العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

فهم التشيع جزء 4 مجمل عقائد الشيعة

د. نعمان مبارك جغيم

:: أستاذ أصول الفقه المشارك ::
إنضم
4 سبتمبر 2010
المشاركات
197
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
الجزائر
المدينة
-
المذهب الفقهي
من بلد يتبع عادة المذهب المالكي
مجمل المعتقدات الشيعية

لقد نشأت من رحم التيار الشيعي عشرات الفرق المختلفة، وعلى الرغم من اختلافاتها الكثيرة سواء في تعيين سلسلة الأئمة أم في المسائل العقدية والسياسية، إلا أنها توجد بينها قواسم مشتركة تجمعها، وفيما يأتي أهم تلك القواسم المشتركة.

1- الإمامة
: فهم جميعا يشتركون في القول بوجود أئمة معينين بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، إلا أنهم اختلفوا في طريقة تعيينهم، فبعضم يزعم أنهم مُعيَّنون بالأسماء، بمعنى أنه وردت وصية من الله عز وجل والرسول صلى الله عليه وسلم بأسماء أولئك الأئمة، وهؤلاء اختلفوا في عدد الأئمة الذين ورد النص بتعيينهم. ولما وقع اضطراب في الأسماء المزعومة لبعض تلك الفِرق برروا ذلك التغيير بأن الله -تعالى عن ذلك علوا كبيرا- بَدَا له ما لم يكن يعلمه من قبل فغيَّر أسماء الأوصياء بالإمامة، وهذا قول الشيعة الإثني عشرية. ومنهم من زعم أن تعيين الأئمة لم يكن بالأسماء، بل كان بالأوصاف فقط، وأنه كان من الواجب على المسلمين -بدءا من الصحابة رضي الله عنهم- التعرُّف عليهم من خلال تلك الأوصاف ومبايعتهم بالإمامة، ولكن الصحابة قصَّروا حيث لم يتعرفوا على الوصف ولم يطلبوا الموصوف (علي بن أبي طالب) ونصبوا أبا بكر باختيارهم فكفروا بذلك، وهذا قول الشيعة الجارودية. ([1])وقد شذّ سليمان بن جرير زعيم فرقة الشيعة السليمانية عن القول المعتمد بين الشيعة في الإمامة فقال إن الإمامة شورى بين الناس، وأنها تصح في المفضول مع وجود الأفضل، وأثبت صحّة خلافة أبي بكر وعمر باختيار الأمة حقًّا اجتهاديا، مع قوله إن الأمة أخطأت في اختيارهما مع وجود علي بن أبي طالب، ولكنه خطأٌ لا يبلغ درجة الفسق لأنه خطأٌ اجتهادي، ولكنه كفَّر عثمان بن عفان رضي الله عنه للأحداث التي أحدثها، وكفَّر عائشة وطلحة والزبير رضي الله عنهم لإقدامهم على قتال علي بن أبي طالب. ([2])

كما أن الفِرق الشيعية اختلفت في سلسلة الأئمة، فهم متفقون على كون علي بن أبي طالب هو الإمام الأول، ولكنهم اختلفوا بعد ذلك اختلافا كبيرا: فتوقف قوم بالإمامة في علي بن أبي طالب، وقالوا إنه لم يمت ولم يُقتل ولا يُقتل ولا يموت، وقالوا إنه اختفى وسيعود وهو المهدي المنتظر، وهؤلا هم الشيعة السبأية أتباع عبد الله بن سبأ الذي كان يهوديا وأظهر الإسلام، وكان أول من قال إن عليا هو الوصي بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، وأول من طعن في الصحابة وكفَّرهم.
([3])

