العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

ذكريات على ضفاف كليَّة الشَّريعة بجامعة الإمام (1416-1420هـ)

انضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,687
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
ذكريات على ضفاف كليَّة الشَّريعة بجامعة الإمام (1416-1420هـ)
كانت تلك الأعوام الأربعة ما بين (1416هـ) و(1420هـ) أيَّاماً مشرقةً في سجِّل العمر، قضيناها على ضفاف كليَّة الشَّريعة بجامعة الإمام محمَّد بن سعود الإسلاميَّة بالرِّياض؛ حيث كان العلم يجري في قاعاتها كالنَّهر العذب، يروي عطش القلوب، ويغذِّي العقول، دخلناها بقلوبٍ يملؤها الشَّغف، وهمَّةٍ يبعثها الطُّموح، وخرجنا منها بزادٍ من الفقه والمعرفة لا يزال يمدُّنا في حياتنا، ويُسعفنا في جميع أحوالنا، كانت أروقتها تمتلئ بأصوات التِّلاوة، وبيان العلماء، وحوارات الطَّلبة التي لا تهدأ.
في كلِّ صباح كنَّا نغدو من سكن الجامعة مشياً على الأقدام، يقطع بنا الطَّريق ما بين ربع ساعة ونصفها في خطواتٍ هادئةٍ مملوءة بالنَّشاط، ونصادف أحياناً في درب مسيرنا بعض الزُّملاء، فيطيب الممشى برفاق الطَّلب، ونسترجع فيها مسائل العلم، ونتذاكر شيئًا من قراءات الأمس، حتَّى نبلغ قاعة الدَّرس قبل بدء المحاضرات، نترقَّب قدوم الشَّيخ، ونأنس بالمبكِّرين من الحاضرين.
فإذا انقضت الثَّلاث المحاضرات الأُول، قصدنا ركن الإفطار والاسترواح، حيث نتأمَّل من سنلتقي به من الإخوان في ذلك اليوم؛ حيث لكلِّ صباح نكهته، ولكلِّ لقاء بهجته، بين ظرفٍ علميٍّ رصين، أو مجلسٍ اجتماعيٍّ لطيف.
ثم تمضي بقيَّة المحاضرات حتَّى يصدح أذان الظُّهر، فتجيء الرَّاحة الحقيقيَّة للقلوب: راحة الصَّلاة؛ فنتوجَّه إلى المسجد الجامع الكبير، المتربِّع في قلب كلِّيَّات الجامعة، ويفد الطُّلَّاب إليه أفواجاً من كلِّ حدبٍ وصوب، في مشهدٍ مهيب؛ فنصلِّي ما كتب الله لنا، ثُمَّ تحين صلاة الظُّهر في خشوع وطمأنينة.
وبعد انقضائها قد تأتي هناك مصادفاتٌ ماتعة، كأن نلقى صديقاً عزيزاً، أو أستاذاً قديماً، فتُستعاد الذِّكريات في دقائق معدودة، أو نظفر بفرصة مرافقة أحد الشِّيوخ والأساتذة من الجامع إلى القاعات، نستوقفه بالسُّؤال، وننهل من علمه على الطَّريق، وهكذا حتَّى آخر يوم في دراستنا الجامعيِّة؛ فكانت هذه المشاهد تتجدَّد في تنوُّعها، وتبقى الأيام حافلةً بلقاءاتٍ وأحاديث ومواقف لم تخطر لنا يوماً على بال؛ لقد كانت تلك الأيَّام حقَّاً من أجمل أيَّام العمر، حافلة بالعلم والصُّحبة والصَّفاء.
كانت أعوام الدِّراسة في كليَّة الشَّريعة بمثابة ربيع روحيٍّ وعلميٍّ امتدَّ أربع سنوات، تفتَّحت فيها المدارك، وتشكَّلت فيها ملامح الشَّخصيَّة العلميَّة؛ حيث كنَّا نتنفَّس في يومنا بروح المتعطِّش للمعرفة، ونسير بين القاعات حاملين دفاترنا؛ ونستزيد لقلوبنا المملوءة بالشَّغف.
كانت أروقة الكليَّة تضجُّ بأصوات المذاكرات، وهدير النِّقاشات العلميَّة، ومجالس التَّعليم التي يفيض منها نور العلم، وتلوح فيها هيبة الوقار، وفي كلِّ صباح كانت وجوه أساتذتنا تحمل المهابة والبساطة، فتُجدِّد فينا العزم على التَّعلُّم، شعرنا منذ اليوم الأوَّل أنَّنا أمام رجال بذلوا أعمارهم في خدمة الشَّريعة، علماً وتعليماً وتربية، بعضهم كان في بداية مشواره الأكاديميِّ يزرع البذور بجدٍّ وهمَّة، وبعضهم كان في أعلى المراتب ينثر الحكمة كما يُنثر الغيث على الأرض العطشى؛ ومضت تلك الأيام لوحةً نابضةً بالحياة، لا تزال ألوانها زاهيةً في قلوبنا رغم تعاقب السِّنين.
