العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

أثر اعتبار المصالح العامة في تغير الفتاوى

إنضم
1 سبتمبر 2015
المشاركات
16
الإقامة
وهران .الجزائر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو ياسر
التخصص
فقه وأصوله
الدولة
الجزائر
المدينة
وهران
المذهب الفقهي
مالكي
أثر اعتبار المصالح العامة في تغير الفتاوى
أد/ عبد القادر داودي
قسم العلوم الإسلامية بجامعة وهران
ملخص المداخلة:
تعتبر المصالح العامة الفضاء الأوسع الذي يتعرض لجملة من التغيرات والمؤثرات، وهو في الوقت نفسه المجال الرحب الذي يتناوله المشتغلون بالفتوى والاستفتاء بالسؤال فيه والخوض في كثير من المسائل المتعلقة به
ولا شك أن الشارع قد أولى اهتماما خاصا وعناية فائقة لأمور الأمة ومصلحة الجماعة لخطورة الأمر ودقته وحساسيته لأن عواقب الأمور المتعلقة بالجماعة وعموم الأمة أشد خطرا من تلك التي تخص أفرادا معينين أو ما كان مجال تأثيره أضيق.
ولأن النصوص الشرعية الكثيرة قد دلت على مراعاة مصلحة الجماعة وما كان من قبيل المصالح العامة الضرورية منها والحاجية والتحسينية، بل إن هذه المراتب والدرجات في المصالح لا يطرد أمرها بين الفرد والجماعة على السواء كان من الملائم أن نتعرض للمصالح العامة وأهميتها بالنسبة للأمة والجماعة ومراتب هذه المصالح ورعاية الشارع لها وتقديمها على الفردية وتقديم الأقوى منها عند التعارض فيما بينها ثم أعرض لنماذج من الفتاوى المتعلقة بالمصالح العامة ودراستها ووتمحيصها واختبار مدى ملاحظة الجانب الجماعي فيهاثم ابداء جانب النقد فيها مستعينا في ذلك بفتاوى علماء الأمة وخاصة الفتاوى الصادرة عن علماء مالكية المغرب والأندلس.
وستكون محاور الدراسة كما يلي:
تحديد مفهوم المصالح العامة (القضايا الكبرى) للأمة وأهمية مراعاتها
نماذج من الفقه النبوي الذي يؤسس لمراعاة البعد الجماعي في الفتوى
دراسة نماذج سلبية من الفتاوى التي لم تراع البعد الجماعي
نماذج إيجابية من الفتاوى المراعية للبعد الجماعي
خاتمة
مفهوم المصلحة العامة:
المصلحة العامة هي ما فيه صلاح عموم الأمة أو الجمهور ولا التفات منه إلى أحوال الأفراد إلا من حيث إنهم أجزاء من مجموع الأمة[1].
ويمكن أن نميز درجتين متفاوتتين من المصالح العامة:
الأولى: ما تعلق منها بجميع الأمة أو عائدا عليها عودا متماثلا وهذه مثل حماية البيضة وحفظ الجماعة من التفرق وحفظ الدين من الزوال وحماية الحرمين من الوقوع في أيدي غير المسلمين وحفظ القرآن من التلاشي العام أو التغيير العام بانقضاء قرائه أو تلف مصاحفه معا وحفظ علم السنة من دخول الموضوعات ...إلى غير ذلك مما فساده يتناول جميع الأمة وكل فرد منها، وهذه الدرجة تنتظمها غالبا الضروريات والحاجية.
الثانية: ما تعلق منها بالجماعة العظيمة من الأمة أو بقطر من الأقطار وتلك هي الضروريات والحاجيات والتحسينات المتعلقة بالأمصار والقبائل على حسب مبلغ حاجتها من التشريع[2].
فالمصلحة العامة هي النفع التام الشامل موضوعاً أي معنوياً ومادياً والذي يستغرق ويعم الجماعة الكثيرة العدد من حيث النطاق الشخصي أو الإنساني للنفع، ويدخل في هذا دفع الضرر والفساد اللاحق بهذه الجماعة.
العلاقة بين المصالح العامة والخاصة:
مقابل المصالح العامة هناك المصالح الخاصة ونعني بها مصلحة الفرد فالمصلحة العامة تطلق مقابل المصلحة الفردية وكلاهما مراعى وإن كانت العامة أقوى وأولى بالتقديم والترجيح ولكنهما في الأصل يحكمها التكامل لأن صلاح الدنيا لا يقوم إلا بانتظام النوعين معا[3]
والمصلحة الخاصة ما فيه نفع الآحاد باعتبار صدور الأفعال من آحادهم ليحصل بإصلاحهم صلاح المجتمع المركب منهم، فالالتفات فيه ابتداء إلى الأفراد وأما العموم فحاصل تبعا[4].
والعلاقة بينهما علاقة الكليات بالجزئيات حيث لا ينتظم أمر أحدهما دون الآخر ولهذا كان صلاح الفرد وسيلة إلى صلاح الجماعة والأمة، كما أن صلاح الأمة والجماعة ينطوي على صلاح الفرد فيها، ولهذا تكاد المصالح الكلية والجزئية متلازمة في الشريعة، حيث إنه في كل مسألة تشتمل الشريعة على مصلحة جزئية وعلى مصلحة كلية، فأما الجزئية فهي ما يعرب عنها دليل كل حكم وحكمته، وأما الكلية فهي أن يكون المكلف داخلا تحت قانون معين من تكاليف الشرع في جميع تصرفاته[5].
مقومات المصلحة العامة:
قال الإمام الماوردي[6]: اعلم أن ما به تصلح الدنيا حتى تصير أحوالها منتظمة وأمورها ملتئمة ستة أشياء هي قواعدها وإن تفرعت وهي: دين متَّبع، وسلطان قاهر، وعدل شامل، وأمن عام، وخصب دائم، وأمل فسيح.
القاعدة الأولى: دين متبع
أي دين مطاع، والدين يصْرِف النفوس عن شهواتها، ويعطف القلوب عن إرادتها، حتى يصير قاهرا للسرائر، زاجرا للضمائر، رقيبا على النفوس في خلواتها نصوحا لها في ملماتها.. ولذلك ثبت أن الدين من أقوى القواعد في صلاح الدنيا، وهو الفرد الأوحد في صلاح الآخرة، وما كان به صلاح الدنيا والآخرة فحقيق بالعاقل أن يكون به متمسكا وعليه محافظا.
قال بعض الحكماء: الأدب أدبان: أدب شريعة وأدب سياسة، فأدب الشريعة ما أدى الفرض، وأدب السياسة ما عمر الأرض، وكلاهما يرجع إلى العدل الذي به سلامة السلطان وعمارة البلدان، لأن من ترك الفرض فقد ظلم نفسه، ومن خرب الأرض فقد ظلم غيره"
القاعدة الثانية: سلطان قاهر
تتألف برهبته الأهواء المختلفة، وتجتمع بهيبته القلوب المتفرقة وتنكف بسطوته الأيدي المتغالبة، وتنقمع من خوفه النفوس المتعادية".
فالسلطان هو الوازع الذي يزع الناس على الحق ويمنع الظلم، ولا بد أن بقوم للحق قوة تحميه وقهر لمن عاداه وناوأه وكما يرتدع الناس عن الفواحش والمنكرات بالبيان يرتدعون عنها بالسلطان كما قال عثمان (إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن)[7] أي ليمنع بالسلطان عن ارتكاب الفواحش والآثام، ما لا يمتنع كثير من الناس بالقرآن[8].
ومن خصائص الإسلام امتزاج الشريعة بالسلطان، إذ لا معنى للتشريع إلا تأسيس قانون للأمة، وما قيمة قانون لا تحميه القوة والحكومة . وبامتزاج الحكومة مع الشريعة أمكن تعميم الشريعة واتحاد الأمة في العمل والنظام[9].
فالقهر هنا يشير للسلطة السياسية وما لها من دور وصلاحيات في إدارة المجتمع وعلاقة توازن القوة المركبة بين المجتمع السياسي وصاحب سلطة الخلافة الأصلية ووجود السلطة الذي لا يتم تحقيق المقاصد الشرعية إلا به.
ويبين الماوردي ما يلزم قيادة الأمة من وظائف ومسالك يصلح بها أمر الأمة وهي سبعة أشياء[10]:

