العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

خطبة جمعة عن العام الدراسي فأعينوني وفقكم الله ؟

أبو عبيدة الغامدي

:: مخالف لميثاق التسجيل ::
إنضم
6 فبراير 2009
المشاركات
46
التخصص
إسلامية
المدينة
بيشة
المذهب الفقهي
حنبلي
طلب بسيط :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أحبتي في الله اسأل الله العلي العظيم لي ولكم التوفيق والإخلاص في القول والعمل هذه خطبة جمعة سوف ألقيها الجمعة القادمة بإذن الله تعالى ، جمعتها من أكثر من خطبة وزدت ونقصت منها وأظفت ما أراه مناسباً .
الطلب : هو من سيقوم بتشكيلها لي وأكون له من الشاكرين الداعين له بجنة الفردوس ، ويجعلها في هذا الملتقى المبارك لتعم الفائدة ، وفق الله الجميع لطاعته وسكنى جنته .
الخطبة الأولى
الحمد لله مدبر الليالي والأيام ، ومصرف الشهور والأعوام ، الملك القدوس السلام ، المتفرد بالعظمة والبقاء والدوام ، إله رحيم كثير الإنعام ، قدر الأمور فأجراها على أحسن النظام ، وشرع الشرائع فأحكمها أيما إحكام ، بقدرته تهب الرياح ويسر الغمام ، وبحكمته ورحمته تتعاقب الليالي والأيام ، أحمده على جليل الصفات وجميل الإنعام ، وأشكره شكر من طلب المزيد ودام ، وأشهد أن لا اله إلا الله ، وأشهد أن محمد عبده ورسوله أفضل الأنام r وعلى صاحبه أبي بكر السابق إلى الإسلام ، وعلى عمر الذي إذا رآه الشيطان هام ، وعلى عثمان الذي جهز بماله جيش العسرة وأقام ، وعلى علي الخضم والأسد الضرغام ، وعلى سائر آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان على الدوام . وسلم تسليماً كثيراً .
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } ، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَاوَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِيتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْيُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} .
أما بعد .. معاشر المؤمنين عباد الله أوصيكم ونفسيبتقوى الله ، فإن من اتقى الله وقاه ، وأرشده إلى خير أمور دينه ودنياه .
اعلموا رعاكم الله أن مكانة العلم في الدين عظيمة ، ومنزلته رفيعة ، فقد فضَّل الله جلّ وعلاالعلم وأهله ، ورفع مكانة العلماء ، وميَّز بين الذين يعلمون والذين لا يعلمون ، قال اللهتبارك وتعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}،وقال اللهتبارك وتعالى:{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ }، وقال جل وعلا :{أَفَمَن يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} ، وقال جل وعلا:{أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ} ، والآيات فيهذا المعنى كثيرة وفيرة.
والسنة عباد اللهمليئةٌ بالأحاديث العظيمة المنوِّهة بالعلم المبيِّنة لشرفه وعظيم فضله والترغيب فيتعلمه وتحصيله وبيان مكانة العلماء وشرف قدرهم عند الله يقولr : ( من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع وإن العلماء ورثة الأنبياء فإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما وَرَّثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر) ، وقال r : (من يرد الله به خيرا يفقِّهْهُ في الدين ) ، والأحاديث في هذا البابكثيرة عباد الله , ولهذا فإن المسلم عظيم العناية بالعلم ، شديد الرغبة في تحصيله ، لعظم مكانة العلم في قلبه ، ولعظم منزلته في نفسه ، لما يراه من الآثار الحميدة والعوائد المباركة على تحصيل العلم واكتسابه ونيله .
أيها المسلمون : ها نحن نعيش الأيام الأولى من هذا العام الدراسي ، نعيش والشوق واللهفة لغد مشرق بإذن الله تعالى حينما يتوجه إخواننا وأبنائنا وآباءنا للمدارس وقلاع العلم والمعرفة .
