أبو أيمن أمين الجزائري.
:: متابع ::
- انضم
- 31 مايو 2024
- المشاركات
- 28
- الإقامة
- الجزائر العاصمة
- الجنس
- ذكر
- الكنية
- أبو أيمن
- التخصص
- أصول الفقه - فقه
- الدولة
- الجزائر
- المدينة
- الجزائر العاصمة
الحمد لله وبعد:
فقد كثرت في الآونة الأخيرة جريمة شنعاء، وجناية نكراء، وهي قتل النفس بغير حق، حيث وفي كل مرة نسمع عن بلايا يدمى لها القلب، فهذا قتل ذاك، وذاك أزهق روح آخر، حتى صارت هذه الجريمة كالطابع على أسماعنا، وذلك بسبب كثرتها وانتشارها في أوساط الناس، وهذا الذي أخبر عنه النبيﷺ أنه سيقع في آخر الزمان، ففي مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللهِﷺ: [ والَّذي نَفْسِي بيَدِهِ، لا تَذْهَبُ الدُّنْيا حتّى يَأْتِيَ على النّاسِ يَوْمٌ لا يَدْرِي القاتِلُ فِيمَ قَتَلَ، ولا المَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ. فقِيلَ: كيفَ يَكونُ ذلكَ؟ قالَ: الهَرْجُ، القاتِلُ والْمَقْتُولُ في النّارِ](1)، فهذا الحديث فيه إخبار عما سيؤول إليه أمر هذه الأمة، من كثرة القتل والهرج، لا لسبب ولكن لهوى وجاهلية، يقول الإمام أبو العباس القرطبي رحمه الله في معنى الحديث: "يعني بذلك أن الأهواء تغلب، والهرج والقتل يكثر ويستسهل حتى لا يبالى به، فيكون قتل المسلم عند قاتله كقتل نملة، كما هو الحال الآن في أقصى المغرب.."اه(2).
-وقتل النفس بغير حق منكر عظيم، وجرم كبير، بل هو من الكبائر الموبقات، وفاعله متوعد بالنار والعذاب العظيم، قال تعالى: ﴿وَمَن یَقۡتُلۡ مُؤۡمِنࣰا مُّتَعَمِّدࣰا فَجَزَاۤؤُهُۥ جَهَنَّمُ خَـٰلِدࣰا فِیهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَیۡهِ وَلَعَنَهُۥ وَأَعَدَّ لَهُۥ عَذَابًا عَظِیمࣰا﴾ [النساء ٩٣]، فقد توعد الله القاتل المتعمد بهذه الأمور الخمسة، مما يدل على عظم قبح هذا الذنب، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيﷺ قال: [ اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقاتِ -وذكر-: وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إِلّا بالحَقِّ](3)، والموبقات هي "المهلكات".
-هذا، ولعظم جرم هذا الذنب العظيم، كان أول ما يقضى فيه بين الناس يوم القيامة: الدماء -كما ثبت في الحديث عن النبيﷺ-(4)، وما ذلك إلا لأن الله تعالى عظم الدماء، يقول الإمام القرطبي رحمه الله: "هذا يدل على أنه ليس في حقوق الآدميين أعظم من الدماء"(5)،
-ومن أجل ذا، جاءت الشريعة الإسلامية بتقرير مقصد حفظ النفس، وجعلته من الضروريات الخمس، وجاءت النصوص من الكتاب والسنة لبيان ذلك وتجليته، ولبيان حرمة دم المسلم، حتى جاء في الحديث أن رسول اللهﷺ قال: [ لو أن أهلَ السماءِ وأهلَ الأرضِ اشتركوا في دمِ مؤمنٍ لأَكَبَّهم اللهُ في النارِ](6)، وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول اللهِﷺ قال: [لَزَوالُ الدُّنيا أهْوَنُ على اللَّهِ مِن قتلِ رجلٍ مسلمٍ](7).
-ثم ليعلم قاتل النفس أنه قد عرض نفسه لمقت الله وغضبه، والخزي في الدنيا، والعذاب في الآخرة.
-هذا، ومن أسباب انتشار هذه الجريمة النكراء أمور، منها:
#أولا: البعد عن الله تعالى وعن صراطه المستقيم.
#ثانيا: اتباع الهوى، وإيثار الدنيا على الآخرة.