  1. حفظ الدين من التبديل فيه، والحث على العمل به من غير إهمال له.
  2. حراسة البيضة (أي حماية حوزة الإسلام وساحة الأمة) والذب عن الأمة من عدو في الدين أو من باغي نفس أو مال.
  3. - عمارة البلدان باعتمـاد مصالحها وتهذيب سبلها ومسالكها.
  4. - تقدير الأموال بسنن الدين من غير تحريف في أخذها وإعطائها.
  5. - رفع المظالم والأحكام بالتسوية بين أهلها واعتماد النصفة في فصلها.
  6. - إقامة الحدود على مستحقها من غير تجاوز فيها ولا تقصير عنها.
  7. - اختيار ولاة الأمور من أهل الكفاية فيها والأمانة عليها.
فإذا فعل من أفضى إليه سلطان الأمة هذه الأشياء السبعة كان مؤديا لحق الله تعالى فيهم، مستوجبا لطاعتهم ومناصحتهم، مستحقا لصدق ميلهم ومحبتهم .
وإن قصر عنها، ولم يقم بحقها وواجبها، كان بها مؤاخذا ثم هو من الرعية على استبطان معصية ومقت يتربصون الفرص لإظهارهما ويتوقعون الدوائر لإعلانهما .
القاعدة الثالثة: عدل شامل
والعدل من الاعتدال، فما جاوز الاعتدال فهو خروج عنه، عدل شامل يدعو إلى الألفة ويبعث على الطاعة وتتعمر به البلاد وتنمو به الأموال ويكثر معه النسل ويأمن به السلطان.
وليس شيء أسرع في خراب الأرض ولا أفسد لضمائر الخلق من الجور؛ لأنه ليس يقف على حد ولا ينتهي إلى غاية، ولكل جزء منه قسط من الفساد حتى يستكمل .
ولست تجد فسادا إلا وسبب نتيجته الخروج فيه من حال العدل إلى ما ليس بعدل من حالتي الزيادة والنقصان، فإذن لا شيء أنفع من العدل كما لا شيء أضر مما ليس بعدل[11]
القاعدة الرابعة: أمن عام
أمن تطمئن إليه النفوس، وتتيسر فيه الهمم ويسكن فيه البريء ويأنس به الضعيف، فليس لخائف راحة، ولا لحاذر طمأنينة.. لأن الخوف يقبض الناس عن مصالحهم ويحجزهم عن تصرفهم، ويكُفُّهم عن أسباب المواد التي بها قوام أودهم، وانتظام جملتهم.. والأمن المطلق ما عمَّ، والخوف قد يتنوع تارة ويعُم أخرى، فأما تنوعه فبأن يكون تارة على النفس، وتارة على الأهل، وتارة على المال، وعمومه أن يستوعب جميع الأحوال[12].
القاعدة الخامسة: خصب دارُّ:
تتسع النفوس به في الأحوال، ويشترك فيه ذو الإكثار والإقلال، فيقل في الناس الحسد، وينتفي عنهم تباغض العدم، وتتسع النفوس في التوسع، وتكثر المواساة والتواصل. لأن الخصب يئول إلى الغنى والغنى يورث الأمانة والسخاء[13].
القاعدة السادسة: أمل فسيح:
يبعث على اقتناء ما يقصر العمر عن استيعابه ويبعث على اقتناء ما ليس يؤمل في دركه بحياة أربابه.
ولو قصرت الآمال ما تجاوز الواحد حاجة يومه، ولا تعدى ضرورة وقته، ولكانت تنتقل إلى من بعده خرابا لا يجد فيها بلغة، ولا يدرك منها حاجة، ثم تنتقل إلى من بعد بأسوأ من ذلك حالا حتى لا ينمى بها نبت، ولا يمكن فيها لبث".
وجوب مراعاة هذه المقومات:
هذه المقومات التي تمثِّل أساس تحقيق المصلحة العامة يجب مراعاتها والمحافظة عليها من جانب الوجوب ومن جانب العدم وإلا اختلَّ نظامُ الأمة واهتز ت أركانه حتى تُجسِّد الخيريةَ التي وصفها الله بها ﭽ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭼ آل عمران: ١١٠ ، فأي تشريع أو تقنين ينبغي أن يكون مراعيا تحقيق هذه المقومات ويحافظ عليها إيجادا بتشريع ما يقيم أركانها ويدعم بناءها ومن جانب العدم لا يجوز أن يقع أي تشريع أو تقنين يخالف هذه المقومات أو يقوضها، وكذلك الأمر في جانب بيان الأحكام الشرعية بالفتوى.
فكل ما تعلَّق بدين الأمة وما ينبغي أن تكون عليه من سيادة الأمن والعدل والأمل والأمن الغذائي ويحرس كلَّ ذلك حاكمٌ أمين عادل يقيم العدل ويحفظ السيادة والنظام العام هو من قبيل المصالح العامة مقصدا أو وسيلة جوهرا أو تكميلا ينبغي مراعاته واعتبار أهميته فلا يخاض فيه الرويبضة كما جاء في الحديث : عن أبي هريرة t عن النبي e قال: ) تأتي على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين وينطق فيهم الرويبضة قيل: يا رسول الله وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة(.[14]
مراعاة المصلحة العامة في الأحكام الشرعية:
تكون المصلحة العامة مراعاة في استصدار الأحكام الشرعية ابتداء أو عند التعارض وفي كلا الحالين وسيلة أو قصدا. كما تتضمن المصلحة العامة دفع الضرر العام.
فالمصلحة العامة مطلوبة التحقيق ابتداء وذلك عبارة عن مراعاتها من جانب الوجود، سواء كانت تلك المصلحة نفسها مقصودة، وقد تطلب من باب الوسائل إذا كانت وسيلة وطريقا لتحقيق مصلحة عامة لأن الوسائل تأخذ أحكام مقاصدها اعتبارا أو سقوطا وإلغاء.
ومن شأن المصلحة العامة أن تقدم على ما عارضها أو أدى إلى إلغائها من دونها من المصالح فنفوت المصالح الخاصة أو القليلة الشأن لصالح اعتبار أو المحافظة على المصالح العالية أو الكبيرة، وهكذا ندرأ الضرر العام والكبير ولو أفضى إلى ارتكاب ما هو دونه لأنه ثبت أن اعتناء الشارع بالمصالح العامة أوفر وأكثر من اعتنائه بالمصالح الخاصة[15]
وقواعد الشرع المتظافرة تقتضي أنه: (إذا تعارضت مفسدتان روعي أعظمهما بارتكاب أخفها)، و(يتحمل الضرر الخاص لصالح العام)، و(يختار أهون الشرين)[16].
وبالمقابل يجب تحصيل أعظم المصلحتين ولو بإهدار مصلحة أخف وأقل منها[17].