ومنهم من أجرى سلسلة الإمامة وجعل الإمام الثاني هو محمد بن علي (محمد بن الحنفية)، وهؤلاء الشيعة الكيسانية أتباع المختار بن أبي عبيد الثقفي الذي كان يزعم أن جبريل يأتيه بالوحي، وقد تفرقوا فرقا، منهم من أوقف الإمامة عند محمد بن علي (محمد بن الحنفية) وجعلوه هو المهدي المنتظر وهم الشيعة الكربية، ومنهم من عدَّاها إلى ابنه أبي هاشم عبد الله بن محمد، وهم الشيعة الهاشمية، ثم تفرق هؤلاء بعد ذلك فِرَقًا في من يكون الإمام بعد أبي هاشم.
([4])

ومنهم من جعل الإمام الثاني هو الحسن بن علي والإمام الثالث هو الحسين بن علي. ثم الذين جعلوا الإمام الثالث هو الحسين بن علي اختلفوا بعد ذلك، فمنهم من أوقف الإمامة في الحسين وقال لا إمامة لأحد بعده. ومنهم من جعلها في ذرية الحسن أو الحسين يستحقها من قام منهم ودعا إلى نفسه، مثل الشيعة السرحوبية والزيدية. ومنهم من حصر الإمامة في ذرية الحسين مثل الشيعة الإثني عشرية. ثم كثر بعد ذلك الخلاف، فكلما مات إمام من الأئمة اختلف أتباعه في من يكون الإمام بعده، وزعم أصحاب كل فِرقة وجود وصية بإمامة زعيمهم ووضعوا في ذلك الأخبار والقصص.


2- تقديس الأشخاص
: الشيعة بجميع فرقها تشترك في تقديس الزعماء الروحيين لهم (الأئمة) في حياتهم وبعد موتهم، وإن كانوا قد اختلفوا في مراتب التقديس.
فأدناهم رتبة في التقديس من جعلوا أئمتهم بمرتبة الأنبياء من الناحية النظرية ولكنهم جعلوهم في الواقع أعلى من الأنبياء، ومثال هذا الشيعة الإثني عشرية الذين قالوا في أئمتهم ما رواه الكليني: "النّبيّ الذي يَرَى في مَنَامِه ويَسْمَعُ الصَّوت ولا يُعَايِنُ الـمَلَك، والرّسول الذي يسمع الصوت ويرى في المنام ويُعَايِنُ الـمَلَك. قلت: الإمام مَا مَنْزِلَتُه؟ قال: يسمع الصوت ولا يرى ولا يُعَايِنُ الـمَلَك"، ولكنهم في الواقع جعلوهم أعلى من الأنبياء عندما زعموا أنهم يعلمون الغيب، مع أن القرآن الكريم نصّ على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب: (قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ) (الأنعام: 50)، وزعموا أنهم معصومين من السهو والخطأ في جميع حياتهم من الميلاد إلى الوفاة، وهي عصمة لا تتوفر للأنبياء الذين هم ليسوا معصومين عن السهو والخطأ في أمور التدبير الدنيوية، وإنما عصمتهم في التبليغ عن الله عز وجل. كما زعموا أنهم عندهم ما تحتاج إليه الأمة من علوم الدين والدنيا، ومعلوم أن الأنبياء ليس لهم كل ما تحتاج إليه الأمة من علوم الدنيا.

وأعلاهم رتبة في التقديس من جعلوا لأئمتهم مرتبة الألوهية أو الملائكة، مثل الشيعة البيانية أتباع بيان بن سمعان النهدي الذي قال إنه حلّ جزء إلهي في علي بن أبي طالب واتحد بجسده فصار ذي طبيعة إلهية يعلم الغيب. ثم ادعى أن الجزء الإلهي في علي بن أبي طالب انتقل إليه بنوع من التناسخ، ولذلك استحق هو أيضا أن يصبح إماما.
([5])ومنهم الشيعة الخرمدينية الذين قالوا إن الأئمة آلهة وأنهم أنبياء ورسل، وقد انتشر في أصحاب هذه الفِرقة القول بتناسخ الأرواح وإنكار البعث والحساب. ([6])ومنهم الشيعة الخطابية الذين رفعوا جعفر الصادق إلى مرتبة الألوهية وجعلوا زعيمهم أبا الخطاب رسولا أرسله جعفر الصادق بعد موته وأحلُّوا المحارم وتركوا أركان الإسلام وشعائره. ([7])ومنهم الشيعة العلبائية أتباع العلباء بن ذراع الدوسي الذي كان يقول إن علي بن أبي طلب إله، وأنه هو الذي بعث محمدا صلى الله عليه وسلم رسولا ليدعو إليه، ولكنه دعا إلى نفسه. ([8])

