أبو أيمن أمين الجزائري.
:: متابع ::
- انضم
- 31 مايو 2024
- المشاركات
- 21
- الإقامة
- الجزائر العاصمة
- الجنس
- ذكر
- الكنية
- أبو أيمن
- التخصص
- أصول الفقه - فقه
- الدولة
- الجزائر
- المدينة
- الجزائر العاصمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
فإن من نعيم فضل الله على هذه اﻷمة أن بعث إليها خير رسله، وهو محمدﷺ، وأنزل عليها أفضل كتبه وهو القرآن، وأكمل لها الدين، وأتم عليها نعمته، ورضي لها الإسلام دينا آخر اﻷديان، وفي ذلك كل نعم الدارين، قال تعالى: ﴿.. ٱلۡیَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِینَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَیۡكُمۡ نِعۡمَتِی وَرَضِیتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَـٰمَ دِینࣰاۚ﴾ الآية[المائدة ٣].
كما أن النبيﷺ بين كل الدين الذي جاء به، وذلك إما بقوله وإما بفعله وإما بإقراره، إبتداء أو جوابا عن سؤال، وحذر من كل محدثة وبدعة تنسب للدين، فقال: [من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد](1)، وقال: [من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد](2)، وقال أيضاً في رواية: [من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد](3).
فالحديث اﻷول أعم في الرد حيث اشتمل على اﻷصل والكيفية، والثاني أخص في الكيفية والصفة، والثالث أصرح في التفصيل والتأصيل، إذ كل أمر ليس من الدين بأصله ووصفه وتفصيله مردود(4)، فلا بد إذن من موافقة السنة حتى يكون العمل مقبوﻻ، ولهذا ذكر العلماء في شروط قبول العمل أن يتوفر شرطان:
الأول: اﻹخلاص.
الثاني: المتابعة.
ثم إن المتابعة ﻻ تتحقق إﻻ إذا كان العمل موافقا للشريعة في أمور ستة وهي:
السبب، الجنس، القدر ، الكيفية، المكان، الزمان(5).
-فإن قلت: فما هي السنة وما هي البدعة؟:
قلنا: السنة في اللغة: هي الطريقة والسيرة، محمودة كانت أو مذمومة.(6).
وفي اﻻصطلاح: هي ما كان عليه النبيﷺ وأصحابه اعتقاداً واقتصادا وقوﻻ وعملا.(7).
-وأما البدعة فهي في اللغة: إحداث شيء على غير مثال سابق، أو الحدث في الدين بعد اﻹكمال.(8).
-وفي اﻻصطلاح: هي "ما لم يشرعه الله ورسولهﷺ، وهو ما لم يأمر به أمر إيجاب أو استحباب"(9)، وعرفها الشاطبي بقوله: "البدعة: طريقة في الدين مخترعة، تضاهي الشرعية، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه"(10).
▪قلت: فظهر من هذه التعريفات أن كلا من السنة والبدعة بينهما علاقة من الناحية اللغوية والشرعية، والذي يهمنا هو الناحية الشرعية، حيث نرى بين السنة والبدعة تضادا وتنافرا، ﻷن السنة شرعا هي طريقة النبيﷺ وأصحابه، والبدعة هي ما كان مخالفا للنبيﷺ وأصحابه.(11).
كما ظهر لنا مما سبق أن كل بدعة في الدين ضلالة، خلافا لما يزعمه البعض من أن هناك بدعة حسنة وبدعة سيئة، فإن هذا تقسيم باطل وهو عن الصواب بمعزل، ﻷن اﻷحاديث عامة تشمل جميع البدع، فالنبيﷺ قال: [كل بدعة ضلالة](12)، فلفظة "كل" من صيغ العموم كما تقرر أصوليا(13)، فتدخل فيه كل بدعة في الدين أحدثها الناس.
[ شبهة وجوابها ]
■وأما ما جاء في قول عمر رضي الله عنه لما جمع الناس على إمام واحد في صلاة التراويح: (نعمت البدعة هذه)(14)، فإن المراد: البدعة اللغوية وليس الشرعية(15)، ﻷن فعله رضي الله عنه له أصول يرجع إليها، والتي منها:
أ- أن النبيﷺ فعلها في أول اﻷمر ثم تركها خشية أن تفرض، فلما زالت علة التشريع بموت الرسولﷺ رجع اﻷمر إلى أصله.
ب- أن عمر -رضي الله عنه- من الخلفاء الراشدين، وقد أمر النبيﷺ باتباعهم، واﻻهتداء بمنارهم.