كانت الموادُّ التي درسناها أبواباً واسعةً إلى ميادين المعرفة، ففي حلقات القرآن كنَّا نستمع إلى التِّلاوة المترسِّلة التي تفتح القلوب لمعاني الكتاب الكريم. وفي دروس العقيدة تعلَّمنا ثبات الحُجَّة، وقوَّة البرهان، ومهارة الرَّدِّ على الشُّبهات. أَمَّا دروس الحديث فقد كانت منابر نور نهلنا منها إسناداً وفهماً وتطبيقاً. وحلقات التَّفسير كانت أشبه بحدائق غنَّاء، نتنقَّل بين ظلالها لنستنطق النَّصَّ القرآنيَّ، ونربط بين معانيه وأسرار التَّنزيل. تلك الدُّروس لم تقتصر على المعلومات، بل غرست فينا منهج النَّظر، وعمق التَّأمُّل، والقدرة على الرَّبط بين أصول العلوم وفروعها.
وفي النَّحو واللُّغة اكتشفنا أَنَّ العربيَّة لم تكن جداول وقواعد جامدة، بل مفتاح لفهم الوحيين، ووسيلةً للتَّذوُّق البياني. وفي جميع ذلك لم تخل قاعات الدَّرس من الطَّرافة والهيبة معاً؛ فبعض الأساتذة كان يملك صوتاً يملأ القاعة حيويَّة، وبعضهم كان يلفت الطُّلَّاب برشاقة عباراته، ودقَّة إشاراته. أَمَّا في ميادين الاقتصاد الإسلامي والعلوم التَّربويَّة، فقد تعلَّمنا كيف يرتبط الفقه بواقع الحياة، وكيف يتكامل الفكر الاقتصاديُّ مع البعد الإنسانيِّ والتَّربويِّ، حتَّى ندرك أَنَّ الشَّريعة منهج حياة متكامل. كانت كلُّ تلك التَّنوُّعات المعرفيَّة تفتح لنا أبواباً جديدة للتَّفكير، وتجعلنا ننظر للعلم الشَّرعيِّ من زوايا أوسع.
وفي مجال الفقه وأصوله كان الميدان واسعاً رحباً، ننتقل فيه بين دقَّة الفتوى، وحكمة التَّنزيل، وعمق الاستنباط، وجمال العرض. وفي دروس الفقه تعلَّمنا كيف يُبنى الحُكم على الدَّليل، وكيف تُراعى أحوال النَّاس ومصالحهم. وفي أصول الفقه سرنا بين مباحث العموم والخصوص، والقياس والتَّعليل، وأصول الاستدلال ومقاصد التَّشريع. وبعض الدُّروس كانت تبدأ بمقدِّماتٍ لغويَّةً أو منطقيَّةً تمهِّد للمسألة، فنخرج بفائدتين في وقتٍ واحد، ممَّا زادنا تعلُّقاً بهذا العلم الجليل؛ فكانت في تلك القاعات مجالس تأصيلٍ وتربية، تحيي في النَّفس محبَّة الفقه وأهله.
كانت تلكم الذِّكرى مرحلةً من رحلةٍ عابرةٍ في العمر، كان فيها مشوار بناء، وموسم حصاد؛ فيها عرفنا قيمة العلم، ومعنى الصُّحبة الصَّالحة، وأثر القدوة النَّاصحة. بعض أساتذتنا مضى إلى رحمة الله؛ وسبقنا إلى الدَّار الآخرة كما سبقنا في العمر والعلم والمعرفة، فنسأل الله أن يجعل ما قدَّموه رفعةً في درجاتهم، وعلوِّ منازلهم، وأن يجمعنا بهم مع سيِّد الخلق -صلَّى الله عليه وسلَّم- وصحابته والتَّابعين بإحسان.
وبعضهم لا يزال بيننا يفيض علمه على الأجيال؛ تبقى كلماتهم وأمثلتهم ومواقفهم حيَّةً في الذَّاكرة، تذكِّرنا بأنَّ العلم ليس حروفاً تحفظ، بل حياة تُعاش، وما هذه السُّطور إِلَّا وفاءً لمرحلة لا تُنسى، نستذكر بها أسماء ستبقى في قلوبنا ما تعاقب اللَّيل والنَّهار؛ فجزاهم الله جميعاً خير الجزاء وأوفاه، وبارك في أعمار أحيائهم، وجعل علمهم صدقةً جاريةً ما دامت السَّماوات والأرض.
هذا نسيمٌ عاطرٌ من ذكريات مرحلة البكالوريوس، وبعض من كانوا يدرِّسونا وقتها كانوا برتبة معيد، وأغلبهم برتبة محاضر وأشرت لهم بالرمز (أ)؛ واحببت أن أدوِّن هذه الذِّكرى قبل أن تذهب أدراج السِّنين؛ فننسى وتضيع؛ فإليكم ذكر كوكبة المشايخ الفضلاء النُّبلاء الذين درَّسونا بكليَّة الشَّريعة ما بين عام (1416-1420هـ):
القرآن الكريم:
د. قطب مصري الجنسية
د. البحيري مصري الجنسية