#ثالثا: عدم تطبيق الحدود الشرعية، فإن في تطبيقها حد من انتشار هذا الجرم الكبير، وتأملوا قوله تعالى: ﴿وَلَكُمۡ فِی ٱلۡقِصَاصِ حَیَوٰةࣱ یَـٰۤأُو۟لِی ٱلۡأَلۡبَـٰبِ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة ١٧٩]، فجعل في إقامة القصاص حياة تحيا بها النفوس، يقول الإمام الطبري رحمه الله: "يعني تعالى ذكره: ولكم يا أولي العقول فيما فرضتُ عليكم، وأوجبتُ لبعضكم على بعض من القصاص في النفوس والجراح والشجاج، مَا مَنع به بعضكم من قتل بعض، وقَدَع بعضكم عن بعض، فحييتم بذلك، فكان لكم في حكمي بينكم بذلك حياة"(8).
#رابعا: قلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إن لم أقل انعدامه.
#خامسا: قلة الوعي الشرعي وعدم نشره بين الناس.
إلى غير ذلك من الأسباب وهي معروفة.
نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبرم لهذه الأمة إبرام رشد وخير، وأن يهدي شبابها إلى صراطه المستقيم، إنه سميع قريب مجيب الدعوات.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وكتب:
أبو أيمن أمين الجزائري.
____________________
1)- رواه مسلم(٢٩٠٨).
2)- المفهم(٢١٥/٧).
3)- أخرجه البخاري(٢٧٦٦)، ومسلم(٨٩).
4)- أخرجه البخاري(٦٨٦٤)، ومسلم(١٦٧٨) واللفظ له.
5)- المفهم(٤٢/٥)، وانظر: شرح النووي(١٦٧/١١).
6)- أخرجه الترمذي(١٣٩٨) وضعفه بقوله: غريب.
أقول: الحديث في سنده يزيد الرقاشي ضعفه غير واحد، قال الإمام أحمد: منكر الحديث، وقال النسائي: متروك، وقال ابن حبان: لا ﺗﺤﻞ اﻟﺮﻭاﻳﺔ ﻋﻨﻪ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﺘﻌﺠﺐ، وضعفه ابن معين والدارقطني وغير واحد.
أنظر: المجروحين(٩٨/٣)، الكامل(١٣٠/٩)لابن عدي، الضعفاء والمتروكين(٢٠٧/٣)، المغني في الضعفاء (٧٤٧/٢).
لكن له شواهد يتقوى بها، قال ابن كثير في "إرشاد الفقيه"(٢/٢٥٨): "وهذه الأخبار يشد بعضها بعضا"اه.
وقد صحح الحديث أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي(١٧/٤)، والألباني في"صحيح الترمذي"(١٣٩٨).
7)- أخرجه الترمذي(١٣٩٥)، والنسائي(٣٩٨٧).
والحديث ورد مرفوعاً موقوفاً، وصحح جماعة من الأئمة وقفه.
8)- تفسير الطبري(٣٨١/٣).
فقد كثرت في الآونة الأخيرة جريمة شنعاء، وجناية نكراء، وهي قتل النفس بغير حق، حيث وفي كل مرة نسمع عن بلايا يدمى لها القلب، فهذا قتل ذاك، وذاك أزهق روح آخر، حتى صارت هذه الجريمة كالطابع على أسماعنا، وذلك بسبب كثرتها وانتشارها في أوساط الناس، وهذا الذي أخبر عنه النبيﷺ أنه سيقع في آخر الزمان، ففي مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللهِﷺ: [ والَّذي نَفْسِي بيَدِهِ، لا تَذْهَبُ الدُّنْيا حتّى يَأْتِيَ على النّاسِ يَوْمٌ لا يَدْرِي القاتِلُ فِيمَ قَتَلَ، ولا المَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ. فقِيلَ: كيفَ يَكونُ ذلكَ؟ قالَ: الهَرْجُ، القاتِلُ والْمَقْتُولُ في النّارِ](1)، فهذا الحديث فيه إخبار عما سيؤول إليه أمر هذه الأمة، من كثرة القتل والهرج، لا لسبب ولكن لهوى وجاهلية، يقول الإمام أبو العباس القرطبي رحمه الله في معنى الحديث: "يعني بذلك أن الأهواء تغلب، والهرج والقتل يكثر ويستسهل حتى لا يبالى به، فيكون قتل المسلم عند قاتله كقتل نملة، كما هو الحال الآن في أقصى المغرب.."اه(2).
-وقتل النفس بغير حق منكر عظيم، وجرم كبير، بل هو من الكبائر الموبقات، وفاعله متوعد بالنار والعذاب العظيم، قال تعالى: ﴿وَمَن یَقۡتُلۡ مُؤۡمِنࣰا مُّتَعَمِّدࣰا فَجَزَاۤؤُهُۥ جَهَنَّمُ خَـٰلِدࣰا فِیهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَیۡهِ وَلَعَنَهُۥ وَأَعَدَّ لَهُۥ عَذَابًا عَظِیمࣰا﴾ [النساء ٩٣]، فقد توعد الله القاتل المتعمد بهذه الأمور الخمسة، مما يدل على عظم قبح هذا الذنب، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيﷺ قال: [ اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقاتِ -وذكر-: وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إِلّا بالحَقِّ](3)، والموبقات هي "المهلكات".