3- عقيدة المهدي المنتظر
: وهذه العقيدة ناتجة عن عقيدتي الإمامة والتقديس، حيث إنهم لما قالوا بعقيدة الإمامة التي حصروها في علي بن أبي طالب وذريته، وقدسوا أولئك الأئمة، جعلهم ذلك يلجأون إلى فكرة تحويل الإمام الميِّت إلى مهدي منتظر، والسبب في ذلك هو إما انقطاع سلسلة الإمامة بموت الإمام الأخير دون أن يترك من يخلفه من الأولاد، وهنا يكون المخرج من هذا المأزق إما بالزعم أن الإمام الأخير لم يمت وأنه اختفى أو صعد إلى السماء وأنه المهدي المنتظر الذي سيعود، أو الزعم بأنه ترك ولدا مخفيا وأن هذا الولد هو المهدي المنتظر الذي ينبغي انتظاره كما هو الحال عند فِرقة الشيعة الإثني عشرية.

وقد يكون السبب هو المبالغة في تقديس الإمام، فتحملهم تلك المبالغة على عدم نقل الإمامة إلى أحد أولاده، والزعم بأنه لم يمت، بل اختفى أو رفع إلى السماء، وأنه هو المهدي المنتظر الذي سيعود ليملأ الأرض عدلا، ومثال ذلك الشيعة السبأية مع علي بن أبي طالب، وبعض الشيعة الكيسانية مع محمد بن علي.


وأول من قال بعقيدة المهدي المنتظر الشيعة السبأية (أتباع عبد الله بن سبأ) الذين قالوا إن علي بن أبي طالب لم يمت ولم يقتل، ولا يموت ولا يقتل، وهو المهدي المنتظر. ثم انتشرت بعد ذلك هذه العقيدة بين أغلب الفرق الشيعية: منهم الشيعة الكيسانية والشيعة الكربية الذين قالوا بأن محمد بن علي بن أبي طالب (محمد بن الحنفية) لم يمت وأنه هو المهدي المنتظر. ومنهم الشيعة البيانية الذين قالوا إن إمامهم أبا هاشم عبد الله بن محمد بن علي لم يمت وأنه هو المهدي المنتظر. ومنهم الشيعة الباقرية الذين أوقفوا الإمامة في محمد الباقر وقالوا إنه هو المهدي المنتظر. ومنهم الشيعة الناوسية الذين أوقفوا الإمامة في جعفر الصادق وقالوا إنه سيعود وهو المهدي المنتظر. ومنهم الشيعة الإسماعيلية المباركية والشيعة الإسماعيلية القرامطة الذين أوقفوا الإمامة في محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق وقالوا إنه هو المهدي المنتظر. ومنهم الشيعة الإثني عشرية الذين قالوا بوجود ولد مخفي لإمامهم الحادي عشر وجعلوه المهدي المنتظر.


4- التأويل التعسفي للنصوص الشرعية، والوضع في الأخبار
: وهذا شأن أصحاب الأهواء عموما. والدافع إلى ذلك عدم وجود نصوص شرعية تدل على دعاويهم وأهوائهم، فيلجأون إلى التأويل التعسفي للنصوص الشرعية الموجودة في محاولة لصرف معانيها لتأييد معتقداتهم، كما يعمدون إلى وضع نصوص جديدة لتأييد معتقداتهم، وينسبونها إما إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، أو إلى زعمائهم الروحيين (الأئمة).