نماذج من الفقه النبوي في مراعاة المصلحة العامة:
ترك بناء الكعبة على قواعد إبراهيم مراعاة لشعور قريش:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله e ) لولا حداثة قومك بالكفر لنقضت البيت ثم لبنيته على أساس إبراهيم عليه السلام فإن قريشا استقصرت بناءه وجعلتُ له خَلْفاً( [18]
قال ابن بطال: قد ذكر الرسول e أنه إنما امتنع من رده على قواعد إبراهيم خشية إنكار قريش لذلك. وفى هذا من الفقه أنه يجب اجتناب ما يُسْرِعُ الناس إلى إنكاره وإن كان صوابًا، وقد روى أن هارون الرشيد ذكر لمالك بن أنس أنه يريد هدم ما بناه الحجاج من الكعبة، وأن يرده إلى بنيان ابن الزبير، فقال له: ناشدتك الله يا أمير المؤمنين أن لا تجعل هذا البيت ملعبة للملوك، لا يشاء أحد منهم إلا نقض البيت وبناه فتذهب هيبته من صدور الناس)[19].
فترك البيت على حاله رغم مخلفة بنائه قواعد إبراهيم وإخراج جزء كبير منه مع المحافظة عللا اجتماع الأمة أولى من إعادة بنائه على الوجه الصحيح لكن بحصول فتنة أو لغط من الناس.
ترك قتل المنافقين:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كنا في غزاة فكسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار فقال الأنصاري يا للأنصار وقال المهاجري يا للمهاجرين فسمعها الله رسوله e قال ( ما هذا ) . فقالوا كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار فقال الأنصاري يا للأنصار وقال المهاجري يا للمهاجرين فقال النبي e ) دعوها فإنها منتنة (. قال جابر: وكانت الأنصار حين قدم النبي e أكثر ثم كثر المهاجرون بعد. فقال عبد الله بن أُبي أو قد فعلوا والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل فقال عمر بن الخطاب t دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق قال النبي e ) دعه لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه ([20].
فقد ترك قتل من استحق القتل كالمنافقين والسحرة خشية أن يثير بسبب قتلهم فتنة أو لئلا ينفر الناس عن الدخول في الإسلام[21]. فمراعاة اجتماع الناس وتأليف قلوبهم على الإسلام أولى من تنفيذ حد استحقه فرد من أفراد المجتمع.
شمول مراعاة المصلحة العامة للعزائم والرخص:
إذا ثبت أن المصلحة العامة مراعاة في الشريعة في الأحوال التشريعية العادية حتى ينتظم نظام الأمة ويسلم من الاختلال والفساد وذلك يفضي إلى ضياع هيبتها وزعزعة استقرارها وذهاب ريحها وقوتها، فإن تلك المصلحة أحوج ما تكون إلى المراعاة والاعتبار والنظر في حال الضيق والشدة وجريان الأمور على غير العهد المعتاد وهي المسماة عند علماء الشريعة بحالات الترخص لوجود أسبابه وهي الوقوع في الشدة والضيق والحرج الموجب للتيسير والرفع والتخفيف.
فإذا كانت الرخص في حق الأفراد قد أخذت النصيب الأوفر من كلام الفقهاء والأصوليين تنزيلا للأسباب أو تمثيلا بمواطن الترخيص لغرض التسهيل والخروج من الضيق وهو قاعدة شرعية كلية عامة فإن هذه القواعد أكثر مناسبة للأحوال العامة للأمة وهي أحوج للترخص من خصوص الأفراد، فمجموع الأمة أيضا قد تعتريه من المشقة والضيق ما يستوجب الترخص ورفع الحرج.
فقاعدة: (الضرورات تبيح المحظورات)، و(المشقة تجلب التيسير)، و(لا ضرر ولا ضرار)، و(يختار أهون الشرين)، (وإذا ضاق الأمر اتسع)، و(الحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة كانت أو خاصة)، .......تجد لها فضاء واسعا للتطبيق في مختلف المجالات العامة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها ولا يقتصر أمر تطبيقها على الحالات الفردية فقط وتحرم الأمة بعمومها من التوسعة لما قدمنا أن الضرر العام مقدم في الاعتبار على الخاص، ولأن في إهدار الضرر العام بالأمة إهدارا للضرر الخاص بالأفراد ضرورة.
ويلتمس هذا التوجه من تتبع أحوال التشريع ومراحله حيث وجدنا الشارع يبيح الشيء الذي شأنه المنع – نظرا لأدلة الشرع- لأجل التوسعة على الأمة أو لعموم البلوى أو لعسر ترك الشيء وعدم القدرة على الصبر على تركه فغلب هذه المصالح على ما اكتنفته من مفاسد الغرر أو الجهالة ونحوها مما هو ضرر عام مستمر ودائم...وهذا الأمر يلحظ جليا في جملة من العقود الشرعية كالسلم[22] والعرايا[23] والمساقاة[24] والمزارعة [25]والإجارة[26] والجعالة[27] ....
فإذا كان الضرر العام المستمر مراعى شرعا حتى استوجب الترخيص الشرعي دونما اشتراط الحاجة أو الاضطرار بل تسري عليه أحكام المباحات الأصلية حتى إنها لا تعد رخصا ولا تنتظمها أحكام الرخصة لإباحة الشارع لها إباحة مطلقة غير قاصرة على حالة الضيق أو ما قاربها، فإن ما يعرض للأمة من ضرر عام مؤقت أو عارض جدير بأن ينال حظه من الترخيص، فإذا عرض للأمة أو طائفة منها حالة اضطرار تستدعي إباحة الفعل المحظور أو ترك الواجب لتحقيق مقصد شرعي مثل سلامة الأمة وإبقاء قوتها .....فإن اعتبار هذه الضرورة والقول بالترخص لأجلها أولى بالضرورة التي قلنا باعتبارها في ترخص الأفراد لقيام الضرر الفاحش والحرج الشديد والمشقة غير المعتادة اللاحقة بالناس أكثر مما هو موجود لدى آحاد الأفراد.
أسباب الترخيص في حق عموم الأمة:

