هشام بن محمد البسام
:: مشرف سابق ::
- إنضم
- 22 مايو 2009
- المشاركات
- 1,011
- الكنية
- أبو محمد
- التخصص
- شريعة
- المدينة
- الدمام
- المذهب الفقهي
- حنبلي
بسم الله الرحمن الرحيم
الأنبياء لا يُورَثون، لحديث عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ t أنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ: (( لا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ )) متفق عليه.
وأما ما اشتهر في كتب الأصوليين وغيرهم، بلفظ: (( نحن معاشر الأنبياء لا نورث )). فقد أنكره جماعة من الأئمة، وهو كذلك بالنسبة لخصوص لفظ: (( نحن )).
لكن أخرجه النسائي في السنن الكبرى، عن عمر بن الخطاب t أن النبي r قال: (( إِنَّا مَعَاشِرَ الأَنْبِيَاء لا نُوْرَث مَا تَرَكْنَا فَهْوَ صَدَقَةٌ )) وصححه ابن كثير وابن الملقن.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ: (( لا يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا، مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي، وَمَئُونَةِ عَامِلِي، فَهُوَ صَدَقَةٌ )) متفق عليه.
والحكمة في ذلك والله أعلم: أن الله تعالى بعثهم مبلغين رسالته، وأمرهم أن لا يأخذوا على ذلك أجرًا، كما قال: ﴿ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴾ [الأنعام:90 ، الشورى:23]. وقال نوح وهود وغيرهما نحو ذلك.
فكانت الحكمة في أن لا يُوْرَثوا، لئلا يَظن بعض الناس أن الأنبياء من جنس الملوك، الذين يريدون الدنيا وملكها، فحماهم الله من ذلك أتم الحماية.
ولئلا تتوهم بعض النفوس أنهم يريدون الدنيا لورثتهم من بعدهم.
ولحسم المادة في تمني الوارث، موت المورِّث من أجل المال.
ولحسم المادة في تمني الوارث، موت المورِّث من أجل المال.
ولتكون أموالهم صدقة بعدهم، تعظيمًا لأجورهم، كما أشار إليه في الحديث: (( مَا تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ )).
وأما قوله تعالى: ﴿ وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ﴾ [النمل:16]. فهو ميراث النبوة والعلم والملك لا غير، باتفاق أهل العلم من المفسرين وغيرهم، وهذا لأن داود u كان له أولاد سوى سليمان، فلو كان الموروث هو المال لم يكن سليمان مختصًا به.
وكذلك قول زكريا u: ﴿ فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ﴾ [مريم:5 ، 6]. أي: يرث النبوة والعلم والحكمة، وإلا فلا يظن بنبي كريم أنه يخاف عصبَتَهُ أن يرِثوا ماله، فيسأل الله العظيم ولدًا يمنعهم ميراثه، ويكون أحق به منهم.[1]
وقد عدَّ بعضهم، النبوة من الموانع، وتوهم بعضهم من كونها مانعة، أن الأنبياء لا يَرِثون، كما لا يُوْرَثون، والتحقيق: أنها ليست بمانع.
قال ابن عابدين: والذي يظهر أن العلة في عدم كونها من الموانع، هي كون النبوة معنى قائماً في المورِّث، والمانع هو ما يمنع الإرث لمعنى قائمٍ في الوارث. اهـ.[2]
[1] مفتاح دار السعادة 1/262، العذب الفائض (1/41)، حاشية الباجوري (54)، فتح الباري (12/11).
[2] رد المحتار 10/511، مغني المحتاج (3/26).
التعديل الأخير: