العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الدروس الفقهية الميسرة على مذهب السادة الشافعية - أحكام الصلاة

انضم
4 مارس 2025
المشاركات
8
الجنس
ذكر
التخصص
ماجستير تفسير وعلوم قرآن
الدولة
الأردن
المدينة
إربد
المذهب الفقهي
شافعي
الدروس الفقهية الميسرة على مذهب السادة الشافعية
أَحْكَامُ الصَّلَاةِ
فَضَائِلُ الصَّلَاةِ
قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْحَدِيثِ عَنْ أَحْكَامِ الصَّلَاةِ لا بُدَّ لَنَا مِنْ بَيَانِ شَيْءٍ مِنْ فَضَائِلِهَا، وَفَضَائِلُ الصَّلَاةِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُعَدَّ أَوْ تُحْصَى وأَوَّلُ مَا يُذْكَرُ مِنْ فضَائِلِ الصَّلَاةِ أَنَّ اللَّهَ أَثْنَى عَلى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ فَبَدَأَ بِذِكْرِ الصَّلَاةِ قَبْلَ كُلِّ عَمَلٍ فَقَالَ: ﴿قَدْ ‌أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (٢)﴾ [المؤمنون: 1-2] ، ثُمَّ قَالَ تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (٩) أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (١٠) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (١١)﴾ [المؤمنون: 9-11] .
وَلَمّْ نَجِدِ اللَّهَ ¸ مَدَحَ أَحَدًا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ بِمُوَاظَبَتِهِ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْأَعْمَال مَدْحَ مَنْ وَاظَبَ عَلَى الصَّلَوَاتِ فِي أَوْقَاتِهَا، أَلَاَ تَرَاهُ كَيْفَ ذَكَرهَا مُبْتَدَأَةً مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْأَعْمَالِ، قَال اللَّه تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ ‌خُلِقَ ‌هَلُوعًا (١٩) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (٢٠) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (٢١)﴾ [المعارج: 19-21] .
ثُمَّ لَم يُبَرِّئ أَحَدًا مِنْ هَذَيْنِ الْخُلُقَيْنِ الْمَذْمُومِينِ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ قَبْلَ الْمُصَلِّينَ فَقَالَ تعالى: ﴿إِلَّا الْمُصَلِّينَ (٢٢) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (٢٣)﴾ [المعارج: 22-23] ، ثُمّ أَعَادَ ذِكْرَهُم فِي آخَرِ الْآيَةِ بِذِكْرٍ آخَرَ فَقَالَ: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (٣٤) أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ (٣٥)﴾ [المعارج: 34-35] ، وَقَالَ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً ‌لَنْ ‌تَبُورَ (٢٩) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (٣٠)﴾ [فاطر: 29-30] .
فِي كُلِّ ذَلِك يَبْدَأ بِمَدْحِ الصَّلَاةِ قَبْلَ سَائِرِ الْأَعْمَالِ، وهذا واللهِ دَلِيلٌ واضِحٌ للعِبَادِ لِيَعْرِفُوا قِيمَةَ الصَّلاَةِ ولِيُدَاوِمُوا عَلَيْهَا([1]).
وَالنَّبِيُّ الْكَرِيمُ صَلَوَاتُ رَبِّي وسلامَاتُهُ عَلَيْهِ كَانَ يُعَلِّمُ النَّاسَ فَضَائِلَ الصَّلَاة ويَحُثُّهُم عَلَى الْمُدَاوَمَة عَلَيْهَا وَيُعَظِّمُ مِنْ شَأْنِهَا فَقَدْ صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ؟ »([2]) قَالُوا: لَا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ، قَالَ: «فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، يَمْحُو اللهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا»([3])، وَقَال × «الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالجُمُعَةُ إِلَى الجُمُعَةِ، كَفَّارَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ، مَا لَمْ تُغْشَ الكَبَائِرُ»([4]).
وقد تَمَيَّزَت الصَّلَاة بأَرْفَعِيَّةٍ عَظِيمَةٍ عَنْ جَمِيعِ الْأَعْمَالِ فِي دِينِنَا الْحَنِيفِ، وذلك من خلال:
1. أَنَّ الصَّلَاةُ مِنْ شَرَائِطِهَا طَهَارَةُ الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ وَالْمَكَانِ فَهِيَ قَبْلَ الشُّرُوعِ بِهَا تَطْهُر ظَاهِرَك فَاجْهَدْ أَنْتَ فِي تَطْهِيرِ بَاطِنِكَ.
2. وَالصَّلَاةُ هِي الْعِبَادَةُ الوحيدةُ الَّتِي تَشْغَلُ جَمِيعَ الْجَوَارِحِ، فَالْحَجُّ وَالصَّوْمُ وَالزَّكَاةُ وَغَيْرُهَا يَجُوزُ فِيهَا الِالْتِفَاتُ وَالْكَلَامُ وَالتَّحَرُّكُ إلَّا الصَّلَاةُ فَإِنَّ فِيهَا شُغْلًا عَنْ غَيْرِهَا وَهَذَا مَن عَظِيمِ شَأْنِهَا.
3. والصَّلاةُ هِي الْعِبَادَةُ الوَحِيدَةُ الَّتِيِ لا تَسْقُطُ بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَال؛ فالْمَرِيضُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيهَا عَلَى أَيَّةِ حَالٍ، والْمقاتل يُصَلِّي في سَاحَةِ المعرَكَةِ، وَلِكُلٍّ أَحْكَامٌ حَوَتْهَا كُتُبُ الفِقْهِ.
وَقَد جَمَعَهَا بَعْضُ الْفُضَلَاءِ مِثْلَ الْمَرْوَزِيِّ (294هـ) فِي كِتَابِه: (تَعْظِيمُ قَدَرِ الصَّلَاةِ) وَذَكَرَ الْغَزَالِيُّ (505هـ) فِي كِتَابِه: (إحْيَاء عُلُوم الدّيْن) طَرَفَا مَن أَسْرَار الصَّلَاة، وَغَيْرهمَا الْكَثِير.
أَوْقَاتُ الصَّلَاةِ
الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، كُلٌّ مِنْهَا لَهَا وَقْتٌ مُعَيَّنٌ، بِدَايَةً لا تَصِحُّ إِذَا قُدِّمَتْ عَلَيْهَا، وَنِهَايَةً لا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا عَنْهَا.
1. الْفَجْرُ: يَدْخُلُ وَقْتُهُ بِظُهُورِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ وَيَمْتَدُّ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ.
2. الظُّهْرُ: يَبْدَأُ وَقْتُهُ بِانْحِرَافِ الشَّمْسِ عَن مُنْتَصَفِ السَّمَاءِ نَحْوَ الْغُرُوبِ ـ وَيُسَمُّونَهُ الزَّوَال ـ وَيَمْتَدُّ وَقْتُهُ إِلَى أنْ يَصِيرَ طُوْلُ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ.
3. الْعَصْرُ: يَبْدَأُ وَقْتُهُ بِنِهَايَةِ وَقْتِ الظُّهْرِ وَيَسْتَمِرُّ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ.
4. الْمَغْرِبُ: يَبْدَأُ وَقْتُهُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ، وَيَمْتَدُّ حَتَّى يَغِيبَ الشَّفَقُ الْأَحْمَرُ.
5. الْعِشَاءُ: يَدْخُلُ وَقْتُهُ بِانْتِهَاءِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ وَيَسْتَمِرُّ إِلَى ظُهُورِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ.
الدَّلِيلُ علَى مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ: عَن أَبِي مُوسَى الأِشعري ÷، عَن النَّبِيِّ ×: أَنَّهُ "أَتَاهُ سَائِلٌ يَسْأَلُهُ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا، قَالَ: فَأَقَامَ الْفَجْرَ حِينَ انْشَقَّ الْفَجْرُ، وَالنَّاسُ لَا يَكَادُ يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ بِالظُّهْرِ، حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ، وَالْقَائِلُ يَقُولُ قَدِ انْتَصَفَ النَّهَارُ، وَهُوَ كَانَ أَعْلَمَ مِنْهُمْ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ بِالْعَصْرِ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ بِالْمَغْرِبِ حِينَ وَقَعَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، ثُمَّ أَخَّرَ الْفَجْرَ مِنَ الْغَدِ حَتَّى انْصَرَفَ مِنْهَا، وَالْقَائِلُ يَقُولُ قَدْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ، أَوْ كَادَتْ، ثُمَّ أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى كَانَ قَرِيبًا مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ بِالْأَمْسِ، ثُمَّ أَخَّرَ الْعَصْرَ حَتَّى انْصَرَفَ مِنْهَا، وَالْقَائِلُ يَقُولُ قَدِ احْمَرَّتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى كَانَ عِنْدَ سُقُوطِ الشَّفَقِ، ثُمَّ أَخَّرَ الْعِشَاءَ حَتَّى كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلُ، ثُمَّ أَصْبَحَ فَدَعَا السَّائِلَ، فَقَالَ: «الْوَقْتُ بَيْنَ هَذَيْنِ»([5]).
الْأَوْقَاتُ الَّتِي تُكْرَهُ فِيهَا الصَّلَاةُ
1. بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ بِمِقْدَارِ رُمْحٍ (أِيْ بَعْدَ رُبْعِ سَاعَةٍ تَقْرِيبًا).
2. عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ إلاّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ (أَي قَبْلَ أَذَانِ الظُّهْرِ بِدَقَائِق).
3. وَبَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ.
الدَّلِيلُ علَى ذَلِكَ: عَنْ عُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ ÷ قَال: «ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللهِ × يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ، أَوْ أَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ» ([6]).
شُرُوط وُجُوب الصَّلَاة
1. الإِسْلَامُ.
2. الْبُلُوغُ.
3. الْعَقْلُ.
شُرُوطُ صِحَّةِ الصَّلَاةِ
1. طَهَارَةُ الْأَعْضَاءِ مِنَ الحَدَثِ والنَّجَسِ، قَالَ تَعَالَى ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ ‌إِلَى ‌الْكَعْبَيْنِ﴾ [المائدة: 6] ، فَأَمَرَ بِالطَّهَارَةِ قَبْلَ الْقِيَامِ إِلَى الصَّلَاةِ.
2. سَتْرُ الْعَوْرَةِ بِلِبَاسٍ طَاهِرٍ، قَال تَعَالَى: ﴿ يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ ‌عِنْدَ ‌كُلِّ ‌مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (٣١)﴾ [الأعراف: 31] ، وَالْمَقْصُودُ: عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ.
3. الْوُقُوفُ عَلَى مَكَانٍ طَاهِرٍ، لِأَمْرِهِ × بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَى بَوْلِ الْأَعْرَابِيِّ فِي الْمَسْجِدِ.
4. الْعِلْمُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ، قَال تَعَالَى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا ‌مَوْقُوتًا (١٠٣)﴾ [النساء: 103] .
5. اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ، قَال تَعَالَى: ﴿قَدْ نَرَى ‌تَقَلُّبَ ‌وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (١٤٤)﴾ [البقرة: 144] . وَفِي حَدِيثِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ: أَنَّهُ × قَالَ لَهُ: «إذَا قُمْتَ إِلَى الصَلاةِ فَأَسبغِ الْوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ فَكَبِّرْ»([7]).
تَنْبِيهٌ: يَجُوزُ تَرَكُ الْقِبْلَةِ فِي حَالَتَيْنِ:
1. عِنْدَ شِدَّةِ الْخَوْفِ فِي الْمَعْرَكَةِ، قَال تَعَالَى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ ‌رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (٢٣٩) ﴾ [البقرة: 239] .
2. فِي النَّافِلَةِ فِي السَّفَرِ عَلَى الرَّاحِلَةِ، ولا تَجُوزُ الْفَرِيضَةُ عَلَى الرَّاحِلَةِ، وَمَنْ صَلَّى فَرِيضَةً فِي حَافِلَة أَوْ سَيَّارَةٍ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ، عَن جَابِرٍ ÷ قَالَ: «كَانَ رسولُ اللَّهِ × يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجهَتْ - وَفِي رِوَايَةٍ: نَحوَ المَشرِقِ - فَإِذَا أَرَادَ الفريضَةَ، نَزَلَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ»([8]).
عَدَد رَكَعَات الصَّلَاة

الصَّلَاةُ
عَدَدُ الرَّكَعَاتِ
سُنَّةٌ قَبْلِيَّة
الْفَرْضُ
سُنَّةٌ بَعْدِيَّةٌ
الْوِتْرُ
1.​
الْفَجْرُ
2​
2​
ــــــ​
ــــــ​
2.​
الظُّهْرُ
2 أَو 4​
4​
2أو 4​
ــــــ​
3.​
الْعَصْرُ
ــــــ​
4​
ــــــ​
4.​
الْمَغْرِبُ
ــــــ​
3​
2​
ــــــ​
5.​
الْعِشَاءُ
ــــــ​
4​
2​
أَقَلُّ الْوِتْرِ رَكْعَةٌ وَأَقَلُّ الْكَمَالِ 3 رَكَعَاتٍ وَأَكْثَرُه أَحدى عَشـَرَ وَقِيل ثَلاَثَ عَشَرَ.

أَرْكَانُ الصَّلَاةِ
1. النِّيَّةُ، لِحَدِيثِ: (إنّما الْأَعْمَال بالنيِّات)([9]).
2. الْقِيَامُ مَعَ الْقُدْرَةِ، عَن عمران بن حُصَيْن ÷ قَال: كَانَت بِي بَوَاسيرُ فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ × عَنِ الصَّلَاةِ فَقَال: «صَلِّ قَائمًا. فَإنْ لَمْ تسَتطِع فقاعِدًا، فَإنْ لَمْ تَسْتَطِع فَعَلَى جَنْب»([10]). زَاد النسائي: «فَإنْ لَمْ تَسْتطِعْ فَمُسْتَلقيًا، لا يُكَلِّفُ اللهُ نفسًا إلَّا وُسْعَهَا».
3. تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ.
4. قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ.
5. الرُّكُوعُ وَالطُّمَأْنِينَةُ فِيْهِ.
6. الرَّفْعُ وَالِاعْتِدَالُ وَالطُّمَأْنِينَةُ فِيْهِ.
7. السُّجُودُ وَالطُّمَأْنِينَةُ فِيْهِ.
8. الْجُلُوسُ بَيْنُ السَّجْدَتَيْنِ وَالطُّمَأْنِينَةُ فِيْهِ.
دَلِيل مَا سَبَق مَن الْأَرْكَان: «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، وَافْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاَتِكَ كُلِّهَا» ([11]). وَيُطَلِّق الْعُلَمَاء عَلَى هَذَا الْحَدِيث: خَبَر الْمُسِيء صَلَاتِه.
9. الْجُلُوس الْأَخِير، عَن أَبِي حُمَيْدٍ السّاعِدِي ÷، فِي صِفَة صلاتِه ×: «وَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ قَدَّمَ رِجْلَهُ اليُسْرَى، ونصَبَ الأُخْرَى، وقَعَدَ عَلَى مَقْعَدَتِهِ»([12]).
10. التَّشَهُّدُ الْأَخِيرُ: «التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ الصَّلوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلّهِ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُه، السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ؛ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّه، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ»([13]).
11. الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ × فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ، عَن ابْن مَسْعُودٍ ÷، فِي السُّؤَالِ عَن كَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ × وَقَوْلِه: كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ، إِذَا نَحْنُ صَلَّيْنَا عَلَيْكَ فِي صَلاتِنَا صلَى اللَّه عليكَ؟ ([14]). وَمِنَ الصِّيَغِ الوَارِدَةِ فِي الصَّلاةِ علَى النَّبِيِّ ×: «اللَّهُمّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيِم، وَعَلَى آل إبْرَاهِيمَ، إنَّك حَمِيْدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِك عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكِ حَمِيْدٌ مَجِيدٌ»([15]).
12. التَّسْلِيمَةُ الأُوْلَى، عَنْ عائشة ’: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ × يسَتفْتِحُ الصلاةَ بالتكبِيرِ، وكان يَخْتِمُ الصَّلاةَ بالتَّسلِيمِ»([16]).
13. تَرْتِيبُ الْأَرْكَانِ، لِخَبَرِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ، وَفِيِهِ عَطْفُ الْأَرْكَانِ بـ"ثُمَّ"، وَهِيَ لِلتَّرْتِيبِ، وَدليلٌ آخرَ وهُوَ عَمَلُ النَّبِيِّ × الْمَنْقُولُ بالتَّواتُرِ.
