل بما لا يحصِّل مللاً، حسبما نبه عليه نهيه عليه الصلاة والسلام عن الوصال، وعن التنطع والتكلف وقال : "خذوا من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لن يمل حتى تملوا" وقوله : "القصد القصد تَبْلُغوا" .
والأخبار هنا كثيرة، وللتنبيه عليها موضع آخر، فهذه مشقة ناشئة من أمر كلي، وفي الضرب الأول ناشئة من أمر جزئي.
والوجه الثالث:
أن يكون خاصاً بالمقدور عليه، وليس فيه من التأثير في تعب النفس خروج عن المعتاد في الأعمال العادية، ولكن نفس التكليف به زيادة على ما جرت به العادات قبل التكليف شاق على النفس، ولذلك أطلق عليه لفظ "التكليف"، وهو في اللغة يقتضي معنى المشقة؛ لأن العرب تقول: "كلفته تكليفا" إذا حملته أمرا يشق عليه وأمرته به، و"تكلفت الشيء" إذا تحملته على مشقة، وحملت الشيء تكلفته إذا لم تطقه إلا تكلفا، فمثل هذا يسمى مشقة بهذا الاعتبار؛ لأنه إلقاء بالمقاليد ، ودخول في أعمال زائدة على ما اقتضته الحياة الدنيا.
والرابع:
أن يكون خاصاً بما يلزم عما قبله، فإن التكليف إخراج للمكلف عن هوى نفسه، ومخالفة الهوى شاقة على صاحب الهوى مطلقا، ويلحق الإنسان بسببها تعب وعناء، وذلك معلوم في العادات الجارية في الخلق.
فهذه خمسة أوجه من حيث النطر إلى المشقة في نفسها، انتظمت في أربعة ) الموافقات ( 2 / 207 ) وما بعدها .
ثم فصل الكلام في هذه الأنواع والذي يهمنا منها وله علاقة بمسألتنا هو الوجه الثاني وقد أثبت رفع المشقة فيه بثلاثة أدلة : النصوص والإجماع ومشروعية الرخص .
وقد أكد هذا المعنى الإمام العز بن عبد السلام وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وغيرهم .

ثالثاً : الخلاصة أن المشقة إما أن تكون منصوصاً على حالتها فهنا يعمل بالنص ولا إشكال ، وإما أن لا تكون كذلك فهنا تكون موجبة للتخفيف بشروط وهي :
الأول : أن تكون المشقة منفكة عن العبادة غالباً .
الثاني : أن تكون المشقة شديدة خارجة عن المعتاد .
الثالث : أن تكون المشقة حقيقية لا متوهمة.
الرابع : أن يكون للمشقة شاهد من جنسها في الشرع كالمشقة التي تفضي إلى ضياع النفس أو العقل أو المال ونحوها .
وبناء عليه فإن الحالة المذكورة في مسألتنا إنما يجوز التخفيف فيها بشرط أن تكون المشقة في الصوم خارجة عن المعتاد ، وأن تتحقق حساً لا توهماً أو توقعاً ، ولهذا يصبح المرء صائماً إلى أن تتحقق المشقة الشديدة فإن لم تتحقق أتمَّ صومه .
أما مجرد طول النهار فحسب فهذا لا يوجب التخفيف فمتى وجد ليل ونهار خلال 24 ساعة وهو اليوم المعتاد فإنه يجب صوم النهار عملاً بقوله تعالى : ( وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل )
والله أعلم
 
التعديل الأخير:
إنضم
11 مارس 2008
المشاركات
226
الإقامة
فنلندا
الجنس
ذكر
الكنية
أبو نوح
التخصص
لا يوجد
الدولة
فنلندا
المدينة
هلسنكي
المذهب الفقهي
شافعي
رد: ضابط المشقة التي تبيح الفطر

الله يبارك فيكم د. بدر بن إبراهيم المهوس.

نسأل الله التيسير والتوفيق لما يحبه ويرضاه.
 
أعلى