العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الدولة في الفكر الإسلامي المعاصر لـ عبد الإله بلقزيز

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
الدولة في الفكر الإسلامي المعاصر




1_138902_1_3.jpg


غلاف الكتاب-اسم الكتاب: الدولة في الفكر الإسلامي المعاصر
-المؤلف: عبد الإله بلقزيز
-عدد الصفحات: 307
-الناشر: بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، ديسمبر /كانون الأول2002


عرض: إبراهيم غرايبة

يتناول هذا الكتاب علاقة الديني بالسياسي في وعي النخب الفكرية الحديثة والمعاصرة: كيف تمثلها هذا الوعي؟ وكيف عبر عنها خلال قرن ونصف القرن؟ وهي المسألة التي انعقدت فيها كافة القضايا المتصلة بمسائل الاجتماع السياسي والاجتماع الديني، في مجتمعات العالمين العربي والإسلامي.وقد شغلت نخب الفكر الإسلامي بأسباب هزيمة المسلمين أمام زحف أوروبا الظافر. وقد أدى هذا الإدمان في فهم أسباب وعوامل التردي إلى غلبة السياسي على الفكر الإسلامي، وانصراف المثقفين والفقهاء وعلماء الدين والدعاة والمؤرخين ورجال الدولة إلى الفكر السياسي الذي خرج من سياق علم السياسة ليتحول إلى شأن عام يتعاطاه كل الكتاب.
وصار الإنتاج الفكري غزيرا في الكم فقيرا في النوعية، يصفه المؤلف باللغو الأيديولوجي في مسائل مستغلقة على غير أهلها من المالكين شرائط النظر والفحص.
ويغطي الكتاب بالمراجعة والتحليل الإنتاج الفكري الإسلامي عبر خمسة أجيال من المفكرين. وهي الجيل الإصلاحي الأول، مثل رفاعة الطهطاوي وخير الدين التونسي وجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده. والجيل الإصلاحي المتأخر أو الثاني، مثل عبد الرحمن الكواكبي ورشيد رضا والنائيني. والجيل الثالث مثل عبد الحميد بن باديس وعلي عبد الرازق وحسن البنا وأبو الأعلى المودودي وأبو الحسن الندوي والخميني وعلال الفاسي ومحمد الغزالي وسيد قطب وحسن الهضيبي. والجيل الرابع، مثل سيد قطب ومحمد قطب ويوسف القرضاوي ومصطفى السباعي وعبد السلام ياسين. والجيل الخامس، مثل عبد السلام فرج وراشد الغنوشي وحسن الترابي (مخضرم) وفهمي هويدي ومحمد عمارة.
ولم تكن الأجيال وبخاصة الثالث والرابع والخامس متوافقة فكريا، ولكنها ظهرت في مرحلة زمنية واحدة. فقد شهدت اختلافات فكرية بلغت في المراحل المتأخرة إلى حد التباعد مسافات فلكية، كالفرق مثلا بين راشد الغنوشي ومحمد سليم العوا، وبين عبد السلام فرج وشكري مصطفى.

طرح الإصلاحيون قضية الدولة بعد قرون من إقفال موضوعها، وكان الهدف من طرحها هو الإصلاح والنهضة والبحث في أسباب تقدم الغرب وتراجع المسلمين، والدفاع عن فكرة الدولة الوطنية ونموذجها كبديل لدولة الخلافة
”الدولة والإصلاح
طرح الإصلاحيون قضية الدولة بعد قرون من إقفال موضوعها. وكان الهدف من طرحها هو الإصلاح والنهضة والبحث في أسباب تقدم الغرب وتراجع المسلمين، والدفاع عن فكرة الدولة الوطنية ونموذجها كبديل لدولة الخلافة.
وكان هذا التفكير انقلابا في البناء الفكري الإسلامي الموروث، وكان ثمة تقدير عام لدى نخب الفكر الإسلامي بأن الخلل الذي أصاب بنى المجتمعات الإسلامية ومدنيتها عموما إنما مرده إلى عوامل سياسية، في المقام الأول إلى دولها ونظمها السياسية على وجه التحديد.
ومثل النموذج الأوروبي للدولة الوطنية الحديثة اللحظة الأولى للتفكير الإصلاحي. ولم يتعرف الإصلاحيون المسلمون على هذه الدولة من خلال الفكر الليبرالي الأوروبي ومنظومته النظرية السياسية، بل تعرفوا عليها في سياق الضغط الأجنبي والاحتلال والإدارة الاستعمارية، ومعاينة نموذجها السياسي لأنه التحدي الذي أظهر موطن القوة في أوروبا وهو دولتها الحديثة.
وكانت تجربة محمد علي الإصلاحية وإقامة دولة وطنية حديثة في مصر اللحظة الثانية في مسار الفكر الإسلامي الإصلاحي، ثم تجربة التنظيمات العثمانية التي أقدمت عليها دولة بني عثمان لإصلاح الدولة وتطويرها.
الإصلاح والاستبداد
بدأ الفكر الإسلامي الإصلاحي بنقد الاستبداد والدعوة إلى الحرية، وكان المفكرون الإصلاحيون مثل رفاعة الطهطاوي وخير الدين التونسي يرون أن العدل والحرية يتحققان بالدولة الوطنية.
وجاء بعد الطهطاوي والتونسي جمال الدين الأفغاني الذي كان يسعى في إصلاح الدولة العثمانية، على أساس الشورى واللامركزية ومقاومة الاستبداد.
وجاء بعد الأفغاني تلميذه محمد عبده الذي وضع عنوان الإصلاح في نظام مدني يفصل بين الدين والسلطان، فالإسلام برأيه نظام مدني.
وتصدى للاستبداد السياسي أيضا في تلك المرحلة عبد الرحمن الكواكبي ومحمد حسين النائيني، وظهرت الدعوة إلى الدستور المدون للدولة أو الدولة الدستورية.
فالإصلاحية الإسلامية في القرن التاسع عشر كانت تسعى إلى إصلاح الدولة العثمانية وليس محاربتها أو تقويضها، ولكن السعي لتكون دولة دستورية عادلة تستوعب نموذج الدولة الحديثة في أوروبا. ثم تحولت إلى نقد الاستبداد بعدما تخلت الدولة العثمانية عن الإصلاحات التي بدأت بها وسميت التنظيمات، والدعوة إلى فك العلاقة بين السلطة السياسية والدين، وتحرير المجال السياسي من الاستثمار الديني، والدعوة إلى نظام دستوري وثقافة الحرية.
العودة إلى فكر الخلافة
شهدت العشرينيات من القرن العشرين عودة إلى الدعوة إلى الخلافة، بعدما حققت فكرة الدولة الوطنية عنفوانا مع التيار الليبرالي في مصر، وبخاصة في كتابات لطفي السيد. وكان رائد دعوة الخلافة هو رشيد رضا تلميذ الشيخ محمد عبده وزميله الأقرب في معركة الإصلاح، وكان كتابه "الخلافة أو الإمامة العظمى" النص المؤسس لهذه الدعوة.
وربما كان من أسباب ذلك إلغاء الخلافة العثمانية على يد مصطفى كمال أتاتورك عام 1924.
وتخلت المسألة السياسية الإسلامية عن الدولة الوطنية التي أرستها الإصلاحية الإسلامية، وتخلت عن منظومة المفاهيم السياسية الليبرالية الحديثة لتتحول إلى منظومة السياسة الشرعية.
واتسم خطاب رشيد رضا برأي المؤلف بثلاث سمات:
1 _ خطاب استرجاعي لنصوص الماوردي وابن تيمية وابن القيم.
2 _ يمثل قطيعة مع القراءة الإصلاحية للمفاهيم السياسية الشرعية.
3 _ كان خطابا تأسيسيا لما سيلحقه ويبنى عليه وبخاصة فكرة الدولة الإسلامية التي صاغها حسن البنا ومفكرو الإخوان المسلمين.
في نقد نظرية الخلافة
يميز ابن خلدون بين ثلاثة أنماط للحكم هي: الملك الطبيعي، والملك السياسي، والخلافة. وعرف الخلافة بأنها حمل الكافة على مقتضى النظر الشرعي في مصالحهم الأخروية والدنيوية الراجعة إليها"، ولم تتحقق الخلافة إلا في عهد الخلفاء الراشدين ثم تحولت إلى ملك.