ومن أمثلة ذلك تأويل بيان بن سمعان النهدي -زعيم الشيعة البيانية- قوله تعالى: (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام) (البقرة: 210) بأنه أراد به علي بن أبي طالب، فهو الذي يأتي في ظلل من الغمام، والرعد صوته، والبرق تبسُّمُه.
([9]) وكذلك تأويله قوله تعالى: (هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ) ([10]) بأن "بيان" المراد به بيان بن سمعان النهدي!([11]) وتأويل الشيعة الإثني عشرية نصوص القرآن الكريم التي ورد فيها ذكر الفضائل وأصحاب الفضائل على أن المراد بها أئمتهم، وتأويل النصوص الواردة في المنافقين والكفار على أن المقصود بها الصحابة رضي الله عنهم.

أهم معتقدات الشيعة الإثني عشرية
لما كانت فرقة الشيعة الإمامية الإثني عشرية هي أكبر فرقة شيعية في هذا الزمان، وهي الموجودة في إيران والعراق وما جاورهما، فقد تركزت هذه الدراسة حول أهم معتقداتها، وفي يأتي خلاصة موجزة لها.

1- الإمامة
: وهي اعتقاد وجود أئمة نصبهم الشارع تكون الإمامة لهم وحدهم دون غيرهم، هم: علي بن أبي طالب، والحسن بن علي، والحسين بن علي، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي بن الحسين (محمد الباقر)، وجعفر بن محمد (جعفر الصادق)، وموسى بن جعفر، وعلي بن موسى، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي. ولما مات الإمام الحادي عشر دون أن يترك أولادا زعموا أنه ترك ولدا مخفيا يكون هو الإمام الثاني عشر وهو المهدي المنتظر.

وهم يعتقدون أن الإيمان بإمامة أولئك الأشخاص هي الركن الأساس للدين بعد الشهادتين، ومن لم يؤمن بهم فهو ضال هالك في نار جهنم. ومن أجل إثبات الإمامة لهم وإثبات أفضليتهم على غيرهم أعطوهم صفات خيالية هي من صفات الألوهية، فزعموا أنهم يملكون جميع علوم الدنيا والدين التي تحتاج إليها الأمة، وأنهم يعلمون الغيب، وأنهم معصومون منذ ولادتهم إلى وفاتهم من السهو والخطأ، وأنهم هم الواسطة الوحيدة بين العباد والله عز وجل فمن لم يعرفهم ويؤمن بهم لم يعرف الله عز وجل.


2- أهل البيت
: يحصرون أهل البيت في فاطمة وأئمتهم الإثني عشر، ويزعمون أنهم هم الذين نزل فيهم قول الله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) (الأحزاب: 33)، ويخرجون من أهل البيت زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وبناته ما عدا فاطمة، ويخصون أم المؤمنين عائشة بالإكثار من لَعْنِهَا وسَبِّها في جميع مجالسهم.

3- الطعن في الصحابة وأمهات المؤمنين
: وهم يحكمون على أغلب الصحابة بالنفاق في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ويحكمون عليهم جميعا بالردة بعد وفاته، باستثناء ثلاثة منهم، هم: المقداد بن الأسود وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي (وبعض رواياتهم تزيد عمار بن ياسر)، يستثنونهم لأنهم يزعمون أنهم رفضوا مبايعة أبي بكر الصديق وكانوا يريدون الخلافة في علي بن أبي طالب. ويخصون بالإكثار من اللعن والسب الخلفاء الثلاثة: أبو بكر وعمر وعثمان، وأمهات المؤمنين عائشة وحفصة، ومعاوية بن أبي سفيان، ويعتقدون أنهم يتقربون إلى الله تعالى بذلك اللعن، وأنّ من لَعَنَهُم غُفرت له ذنوبه، وكُتِبت له آلاف الحسنات!!

