العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

تطوّر القواعد الفقهيّة من ظاهرة إلى علم، وأثر ذلك في الفقه الإسلامي

سمية

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
22 سبتمبر 2008
المشاركات
508
التخصص
فقه وأصوله
المدينة
00000
المذهب الفقهي
00000
تطوّر القواعد الفقهيّة من ظاهرة إلى علم؛ وأثر ذلك في الفقه الإسلامي

للدكتور: محمد عبد الرحمن المرعشلي

المصدر : مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية العدد السبعون شعبان 1428هـ .


المقدمة :

القواعد الفقهية من أعظم الإبداعات العقلية، وهي (صيغ إجمالية عامة من قانون الشريعة الإسلامية، ومن جوامع الكلم المعبر عن الفكر الفقهي، استخرجها الفقهاء في مدى متطاول من دلائل النصوص الشرعية، وصاغوها بعبارات موجزة جزلة، وجرت مجرى الأمثال في شهرتها ودلالاتها في عالم الفقه الإسلامي، بل في عالم القانون الوضعي أيضاً، فكثير منها يعبر عن مبادئ حقوقية معتبرة ومقررة لدى القانونيين أنفسهم؛ لأنها ثمرات فكر عدلي وعقلي، ذات قيم ثابتة في ميزان التشريع والتعامل والحقوق والقضاء).
وهي جليلة وكثيرة لها من فروع الأحكام ما لا يحصى، وهذه القواعد لم يذكر منها شيء في أصول الفقه، وقد يشار إليها هناك على سبيل الإجمال.
وهذه القواعد مهمة في الفقه، عظيمة النفع، وبقدر الإحاطة بها يعظم قدر الفقيه، وتتضح له مناهج الفتوى.
ومن أخذ بالفروع الجزئية دون القواعد الكلية تناقضت عليه واضطربت، واحتاج إلى حفظ جزئيات لا تتناهى، ومن ضبط الفقه بقواعده استغنى عن حفظ أكثر الجزئيات لاندراجها في الكليات، وتناسب عنده ما تضارب عند غيره.
وقد اجتهد العلماء الأقدمون في وضعها وصياغتها عبر تاريخ الفقه الإسلامي المجيد، بدءاً من عصر النبي صلى الله عليه وسلم، مروراً بعصر الصحابة والتابعين والفقهاء الذين انكبوا طوال عصور التاريخ الإسلامي على بلورتها وصياغتها في بطون الكتب؛ لضبط الفقه الإسلامي وتأصيله، فاستخدموها عند التعليل والترجيح للحفظ والمساعدة على فهم مقاصد الشريعة التي تحولت إلى منارات هدى تتسم بقوانين وقواعد حيث المرونة والسعة والتكيف مع كل جديد، وهي المميزات التي جعلت هذه الشريعة قابلة للتطبيق في كل زمان ومكان، تواجه التطور البشري وتتصدى لحوادث لا معد لها.
ويسعى الفقهاء اليوم في المجامع الفقهية -مثل منظمة المؤتمر الإسلامي في جدة- لإتمام ما فعله الأولون، بصناعة الأعمال الموسوعية للقواعد الفقهية، بعد أن كانت مُبدّدة ومتناثرة في بطون كتب الفقه الأولى، مثل كتب فقه أبي حنيفة (ت150هـ)، وكتاب الخراج لأبي يوسف القاضي (ت182هـ)، وكتاب الأصل لمحمد بن الحسن الشيباني (ت189هـ)، والمدونة الكبرى للإمام مالك (ت179هـ)، والأم للشافعي (ت205هـ) وغيرها؛ وذلك بتكليف الباحثين المتخصصين في العالم الإسلامي بقراءة هذه الكتب واستخراج القواعد الفقهية منها، لجمع ما تشتت منها وتبدّد في معلمة موسوعية واحدة، تكملة لمسيرة التطور في القواعد الفقهية، لتستوعب ما يشهده العالم المعاصر من متغيرات تتبدل لحظة بلحظة، وبشكل مذهل خصوصاً في مجال الاتصالات حيث تحول العالم إلى قرية، غيّرت نمط الحياة والتعليم والثقافة، وطوت المسافات، وبدّلت لغة الحضارة وصاغت البرامج المقنّنة، حيث صار بالإمكان مثلاً إبرام عقود وصفقات ومعاملات مالية اقتصادية عبر الحاسوب، حوّلت الفقه المالي إلى فقه الكتروني.
وهذا البحث المسمى: "تطور القواعد الفقهية من ظاهرة إلى علم وأثر ذلك في الفقه الإسلامي "يُسلّط الضوء على مفهوم هذه القواعد وتعريفها وتبيان أهميتها في ضبط الفقه الإسلامي، وعرض آثارها عند المفتي والقاضي والفقيه ورجل القانون، وإبراز أنواعها ومصادرها، وخصوصاً تطورها عبر العصور من قواعد متناثرة إلى قوانين أصلها العلماء في اجتهادهم المستمر لرفع راية هذه الشريعة عالية؛ حيث لا يخفى ما لهذه القواعد من أثر في الدراسات الفقهية، والدراسة المقارنة بين مذاهب الفقه المختلفة، والتنظير الفقهي، وفي التشريعات الوضعية والقانونية، وتقنين الشريعة، وقد آن للفقه الإسلامي أن يتبوأ مكانته عالياً عبر قواعده؛ ليصبح مصدراً من مصادر القانون الدولي


المصدر
 
أعلى