  • فساد الزمان:
إذا كثر الفساد في الأرض واشتهرت المناكر بحيث لا يسلم المكلف في الغالب من ملابسة المنكر عند أخذه في حاجاته وتصرفه فإن الحرج مرفوع ولا يطالب الناس بترك المباح بحجة مقارنته للحرام لأنه ليس كل مباح أدى لمفسدة يطلب تركه بل منها ما هو كذلك ومنها ما لا يطلب الخروج عنه وإن اعترضت العوارض. لأن المكلف لا بد له من اقتضاء حاجاته سواء كانت مطلوبة بالكل أو بالجزء لأن فرض الكف عن كل ذلك يؤدي إلى التضييق والحرج أو إلى التكليف بما لا يطاق وذلك مرفوع عن هذه الأمة فلا بد للإنسان من ذلك ولكن مع ترك ما يستطاع الكف عنه وهكذا الشأن في كل ما كان مباح الأصل إذا أدى الاحتراز من العارض للحرج فإن الحرج مرفوع ولا يترك المباح لأجل هذا العارض الذي فيه فساد[28].

  • غلبة المحرمات على معاملات الناس:
إذا عم الحرام وغلب على معاملات الناس حتى أصبح الحلال نادرا أو عزيزا فإنه يجوز استعمال ما تدعو إليه الحاجة ولا يقف تحليل ذلك على الضرورات لأن ذلك يفضي إلى ضعف العباد واستيلاء الأعداء على بلاد المسلمين ولا يقطع الناس عن الحرف والصنائع والأسباب التي تقوم بمصالح الناس ولكن لا يتبسط في هذه الأموال كما يتبسط في الحلال بل يقتصر على ما تدعو الحاجة إليه وهذا كما لو كانت تلك يجهل مستحقوها مع رجاء معرفتهم مستقبلا ، ولو دعت ضرورة واحدا إلى غصب أموال الناس لجاز له ذلك بل يجب عليه إن خاف الهلاك ، وإذا وجب هذا لإحياء نفس واحد فما الظن بإحياء نفوس[29].
فهذا الوضع يتكرر اليوم في كثير من بلاد غير المسلمين ويعرض للأقليات الإسلامية بحكم تواجدهم في بيئة غير إسلامية ويعيشون بين غير المسلمين حيث تقل أو تنعدم المعاملات الشرعية فتدفعهم الضرورة لارتكاب بعض المحرمات أو ترك بعض الواجبات أو تغيير ها.
بل وقد يوجد مثل هذا الوضع في بعض مجالات الحياة في بلاد المسلمين وخاصة في جانب المعاملات المالية لانتشار البنوك الربوية وندرة أو انعدام البنوك والمصارف التي تعتمد الشريعة الإسلامية في معاملاتها.
فالأوضاع الاستثنائية أو غير العادية ينبغي أن تراعى خصوصيتها وألا تطرد الأحكام العادية معها ولا تعامل معاملتها.