-فإذن: كل عمل يدل عليه الكتاب والسنة فليس بدعة في الشريعة وإن سمي بدعة في اللغة ، فلفظ "البدعة" في اللغة أعم من لفظ "البدعة" في الشريعة.(16).
فحاصل الكلام:
أن أثر عمر رضي الله عنه ليس فيه دليل على ذلك التقسيم لما عرفت من أن المراد بالبدعة فيه: اللغوية دون الشرعية ، فلا يصح التمسك به في ذلك جملة وتفصيلا.
■وختاماً:
على المسلم أن ﻻ يقدم على عمل إﻻ ومعه برهان أوضح من شمس النهار، وهذا حتى يكون عمله مقبوﻻ ، وإﻻ فهو مردود عليه غير مقبول، وبالله التوفيق.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وكتب:
أبو أيمن أمين الجزائري.
_________________________
1)-رواه البخاري(٢٦٩٧)، ومسلم(١٧١٨).
2)-رواه مسلم(١٧١٨).
3)-أخرجه أبو يعلى(٤٥٩٤)بإسناد صحيح كما في الموسوعة.
4)-موسوعة المناهي الشرعية(٢٢٥/١).
5)-أنظر:اﻹبداع(ص١٨-١٩) للعلامة ابن عثيمين.
6)-لسان العرب(٢٢٥/١٣)، تهذيب اللغة(٢٩٨/١٢).
7)-مجموع الفتاوى(٣٠٦/١٩)،جامع العلوم والحكم(ص٢٣٠).
8)-القاموس المحيط(ص٩٠٦)، اﻻعتصام(٢٧/١).
9)-مجموع الفتاوى(١٠٧/٤)،جزء في التمسك بالسنن(١٦).
10)-اﻻعتصام(٢٧/١).
11)-قواعد معرفة البدع(ص٢٧،٢٨).
12)-رواه مسلم(٨٦٧).
13)-أنظر:إحكام الفصول(ص٢٣١)، إرشاد الفحول(ص٤٠٤)، مفتاح الوصول(ص٣٧٥).
14)-أنظر: البخاري مع الفتح(٢٠١٠).
15)-أنظر لزاماً: إقتضاء الصراط المستقيم(ص٣٠٨)، جامع العلوم والحكم(ص٣٢٥).
16)-إقتضاء الصراط المستقيم(ص٣٠٨).
			
			فإن من نعيم فضل الله على هذه اﻷمة أن بعث إليها خير رسله، وهو محمدﷺ، وأنزل عليها أفضل كتبه وهو القرآن، وأكمل لها الدين، وأتم عليها نعمته، ورضي لها الإسلام دينا آخر اﻷديان، وفي ذلك كل نعم الدارين، قال تعالى: ﴿.. ٱلۡیَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِینَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَیۡكُمۡ نِعۡمَتِی وَرَضِیتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَـٰمَ دِینࣰاۚ﴾ الآية[المائدة ٣].
كما أن النبيﷺ بين كل الدين الذي جاء به، وذلك إما بقوله وإما بفعله وإما بإقراره، إبتداء أو جوابا عن سؤال، وحذر من كل محدثة وبدعة تنسب للدين، فقال: [من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد](1)، وقال: [من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد](2)، وقال أيضاً في رواية: [من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد](3).
فالحديث اﻷول أعم في الرد حيث اشتمل على اﻷصل والكيفية، والثاني أخص في الكيفية والصفة، والثالث أصرح في التفصيل والتأصيل، إذ كل أمر ليس من الدين بأصله ووصفه وتفصيله مردود(4)، فلا بد إذن من موافقة السنة حتى يكون العمل مقبوﻻ، ولهذا ذكر العلماء في شروط قبول العمل أن يتوفر شرطان:
الأول: اﻹخلاص.
الثاني: المتابعة.
ثم إن المتابعة ﻻ تتحقق إﻻ إذا كان العمل موافقا للشريعة في أمور ستة وهي:
السبب، الجنس، القدر ، الكيفية، المكان، الزمان(5).
-فإن قلت: فما هي السنة وما هي البدعة؟:
قلنا: السنة في اللغة: هي الطريقة والسيرة، محمودة كانت أو مذمومة.(6).
وفي اﻻصطلاح: هي ما كان عليه النبيﷺ وأصحابه اعتقاداً واقتصادا وقوﻻ وعملا.(7).