أيها الأبناء : مضت أيام الإجازة وانقضت ، والأيام إذا انصرفت لا تعود ، تمتع في الإجازة من تمتع ، وجدد الناس نشاطهم استعداداً لعام حافل بالجد بإذن الله ، انقضت الإجازة ، استفاد من استفاد وخسر من خسر ، كم من شاب رأيناه في الإجازة نهل من علوم العلم المختلفة ، فذلك يتلو كتاب الله ويحفظه وآخر قدم على أحاديث السنة يحفظها ويسمع شرحها وثالث ثنى ركبته عند العلماء بنهل من علومهم وفيض أنوارهم وآخرون التحقوا بدورات تدريبية في العلوم المختلفة ، فهنيئاً لمن استفاد من الإجازة راحة وعمل ، وهناك من كان في إجازته مبارزاً للواحد الديان بالمعاصي والآثام فسهر وفسوق وضياع وقت في ما يغضب الواحد الديان ، فاليوم أدعو نفسي وإياكم لمحاسبة النفس حتى يخف علينا الحساب غداً ، حين ينادي المؤمن يوم القيامة فيضع الله عليه كنفه وستره عن أعين الخلق فيقرره بذنوبه : أتعرف ذنب كذا في يوم كذا ؟ فيقول : نعم ، فيقول الله عز وجل أنا سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم ، وأما الكافر المنافق فينادى عليه على رؤوس الخلائق والأشهاد {هَـؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} ، هذه الإجازة قد ولت وها هي الدراسة قد أقبلت فافتحوا صفحة جديدة بيضاء فيها ، بإخلاص النية في طلب العلم ، والجد والاجتهاد ، فأنتم أيها الشباب عماد الأمة وحصنها الحصين .
يا أيها الآباء : انتم شركاء للمدرسة في مسئوليتها ، فليست مسئولية الآباء توفير الدفاتر والأقلام ولكن دورهم أعظم وأكبر .
الله .. الله أيها الآباء في أدب أبنائكم ، احرصوا على إرضاعهم الأدب قبل العلم ، فلا قيمة للعلم بدون أدب ، إن موسى عليه الصلاة والسلام لما دخل الوادي المقدس قال الله تعالى له : {اخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى}طه(12) فعلمه الأدب قبل العلم ، أخلع نعليك ثم استمع لما أقوله لك ، وهذه أم الإمام مالك رحمها لما كان صغيراً ألبسته أحسن الثياب ثم قالت له يا بني اذهب إلى مجالس ربيعة واجلس في مجلسه وخذ من أدبه قبل أن تأخذ من علمه .
فنشأ على الأدب الرفيع أجيال يخلف بعضها بعضاً تعرف للعلماء والمؤدبين قدرهم ، حتى يقول الإمام الشافعي رحمه الله وهو تلميذ للإمام مالك : يقول : كنت أصفح يعني أقلب الورقة بين يدي مالك رحمه الله صفحاً دقيقاً هيبة له لئلا يسمع وقعها ، وهذا الربيع بن سليمان رحمه الله وهو من تلاميذ الشافعي يقول : «والله ما تجرأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر إلى هيبة له » . وكان الإمام الحافظ شعبة بن الحجاج رحمه الله يقول:«كنت إذا سمعت من الرجل الحديث كنت له عبداً ما دام حياً» وكان الإمام أحمد رحمه الله وهو تلميذ للشافعي يقول لابن الشافعي : «أبوك من الخمسة الذين أدعوا لهم كل سحر» .
معاشر الآباء : الله ... الله في حقوق المعلمين والمعلمات ، واغرسوا في نفوس أبنائكم حب معلميهم واحترامهم وتقديرهم .
إن من الآباء من يتكلم بكلام فيه إنقاص من قدر المعلم أو المعلمة أمام مسامع الأبناء ، فوالله إن فعل أحدكم هذا ماذا يبقى للقدوة وماذا يبقى للتعليم وماذا يبقى لهيبة العلم والمعلم والتعليم ، لما أساء بعض الآباء في قلة تقديرهم للمعلمين نتج لنا جيل هتك ستر الأدب فتطاول على المعلمين ، أترجون أن نعلوا على الأمم وهذه أخلاقنا مع من يعلمون أبنائنا العلم .
يا أيها الآباء : أعينوا أبناءكم على مشاق العلم ومتاعبه فهذا سفيان الثوري العالم المشهور لما كان صغيراً وقد توفي والده وله أخوة رأى أن يترك العلم والدراسة ليطلب العيش والرزق قالت له أمه جزاها الله خيراً : أي بني اطلب العلم أكفك بمغزلي ، فانطلقت الأم تغزل وتكافح وانطلق سفيان يتعلم العلم حتى أصبح سفيان من أعلام المسلمين الكبار وكل ذلك في ميزان تلك المرأة الصالحة .
معاشر الآباء ، أيها الآباء : لا تتركوا الحبل على الغارب لأبنائك يمكث في الشارع ما شاء له ومع من شاء وفي أي مكان شاء يتعلم من الشارع ما يفسد عليك وعلى المدرسة في التربية . أحفظوا أوقات أبناءكم واضبطوها وكونوا أعيناً تربيهم عن قرب وعن بعد .
