تنوع المشارب والاعتدال، واتحادها أوقلتها والتطرف

[محمد رمضان سنيني]

تنوع المشارب والاعتدال، واتحادها أوقلتها والتطرف​

​

من منابع الاعتدال تنوع المشارب؛ مشارب في تعدد المشايخ والأساتذة الذين نهلت منهم؛ فكلما كان شيوخك ومن جلست بين أيدهم ليسوا على منهج واحد في الفكر والتحليل كلما شربت جرعات من الوسطية والاعتدال، وقل إنكارك على المخالفين؛ ذلك التنوع ينسجم تماما مع ناموس الزوجية؛ ناموس أعطى للكون نسقه وبديع جماله ورونقه؛ إنك بذلك تتأخى مع الكون؛ فيسهل عليك مخاطبته؛ ومن ثم يُسخر لك؛ ويضعك على سكة إعماره والقيام بمهمة الاستخلاف.​

​

وإن أنت تتلمذت على شيوخ بأعيانهم لهم منهج واحد؛ مدرسة واحدة؛ إنها البداية في الولوج إلى التطرف والتشدد والتعصب وكثرة الإنكار على المخالفين؛ إنك بذلك تتبعد عن الكون ونوامسه.​

​

انظر إلى إمام دار الهجرة مالك رحمه الله، من أين اكتسب ذلك الاعتدال وتلك الوسطية؛ لقد شربها من تنوع مشارب شيوخه وكثرتهم؛ لقد انعكس ذلك في كثرة أصوله، وبل في أصول بأعيانها كمراعاة الخلاف، وفي الاستحسان لما عالج به الغلو في القياس، ونقل عنه:"لا تكاد تجد المغرق في القياس إلا مخالفا لمنهاج الشريعة"، وإنك لا تتعجب في مسائل رمي فيها مالك رحمه الله بالتشدد كالربا؛ والتي من من كلياتها"توهم الربا كتحققه"، ولكن سرعان ما يخرس ذلك الاتهام لما تجد أن المقري سطر في قواعده" قد يباح بعض الربا عند مالك: إما للمعروف كالمبادلة، أو للرفق..."؛ فأي اعتدال ووسطية أرسخ من هذا، ولله در ابن رشد لما قال عن مذهبه في مقدماته:"...كذلك تجد مذهبه أبدا أعدل المذاهب وأوسطها ، فإنه كان موفقا مؤيدا....".​

 

[أحمد نواف المواس]

رد: تنوع المشارب والاعتدال، واتحادها أوقلتها والتطرف

أصبت بارك الله بك