-وأما البدعة فهي في اللغة: إحداث شيء على غير مثال سابق، أو الحدث في الدين بعد اﻹكمال.(8).
-وفي اﻻصطلاح: هي "ما لم يشرعه الله ورسولهﷺ، وهو ما لم يأمر به أمر إيجاب أو استحباب"(9)، وعرفها الشاطبي بقوله: "البدعة: طريقة في الدين مخترعة، تضاهي الشرعية، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه"(10).
▪قلت: فظهر من هذه التعريفات أن كلا من السنة والبدعة بينهما علاقة من الناحية اللغوية والشرعية، والذي يهمنا هو الناحية الشرعية، حيث نرى بين السنة والبدعة تضادا وتنافرا، ﻷن السنة شرعا هي طريقة النبيﷺ وأصحابه، والبدعة هي ما كان مخالفا للنبيﷺ وأصحابه.(11).
كما ظهر لنا مما سبق أن كل بدعة في الدين ضلالة، خلافا لما يزعمه البعض من أن هناك بدعة حسنة وبدعة سيئة، فإن هذا تقسيم باطل وهو عن الصواب بمعزل، ﻷن اﻷحاديث عامة تشمل جميع البدع، فالنبيﷺ قال: [كل بدعة ضلالة](12)، فلفظة "كل" من صيغ العموم كما تقرر أصوليا(13)، فتدخل فيه كل بدعة في الدين أحدثها الناس.
[ شبهة وجوابها ]
■وأما ما جاء في قول عمر رضي الله عنه لما جمع الناس على إمام واحد في صلاة التراويح: (نعمت البدعة هذه)(14)، فإن المراد: البدعة اللغوية وليس الشرعية(15)، ﻷن فعله رضي الله عنه له أصول يرجع إليها، والتي منها:
أ- أن النبيﷺ فعلها في أول اﻷمر ثم تركها خشية أن تفرض، فلما زالت علة التشريع بموت الرسولﷺ رجع اﻷمر إلى أصله.
ب- أن عمر -رضي الله عنه- من الخلفاء الراشدين، وقد أمر النبيﷺ باتباعهم، واﻻهتداء بمنارهم.
-فإذن: كل عمل يدل عليه الكتاب والسنة فليس بدعة في الشريعة وإن سمي بدعة في اللغة ، فلفظ "البدعة" في اللغة أعم من لفظ "البدعة" في الشريعة.(16).
فحاصل الكلام:
أن أثر عمر رضي الله عنه ليس فيه دليل على ذلك التقسيم لما عرفت من أن المراد بالبدعة فيه: اللغوية دون الشرعية ، فلا يصح التمسك به في ذلك جملة وتفصيلا.
■وختاماً:
على المسلم أن ﻻ يقدم على عمل إﻻ ومعه برهان أوضح من شمس النهار، وهذا حتى يكون عمله مقبوﻻ ، وإﻻ فهو مردود عليه غير مقبول، وبالله التوفيق.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وكتب:
أبو أيمن أمين الجزائري.
_________________________
1)-رواه البخاري(٢٦٩٧)، ومسلم(١٧١٨).
2)-رواه مسلم(١٧١٨).
3)-أخرجه أبو يعلى(٤٥٩٤)بإسناد صحيح كما في الموسوعة.
4)-موسوعة المناهي الشرعية(٢٢٥/١).
5)-أنظر:اﻹبداع(ص١٨-١٩) للعلامة ابن عثيمين.
6)-لسان العرب(٢٢٥/١٣)، تهذيب اللغة(٢٩٨/١٢).
7)-مجموع الفتاوى(٣٠٦/١٩)،جامع العلوم والحكم(ص٢٣٠).
8)-القاموس المحيط(ص٩٠٦)، اﻻعتصام(٢٧/١).
9)-مجموع الفتاوى(١٠٧/٤)،جزء في التمسك بالسنن(١٦).
10)-اﻻعتصام(٢٧/١).
11)-قواعد معرفة البدع(ص٢٧،٢٨).
12)-رواه مسلم(٨٦٧).
13)-أنظر:إحكام الفصول(ص٢٣١)، إرشاد الفحول(ص٤٠٤)، مفتاح الوصول(ص٣٧٥).
14)-أنظر: البخاري مع الفتح(٢٠١٠).
15)-أنظر لزاماً: إقتضاء الصراط المستقيم(ص٣٠٨)، جامع العلوم والحكم(ص٣٢٥).
16)-إقتضاء الصراط المستقيم(ص٣٠٨).
 
				