إن بعضاً من الآباء هداهم الله كان آخر عهده بالمدرسة يوم سجل ابنه فيها ، وبعضهم لا يأتي إلا حين الاستدعاء ، فيا أيها الوالد يا ولي الأمر مدارسنا يدرس فيها مئات الطلاب ، فلا تنتظر أن تقوم المدرسة بكل شيء فإذا لم تضع يدك بيد مدير المدرسة ومعلمها فالخاسرأنت وابنك .
إن على أولياء الأمور زيارة المدارس مرات ومرات للسؤال والمتابعة والمناقشة ، السؤال عن الأدب فكثير من الأبناء تختلف أخلاقهم في البيت عن المدرسة ، وإن الخلل إذا عرف في أول الوقت سهل القضاء عليه ، عليك أن تعرف جلساء ابنك وذهابه وإيابه ، عليك صحبة ابنك للمسجد ومجامع الخير ، علمه مكارم الأخلاق مرة بعد مرة ويوماً بعد يوم ، صوب خطأه واشكر صوابه ، واعلم أن تربيتهم جهاد أي جهاد ، {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا}طه(132) .
يا أيها الآباء أقولها لكم فاحفظوها : انتم محتاجون إلى أبنائكم إذا دخلتم قبوركم ، فإحسانك أيها الأب المبارك لتربية ابنك هو عمل صالح مستمر لك بعد موتك ، إن الصلاة والصيام ، والذكر والقرآن ، وكل خير زرعته في أبناءك لهو أُجور لك بعد موتك ، والعكس بالعكس فكل شر كنت سبباً في تعليمه لأبنائك من خلالك أو من خلال مجلة ساقطة سمحت بها أو فضائيات سمحت بها أو أحضرتها لهي سيئات تصب في ميزانك بعد موتك فاختار أيها الأب ما شئت يقول عليه الصلاة والسلام : (ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لها إلا حرم الله عليه الجنة) .
حملوا وظيفة الأنبياء في تعليم الناس قال r : (إن الله وملائكته ليصلون على معلم الناس الخير).
أيها المعلمون : يا حملة وظيفة الأنبياء في تعليم الناس تذكروا قوله r : (إن الله وملائكته ليصلون على معلم الناس الخير) ، أبناءنا غداً يأتون بين أيديكم فالله الله في أبناء المسلمين إنهم أمانة كبيرة ، وحمل عظيم أعانكم الله عليها ، ألا وان أحسن ما يعينكم هو الإخلاص لله في أعمالكم ، فعمل بلا إخلاص لا بركة فيه والإخلاص ما كان في أمر قليل إلا كثره ولا في أمر يسير إلا باركه .
يا مشاعل النور والرحمة ، قدوتكم في التربية والتعلم هو المعلم الأول r ، قال معاوية رضي الله عنه : ( بأبي وأمي ما رأيت معلماً كرسول الله r : ما كرهني ولا ضربني ولا شتمني) وقال أنس t : ( ما لمست حريراً ولا ديباجاً ألين من كف رسول الله r ولقد صحبته عشر سنين وأنا غلام ما قال لي يوماً أف ، وما قال لي لم فعلت هذا أو ألا فعلت كذا ) ، وقال جرير t : ( ما لقيت النبي r إلا تبسم في وجهي ) ، واعلموا أن من أخلص نيته لله وعلم الله منه الإخلاص والرغبة الصادقة في الخير فان الله يؤيده ويسدده .
أيها المعلم : من دعى إلى هدى كان له أجر من عمل به إلى يوم القيامة لا ينقص ذلك من أمورهم شيئاً ومن دعى إلى ضلالة كان عليه وزر من عمل به إلى يوم القيامة ، فاحرصوا معاشر المعلمين على تعليم أبناءنا كل خير وهدى ، وفضيلة وأخلاق ، فهي أبواب عظيمة من الأجور مفتوحة لكم ، لم تفتح لغيركم فاغتنموها .
معاشر المعلمين : الرفق ..الرفق في الأبناء ، ستجدون في أبناءنا تصرفات تنكرونها وسلوكيات ترفضونها وأفكار تتبرؤون منها . فعليكم بمنهج النبي r في التعليم ، البسمة تأسر بها طالبك ، والحنان تملك به قلبه ، والمناقشة الهادئة البعيدة عن التشنج والتعصب ترفع الغبش عن العقول ، أطلقوا ألسنة أبناءكم للكلام فإن أحسنوا فكافئوهم ، وإن أخطاؤا فقوموهم بالتي هي أحسن ، وفق الله الجميع للخير والفلاح ، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم وللمسلمين انه غفور رحيم .
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي خلق فسوى وقدر فهدى وعلم سبحانه وتعالى: {الرَّحْمَنُ خَلَقَ الْإِنسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} ، أشهد ألا إله إلا هو الواحد الديان، وأشهد أن محمدا رسوله عبده ومصطفاة من خلقه وأنه أمين الله على وحيه صلىالله عليه وعلى آله وذريته الطيبين وأزواجه وعلى خلفائه الغر الميامين وعلىالتابعين بإحسان إلى يوم الدين. اما بعد:-
أبناءنا الطلاب ، يا قرة عيوننا ، ومهج أفئدتنا ، وأكبادنا التي تمشي على الأرض ، يا أبنائي إني لتألم من أحدكم أجده حزين القلب ، كسير النفس ، لو قلت له ما بك؟ لقال لك لأن الدراسة قد بدأت ، أيها الطالب : ألم تر إلى دول الكفر قد سبقتنا في علوم الدنيا التي بها قوام الناس ، هل علمت انه في كل ثانية وليس كل دقيقة اكتشاف وانجاز علمي ، هؤلاء ما وصلوا لهذا عبثاً ، ولكنها سنة الحياة ، من جد وجد ومن زرع حصد ، اليابان ، بلد دكت أرضه بالقنابل الذرية في يوم من الأيام ، وهاهي اليوم تتفوق على العالم ، وإذا أردت أن تطمأن إلى صناعة جيدة قبل لك إنها يابانية ، يدهشك ذلك إذا علمت أن الحكومة هناك لا تدفع ريالاً واحداً على التعليم ، فنفقات التعليم بدفعها أولياء الأمور ، وما يدهشك حقاً وتتعجب له أنه لا يجبر أي مواطن على دفع شيء ، إنما كله عن حبٍ ورضا نفس في سبيل نيل العلم وخدمة الوطن .
أيها الطالب : هناك في الغرب انتشر عندهم كتاب الجيب ، وهو كتاب صغير تجد الكل يحمله في جيبه ليقرأ به في وقت الانتظار والفراغ خارج البيت والعمل ، أتظن أن الغرب هو تلك الموسيقى والأزياء والرقص واللهو ؟ لو كانت هذه حياتهم كلهم ما رأيت كل هذا الاختراعات .
يا بني إن أول ما نزل القرآن : ]اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) وثناها بقوله :(اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ[ ، أرأيت ديننا كيف يدعوك للقراءة والبحث والعلم ، بل يا بني إن رسول الله r يقول لك : ( من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً ، سهل الله له طريقاً إلى الجنة ).
فأخلص نيتك أيها الطالب في العلم ، واطلب العلم لترفع عن نفسك الجهل ، واطلب العلم لتنفع وطنك وأمتك ، واطلب العلم لأجل العلم لأن العلم زينة ، إنك ما ترى عالماً في أي مجال إلا والناس يكنون له الاحترام والتبجيل ، لا تطلبوا العلم لأجل الوظيفة ، فالوظيفة رزق ، والرزق بيد الله وحده ، واعملوا وجددوا فكلٌ يسر لما خلق له .
أيها الطالب : إنك تتوجه يومياً لقلعة من قلاع العلم ، فابدأ فيها بسم الله وعلى بركة الله استعن في طلبك للعلم بالله، فإن العلم هبة من الله ومنة منه ، يهبه من يشاء ويفتحبه على من يشاء ، وهو الفتاح العليم سبحانه ، وقد كان نبينا وقدوتنا r يقول كل يوم بعد صلاة الصبح: ( اللهم إني أسألك علما نافعاً وعملاً صالحاً ورزقاطيباً ) وثبت عنه r أنه يقول في دعائه : ( اللهم علمني ما ينفعنيوانفعني بما علمتني وزدني علماً ) ، ولا تنسى أن تقول :( اللَّهُمَّ أَعُوذُبِكَ أَنْ أَضِلَّ أَوْ أُضَلَّ ، أَوْ أَزِلَّ أَوْ أُزَلَّ ، أَوْ أَظْلِمَ أَوْأُظْلَمَ ، أَوْ أَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ) فهذا الحديث رواه أصحاب السنن الأربعة ، ولفظ أبي داود عن أم سلمة رضيالله عنها، قالت: مَا خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْبَيْتِي قَطُّ إِلَّا رَفَعَ طَرْفَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ : ( اللَّهُمَّ أَعُوذُبِكَ أَنْ أَضِلَّ أَوْ أُضَلَّ ، أَوْ أَزِلَّ أَوْ أُزَلَّ ، أَوْ أَظْلِمَ أَوْأُظْلَمَ ، أَوْ أَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ) ، ففي تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي: قال الطيبي: إن الإنسان إذا خرج من منزله لا بدأن يعاشر الناس ويزاول الأمر فيخاف أن يعدل عن الصراط المستقيم ، فإما أن يكون في أمر الدين فلا يخلو من أن يَضل أو يُضَل ، وإما أن يكون في أمر الدنيا فإما بسببجريان المعاملة معهم بأن يَظلم أو يُظلَم ، وإما بسبب الاختلاط والمصاحبة فإما أنيَجهَل أو يُجهَل فاستعيذ من هذه الأحول كلها بلفظ سلس موجز، وروعي المطابقة المعنوية والمشاكلة اللفظية. انتهى كلامه .
