د.محمد جمعة العيسوي
عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر
- إنضم
- 12 يونيو 2008
- المشاركات
- 212
- الكنية
- ابو عبد الله
- التخصص
- الفقه
- المدينة
- محافظة كفر الشيخ
- المذهب الفقهي
- الشافعي
نقاش هادئ مع فضيلة المفتي
نشرت جريدة الجمهورية في عددها الصادر بتاريخ الأربعاء 26 رمضان 1430هـ - 16 من سبتمبر[FONT=Arial(Arabic)] 2009[/FONT]م . هذا الخبر تحت عنوان :" المفتي: مستعد لتعيين أمينات فتوى فوراً.. ودية المرأة مثل الرجل .
أكد د. علي جمعة مفتي الجمهورية أن دية المرأة تساوي دية الرجل تماما. وأن ذلك هو رأي المجامع الفقهية في الوقت الحالي فالحكم يدور مع علته وجودا وعدما. وقد انتفت الأسباب المؤدية لتمييز الرجل في الدية عن المرأة لكونه العائل الوحيد لأسرته فقد أصبحت المرأة تعمل تماما مثل الرجل وتعول أسرة كاملة.
.."
الرد :
بداية أقول : أنا من عشاق الدكتور على جمعة وممن يعرفون قدره وكنت أسمع له قبل تولي الإفتاء وبعده .
وقد تعلمت منه الكثير ومن جملة ما تعلمت منه أن الحق أحق أن يتبع , وأعرف عنه قوة الحجة فهو أصولي بارع وأعرف عنه الذكاء في استخدام القواعد الأصولية – التي يجهلها أكثر الناس - في إنتاج الأحكام التي ربما لا تنتجها- في نظري العلمي -!!! .
وعندما قرأت هذا الخبر في جريدة الجمهورية قلت في نفسي : ربما يكون في نقل الخبر عنه خطأ ما !! أو ربما يكون قد اجتهد في هذا الحكم وله حق الاجتهاد خاصة وأنا أعرف جيدا كما تعلمت منه أن مبنى القول بالتنصيف أحاديث لم تسلم من النقد الحديثي عند علماء الحديث أنفسهم وهو ما دعا الرازي في كتاب الفصول أن يذكر هذه المسألة من جملة مسائل الإجماع من غير توقيف.
إلا أن ابْن الْمُنْذِرِ وَابْن عَبْدِ الْبَرِّ قَالاَ : "أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ دِيَةَ الْمَرْأَةِ نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ " !! فصار الإجماع هو حجة هذا القول ولم يخالف في كون دية المرأة نصف دية الرجل لا حنفيا ولا مالكيا ولا شافعيا ولا حنبليا ولا ظاهريا ولا إباضيا ولا زيديا ولا إماميا .. قال ابن قدامة في المغني :" مَسْأَلَةٌ : ; قَالَ : ( وَدِيَةُ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ , نِصْفُ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ ) قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ , وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ دِيَةَ الْمَرْأَةِ نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ . وَحَكَى غَيْرُهُمَا عَنْ ابْنِ عُلَيَّةَ , وَالأَصَمِّ , أَنَّهُمَا قَالا : دِيَتُهَا كَدِيَةِ الرَّجُلِ ; لِقَوْلِهِ عليه السلام : { فِي نَفْسِ الْمُؤْمِنَةِ مِائَةٌ مِنْ الإِبِلِ } . وَهَذَا قَوْلٌ شَاذٌّ , يُخَالِفُ إجْمَاعَ الصَّحَابَةِ , وَسُنَّةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم" . ( المغني لابن قدامة 8/402-403 ط مكتبة القاهرة )وأستاذي الدكتور المفتي يعلم هذا جيدا !
لكن ما أود مناقشة أستاذي فيه ليس الحكم فهو مخالف للإجماع !! وليس كلامي بل ابن قدامة وغيره كثير من فقهاء الإسلام .