سُنَن الصَّلَاة
قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ:
1. الْأَذَانُ، عن عبدِ الله بن زيد، قال: لمَّا أمرَ رسولُ اللهِ × بالنَّاقوسِ يُعمَل لِيُضرَبَ به للنَّاسِ لِجَمعِ الصَّلاةِ، طافَ بي وأنا نائمٌ رجلٌ يَحمِلُ ناقوساً في يَدِه، فقلت: يا عبدَ الله، أتبيعُ النَّاقوسَ؟ قال: وما تَصنعُ به؟ فقلت: ندعو به إلى الصَّلاةِ، قال: أفلا أدلُّكَ على ما هو خيرٌ من ذلك؟ فقلتُ: بلى، قال: فقال: تقول: «الله أكبرُ، الله أكبرُ، الله أكبرُ، الله أكبرُ، أشهدُ أن لا إله إلا الله، أشهدُ أن لا إله إلا الله، أشهدُ أن محمداً رسولُ الله، أشهدُ أن محمداً رسولُ الله، حَيَّ على الصلاة، حَيَّ على الصلاة، حَيَّ على الفلاح، حَيَّ على الفلاح، الله أكبرُ، الله أكبرُ، لا إله إلا الله».
قال: ثمَّ استأخَرَ عني غيرَ بعيدٍ، ثمَّ قال: وتقولُ إذا أقمتَ الصلاةَ: «الله أكبرُ، الله أكبرُ، أشهدُ أن لا إله إلا الله، أشهدُ أنَّ محمداً رسولُ الله، حَي على الصلاة، حَيَّ على الفلاح، قد قامتِ الصَّلاةُ، قد قامتِ الصلاةُ، الله أكبرُ، الله أكبرُ، لا إله إلا الله».
فلمَّا أصبَحتُ أتيتُ رسولَ الله × فأخبَرتُه بما رأيتُ، فقال: «إنَّها لَرؤيا حَقٍّ إن شاء الله، فقُم مع بلالٍ فألقِ عليه ما رأيتَ فليؤَذِّنْ به، فإنّه أندى صوتاً منك».
فقُمتُ مع بلالٍ، فجعلتُ أُلقيهِ عليه ويُؤَذنُ به، قال: فسمعَ ذلك عمرُ بنُ الخطَّاب ÷ وهو في بيتِه، فخرجَ يَجُر رداءَه، ويقول: والذي بعثَكَ بالحق يا رسولَ الله، لقد رأيتُ مثلَ ما أُرِيَ، فقال رسولُ الله ×: «فلله الحمدُ» ([17]).
2. الْإِقَامَةُ، وَالدليل مِنَ الحَدِيثِ السَّابِقِ، حَديثِ عَبْدِ اللهِ بنِ زَيْدٍ ÷: «وَتَقُولَ إذَا أقَمْتَ إِلَى الصَّلاَةَ: الله أكبرُ، الله أكبرُ، أشهدُ أن لا إله إلا الله، أشهدُ أنَّ محمداً رسولُ الله، حَي على الصلاة، حَيَّ على الفلاح، قد قامتِ الصَّلاةُ، قد قامتِ الصلاةُ، الله أكبرُ، الله أكبرُ، لا إله إلا الله» ([18]).
وَسنن الصلاة بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهَا:
1. التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ: لأن رَسُول اللَّه × قامَ مِنَ اثْنتَيْنِ مَن الظُّهر لَمْ يجْلِسْ بَيْنَهمَا، فَلَمَّا قَضى صَلاتَهُ سَجدَ سَجْدَتَيْن. ثُمّ سلَّمَ بَعْد ذَلِك ([19]). فَالسُّجُود لِتَرْكِه سهوًا دَلِيلُ سُنِّيَّتِهِ.
2. الْقُنُوتُ فِي الصُّبْحِ، وفِي الْوِتْرِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَدَلِيلُ الْقُنُوتِ: عَن أَنَسٍ ÷ «أن النَّبِيَّ × قَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى قَاتِلِي بِئْرِ مَعَونةَ، ثُمَّ تَرَكَ، فَأَمَّا فِي الصُّبْحِ فَلَمْ يَزَلْ يَقْنُتْ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا» ([20]).
أمَّا دُعَاءُ القُنُوتِ فعَنِ الحسنِ بن عَلَيٍّ ^ قَالَ: عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ × كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي الْوِتْرِ: «اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، إِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ»([21]).
هيآتُ الصَّلَاة
1. رَفَعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَعِنْدَ الرُّكُوعِ وَالرَّفْعِ مِنْهُ عَنِ ابْنِ عُمَر قَال: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ × افْتَتَحَ التَّكْبِيرَ فِي الصَّلاَةِ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ حِينَ يُكَبِّرُ حَتَّى يَجْعَلَهُمَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ فَعَلَ مِثْلَهُ، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَعَلَ مِثْلَهُ، وَقَالَ: رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ، وَلاَ يَفْعَلُ ذَلِكَ حِينَ يَسْجُدُ، وَلاَ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ» ([22]).
2. وَضَعُ الْيَمِينِ عَلَى الشِّمَالِ، عَن وَائلِ بنِ حَجَرٍ ÷: «أَنَّه رَأَى النَّبِيّ × رَفَع يَدَيْه حِين دَخَل فِي الصَّلَاة، ثُمَّ وَضعَ يدَهُ اليُمْنَى عَلَى اليُسرَى»([23]).
3. التَّوَجُّهُ: وَهْو دُعَاءُ الِاسْتِفْتَاحِ، عَنْ عَلَيّ ÷ عَن رَسُولِ اللَّه ×: أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ: «وَجَهْتُ وَجْهِيَ لِلذِي فَطَرَ السمَاوَاتِ والأرْضَ حنيفًا وما أَنَا مِنَ المُشْركِينَ، إن صَلاتي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَماتي لِلَّه رَبِّ العَالمَينَ، لا شَرِيك لَهُ، وبذلكَ أُمِرتُ وَأنَا مِنَ المسلمينَ»([24]).
4. الِاسْتِعَاذَةُ، قَال تَعَالَى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ ‌فَاسْتَعِذْ ‌بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ [النحل: 98] .
5. الْجَهْرُ فِي مَوْضِعِهِ وَالْإِسْرَارُ فِي مَوْضِعِهِ، دَلَّ عَلَى ذَلِكَ أَحَادِيثُ، مِنْهَا: عَن جُبَيْرِ بنِ مُطْعِم ÷ قَال: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ × قَرَأَ فِي المَغْرِبِ بِالطّورِ»([25]). وَعَنّ الْبَرَاءِ ÷ قَال: «سمعتُ النَّبِيَّ × يَقْرَأُ ﴿‌وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (١)﴾ [التين: 1] فِي الْعِشَاءِ، وما سَمِعْتُ أَحَدًا أَحسَنَ صوتًا مِنْهُ، أَو قِرَاءَةً» ([26]). وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ÷ فِي حُضُورِ الْجِنِّ وَاسْتِمَاعِهِمُ الْقُرْآنَ مِنَ النَّبِيِّ ×، وَفِيَهِ: «وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِه صَلَاةَ الْفَجْرِ، فَلَمَّا سَمِعُوا القرآنَ استَمَعُوا لهُ»([27]). فَهَذِه الْأَحَادِيث تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ × كَانَ يَجْهَرُ بِقِرَاءَتِه بِحَيْثُ يَسْمَعُهَا مَن حَضَرَ.
وَدَلَّ عَلَى السِّرّ فِي غَيرِ مَا ذَكَرنا، عَن خَبَّابٍ ÷، وَقَد سَأَلَهُ سَائِلٌ: «أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ × يَقْرَأُ فِي الظُّهْر وَالْعَصْرِ؟ قَال: نَعَم، فَقِيلَ لَهُ: بمَ كُنتم تَعْرِفُونَ ذَلِكَ؟ قَال: باضطِرَابِ لِحْيَتِهَ ×» ([28]).
وَعَنّ أَبِي هُرَيْرَةَ ÷ قَالَ: «فَمَا أَسْمَعَنَا رسولُ اللَّهِ × أسْمَعْنَاكُم ومَا أَخْفَىَ عنَّا أخفيْنا عَنْكُم»([29]).