  • عموم البلوى واستعمال الناس:
من أهم أسباب التخفيف والترخص في حق عموم الأمة عموم البلوى لما في ذلك من شدة وعسر وحرج وقد رفع الحرج والضيق من الشريعة سواء كان ذلك في العبادات أو المعاملات المختلفة مالية وغير مالية، كما أن الشارع قد راعى استعمال الناس فأوجب هذا الاستعمال الترخيص والتيسير عليهم لما في إلزامهم ترك المعهود من مشقة وحرج ولذلك اعتبر العوائد ولم يصادم الناس برفضها مطلقا، وهكذا نجد الفقهاء كثيرا ما يعللون إباحة ما فيه بعض أسباب المنع باستعمال الناس وتعودهم عليه كبيع المعاطاة وما فيه غرر يسير.
ومن ذلك ما تكلم عليه الفقهاء قديما وأفتوا بجوازه بناء على عموم البلوى به مع ما فيه من أسباب المنع كبيع الوفاء[30] والخلو عند الحنفية[31] وفتوى بعض الأندلسيين بجواز كراء الأرض الوقفية على التأبيد حين زهد الناس في اكترائها لما تحتاجه أرض الزرع منقوة الخدمة ووفرة المصاريف فأعرض الناس عن كراء الأرض للزراعة أو البناء عليها ثم قلع ما زرعوا أو أحدثوا على الأرض فقال ابن السراج وابن منظور بجواز كرائها على التأبيد وأن لا غرر في ذلك التأبيد بذلك أفتى اللقاني في مصر في إحكار الأوقاف
من القضاييا الكبرى المعاصرة المتعلقة بمصالح الأمة:
إقامة المسلم في أرضه التي احتلها العدو أو خروجه منها، نصرة القضايا الإسلامية العادلة بالوسائل المعاصرة، قضية التجنس بجنسية دولة غير مسلمة، العمليات الاستشهادية لمقاومة المحتل، الاستعانة بالقوات الأجنبية من قبل بعض المسلمين،.
1- الإقامة بين ظهراني المبتدعة أو غيرهم لتثبيت الدين والعامة أولى من الخروج من البلد بحجة الفرار من الفتنة:
يذكر علماء المالكية أنه في أثناء تسلط العبيديين الشيعة على القيروان والتنكيل بعلماء السنة إجبارهم على (التشرق) أي التشيع قام من الفقهاء[32] من ينكر على علماء القيروان رضاهم الإقامة في بلد تحارب فيه السنة وكتب إليهم في ذلك فأجابوه[33] أسكت لا شيخ لك، أي لأن درسه كان وحده، ولم يتفقه في أكثر علمه عند إمام مشهور، وإنما وصل الى ما وصل بإدراكه، ويشيرون أنه لو كان له شيخ يفقهه حقيقة الفقه لعلم أن بقاءهم مع من هناك من عامة المسلمين تثبيت لهم على الإسلام، وبقية صالحة للإيمان، وأنهم لو خرج العلماء عن إفريقية لتشرّق من بقي فيها من العامة الألف والآلاف فرجحوا خير الشرين[34].
فليس كل من ضيق عليه في دينه في بلد يسارع إلى الفرار بجلده ويترك ظهر البلد عرضة لمزيد من الشر والفتن بل هو مطالب بالصبر على الباطل وتحمل الأذى ويجتهد في مقاومة الباطل والدعوة للحق ولا يستسلم لكثرة الأذى والعقبات التي عادة ما تصاحب الدعوة إلى الحق، فالدعوة إلى الخروج من البلد والفرار من الفتن هو في الحقيقة فرار من الزحف[35]، فهل يقال لكل من تسلط عدو على أرضه يجب عليه أن تصبر ويصابر ويرابط ويجاهد حتى يأتي نصر الله كما فعل سنة القيروان وغيرهم، أم يقال له اخرج من هذا البلد واتركه لعدوك وسلم الأمر له ليعيث في الأرض فسادا فيسهم بذلك في نشر الكفر والفساد بدعوى الفرار بالدين من الفتن.
وقد تكون المصلحة الحقيقية في بقاء هؤلاء في بلدهم والثبات في أرضهم وبلدهم ولو تحت الفتنة والقهر والمفسدة في الخروج أو الفرار، والمصلحة هنا إما في نفس البقاء والثبات لما في هذا البقاء من مصالح عامة في الآجل وهو التمكين لدين الله في تلك البلاد وعدم تركها للكفار والمفسدين أو لعدم قدرتهم على الهجرة أو الفرار من البلد الذي تسبط عليه الكفار وأجبروهم على ما لا يرضاه دينهم كما حصل مع بعض أهل الأندلس فأتى الإمام أحمد بن أبي جمعة المغراوي[36] أهل الأندلس لما تغلّب النصارى عليهم وأجاز لهم فيها إخفاء الإسلام وإظهار شعائر النصارى للضرورة[37].
أو إن المصلحة المقصودة هنا فيما سيتحقق من مصالح راجحة على الأضرار الحاصلة ببقائهم تحت الأذى والقهر والفتنة كما حصل من النبي مع المستضعفين في مكة في صلح الحديبية حين جاء في بعض بنودها تسليم الرسول e من يلتحق به من مسلمي مكة لكفار قريش[38] محافظة على الصلح والهدنة المبرمة بين المسلمين والمشركين ووضع الحرب أوزارها ليتفرغ الرسول e للدعوة إلى الله لسائر القبائل العربية وخارج الجزيرة حتى دخل الناس في دين الله أفواجا وفتحت مكة بعد سنتين فقط من عقد الصلح.
2- نصرة المسلمين المستضعفين بالوسائل المعاصرة:
من القضايا المطروحة بحدة في كثير من المجتمعات الإسلامية كيفية تعامل الشعوب مع القضايا العادلة في الأمة الإسلامية كطرق نصرتها عن طريق الدعم الشعبي كالمظاهرات السلمية باعتبارها أقل ما يمكن فعله من النصرة التي يوجبه الشرع[39]
وكذلك التعامل مع القضايا الكبرى للأمة كإعطاء الأمة حق مراقبة ومحاسبة مسؤوليها وقبل هذا حق الأمة في تنصيب حكامها وعزلهم ليكونوا في خدمتها لا أن يكونوا على نمط من النظام الكهنوتي الذي يظفي القداسة والعصمة للحاكم تجعله في منأى عن المساءلة والمحاسبة على أفعاله.
المصلحة العامة والاجتهاد الجماعي المنظم:
حماية لمقومات الأمة من الضياع أو التعرض للضعف والهوان، وحرصا على استمرار المصالح العامة ووقاية لها من التفويت جراء فتاوى ارتجالية أو فردية قد لا تسلم من العجلة وسوء التقدير أو عدم المعالجة الكافية للقضية وعدم الإحاطة بالمسألة إحاطة شاملة تراعي الأدلة ومناطها وتستشرف جميع المآلات فإنه من الأنسب لمثل كل هذه القضايا مناقشتها في إطار جماعي ومنظم يشترك فيه جميع أهل العلم والنظر ممن لهم تعلق بموضوع المسألة مع مراعاة ما يلي:

  1. إشراك جميع المعنيين بالفتوى والنظر في المسألة .
  2. الحرص على من جمع بين العلم والعدالة وليس الاكتفاء بمن أظهرتهم المناصب الإدارية أو المنابر الإعلامية فقط.
  3. تنظيم الفتوى بما يتناسب مع حاجة المجتمع ويضمن بقاءها لخدمة الشرع بعيدا عن كل المؤثرات الأخرى (سياسية أو اقتصادية أو حزبية .....)
  4. توخي الحذر والتريث عند التطرق للمسائل المتعلقة بالمصالح العامة سواء في الفتوى أو في التشريع والقضاء.
  5. دراسة قضايا الأمة الكبرى دراسة وافية ومتقصية ومتخصصة من كل جوانبها بعيدا عن جميع المؤثرات التي تحرف الفتوى عن مقصدها وحقيقتها الشرعية.
الخلاصة:
إن المسائل المتعلقة بالمصالح العامة ذات أهمية بالغة ينبغي التحفظ والحذر في تناولها أو مناقشتها،
يجب أن ينبري علماء الأمة بكل أطيافها لمناقشة ودراسة القضايا الكبرى للأمة دراسة جادة ووافية
وجوب انحياز العلماء لأمتهم وخدمة قضاياها الكبرى والحذر من خدمة الأغراض الشخصية أو السلطوية على حساب مصالح الأمة تحت أي تبرير.
إن المصالح العامة ذات أبعاد خطيرة وآثار جسيمة في الحال والمآل فلا يجوز الخوض فيه إلا ممن استجمع النظر المتكامل مع الصدق والأمانة وملكة الاجتهاد والنظر وهو مسلك لا حظ للقصر والبله والعامة فيه.