ولكن في تعليل الحكم فقد جاء من الغرابة بمكان وخاصة من أصولي بارع كأستاذي وهو ما يفتح باب السخرية من الأحكام الشرعية أو القول في الدين بغير دليل أمام كثير من الناس وإن الحال أنهم يتكلمون في الدين قبل وبعد فتواك أستاذي , وأقرأ يا أستاذي الدكتور العدد الصادر بتاريخ الخميس 25 رمضان 1430هـ - 15 من سبتمبر[FONT=Arial(Arabic)] 2009[/FONT]م من جريدة الأهرام- بريد الأهرام- تعليقا خاصا على فتوى جواز إفطار اللاعبين واعتقد أن سبب التعليق هو التعليل أيضا بالمهمة الرسمية والتأثير على الأداء .قلت : ولو قيل : يجوز للمنتخب الفطر لأنهم مسافرون لكان صحيحا فهو سفر أقل ما يقال فيه مباح وهم مسلمون لهم العمل بالرخصة – الفطر بسبب السفر- كسائر المسلمين .
وقد تعلمت منه الكثير ومن جملة ما تعلمت منه أن الحق أحق أن يتبع , وأعرف عنه قوة الحجة فهو أصولي بارع وأعرف عنه الذكاء في استخدام القواعد الأصولية – التي يجهلها أكثر الناس - في إنتاج الأحكام التي ربما لا تنتجها- في نظري العلمي -!!! .
وعندما قرأت هذا الخبر في جريدة الجمهورية قلت في نفسي : ربما يكون في نقل الخبر عنه خطأ ما !! أو ربما يكون قد اجتهد في هذا الحكم وله حق الاجتهاد خاصة وأنا أعرف جيدا كما تعلمت منه أن مبنى القول بالتنصيف أحاديث لم تسلم من النقد الحديثي عند علماء الحديث أنفسهم وهو ما دعا الرازي في كتاب الفصول أن يذكر هذه المسألة من جملة مسائل الإجماع من غير توقيف.
إلا أن ابْن الْمُنْذِرِ وَابْن عَبْدِ الْبَرِّ قَالاَ : "أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ دِيَةَ الْمَرْأَةِ نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ " !! فصار الإجماع هو حجة هذا القول ولم يخالف في كون دية المرأة نصف دية الرجل لا حنفيا ولا مالكيا ولا شافعيا ولا حنبليا ولا ظاهريا ولا إباضيا ولا زيديا ولا إماميا .. قال ابن قدامة في المغني :" مَسْأَلَةٌ : ; قَالَ : ( وَدِيَةُ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ , نِصْفُ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ ) قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ , وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ دِيَةَ الْمَرْأَةِ نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ . وَحَكَى غَيْرُهُمَا عَنْ ابْنِ عُلَيَّةَ , وَالأَصَمِّ , أَنَّهُمَا قَالا : دِيَتُهَا كَدِيَةِ الرَّجُلِ ; لِقَوْلِهِ عليه السلام : { فِي نَفْسِ الْمُؤْمِنَةِ مِائَةٌ مِنْ الإِبِلِ } . وَهَذَا قَوْلٌ شَاذٌّ , يُخَالِفُ إجْمَاعَ الصَّحَابَةِ , وَسُنَّةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم" . ( المغني لابن قدامة 8/402-403 ط مكتبة القاهرة )وأستاذي الدكتور المفتي يعلم هذا جيدا !
لكن ما أود مناقشة أستاذي فيه ليس الحكم فهو مخالف للإجماع !! وليس كلامي بل ابن قدامة وغيره كثير من فقهاء الإسلام .
ولكن في تعليل الحكم فقد جاء من الغرابة بمكان وخاصة من أصولي بارع كأستاذي وهو ما يفتح باب السخرية من الأحكام الشرعية أو القول في الدين بغير دليل أمام كثير من الناس وإن الحال أنهم يتكلمون في الدين قبل وبعد فتواك أستاذي , وأقرأ يا أستاذي الدكتور العدد الصادر بتاريخ الخميس 25 رمضان 1430هـ - 15 من سبتمبر[FONT=Arial(Arabic)] 2009[/FONT]م من جريدة الأهرام- بريد الأهرام- تعليقا خاصا على فتوى جواز إفطار اللاعبين واعتقد أن سبب التعليق هو التعليل أيضا بالمهمة الرسمية والتأثير على الأداء .قلت : ولو قيل : يجوز للمنتخب الفطر لأنهم مسافرون لكان صحيحا فهو سفر أقل ما يقال فيه مباح وهم مسلمون لهم العمل بالرخصة – الفطر بسبب السفر- كسائر المسلمين .