فقد كَانَ النَّبِيُّ × يَجْهَرُ فِي الصُّبْحِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعَشَاءِ، وَفِي الْجُمُعَةِ والعِيدَيْنِ، وَخُسُوفِ الْقَمَرِ، وَالِاسْتِسْقَاءِ، وَالتَّرَاوِيحِ وَوِتْر رَمَضَانَ، وَيَتَوَسَّطُ فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ فِي اللَّيْلِ بَيْنَ السِّرِّ وَالْجَهْرِ، قَال تَعَالَى: ﴿‌وَلَا ‌تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (١١٠)﴾ [الإسراء: 110] ، وَالْمُرَادُ صَلَاةُ اللَّيْلِ.
6. قَوْلُ آمِينَ بَعْدَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ÷ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ × إِذَا تَلَا: ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ‌وَلَا ‌الضَّالِّينَ (٧) ﴾ [الفاتحة: 7] قَالَ: آمينَ، حَتَّى يَسْمَعُ مَنْ يَلِيهِ مِنَ الصَّفِّ الأَوَّلِ» ([30]). وَزَاد ابْن مَاجَةَ: «فَيَرْتَجُّ بِهَا المَسجِدُ»([31]). وَيَسُنّ هَذَا لِلْمَأْمُومِ أَيضًا، وَيَكُونُ تَأْمِينُهُ عَقِبَ تَأْمِينِ الإمامِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ÷: أنَّ رَسُولَ اللَّه × قَالَ: «إِذَا قَالَ الإمامُ ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ‌وَلَا ‌الضَّالِّينَ (٧) ﴾ [الفاتحة: 7] . فَقُولُوا: آمينَ، فإنَّهُ مَنْ وَافقَ قَولُهُ قوْلَ المَلائِكَةِ، غُفِرَ لَهُ مَا تقَدَّمَ مِنْ ذَنبِه» ([32]). وَفِي رِوَايَة: «إِذَا أمنَ الإمام فَأَمِّنُوا»([33]).
7. قِرَاءَةُ السورة بَعْد الْفَاتِحَة، عَنْ أَبِي قَتَاَدَةَ، ÷: «أَنَّ النَّبِيَّ × كَانَ يَقْرَأُ بأُمِّ الكِتَابِ وَسورة مَعَهَا، فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ مِنْ صَلاَةِ الظُّهْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ» ([34]).
8. التَّكْبِيرَاتُ عِنْدَ الرَّفْعِ وَالْخَفْضِ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ ÷: «أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بِهِم، فَيُكَبِّرْ كُلَّمَا خَفَضَ وَرَفْعَ، فَإِذَا انْصَرَفَ قَالَ: إنِّي لأَشْبَهُكُم صَلَاةً بِرَسُولِ اللهِ ×»([35]).
9. قَوْلُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، قَالَ النَّبِيُّ ×: «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِه ثُمَّ قَالَ - وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّه لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدٌ»([36])، وَيَقُولُهَا الإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ جَمِيعًا.
10. التَّسْبِيحُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، عَن حُذَيْفَةَ ÷ قَال: «صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ × ذاتَ ليْلَةٍ وفِيهِ: ثُمَّ رَكَعَ، فَجَعَلَ يَقُوْلُ: سُبْحانَ رَبِّيَ العَظِيم، ثُمَّ سجَدَ فَقَالَ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى» ([37]).
11. وَضَع الْيَدَيْن عَلَى الْفَخِذَيْن فِي الْجُلُوس، وُفِي الْجُلُوس الْأَخِير يَبْسُط الْيُسْرَى، وَيَقْبِض الْيُمْنَى إلَّا المُسَبِّحة فَإِنَّه يُشِير بِهَا مُتَشَهِّدًا، عَن ابْن عُمَر ^ فِي صِفَة جُلُوسِه × قَال: كَان إِذَا جَلَس فِي الصَّلَاة، وَضَع كَفَّهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ اليُمْنى، وقبضَ أصابعَه كلَها، وأشار بِإِصْبَعِه الَّتِي تَلِي الإبهامَ، وَوَضْع كَفّه اليُسرَى عَلَى فَخِذِهِ اليُسْرَى»([38]).
12. الِافْتِرَاشُ فِي جَمِيعِ الْجِلْسَاتِ.
13. التَّوَرُّكُ فِي الْجِلْسَةِ الْأَخِيرَةِ، عَن أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ ÷ قَال: «أَنَا كنتُ أحفَظُكُمْ لِصَلَاةِ رَسُولِ اللهِ × وَفِيهِ: فَإِذَا جَلسَ فِي الركعَتَيْنِ جلسَ عَلَى رِجْلِهِ اليُسرى ونَصَبَ اليُمْنى، وَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ قدَّمَ رِجْلَهُ اليُسْرَى، ونصبَ الْأُخْرَى، وقَعَدَ عَلَى مَقْعَدَتِهِ» ([39]).
14. التَّسْلِيمَةُ الثَّانِيَةُ، عَنْ سَعْدٍ ÷ قَال: «كنتُ أرَى رسولَ اللَّه × يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يسَارِهِ، حَتَّى أرَى بَيَاضَ خَده»([40]). وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ÷: «أَنَّ النَّبِيَّ × كانَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالهِ، حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ: السَّلامُ عليكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ، السَّلامُ عليكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ» ([41]).
مُبْطِلَاتُ الصَّلَاةِ
1. الْكَلَامُ الْعَمْدُ، عَنْ زيدِ بنِ أَرْقَمَ ÷ قَال: «كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ، يُكَلِّمُ أحَدُنا أَخَاهُ فِي حاجَتِهِ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِه الْآيَة: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ ‌الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (٢٣٨)﴾ [البقرة: 238] فأُمِرْنَا بالسُّكُوتِ» ([42])، ومَعْنَى قَانتينَ: خَاضِعِينَ. وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ الحَكَمِ السُّلَمِيِّ ÷ عَن رَسُولِ اللَّهِ × قَال: «إِنَّ هَذِهِ الصلاةَ لا يَصْلحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إنَّما هُوَ التَّسْبيحُ والتَّكبيرُ وَقِرَاءَةُ القُرْآنِ»([43]).
2. الْعَمَلُ الْكَثِيرُ، لأَنَّ النَّبِيَّ × قَال لِلصَّحَابِيِّ الَّذِي كَانَ يُسَوِّي التُّرَابَ حِينَ يَسْجُدُ: «فَإِنْ كُنْتَ فَاعِلًا فَوَاحِدَةً» ([44]).
3. الْحَدَثُ، لأَنَّ النَّبِيَّ × قَالَ: «لا تُقْبَلُ صَلَاةُ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ»([45])
4. حُدُوثُ النَّجَاسَةِ فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ.
5. انْكِشَافُ الْعَوْرَةِ.
6. تَغْيِيرُ النِّيَّةِ.
7. اسْتِدْبَارُ الْقِبْلَةِ.
8. الْأَكْلُ وَالشِّرْبُ.
9. الْقَهْقَهَةُ.
10. الرِّدَّةُ عَنِ الإِسْلَامِ.
والدَّلِيلُ: أَنّ فِي هَذِه الْأُمُورِ تَرَكٌ لِشَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ أَوْ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِهَا، وَلِمُنَافَاةِ هَذِهِ الْأُمُورِ لِهَيْئَةِ الصَّلَاةِ وَشُرُوطِهَا.
سُجُودُ السَّهْوِ
السَّهْوُ لُغَةً: نِسْيَانُ الشَّيْءِ وَالْغَفْلَة عَنْهُ.
وَالْمَقْصُودُ بِالسَّهْوِ هُنَا: خَلَلٌ يُوقِعُهُ الْمُصَلِّي فِي صَلَاتِهِ، سَوَاءٌ كَان عمدًا أَو نِسْيَانًا، وَيَكُونُ السُّجُودُ جَبْرًا لِذَلِكَ الْخَلَلِ، وَمَحَلُّ سجودِ السَّهوِ فِي آخَرِ الصَّلَاةِ قبلَ التَّسليِمِ.
حُكْمُ سُجُودُ السَّهْوِ
سُجُودُ السَّهْوِ سُنَّةٌ عِنْدَ حُدُوثِ سَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِهِ الَّتِي سنتحدثُ عَنْهَا، فَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ. وَلَمْ يَكُنْ واجبًا، لأَنَّه لَم يُشْرَعْ لِتَرْكِ وَاجِبٍ.
