رد: تغطية الراس
قال النووي في المجموع:
قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَآخَرُونَ: يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَدْخُلَ الْخَلَاءَ مَكْشُوفَ الرَّأْسِ.
قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ شَيْئًا وَضَعَ كُمَّهُ عَلَى رَأْسِهِ.
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَدْخُلَ الْخَلَاءَ حَافِيًا , ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ فِي كِتَابِ الْأَقْسَامِ.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادِهِ حَدِيثًا مُرْسَلًا , { أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ لَبِسَ حِذَاءَهُ وَغَطَّى رَأْسَهُ }.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا عَنْ عَائِشَةَ " { كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ غَطَّى رَأْسَهُ وَإِذَا أَتَى أَهْلَهُ غَطَّى رَأْسَهُ } " لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : وَرُوِيَ فِي تَغْطِيَةِ الرَّأْسِ عِنْدَ دُخُولِ الْخَلَاءِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه وَهُوَ صَحِيحٌ عَنْهُ.
قُلْت : وَقَدْ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ الْمُرْسَلَ وَالضَّعِيفَ وَالْمَوْقُوفَ يُتَسَامَحُ بِهِ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ وَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَاهُ وَهَذَا مِنْهَا.
أما في الصلاة: فقال الله تعالى: {خذوا زينتكم عند كل مسجد}
الفتاوى الفقهية الكبرى (1/ 169)
(وَسُئِلَ) - نَفَعَ اللَّهُ بِهِ - حَيْثُ جَاءَ ذِكْرُ الْعِمَامَةِ فِي الصَّلَاةِ، فَمَا حَدُّهَا الَّذِي تَحْصُلُ بِهِ الْفَضِيلَةُ وَالْإِجْزَاءُ؟ وَهَلْ صَحَّ كَمْ كَانَ قَدْرُ عِمَامَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ وَأَيْضًا فَحَيْثُ قِيلَ بِاسْتِحْبَابِ الْعِمَامَةِ فِي الصَّلَاةِ فَهَلْ يَقُومُ مَقَامَهَا عِنْدَ عَدَمِهَا أَوْ وُجُودِهَا غَيْرُهَا مِنْ قَلَنْسُوَةٍ أَوْ شِبْهِهَا، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ جِلْدٍ، وَأَهْلُ الْمَشْرِقِ يُسَمُّونَ ذَلِكَ خُوذَةً، ...، وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ قَدْرَ عِمَامَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبْعَةُ أَذْرُعٍ وَهُوَ عِنْدِي غَيْرُ صَحِيحٍ؟ .
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: حَدُّ الْعِمَامَةِ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا الْفَضِيلَةُ الْمُشَارُ إلَيْهَا بِحَدِيثِ «صَلَاةٌ بِعِمَامَةٍ خَيْرٌ مِنْ سَبْعِينَ صَلَاةً بِلَا عِمَامَةٍ» - الْعُرْفُ؛ فَمَا سَمَّاهُ الْعُرْفُ عِمَامَةً - قَلَّ أَوْ كَثُرَ - حَصَلَتْ بِهِ الْفَضِيلَةُ، وَمَا لَا فَلَا. وَتَحْدِيدُهَا بِنَحْوِ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ لَمْ يَصِحَّ فِيهِ شَيْءٌ، وَإِنَّمَا وَقَعَ فِي كَلَامِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ كَابْنِ الْحَاجِّ الْمَالِكِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ فِي مَدْخَلِهِ: وَإِذَا كَانَتْ الْعِمَامَةُ مِنْ بَابِ الْمُبَاحِ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ فِعْلِ سُنَنٍ تَتَعَلَّقُ بِهَا؛ مِنْ تَنَاوُلِهَا بِالْيَمِينِ وَالتَّسْمِيَةِ وَالذِّكْرِ الْوَارِدِ - إنْ كَانَتْ مِمَّا لُبِسَ جَدِيدًا - وَامْتِثَالِ السُّنَّةِ فِي صِفَةِ التَّعْمِيمِ مِنْ فِعْلِ التَّحْنِيكِ وَالْعَذَبَةِ وَتَصْغِيرِ الْعِمَامَةِ - يَعْنِي سَبْعَةَ أَذْرُعٍ أَوْ نَحْوَهَا - يُخْرِجُونَ مِنْهَا التَّحْنِيكَ وَالْعَذَبَةَ، فَإِنْ زَادَ فِي الْعِمَامَةِ قَلِيلًا؛ لِأَجْلِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ فَيُتَسَامَحُ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ: قَوْله تَعَالَى {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7] : فَعَلَيْك أَنْ تَتَسَرْوَلَ قَاعِدًا، وَتَتَعَمَّمَ قَائِمًا، وَنَحْوُ الْقَلَنْسُوَةِ لَا تُحَصِّلُ فَضِيلَةَ الْعِمَامَةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى عِمَامَةً....