أعود فأقول : تعليل الحكم بمساواة المرأة بالرجل في الدية بأن العلة قد زالت وقد انتفت الأسباب المؤدية لتمييز الرجل في الدية عن المرأة لكونه العائل الوحيد لأسرته فقد أصبحت المرأة تعمل تماما مثل الرجل وتعول أسرة كاملة...
وتسمية الحكم السابق على هذا الاجتهاد تمييزا ضد المرأة في غاية البعد والغرابة !! - بل هو شرع ثبت باجتهاد جماعي ( إجماع ).
وبالمنهج الفقهي العلمي يا أستاذي الدكتور الذي تعلمته منك أقول :
1- من أين ثبتت تلك العلة " كونه العائل الوحيد " للحكم الأول " أن دية المرأة نصف دية الرجل " غاية ما ورد في بعض الكتب الفقهية هو بيان الحكمة وذكروا فيها أشياء كثيرة منها : أنها في الميراث ، والشهادة على النصف من الرجل فكذلك الدية .( الاختيار للموصلي 5 / 36).
أولا : أقول يا أستاذي العالم الدكتور تعلمت منك أن من شروط العلة الطرد بمعنى وجودها في جميع الصور التي ثبت فيها الحكم وأن تكون مؤثرة في الحكم بأن يغلب على ظن المجتهد أن الحكم حاصل عند ثبوتها لأجلها دون شيء سواها .(البحر المحيط , للزركشي 7/167) .
فهل علة الحكم بالدية هو الكسب المادي أو كون الشخص عائلا أو معيلا يا أستاذي هذا أيضا ما لا يقول به أحد فأين نحن من دية الطفل الصغير أليست نفس دية الرجل يا أستاذي بالإجماع ودية الطفلة الصغيرة نفس دية المرأة بالإجماع والشيخ والعجوز كشاب والشابة تماما في الدية ولم يقل أحد من فقهاء المسلمين بتفاوت الدية أو مساواتها بسبب الإعالة أو الكسب المادي .
فإذا لم يكن كون الرجل عائلا علة القول بديته لم يصح القول بانتفاء الحكم لانتفاء العلة يا أستاذي .
ثانيا : قولك :أصبحت المرأة تعمل تماما مثل الرجل وتعول أسرة كاملة...
والحال في كلامك يا أستاذي لا يخلو من :
1- أن تكون المرأة عائلة للأسرة كاملة بما فيهم الزوج - في حالة وجود الزوج – وهذه لا أظنك تقصدها لبعدها حتى عن الخيال .
2- أن تكون المرأة مشاركة له هو أمر اختيار وكان موجودا منذ كان الفقهاء يقولون بأن لها نصف الدية ، وإلا فالكل يقول بالذمة المالية المنفصلة للمرأة ولا يقول أحد أنه تمييز ضد الرجل فكما تطالبه بالنفقة يطالبها بالنفقة أو يقول لماذا أنفق عليك أصلا أنت مثلي في كل شيء وقد زالت العلة !! وهذا مالا يقول به أحد يا أستاذي ولا أنت فيما أعلم .
3- أن تكون المرأة المطلقة هي العائل التي تعول أسرة كاملة مثل الرجل وتماما فأين نحن من أحكام النفقة يا أستاذي والتي لا تسقط بغنى الزوجة ولا بعملها ومحاكم الأسرة شاهدة على ذلك .
أين ذلك إذن أليس في المتوفى عنها زوجها ولم يترك مالا ولا معاشا ولا عائل لها أهذا الوضع هو الذي جعلك يا أستاذي تعلل القول بانتفاء العلة – التي ليست بعلة أصلا – ووجوب المساواة ؟
أقول : إن هذا الوضع قديم قدم العالم لم يتغير وكان الحكم للمرأة بنصف الدية رغم وجود هذه الحالة في عصر النبوة وبعدها فأي امرأة لا عائل لها فهي عائل نفسها متى كان لها مال أو استطاعت العمل أو كفايتها من بيت مال المسلمين .