أَسْبَاب سُجُود السَّهْو
1. أَنْ يَتْرُكَ الْمُصَلِّي سُنَّةً مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ الَّتِي مَرَّ ذِكْرُهَا كَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَالْقُنُوتِ، عَنْ عبدِ اللهِ بن بُحَيْنَة ÷ أَنَّهُ قَالَ: «صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ × رَكْعَتَيْنِ مِنْ بَعْضِ الصَّلَوَاتِ، ثُمَّ قَامَ، فَلَمْ يَجْلِسْ، فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، فَلَمَّا قَضَى صَلاَتَهُ وَنَظَرْنَا تَسْلِيمَهُ كَبَّرَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ، ثُمَّ سَلَّمَ» ([46]).
2. الشَّكُّ فِي عَدَدِ مَا أَتَى بِهِ مِنَ الرَّكَعَاتِ: فَيَفْرِضُ الْعَدَدَ الْأَقَلَّ، وَيُتَمِّمُ الْبَاقِي ثُمَّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ.
3. ارْتِكَابُ فِعْلٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ سَهْوًا، إِذَا كَانَ يُبْطِلُ عَمْدُهُ الصَّلَاةَ: كَمَا إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَاتٍ قَلِيلَةٍ أَوْ أَتَى بِرَكْعَةٍ زَائِدَةٍ سَهْوًا.
4. نَقْلُ شَيْءٍ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ رُكْنًا كَانَ أَو سُنَّةً، كَقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي جُلُوسِ التَّشَهُّدِ.
سَجدَاتُ التِّلاَوَةِ
يُسَنُّ سَجَدَاتُ التِّلَاوَةِ لِلْقَارِئِ دَاخِلَ الصَّلَاةِ وَخَارِجَهَا، وَلِلْمُسْتَمِعِ خَارِجَ الصَّلَاةِ، عَنِ ابْنِ عُمَر قَال: «كَانَ النَّبِيُّ × يَقْرَأُ عَلَيْنَا السورة فِيهَا السَّجْدَة، فَيَسْجُدُ وَنَسْجُدُ، حَتَّى مَا يَجِدُ أَحَدُنَا مَوْضِعَ جَبْهَتِهِ» ([47]).
عَدَدُ سَجَدَاتِ التِّلَاوَةِ
سَجَدَاتُ التِّلَاوَةِ فِي الْقُرْآنِ أَرْبَع عَشَر سَجْدَةً، وَهِيَ فِي السُّوَرِ الآتيةِ: (الْأَعْرَافُ، وَالرَّعْدُ، وَالنَّحْلُ، وَالْإِسْرَاءُ، وَمَرْيَمُ، وَسَجْدَتَانِ فِي الْحَجِّ، وَالْفُرْقَانُ، وَالنَّمْلُ، وَالسَّجْدَةُ، وَفُصِّلَتْ، وَالنَّجْمُ، وَالِانْشِقَاقُ، وَالْعَلَقُ).
كَيْفِيَّة سُجُودَ التِّلَاوَةِ
مَنْ أَرَادَ سُجُودَ التِّلَاوَةِ كَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ رَافِعًا يَدَيْهِ، ثُمَّ كَبَّرَ لِلْهَوْيِ بِلَا رَفْعٍ، وسَجَدَ سَجْدَةً وَاحِدَةً كَسَجْدَاتِ الصَّلَاةِ، ثُمَّ سَلَّمَ. وَتَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامُ وَالسَّلَامُ شَرْطَانِ فِيهَا، وَيُشْتَرَطُ فِيهَا مَا يُشْتَرَطُ فِي الصَّلَاةِ مِنَ الطَّهَارَةِ، وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَهَذَا مَذْهَبُ الإِمَامِ الشافعي (204 هـ) ¬.
صَلَاةُ الْمُسَافِرِ
قَال تَعَالَى: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ ‌عَلَيْكُمْ ‌جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا (١٠١)﴾ [النساء: 101] .
وَعَنْ يَعْلَى بنِ أُمَيَّةَ قَالَ: قُلْت لعمر بن الْخَطَّاب ÷: ﴿ﳐ ﳑ ﳒ ﳓ ﳔ ﳕ ﳖ ﳗ ﳘ ﳙ ﳚ ﳛ ﳜﳝ فَقَد أمِنَ الناسُ؟ فَقَال: عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبتَ مِنْه، فَسَأَلْتُ رسولَ اللَّهِ × عَن ذَلِكَ، فَقَالَ: «صَدَقَةٌ تَصَدقَ اللهُ بِهَا عَلَيكُم، فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ»([48]). وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أن قَصْرِ الصَّلَاةِ لَيْسَ خَاصًّا بِحَالَةِ الْخَوْفِ.
وَعَنْ أَنَسٍ ÷ قَالَ: «صَلَّيْتُ الظُّهْرَ مَعَ النَّبِيِّ × بِالْمَدِينَةِ أربعًا، والعَصْرَ بِذِي الحُلَيْفَةِ رَكعتَيْنِ»([49]).
شُرُوطُ الْقَصْرِ
1. أن يَكُونَ سَفَرُهُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ.
2.
وَأَنْ تَكُونَ مَسَافَتُهُ سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا، رَوَى البخاري تَعْلِيقًا فِي تَقْصِير الصَّلَاةِ، " بَابٌ فِي كَمْ تُقْصَرُ الصَّلَاةُ ": وكانَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ ^، يَقْصُرَانِ وَيُفْطِرَانِ فِي أَرْبَعَةِ بُرَدٍ، وَهِيَ سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا. وَتُسَاوِي (81) كيلو مترٍ تَقْرِيبًا.
5. وَأَن يَكُونَ مُؤَدِّيًا لِلصَّلَاةِ الرُّباعيةِ.
6. وَأَنْ يَنْوِيَ الْقَصْرَ مَعَ الْإِحْرَامِ بِالصَّلَاةِ الأُوْلَى.
7. وَأَنْ لا يَأْتَمَّ بمُقيمٍ، فَإِنْ كَانَ إمَامُهُ مُقِيمًا صَلَّى كَمَا يُصَلِّي الإِمَامُ.
تَنْبِيهٌ: يَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي وَقْتِ أَيِّهِمَا شَاءَ، وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي وَقْتِ أَيِّهِمَا شَاءَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَال: «كَانَ رسولُ اللَّهِ × يَجْمعُ بَيْنَ صلاةِ الظهْرِ والعَصرِ إِذَا كَانَ عَلَى ظهْرِ سَيْرٍ، ويَجمعُ بَيْنَ المَغْرِبِ والْعِشاَءِ» ([50]).
وَعَنْ مُعَاذٍ ÷: «أَنَّ النَّبِيَّ × كَانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ زَيْغِ الشَّمْسِ أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى يَجْمَعَهَا إِلَى الْعَصْرِ يُصَلِّيهِمَا جَمِيعًا، وَإِذَا ارْتَحَلَ بَعْدَ زَيْغِ الشَّمْسِ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، ثُمَّ سَارَ وَكَانَ إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ الْمَغْرِبِ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى يُصَلِّيَهَا مَعَ الْعِشَاءِ، وَإِذَا ارْتَحَلَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ عَجَّلَ الْعِشَاءَ فَصَلَّاهَا مَعَ الْمَغْرِبِ»([51]).


الْجَمْعُ بِسَبَبِ الْمَطَرِ
يَجُوزُ لِلْحَاضِرِ فِي الْمَطَرِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ صَلاَتي الظُّهرِ والعَصْرِ، والمغْرِبِ والعِشَاءِ فِي وَقْتِ الأُوْلَى مِنْهُمَا بِشُرُوطٍ:
1. أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ جَمَاعَةً بِمَسْجِدٍ بَعِيدٍ عُرْفًا، يَتَأَذَّى الْمسلم بِالْمَطَرِ فِي طَرِيقِهِ إلَيْهِ.
2. اسْتِدَامَةُ الْمَطَرِ أَوَّلَ الصَّلَاتَيْنِ، وَعِنْدَ السَّلَامِ مِنَ الأُوْلَى.