العقيدة والمذاهب المعاصرة:
أ.د. حمد بن عبدالرحمن الجنيدل -رحمه الله-
د. عمر بن سعود العيد
د. ناصر بن عبدالرحمن الجديع
د. عبدالله بن محمد السند
أ. محمد الحسن


الحديث وعلومه:
أ.د. صالح بن هادي الشمراني
د. محمد بن عبدالله الخضير
د. خالد بن عبدالرحمن البكر
د. خالد بن إبراهيم الرومي -رحمه الله-
د. سعد الزيد


التفسير وعلومه:
د. جمعة سهل سوداني الجنسية
د. ناصر بن محمد الماجد -رحمه الله-
د. عبدالحميد بن عبدالرحمن السحيباني
د. إبراهيم بن علي الحسن
د. إبراهيم الحميضي
أ. عبدالرحمن بن ناصر اليوسف


النَّحو:
د. صالح بن إبراهيم الفراج
أ.د. علي محمد فاخر (مصري) شاعر -رحمه الله-


اقتصاد إسلامي+علم نفس+تربوي:
أ. محمد بن سعود العصيمي
د. عبدالله بن محمد الزامل -رحمه الله-
أ.د. سليمان بن عبدالرحمن الحقيل
د. رشيد بن النوري البكر


الفقه:
أ.د. صالح بن عثمان الهليل
أ.د. عبدالله بن علي الركبان
أ.د. محمد بن أحمد الصالح
أ.د. عبدالله بن سعد الرشيد
أ.د. عبدالله بن عبدالواحد الخميس
أ.د. أحمد بن علي موافي
أ.د. مساعد بن قاسم الفالح
د. ناصر بن محمد المنيع
د. الأمير عبدالرحمن بن سعود الكبير
أ. فؤاد بن سليمان الغنيم
أ. خالد بن سعد الخشلان
أ. عبد الحميد بن سعد السعودي -رحمه الله-
أ. علي بن ناصر الشلعان

أصول الفقه:
أ.د. أكرم بن محمد أوزيقان -رحمه الله-
أ. عبدالرحمن بن عبدالله الجبرين
أ. أحمد بن محمد السراح
د. عبدالله بن عيسى العيسى
د. محمد بن عبدالرزاق الدويش
د. عبدالرحمن بن عبدالله الشعلان
د. عبدالعزيز بن عبدالرحمن المشعل
د. عبدالله بن محمد الرسيني
د. عبدالرحمن بن عبدالعزيز المطير
أ. سعد بن ناصر الشثري
أ. عبداللطيف بن سعود الصرامي
د. أحمد بن عبدالعزيز السيد (مصري يحمل الجنسية البحرينية الآن، وأستاذ بجامعة البحرين).

الثقافة الإسلامية والدعوة:
أ.د. محمد بن عبدالله عرفة
أ.د. عبدالله بن الكيلاني الأوصيف التونسي
أ.د. عبدالله بن حمد العويس
د. ناصر بن إبراهيم التويم
أ. عبدالرحمن بن معلا اللويحق
أ. إسحاق بن عبدالله السعدي
أ. عبدالرحمن بن إبراهيم الجريوي
أ. عبدالله بن محمد الصرامي
 
أعلى