[1] مقاصد الشريعة لابن عاشور ص 66.

[2] مقاصد الشريعة لابن عاشور ص 86

[3] يقول الماوردي: صلاح الدنيا معتبر من وجهين: أولهما ما ينتظم به أمور جملتها. والثاني ما يصلح به حال كل واحد من أهلها، فهما شيئان لا صلاح لأحدهما إلا بصاحبه. أدب الدنيا والدين 1/161.

[4] مقاصد الشريعة لابن عاشور ص 66.

[5] انظر الموافقات للشاطبي 4/386.

[6] أدب الدنيا والدين 1/161.

[7] مجموع فتاوى ابن تيمية - 3/ 18.

[8] تفسير القرآن العظيم لابن كثير - (ج 5 / ص 111، فتح القدير للشوكاني 3/252.

[9] التحرير والتنوير 1 / 729.

[10] الماوردي 1/167. وقد حصر الماوردي وظائف الحاكم أو الإمام في عشر ...الأحكام السلطانية ص 18.

[11] أدب الدنيا والدين 1 / 174.ُّ

[12] نفسه 1/175.

[13] أدب الدنيا والدين 1/ 177.

[14] رواه ابن ماجة في الفتن، باب شدة الزمان (4026) المستدرك على الصحيحين للحاكم (8439) وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي، وأحمد في المسند (7899). وفي رواية للحاكم في المستدرك (8564) قيل يا رسول الله وما الرويبضة ؟ قال: السفية يتكلم في أمر العامة.

[15] انظر قواعد الأحكان للعز بن عبد السلام 2/75.

[16] انظر في ذلك القواعد الكلية والضوابط في الفقه الإسلامي ص 122- 125

[17] الأصل أن من قدر على الجمع بين تحصيل المصلحتين أو درء المفسدتين تعين عليه ذلك ولكن عند تعذر الجمع وجت تحصيل أصلح المصلحتين ودرء أفسد المفسدتين. انظر في تفصيل ذلك قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام ، فصل في اجتماع المصالح والمفاسد 1/83- 109.

[18] البخاري في كتاب الحج، باب فضل مكة وبنيانها (1508). ومسلم في كتاب الكعبة، باب نقض الكعبة وبنائها (3304)

[19] شرح صحيح البخارى ـ لابن بطال 4 / 264.

[20] البخاري في التفسير، باب تفسير سورة المنافقون (4624)، ومسلم (6748)

[21] فتح الباري 10/231.

[22] السلم عقد معاوضة يوجب عمارةَ ذمةٍ بغيرِ عينٍ ولا منفعةٍ غيرَ متماثلِ العوضين. شرح حدود ابن عرفة

[23] العرايا جمع عرية وهي بيع الرطب في رؤوس النخلة بتمر كيلا، أو هو بيع ما على النخلة من الرطب ليؤكل في الحال بقدره تمرا تخمينا. القاموس الفقهي 1/250. معجم لغة الفقهاء 1/114.بداية المجتهد 2/177.
وقال ابن حجر: إنها عطية ثمر النخل دون الرقبة، كان العرب في الجدب يتطوع أهل النخل بذلك على من لا ثمر له كما يتطوع صاحب الشاة أو الإبل بالمنيحة وهي عطية اللبن دون الرقبة. فتح الباري 4/390.
قال أبو عمر: والعرايا مستثناة من المزابنة بالسنة وهي جائزة في جميع الثمار ومعنى العرية أن يهب الرجل رجلا ثمرة نخلة أو نخلات أو ثمرة شجرة أو شجرات من التين والزيتون أو حديقة من العنب فيقبضها المعطي ثم يريد المعطي شراء تلك الثمرة منه لأن له أصلها فجائز له شراؤها ذلك العام بخرصها تمرا إلى الجذاذ إذا كان الخرص خمسة أوسق فدون. الكافي لابن عبدالبر 1 /315)

[24] أن يدفع الرجل كرمه أو حائط نخله أو شجر تينه أو زيتونه أو سائر مثمر شجره لمن يكفيه القيام بما يحتاج إليه من السقي والعمل على أن ما أطعم الله من ثمرتها فبينهما نصفين أو على جزء معلوم من الثمرة. الكافي لابن عبدالبر 1 / 381.

[25] المزارعة من الزرع وهي الشركة في الزرع بين صاحب الأرض والعامل. ولها شبه بين الشركة الإجارة أو كراء الأرض وشرطها عند المالكية ألا يكون كراء الأرض بما يخرج منها أو بطعام ولكن بنقود أو عروض أو حيوان ونحوها. الشرح الكبير للدردير 3/372.

[26] الإجارة تمليك منافع شيء مباحة مدة معلومة بعوض. الشرح الكبير للشيخ الدردير 4/2، لباب اللباب لابن راشد ص 271

[27] عقد معاوضة على عمل آدمي بعوض غير ناشئ عن محله به لا يجب إلا بتمامه لا بعضه ببعض. مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل 7 / 595.

[28] الموافقات للشاطبي 3/231-232.