عَن ابْن عَبَّاسٍ: «أنَّ النَّبِيَّ × صَلَّى بِالْمَدِينَةِ سَبْعًا وثَمانِيًا: الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَالْمغْرِبَ وَالْعِشَاءَ». زَاد مسلم: «مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ ولا سَفَرٍ»([52]). وَعِنْد البخاري: «فَقَال أَيُّوب - أَحَد رُوَاة الْحَدِيث - لَعَلَّه فِي لَيْلَة مَطِيرَة؟ قَال: عسَىَ» ([53]).


صَلَاةُ الجُمُعَةِ
قَال تَعَالَى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ ‌يَوْمِ ‌الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٩)﴾ [الجمعة: 9] .
شُرُوطُ وُجُوبِ الْجُمُعَةِ
1. الإسلامُ: وَهُو أَهَمُّ الشُّرُوطِ.
2. الْبُلُوغُ: وَتَصِحُّ مِنَ الصَّبِيِّ.
3. الْعَقْلُ.
4. الْحُرِّيَّةُ.
5. الذُّكُورِيَّة.
6. الصِّحَّةُ.
7. الِاسْتِيطَانُ: أَي لغَير مُسَافِر.
عَن جَابِر ÷، عَن النَّبِيّ ×: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ باللهِ وَاليَوْم الآخِرِ فعَلَيْهِ الجُمعةُ، إلَّا امرأةً ومسافرًا وعَبْدًا ومَريضًا» ([54])، وَعَن طارقِ بنِ شِهَابٍ ÷، عَنِ النَّبِيِّ × قَال: «الجُمُعَةُ حَقٌ وَاجِبٌ عَلى كُل مسلم فِي جَمَاعَةٍ إلَّا أَربَعَة: عبدٌ مملوكٌ أَو امرأةٌ أَو صَبِيٌّ أَو مَرِيضٌ»([55]).
شُرُوطُ فِعْلِهَا
1. أَنْ يَكُونَ الْبَلَدُ مِصْرًا أَوْ قَرْيَةً، لأَنَّ النَّبِيّ × وَأَصْحَابه ~ لَم يُصَلُّوهَا إلَّا هَكَذَا، وكانتْ قَبَائِلُ الْأَعْرَابِ حَوْلَ الْمَدِينَةِ وما كانوا يُصَلُّونَهَا، وما أَمَرَهُم النَّبِيّ × بِهَا.
2. أَنْ يَكُونَ الْعَدَدُ أَرْبَعِينَ مِنْ أَهْلِ الْجُمُعَةِ، عَن جَابِرٍ ÷ قَال: «مَضَتِ السُنَّةُ أَنَّ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ فَمَا فَوقَ ذَلِكَ جُمُعَةٌ» ([56]). وَعَنْ كعبِ بن مَالِكٍ ÷: «أن أَوَّلَ مَن جَمَّعَ بِهِم أَسْعدُ بن زُرَارَةَ ÷، وكانُوا يَوْمئِذٍ أَرْبَعِين»([57]).
3. أن يَكُونَ الْوَقْتُ بَاقِيًا، عَن سَلَمَةَ بنِ الْأَكْوَعِ ÷ قَال: «كُنَّا نُصَلِّي مَع النَّبِيِّ × الجُمُعَةَ، ثُمَّ نَنْصرِفُ وَلِيس لِلْحِيطَان ظِل نَسْتَظِلّ فِيْه»([58])، وَعَنّ سهلِ بنِ سَعْدٍ ÷: مَا كُنَّا نَقِيلُ ولا نتَغَدَّى إلَّا بَعْدَ الْجُمُعَةِ.
فَرَائِضُ الْجُمُعَةِ
1. خُطْبَتَانِ يَقُومُ فِيهِمَا وَيَجْلِسُ بَيْنَهُمَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ ^ قَال: «كَان النَّبِيُّ × يَخْطُبُ قائمًا، ثُمّ يَقْعُدُ، ثُمّ يقومُ، كَمَا تفعلونَ الآنَ»([59]).
2. تُصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي جَمَاعَةٍ، لِلْإِجْمَاعِ، وَعَنْ عُمَرَ ÷ أَنَّهُ قَالَ: «صَلاةُ الجُمُعةِ ركْعَتَانِ عَلَى لَسانِ مُحمَّد ×» ([60])، لأَنَّهَا لَم تُصَلَّ فِي عَصْرِ النَّبِيِّ × وَالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ إلَّا كَذَلِكَ. وَعَن طارقِ بن شِهَاب ÷ عَن النَّبِيّ × قَال: «الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مسلم فِي جَمَاعَةٍ»([61]).
هيآتُها
1. الغُسلُ.
2. تَنْظِيفُ الْجَسَدِ.
3. لُبْسُ الثِّيَابِ الْبِيضِ.
4. أَخَذُ الظُّفْرِ.
5. الطِّيبُ.
عَنْ سَلْمَانِ الْفَارِسِيِّ ÷ قَال: قَال النَّبِيّ ×: «لاَ يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ، وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ، أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَلاَ يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الإِمَامُ، إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى»([62]). وَعِنْد أَحْمَد: «وَلَبِسَ مِنْ أحْسَنِ ثيَابهِ»([63]). وَاخْتِيرَت الْبِيضُ لِخَبَرِ التِّرْمِذِيّ وَغَيره: «الْبَسُوا مِن ثياَبكُمُ البياضَ فَإنَّها مِنْ خَيرِ ثِيَابِكُم، وكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكم»([64]).
ورَوى الْبَزَّار فِي مُسْنَدِه: «أَنه × كَان يُقَلِّمُ أَظَافِرَهُ وَيَقُصُّ شَارِبَهُ يَوْمَ الْجُمُعَة»، قَالَ ابْن حجر الْمُعْتَمد أَنه يسن كَيْفَمَا احْتَاجَ اليه وَلم يثبت فِي القص يَوْم الْخَمِيس أَو الْجُمُعَة شَيْء وَلَا فِي كيفيته([65]).
صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ
حُكْمُهَا: سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ.
كَيْفِيَّتُهَا: رَكْعَتَانِ يُكَبِّرُ فِي الأُوْلَى سَبْعًا سِوَى تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ، وَفِي الثَّانِيَةِ خَمْسًا سِوَى تَكْبِيرَةِ الْقِيَامِ.
وَيَخْطُبُ بَعْدَهَا خُطْبَتَيْنِ يُكَبِّرُ فِي الأُوْلَى تِسْعًا وَفِي الثَّانِيَةٍ سَبْعًا. وَيُكَبِّر مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ لَيْلَةِ الْعِيدِ إِلَى أَنْ يَدْخُلَ الإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ، وَفِي الْأَضْحَى خَلْفَ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَة مِنْ صُبْحِ يَوْمِ عَرَفَةَ إِلَى الْعَصْرِ مِنْ آخَرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ÷ قَالَ: «كَان رَسُول اللَّه × يخْرجُ يومَ الفِطرِ والأضْحَى إِلَى المصَلى، فأوَلُ شَيْءٍ يبدَأُ بِهِ الصلاةُ، ثُمّ يَنصَرِفُ، فيقومُ مقابلَ الناسِ، والناسُ جُلوسٌ عَلَى صُفوفِهم، فيعظُهمْ ويُوصِيهِمْ ويَأمُرُهُم، فإنْ كانَ يُرِيدُ أنْ يَقْطعَ بَعثًا قَطَعَهُ (أي يَبعثُ جماعةً لِلْجِهَاد)، أَو يَأمرَ بِشَيْء أمرَ بِه، ثُمَّ يَنْصَرِفُ» ([66]).


صَلَاةُ الْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ
حُكْمُهَا: سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ.
كَيْفِيَّتُهَا: يُصَلَّى لِكُسُوفِ الشَّمْسِ وَخُسُوفِ الْقَمَرِ رَكْعَتَيْنِ، فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قِيَامَانِ يُطِيلُ الْقِرَاءَةَ فِيهِمَا، وَرُكُوعَانِ يُطِيلُ التَّسْبِيحَ فِيهِمَا دُوْنَ السُّجُودِ.
وَيَخْطُبُ بَعْدَهَا خُطْبَتَيْنِ.
ويُسِرُّ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ وَيَجْهَرُ فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ.
عَن عائشة ~ قالت: «خَسَفَتِ الشَّمْسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ×، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ × بِالنَّاسِ، فَقَامَ، فَأَطَالَ القِيَامَ، ثُمَّ رَكَعَ، فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ القِيَامَ وَهُوَ دُونَ القِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ، ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ مَا فَعَلَ فِي الأُولَى، ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ انْجَلَتِ الشَّمْسُ، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ، فَادْعُوا اللَّهَ، وَكَبِّرُوا وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا» ([67]).


صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ
لِلِاسْتِسْقَاءِ الْمَنْدُوبِ ثَلَاثُ كَيْفِيَّاتٍ:
1. مُطْلَقُ الدُّعَاءِ وهو مُسْتَحَبٌ في كلِّ الْأَوْقَاتِ.
2. الدُّعَاءُ بَعْدَ رُكُوعِ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ مِنَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَةِ، وَخَلَفَ الصَّلَوَاتِ.
3. صَلَاة الِاسْتِسْقَاء.
وتَتِمُّ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ التَّالِيَةِ: يَبْدَأُ الإمامُ أَو نَائِبُهُ فَيَأْمُرُ النَّاسَ بِمَا يَلِي:
1. التَّوْبَةُ الصَّادِقَةُ.
2. الصَّدَقَةُ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَالْخُرُوجُ عَنِ الْمَظَالِم، وَإِصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ.
3. صِيَامُ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةٍ.
4. يَخْرُجُ الإمامُ بِهِم فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ مِنْ أَيَّامِ صِيَامِهِم، وَهُم صَائِمُونَ فِي ثِيَابٍ بَذْلَةٍ وَخُشُوعٍ وَاسْتِكَانَةٍ، عَلَى الْفَلَاةِ، فَيُصَلِّي بِهِمُ الإمامُ أَو نَائِبُهُ رَكْعَتَيْنِ كَرَكْعَتَيْ صَلَاةِ الْعِيدِ تمَامًا.
الدليل على صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ:
عَن عَبْدِ اللهِ بن زيد بن عَاصِم: «أن النَّبِيَّ × خَرَجَ إِلَى الْمُصَلَّى فاستَسقَى، فاستَقبلَ القِبْلَةَ وقَلَبَ رِدَاءَهُ، وَصَلَّى رَكْعَتَينِ»([68]).
وفِي رِوَايَة عِنْد البخاري: «جَهَر فِيهِمَا بِالْقِرَاءَة»([69]).
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَال: «خَرَج رَسُول اللَّه × مُتواضعًا مُتبذلاً مُتَخَشِّعًا مُتَرَسِّلاً مُتَضَرِّعًا فَصَلَّى رَكْعَتَيْن كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيد»([70]).
صَلَاةُ الْخَوْفِ
صَلَاةُ الْخَوْفِ عَلَى ثَلاَثَةِ أَضْرُبٍ:
1. أن يَكُونَ الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ جِهَةِ القِبلَةِ، فيُفَرِّقُهُم الإمامُ فِرْقَتَيْنِ، فِرْقَةٌ فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ، وَفِرْقَةٌ خَلْفَهُ، فَيُصَلِّي بِالْفِرْقَةِ الَّتِيِ خَلْفَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ تُتِمُّ لِنَفْسِهَا وَتَمْضِيِ إِلَى وَجْهِ الْعَدُوِّ، وَتَأْتِي الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَيُصَلِّي بِهَا رَكْعَةً وَتُتِمُّ لِنَفْسِهَا وَيُسَلِّمُ بِهَا، عَن صالح بن خَوَّات، عَمَّن شَهِدَ رَسُول اللَّه × أنه صَلَّى يومَ ذَات الرِّقَاع صَلَاة الْخَوْف: «أَنَّ طَائِفَةً صَفَّتْ مَعَهُ، وَطَائِفَةٌ وِجَاهَ العَدُوِّ، فَصَلَّى بِالَّتِي مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا، وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ انْصَرَفُوا، فَصَفُّوا وِجَاهَ العَدُوِّ، وَجَاءَتِ الطَّائِفَةُ الأُخْرَى فَصَلَّى بِهِمُ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ مِنْ صَلاَتِهِ ثُمَّ ثَبَتَ جَالِسًا، وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ»([71]).
2.
أن يَكُونَ العدوُّ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ فَيَصُفَّهُمُ الإمامُ صَفَّيْنِ ويُحرِمُ بِهِم، فَإِذَا سَجَدَ سَجَدَ مَعَهُ أَحَدُ الصَّفَّيْنِ وَوَقْف الصَّفُّ الآَخَرُ يَحْرُسُهُم، فَإِذَا رَفَعَ سَجَدُوا ولَحِقُوه، عَن ابْن عَبَّاس قَال: «قَامَ النَّبِيُّ ×، وَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، فَكَبَّرَ وَكَبَّرُوا مَعَهُ وَرَكَعَ وَرَكَعَ نَاسٌ مِنْهُمْ مَعَهُ، ثُمَّ سَجَدَ وَسَجَدُوا مَعَهُ، ثُمَّ قَامَ لِلثَّانِيَةِ، فَقَامَ الَّذِينَ سَجَدُوا وَحَرَسُوا إِخْوَانَهُمْ وَأَتَتِ الطَّائِفَةُ الأُخْرَى، فَرَكَعُوا وَسَجَدُوا مَعَهُ، وَالنَّاسُ كُلُّهُمْ فِي صَلاَةٍ، وَلَكِنْ يَحْرُسُ بَعْضُهُمْ» ([72])
3. أن يَكُون فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ والْتِحامِ الْحَرْبِ، فَيُصَلِّي كَيْفَ أمكَنَهُ، راجِلًا أَو رَاكِبًا، مستقبِلَ الْقِبْلَةِ وغيرَ مُسْتَقْبِلٍ لَهَا، قَال تَعَالَى ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ ‌رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (٢٣٩)﴾ [البقرة: 239] .
عَن ابْن عُمَر، فِي وَصْفِهِ صلاَةِ الْخَوْفِ: «فَإِن كَانََ خَوْفٌ هُو أَشَدُّ مِنْ ذَلِك، صَلُّوا رجالاً قيامًا عَلَى أَقْدَامِهِم أَو ركبانًا مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَة أَو غَيَّر مُسْتَقْبِلِيهَا»([73]). قَال مَالِكُ: قَالَ نَافِعٌ: لا أَرىَ عَبْدَ الله بن عُمَر ذَكَرَ ذَلِكَ إلَّا عَن رَسُولِ اللَّهِ ×.

مِنْ خِلاَلِ دراسَتِكَ لِصَلَاةِ العِيدينِ وصَلاةِ الاستسقاءِ وصلاةِ الخوفِ، حاوِل تَطْبِيقَ هذهِ الصَّلواتِ مَعَ زُمَلَائِكَ.​

أَحْكَامُ اللِّبَاسِ
1. يَحرُمُ عَلَى الرِّجَالِ لُبْسُ الْحَرِيرِ والتخَتُّمُ بِالذَّهَبِ، عَنْ حُذَيْفَةَ ÷ قَال: سَمِعْت النَّبِيّ × يَقُوْل: «لا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ ولا الدِّيبَاجَ»([74])، وَعَن أَبِي هُرَيْرَةَ ÷، عَن النَّبِيِّ ×: «أنَّه نَهى عَن خَاتَمِ الذَّهَبِ»([75]) وروى التِّرْمِذِيّ أن رَسُول اللَّه × قَال: «حُرِّمَ لِبَاسُ الحريرِ وَالذَّهَبِ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي، وَأُحِلَّ لِإِنَاثِهِم»([76])
2. . يَحِلُّ لِلرِّجَالِ لُبسُ خَاتَم الْفِضَّةِ.
3. يحِلُّ لِلنِّسَاء لُبسُ الْحَرِيرِ والتخَتُّمُ بِالذَّهَبِ أَو الْفِضَّةِ.
4. عَدَمُ تَشَبُّهِ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَالنَّسَاءِ بِالرِّجَالِ، قَال رَسُول اللَّه ×: «لَعَنَ اللَّهُ المتشبِّهاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ والمتشبِّهينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ»([77]).
5. سَتْرُ الْعَوْرَةِ، وحَدُّ الْعَوْرَةِ لِلرَّجُلِ فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجِهَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَة، أَمَّا الْمَرْأَةُ فَجَمِيعُ بَدَنِهَا عَوْرَةٌ مَا عَدَا الْوَجْه والكفَّين، أَمَّا عَوْرَةُ الْمَرْأَةِ أَمَامَ مَحَارِمِهَا فَمَا ظَهَرَ أَثْنَاءَ الْخِدْمَةِ.