4- التقيَّة:
وهي إخفاء انتمائهم الشيعي وإظهار الموافقة للمخالفين لهم، ويكون ذلك في المواضع التي يخشون فيها الأذى أو الإحراج، أو في المواضع التي يحتاجون فيها إلى التخفي من أجل تحقيق مصالحهم أو التسرب في أوساط أهل السنة من أجل الدعوة إلى مذهبهم. والتقيّة من مقتضيات العمل السري الذي يمارسه الشيعة عندما لا يكونون أصحاب السلطة. ومن أجل إلزام أتباع المذهب بالتقية وضع منظِّرُوا المذهب نصوصا تجعل التقية من أصول الدين، وترغبهم ترغيبا شديدا في الالتزام بها، وتتوعد من لا يلتزم بها بفساد إيمانه.

5- الرِّجْعة
: يعتقدون برجوع أئمتهم بعد ظهور مهديهم المنتظر، ويُرجَع معهم إلى الحياة بعض أتباعهم من الشيعة، كما يُرجَع إلى الحياة الخلفاء الراشدون الثلاثة (أبو بكر وعمر وعثمان) وأعداء الشيعة من المسلمين. والهدف من تلك الرجعة هو أن يقوم أولئك الأئمة بإشفاء غليل الشيعة بالانتقام من أعدائهم -بداية من الخلفاء الراشدين- بالتعذيب والصلب والقتل.

6- البَدَاء
: والمراد به أن الله -تعالى عن ذلك علوا كبيرا- قد يحكم بشيء، ثم بعد فترة يبدو له خلاف ما حكم به فيغيِّر حكمه السابق إلى حكم آخر. ومن أجل إلزام أتباع المذهب بالقبول بعقيدة البداء وضعوا نصوصا تُبرِّرُه وترفع من شأنه وتجعله أفضل العبادات. والسبب في ابتكارهم عقيدة البَداء هو أن منظِّري التيار الشيعي كانوا يُعللون أتباعهم بوعود في المستقبل ويخبرونهم أنها قضاء الله الذي أخبر به الأئمة المعصومون، وعندما لا تقع تلك التنبؤات يبررون عدم وقوعها بأن الله -تعالى عن ذلك علوا كبيرا- بدا له أمر جديد فقضى قضاءً آخر؛ لأنهم أذا لم يقولوا بالبداء ظهر خطأ ما نسبوه إلى أئمتهم وانتفت عنهم العصمة المزعومة، وبذلك ينهار المذهب من أساسه، ففضَّلوا نسبة الخطأ والجهل إلى الله تعالى على أن ينسبوا ذلك إلى أئمة مذهبهم من أجل الحفاظ على المذهب! يقول سليمان بن جرير زعيم فرقة الشيعة السليمانية عن زعماء التيار الشيعي: "وضعوا مقالتين لشيعتهم لا يَظْهَر أحدٌ قطّ عليهم: إحداهما: القول بالبَداء، فإذا أظهروا قولا إنه سيكون لهم قوةٌ وشوكةٌ وظهورٌ، ثم لا يكون الأمر على ما أخبروه، قالوا: بل بدا لله تعالى في ذلك. والثانية: التقية، وكل ما أرادوا تكلموا به فإذا قيل لهم ذلك ليس بحق وظهر لهم البطلان قالوا إنما قلناه تقيّة وفعلناه تقيّة."([12])


([1]) الشهرستاني. الملل والنحل. جـ1، صـ157.
([2]) الشهرستاني. الملل والنحل. جـ1، صـ159.
([3]) النوبختي. فرق الشيعة. صـ19-20.
([4]) النوبختي. فرق الشيعة. صـ20-21، 25، 27، الشهرستاني. الملل والنحل. جـ1، صـ145، 149.
([5]) الشهرستاني. الملل والنحل. جـ1، صـ151.
([6]) النوبختي. فرق الشيعة. صـ32.
([7]) النوبختي. فرق الشيعة. صـ38، الشهرستاني. الملل والنحل. جـ1، صـ183.
([8]) الشهرستاني. الملل والنحل. جـ1، صـ179.
([9]) الشهرستاني. الملل والنحل. جـ1، صـ151.
([10]) سورة آل عمران: 138.
([11]) النوبختي. فرق الشيعة. صـ30.
([12]) الشهرستاني. الملل والنحل. جـ1، صـ159.
 
أعلى