-هذا، ولعظم جرم هذا الذنب العظيم، كان أول ما يقضى فيه بين الناس يوم القيامة: الدماء -كما ثبت في الحديث عن النبيﷺ-(4)، وما ذلك إلا لأن الله تعالى عظم الدماء، يقول الإمام القرطبي رحمه الله: "هذا يدل على أنه ليس في حقوق الآدميين أعظم من الدماء"(5)،
-ومن أجل ذا، جاءت الشريعة الإسلامية بتقرير مقصد حفظ النفس، وجعلته من الضروريات الخمس، وجاءت النصوص من الكتاب والسنة لبيان ذلك وتجليته، ولبيان حرمة دم المسلم، حتى جاء في الحديث أن رسول اللهﷺ قال: [ لو أن أهلَ السماءِ وأهلَ الأرضِ اشتركوا في دمِ مؤمنٍ لأَكَبَّهم اللهُ في النارِ](6)، وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول اللهِﷺ قال: [لَزَوالُ الدُّنيا أهْوَنُ على اللَّهِ مِن قتلِ رجلٍ مسلمٍ](7).
-ثم ليعلم قاتل النفس أنه قد عرض نفسه لمقت الله وغضبه، والخزي في الدنيا، والعذاب في الآخرة.
-هذا، ومن أسباب انتشار هذه الجريمة النكراء أمور، منها:
#أولا: البعد عن الله تعالى وعن صراطه المستقيم.
#ثانيا: اتباع الهوى، وإيثار الدنيا على الآخرة.
#ثالثا: عدم تطبيق الحدود الشرعية، فإن في تطبيقها حد من انتشار هذا الجرم الكبير، وتأملوا قوله تعالى: ﴿وَلَكُمۡ فِی ٱلۡقِصَاصِ حَیَوٰةࣱ یَـٰۤأُو۟لِی ٱلۡأَلۡبَـٰبِ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة ١٧٩]، فجعل في إقامة القصاص حياة تحيا بها النفوس، يقول الإمام الطبري رحمه الله: "يعني تعالى ذكره: ولكم يا أولي العقول فيما فرضتُ عليكم، وأوجبتُ لبعضكم على بعض من القصاص في النفوس والجراح والشجاج، مَا مَنع به بعضكم من قتل بعض، وقَدَع بعضكم عن بعض، فحييتم بذلك، فكان لكم في حكمي بينكم بذلك حياة"(8).
#رابعا: قلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إن لم أقل انعدامه.
#خامسا: قلة الوعي الشرعي وعدم نشره بين الناس.
إلى غير ذلك من الأسباب وهي معروفة.
نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبرم لهذه الأمة إبرام رشد وخير، وأن يهدي شبابها إلى صراطه المستقيم، إنه سميع قريب مجيب الدعوات.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وكتب:
أبو أيمن أمين الجزائري.
____________________
1)- رواه مسلم(٢٩٠٨).
2)- المفهم(٢١٥/٧).
3)- أخرجه البخاري(٢٧٦٦)، ومسلم(٨٩).
4)- أخرجه البخاري(٦٨٦٤)، ومسلم(١٦٧٨) واللفظ له.
5)- المفهم(٤٢/٥)، وانظر: شرح النووي(١٦٧/١١).
6)- أخرجه الترمذي(١٣٩٨) وضعفه بقوله: غريب.
أقول: الحديث في سنده يزيد الرقاشي ضعفه غير واحد، قال الإمام أحمد: منكر الحديث، وقال النسائي: متروك، وقال ابن حبان: لا ﺗﺤﻞ اﻟﺮﻭاﻳﺔ ﻋﻨﻪ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﺘﻌﺠﺐ، وضعفه ابن معين والدارقطني وغير واحد.
أنظر: المجروحين(٩٨/٣)، الكامل(١٣٠/٩)لابن عدي، الضعفاء والمتروكين(٢٠٧/٣)، المغني في الضعفاء (٧٤٧/٢).
لكن له شواهد يتقوى بها، قال ابن كثير في "إرشاد الفقيه"(٢/٢٥٨): "وهذه الأخبار يشد بعضها بعضا"اه.
وقد صحح الحديث أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي(١٧/٤)، والألباني في"صحيح الترمذي"(١٣٩٨).
7)- أخرجه الترمذي(١٣٩٥)، والنسائي(٣٩٨٧).
والحديث ورد مرفوعاً موقوفاً، وصحح جماعة من الأئمة وقفه.
8)- تفسير الطبري(٣٨١/٣).