.[29] قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام 2/ 160. مقاصد الشريعة لابن عاشور 126

[30] ويسمى أيضا بيع الأمانة والرهن المعاد وبيع الطاعة، وجه تسميته بيع الوفاء أن فيه عهدا بالوفاء من المشتري بأن يرد المبيع على البائع حين رد الثمن، وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي بِعْت مِنْك هَذَا الْعَيْنَ بِدَيْنٍ لَك عَلَيَّ عَلَى أَنِّي مَتَى قَضَيْتُ الدَّيْنَ فَهُوَ لِي أَوْ يَقُولُ الْبَائِعُ بِعْتُك هَذَا بِكَذَا عَلَى أَنِّي مَتَى دَفَعْتُ لَك الثَّمَنَ تَدْفَعُ الْعَيْنَ إلَيَّ وبعض الفقهاء يسميه البيع الجائز، ولعله مبني على أنه بيع صحيح لحاجة التخلص من الربا حتى يسوغ للمشتري أكل ريعه، وبعضهم يسميه بيع المعاملة. ووجهه أن المعاملة ربح الدين وهذا يشتريه الدائن لينتفع به بمقابلة دينه. حاشية رد المحتار 2/ 364 تنقيح الفتاوى الحامدية 3/245.

[31] الخلو المتعارف في الحوانيت هو أن يجعل الواقف أو المتولي أو المالك على الحانوت قدرا معينا يؤخذ من الساكن ويعطيه به تمسكا شرعيا فلا يملك صاحب الحانوت بعد ذلك إخراج الساكن الذي ثبت له الخلو ولا إجارتها لغيره، ما لم يدفع له المبلغ المرقوم، فيفتى بجواز ذلك قياسا على بيع الوفاء الذي تعارفه المتأخرون احتيالا عن الربا، حتى قال في مجموع النوازل: اتفق مشايخنا في هذا الزمان على صحته بيعا لاضطرار الناس إلى ذلك. حاشية رد المحتار 6 / 308.

[32] المقصود به أحمد بن نصر الداودي الأسدي أبو جعفر، من أئمة المالكية بالمغرب، أصله من المسيلة، وقيل من بسكرة كان بطرابلس وبها أصَّل كتابَه في شرح الموطأ ثم انتقل إلى تلمسان. وكان فقيهاً فاضلاً متقناً مؤلفاً مجيداً له حظ من اللسان والحديث والنظر. ألف كتابه النامي في شرح الموطأ، والواعي في الفقه، والنصحية في شرح البخاري، والإيضاح في الرد على القدرية وغير ذلك

[33] من علماء السنة المالكية الذين صمدوا بالقيروان وقاوموا الدعوة العبيدية بها الإمام أبو محمد بن أبي زيد القيرواني وأبو الحسن القابسي وابن التبان وأبو القاسم بن شبلون.

[34] ترتيب المدارك وتقريب المسالك 1 / 497.

[35] ينطبق هذا القول على جميع من استولى الكفار على أرضهم كما كان الحال عندنا في الجزائر وغير من بلدان المسلمين، فلولا صبر الأهالي وتشبثهم بأرضهم وتحمل أهل البلد المسلمين شتى ألوان الإيذاء لما كانت هذه البلدان تنعم اليوم بالحرية، وهو الكلام الذي يجب توجيهه للمسلمين القابعين تحت الاحتلال إلى اليوم خاصة بالأرض المقدسة (فلسطين) وكذلك العراق وأفغانستان.

[36] «المغراوي» نسبة إلى مغراوة وهي قبيلة من زناته، إحدى القبائل الكبار من برابرة المغرب، ومجالات زناته هي الجهة الغربية من المغرب الأوسط، ومنه يفهم نسبته إلى وهران المدينة المعروفة، فإنها تقع في مجالات مغراوة. والفاسي نسبة إلى فاس لأنه توفي بها. العبر وديوان المبتدأ والخبر (7/1/51). ودليل الحيران ص 37. وهو والد محمد بن أحمد المغراوي المدعو شقرون صاحب تقريب النافع في الطرق العشر لنافع و تقييد على مورد الظمآن الجيش الكمين لقتال من يكفر عامة المسلمين. انظر كفاية المحتاج لمعرفة من ليس في المنهاج ص 146.

[37] وقد نشر فتوى أحمد المغراوي التي أرسلها إلى أهل الأندلس محمد عبد الله عنان. انظر: دولة الإسلام في الأندلس ـ العصر الرابع ـ ص 342 ـ 344.

[38] عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: صالح النبي e المشركين يوم الحديبية على ثلاثة أشياء على من أتاه من المشركين رده إليهم ومن أتاهم من المسلمين لم يردوه وعلى أن يدخلها من قابل ويقيم يها ثلاثة أيام ولا يدخلها إلا بجلبان السلاح السيف والقوس ونحوه، فجاء أبو جندل يحجل في قيوده فرده إليهم. قال لم يذكر مؤمل عن سفيان أبا جندل وقال إلا بجلب السلاح. البخاري، كتاب الصلح، باب الصلح مع المشركين. (2553).

[39] ترددت على ألسنة بعض العلماء تبريرات غريبة للقول بعدم مشروعية التظاهر إما على أنها من تقبيد الكفار أو هي من آثار الأنظمة الديمقراطية أو للفوضى والأضرار التي يلحقها المتظاهرون بالممتلكات والمرافق العامة وأغرب التعليلات في المنع أنها مشغلة عن ذكر الله !.
 
أعلى