وأخيرا أقول : إن الأحكام لا تقوم إلا على الأدلة ودليل القول بتنصيف الدية هو الإجماع ؛ فأين دليل الحكم بالمساواة بعد سقوط اعتبار انتفاء العلة – التي ليست بعلة أصلا – يا أستاذي الدكتور فضيلة المفتي .
وتسمية الحكم السابق على هذا الاجتهاد تمييزا ضد المرأة في غاية البعد والغرابة !! - بل هو شرع ثبت باجتهاد جماعي ( إجماع ).
وبالمنهج الفقهي العلمي يا أستاذي الدكتور الذي تعلمته منك أقول :
1- من أين ثبتت تلك العلة " كونه العائل الوحيد " للحكم الأول " أن دية المرأة نصف دية الرجل " غاية ما ورد في بعض الكتب الفقهية هو بيان الحكمة وذكروا فيها أشياء كثيرة منها : أنها في الميراث ، والشهادة على النصف من الرجل فكذلك الدية .( الاختيار للموصلي 5 / 36).
أولا : أقول يا أستاذي العالم الدكتور تعلمت منك أن من شروط العلة الطرد بمعنى وجودها في جميع الصور التي ثبت فيها الحكم وأن تكون مؤثرة في الحكم بأن يغلب على ظن المجتهد أن الحكم حاصل عند ثبوتها لأجلها دون شيء سواها .(البحر المحيط , للزركشي 7/167) .
فهل علة الحكم بالدية هو الكسب المادي أو كون الشخص عائلا أو معيلا يا أستاذي هذا أيضا ما لا يقول به أحد فأين نحن من دية الطفل الصغير أليست نفس دية الرجل يا أستاذي بالإجماع ودية الطفلة الصغيرة نفس دية المرأة بالإجماع والشيخ والعجوز كشاب والشابة تماما في الدية ولم يقل أحد من فقهاء المسلمين بتفاوت الدية أو مساواتها بسبب الإعالة أو الكسب المادي .
فإذا لم يكن كون الرجل عائلا علة القول بديته لم يصح القول بانتفاء الحكم لانتفاء العلة يا أستاذي .
ثانيا : قولك :أصبحت المرأة تعمل تماما مثل الرجل وتعول أسرة كاملة...
والحال في كلامك يا أستاذي لا يخلو من :
1- أن تكون المرأة عائلة للأسرة كاملة بما فيهم الزوج - في حالة وجود الزوج – وهذه لا أظنك تقصدها لبعدها حتى عن الخيال .
2- أن تكون المرأة مشاركة له هو أمر اختيار وكان موجودا منذ كان الفقهاء يقولون بأن لها نصف الدية ، وإلا فالكل يقول بالذمة المالية المنفصلة للمرأة ولا يقول أحد أنه تمييز ضد الرجل فكما تطالبه بالنفقة يطالبها بالنفقة أو يقول لماذا أنفق عليك أصلا أنت مثلي في كل شيء وقد زالت العلة !! وهذا مالا يقول به أحد يا أستاذي ولا أنت فيما أعلم .
3- أن تكون المرأة المطلقة هي العائل التي تعول أسرة كاملة مثل الرجل وتماما فأين نحن من أحكام النفقة يا أستاذي والتي لا تسقط بغنى الزوجة ولا بعملها ومحاكم الأسرة شاهدة على ذلك .
أين ذلك إذن أليس في المتوفى عنها زوجها ولم يترك مالا ولا معاشا ولا عائل لها أهذا الوضع هو الذي جعلك يا أستاذي تعلل القول بانتفاء العلة – التي ليست بعلة أصلا – ووجوب المساواة ؟
أقول : إن هذا الوضع قديم قدم العالم لم يتغير وكان الحكم للمرأة بنصف الدية رغم وجود هذه الحالة في عصر النبوة وبعدها فأي امرأة لا عائل لها فهي عائل نفسها متى كان لها مال أو استطاعت العمل أو كفايتها من بيت مال المسلمين .
وأخيرا أقول : إن الأحكام لا تقوم إلا على الأدلة ودليل القول بتنصيف الدية هو الإجماع ؛ فأين دليل الحكم بالمساواة بعد سقوط اعتبار انتفاء العلة – التي ليست بعلة أصلا – يا أستاذي الدكتور فضيلة المفتي .