أيها الطالب: لتكن بدايتك جادة في تحصيل العلم ، ولا تؤجل عمل اليوم إلى الغد ، فهذا طبع الكسول ومن كانت له بداية محرقة كانت له نهاية مشرقة .
أيها الطالب : كن صبوراً على العلم ، ولا ترضى بما يقدم لك في المقررات بل زد عليها من عندك قراءة وثقافة فلا خير في من لا يقرأ .
معاشر الطلاب : عليكم بتقوى الله والصلاة فلا خير فيكم إذا ضيعتم الصلاة ، تجملوا بالدين والأخلاق ، واحترام المعلمين ، وحققوا لآبائكم ما يرجونه منكم ، فإنه من البر والعقوق أن تجعل قلب والديك يتحسران وقلقان كل يوم .
عباد الله : إن على المجتمع عموماً أن يكون متعاوناً في سبيل التربية والتعليم كل فيما يخصه ومن هنا ؛ فإننا نأمل من كل أحدٍ من خلال وسائل الإعلام ، ومن خلال مناهج التعليم ومن خلال أدوار المدراء والمعلمين ، ومن خلال دوركم أنتم معاشر أولياء الأمور ، ومنخلال كل هذا المجتمع ، أن نؤكد على أهمية التعليم ، وأهمية التزود به ، واتخاذه سلاحاًمن أسلحة القوة في هذا العصر ، وقبل ذلك ومعه وبعده التركيز على أهمية التربيةوالتزكية والتقويم السلوكي والفكري والنفسي الذي له ثماره الحميدة ، فنحن جميعًا في دائرة التربية والتعليم نسير في هذه البلاد المباركة ، وولاةُ الأمر في هذهِ البلاد وفّقهم الله يبذلون ويحرِصون ، ويوجِّهونويتابِعون ، فإنَّ الواجبَ على المربّين والمتربِّين عمومًا أن يكونوا على قدرِالمسؤوليّة في القيام بهذا الواجِبِ العظيم ، لأجلِ مستقبَل مضيءٍ بإذن الله بالعلمِ والهدَى ، والعطاءِ والبناءِ ، في ظلِّ دوحة الإيمان الوارفة، حفِظ الله بلادَنا وبلادَ المسلمين عزيزةً بدينها آمنةً بإيمانها سابقةً لكلِّ خير.
أيها المسلمون : صلوا على البشير النذير والسراج المنيريقول عزوجل:{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً }، اللهم صل على نبيِّنا وحبيِبنا وقدوتِنا محمد r وعلى آلهوصحبه وسلم تسليما كثيرا وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين وعن سائر ِصحابةِ رسولاللهوتابعيهم بإحسان إلى يوم الدّين .
اللهم أعز الإسلام ، وانصر عبادك المجاهدين في كل مكان يا رب العالمين ، اللهم لا تفرق جمعنا هذا إلا بذنب مغفور ، وعيب مستور ، وعمل متقبل مبرور ، اللهم أصلح ذرياتنا ، واجعلهم يا إلهي صالحين مصلحين ، هادين مهتدين ، مباركين أينما كانوا يا رب العالمين ، اللهم لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنباً إلا غفرته ، ولا هماً إلا فرجته ، اللهم زينا بزينة الإيمان ، وارزقنا سكنى الجنان عندك يا واحد يا ديان ، اللهم فرج هم المهمومين ، واقضي الدين عن المدينين ، وفك أسرى المأسورين ، واشف مرضانا ومرضى المسلمين .
اللهم آمنّا في أوطاننا ، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا ربَّ العالمين ، اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى ، وأعنه على البروالتقوى ، وسدده في أقواله وأعماله ، وألبسه ثوب الصحة والعافية ، وارزقه البطانة الصالحةالناصحة ، اللهم وفق جميع ولاة أمر المسلمين للعمل بكتابك ، واتباع سنة نبيك محمد r واجعلهم رحمة ورأفة على عبادك المؤمنين .
عباد الله : {إِنَّ اللَّهَيَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} ، فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكمولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
 
أعلى