([1]) يُنظر: تعظيم قدر الصلاة، المروزي: 1-136.
([2]) رواه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب المشي إلى الصلاة تمحى به الخطايا وترفع به الدرجات، ح(667).
([3]) رواه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب المشي إلى الصلاة تمحى به الخطايا وترفع به الدرجات، ح(667).
([4]) رواه الترمذي كتاب أبواب الصلاة عن رسول الله ×، باب ما جاء في فضل الصلوات الخمس، ح(214).
([5]) رواه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب أوقات الصلوات الخمس، ح(614).
([6]) رواه مسلم كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها، ح(831).
([7]) رواه البخاري كتاب الاستئذان، باب من رد فقال عليك السلام، ح(5897)، وفي كتاب الأيمان والنذور، باب إذا حنث ناسيا في الأيمان، ح(6290)، ورواه مسلم كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة وإنه إذا لم يحسن الفاتحة ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، ح(397).
([8]) رواه البخاري أبواب القبلة، باب التوجه نحو القبلة حيث كان، ح(391)، وفي أبواب تقصير الصلاة، باب صلاة التطوع على الدواب وحيثما توجهت به، ح(1042)، ورواه مسلم كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جواز صلاة النافلة على الدابة في السفر حيث توجهت، ح(700).
([9]) سبق تخريجه.
([10]) رواه البخاري أبواب تقصير الصلاة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، ح(1066).
([11]) رواه البخاري كتاب صفة الصلاة، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها في الحضر والسفر وما يجهر فيها وما يخافت، ح(724)، وفي باب حد إتمام الركوع والاعتدال فيه والطمأنينة ح(760)، وفي كتاب الاستئذان، باب من رد فقال عليك السلام، ح(5897)، ورواه مسلم كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة وإنه إذا لم يحسن الفاتحة ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، ح(397).
([12]) رواه البخاري كتاب صفة الصلاة، باب سنة الجلوس في التشهد، ح(794).
([13]) رواه مسلم كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، ح(403)، وفي باب التشهد ح(974).
([14]) أخرجه ابن حبان (515) والحاكم (1/ 268) وصححه.
([15]) رواه البخاري كتاب الأنبياء، ح(3190).
([16]) رواه مسلم كتاب الصلاة، باب ما يجمع صفة الصلاة وما يفتتح به ويختم به وصفة الركوع والاعتدال منه والسجود والاعتدال منه والتشهد بعد كل ركعتين من الرباعية وصفة الجلوس بين السجدتين وفي التشهد الأول، ح(498)، وفي باب من لم ير الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ح(783).
([17]) رواه أبو داود كتاب الصلاة، باب كيف الأذان، ح(499).
([18]) سبق تخريجه.
([19]) رواه البخاري أبواب السهو، باب ما جاء في السهو إذا قام من ركعتي الفريضة، ح(1167).
([20]) السنن الكبرى للبيهقي 2/287 ح(3104)، ومعرفة السنن والآثار للبيهقي 3/121 ح(3956)، والأحاديث المختارة = المستخرج من الأحاديث المختارة مما لم يخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما 6/130 ح(2129)، والسنن الصغير للبيهقي 1/166 ح(430)
([21]) رواه أبو داود أبواب قراءة القرآن وتحزيبه وترتيله، باب القنوت في الوتر، ح(1425). ورواه الترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء في القنوت في الوتر، ح(464)، ورواه النسائي كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الدعاء في الوتر، ح(1745). ورواه الدارمي كتاب الصلاة، باب الدعاء في القنوت، ح(1591)، وح(1593)، ورواه الإمام أحمد بن حنبل: حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضى الله تعالى عنهما، 1/200، ح(1727).
([22]) رواه البخاري كتاب صفة الصلاة، باب إلى أين يرفع يديه، ح(705).
([23]) رواه مسلم كتاب الصلاة، باب وضع يده اليمنى على اليسرى بعد تكبيرة الإحرام تحت صدره فوق سرته ووضعهما في السجود على الأرض حذو منكبيه، ح(401).
([24]) رواه مسلم كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، ح(771)،.
([25]) رواه البخاري كتاب الجهاد والسير، باب فداء المشركين، ح(2885)، وفي كتاب المغازي، باب شهود الملائكة بدرا، ح(3798)، وفي كتاب التفسير، باب تفسير سورة {والطور}، ح(4573).
([26]) رواه البخاري كتاب صفة الصلاة، باب القراءة في العشاء، ح(735).
([27]) رواه البخاري كتاب صفة الصلاة، باب الجهر بقراءة صلاة الفجر، ح(739)، ورواه مسلم كتاب الصلاة، باب الجهر بالقراءة في الصبح والقراءة على الجن، ح(449).
([28]) رواه البخاري كتاب صفة الصلاة، باب رفع البصر إلى الإمام في الصلاة، ح(713)، وفي باب القراءة في الظهر ح(726)، وفي باب القراءة في العصر ح(727)، وفي باب من خافت القراءة في الظهر والعصر ح(744)، ورواه مسلم كتاب الصلاة، باب القراءة في الظهر والعصر، ح(451)، وفي باب ما جاء في القراءة في الظهر ح(798).
([29]) رواه البخاري كتاب صفة الصلاة، باب القراءة في الفجر، ح(738).
([30]) رواه أبو داود كتاب الصلاة، باب التأمين وراء الإمام، ح(934).
([31]) رواه ابن ماجه كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب الجهر بآمين، ح(853).
([32]) رواه البخاري كتاب صفة الصلاة، باب جهر المأموم بالتأمين، ح(749)، وفي باب فضل اللهم ربنا ولك الحمد ح(763)، وفي كتاب بدء الخلق، باب إذا قال أحدكم آمين والملائكة في السماء فوافقت إحداهما الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه، ح(3056)، وفي كتاب التفسير، باب {غير المغضوب عليهم ولا الضالين}، ح(4205)، ورواه مسلم كتاب الصلاة، باب التسميع والتحميد والتأمين، ح(409)، وفي باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع ح(848).
([33]) رواه البخاري كتاب صفة الصلاة، باب جهر الإمام بالتأمين، ح(747)، ورواه مسلم كتاب الصلاة، باب التسميع والتحميد والتأمين، ح(410)، وفي باب التأمين وراء الإمام ح(936).
([34]) رواه البخاري كتاب صفة الصلاة، باب إذا أسمع الإمام الآية، ح(745).
([35]) رواه البخاري كتاب صفة الصلاة، باب إتمام التكبير في الركوع، ح(752).
([36]) رواه البخاري كتاب الجماعة والإمامة، باب إنما جعل الإمام ليؤتم به، ح(657)، وفي كتاب صفة الصلاة، باب إيجاب التكبير وافتتاح الصلاة، ح(699)، وح(701)، وفي باب يهوي بالتكبير حين يسجد ح(772)، وفي أبواب تقصير الصلاة، باب صلاة القاعد، ح(1063)، ورواه مسلم كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، ح(411)، وفي باب الإمام يصلي من قعود ح(601).
([37]) رواه مسلم كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل، ح(772).
([38]) رواه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب صفة الجلوس في الصلاة وكيفية وضع اليدين على الفخذين، ح(580).
([39]) رواه البخاري كتاب صفة الصلاة، باب سنة الجلوس في التشهد، ح(794).
([40]) رواه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السلام للتحليل من الصلاة عند فراغها وكيفيته، ح(582).
([41]) رواه أبو داود كتاب الصلاة، باب في السلام، ح(996).
([42]) رواه البخاري كتاب التفسير، باب {وقوموا لله قانتين} مطيعين، ح(4260).
([43]) رواه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان من إباحة، ح(537).
([44]) رواه أبو داود والترمذي.
([45]) رواه البخاري كتاب الوضوء، باب لا تقبل صلاة بغير طهور، ح(135).
([46]) رواه البخاري أبواب السهو، باب ما جاء في السهو إذا قام من ركعتي الفريضة، ح(1166).
([47]) رواه البخاري أبواب سجود القرآن، باب من سجد لسجود القارئ، ح(1025).
([48]) رواه مسلم كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة المسافرين وقصرها، ح(686.
([49]) رواه البخاري أبواب تقصير الصلاة، باب يقصر إذا خرج من موضعه، ح(1039)، وفي كتاب ال
 
أعلى