ظهرت مع سقوط الخلافة أفكار ونظريات لا ترى في الخلافة شيئا من الإسلام، "بل إن الدين الإسلامي بريء من تلك الخلافة، وبريء من كل ما هيؤوا حولها من رغبة ورهبة ومن عز وقوة" ذلك هو الشيخ الأزهري المتمرد على منظومة السياسة الشرعية علي عبد الرازق
”وظهرت مع سقوط الخلافة أفكار ونظريات لا ترى في الخلافة شيئا من الإسلام، "بل إن الدين الإسلامي بريء من تلك الخلافة، وبريء من كل ما هيؤوا حولها من رغبة ورهبة ومن عز وقوة". ذلك هو الشيخ الأزهري المتمرد على منظومة السياسة الشرعية علي عبد الرازق.
وتنتظم في خطاب علي عبد الرازق في مسألة الخلافة أربعة موضوعات، وهي نظام الخلافة ويقوم على سلطة مطلقة لا شرعية لها من وجهة نظر الإسلام ولا يجيزها. فالحكومة في الإسلام كما يراها علي عبد الرازق ذات طابع مدني سياسي. والخلافة والقضاء وغيرها من وظائف الحكم ومراكز الدولة ليست في شيء من الخطط الدينية، وإنما هي خطط سياسية صرفة تركها لنا لنرجع فيها إلى أحكام العقل وتجارب الأمم وقواعد السياسة.
ويشارك عبد الرازق الرأي علماء آخرون، مثل الشيخ عبد الحميد بن باديس الذي يرى أن الخلافة صارت مستحيلة ودخلت في طور الامتناع منذ انهارت مركزيتها.
من الدولة الإسلامية إلى الدولة الدينية يمثل حسن البنا تيارا قويا يناضل في مواجهة الفصل بين الدين والدولة، ويدعو إلى الربط بينهما. فيقول في رسائله: إن الإخوان المسلمين يعتقدون أن الخلافة من الوحدة الإسلامية ومظهر الارتباط بين أمم الإسلام ، وإنها شعيرة إسلامية يجب على المسلمين التفكير في أمرها والاهتمام بشأنها. والخليفة مناط كثير من الأحكام في دين الله، والأحاديث الواردة في وجوب نصب الإمام وبيان حكم الإمامة وتفصيل ما يتعلق بها لا تدع مجالا للشك في أن واجب المسلمين أن يهتموا بالتفكير في أمر خلافتهم منذ حورت عن مناهجها ثم ألغيت، والإخوان المسلمون لهذا يجعلون فكرة الخلافة والعمل لإعادتها في رأس مناهجهم، وهم مع هذا يعتقدون أن الأمر يحتاج إلى كثير من التمهيدات التي لا بد منها، وأن الخطوة المباشرة لإعادة الخلافة لا بد أن تسبقها خطوات. فلا بد من تعاون عام ثقافي واجتماعي واقتصادي بين الشعوب الإسلامية كلها، يلي ذلك تكوين الأحلاف والمعاهدات وعقد المجامع والمؤتمرات بين هذه البلاد. ثم يلي ذلك تكوين عصبة الأمم الإسلامية، حتى إذا تم ذلك للمسلمين نتج عنه الاجتماع على "الإمام" الذي هو واسطة العقد.
ولكن حسن البنا لم يشغل بالخلافة إلا في إشارات قليلة يحكمها تقدير صريح بأنها مسألة مؤجلة، وإن كانت مسألة شرعية لا سبيل لإسقاط التكليف الديني بأمرها.
ويحرص الإسلاميون المعاصرون -وبخاصة الذين يستندون إلى فكر حسن البنا وتراث الإخوان المسلمين- على التشديد على الفواصل والتمايزات بين مفهوم الدولة الإسلامية ومفهوم الدولة الدينية، فالثانية غريبة عن تعاليم الإسلام وتجربته السياسية.
بل ونجد نصوصا للبنا ذات موقف إيجابي من الدستور كوثيقة وعلاقة سياسية، وإن كان يقدم ملاحظات انتقادية على الدستور المصري فيقول "إن الباحث حين ينظر إلى مبادئ الحكم الدستوري التي تتلخص في المحافظة على الحرية الشخصية بكل أنواعها وعلى الشورى واستمداد السلطة من الأمة وعلى مسؤولية الحكام أمام الشعوب ومحاسبتهم على ما يفعلون، وبيان حدود كل سلطة من السلطات. هذه الأصول كلها يتجلى للباحث أنها تنطبق كل الانطباق على تعاليم الإسلام ونظمه وقواعده في شكل الحكم. ولهذا يعتقد الإخوان المسلمون أن نظام الحكم الدستوري هو أقرب نظم الحكم القائمة في العالم كله إلى الإسلام، وهم لا يعدلون به نظاما آخر".
الدولة والشريعة
ينطلق الخطاب الإسلامي في مساجلته مع العلمانية من اعتبار العلمانية فلسفة خاصة بالغرب معبرة عن خصائص تجربته التاريخية والدينية، وأنها لذلك السبب غير قابلة للاستدعاء أو التوظيف. وأن النظم القائمة على أساسها غير قابلة للانطباق على واقع الاجتماع السياسي في البلاد الإسلامية، والبديل هو تطبيق الشريعة الإسلامية في مجالات الحياة والحكم والتي تصلح لكل زمان ومكان.

القرضاوي يقول إن مرجعية الشريعة لا تلغي الاجتهاد والنظر فيما لا نص فيه أو فيما هو ظني الثبوت أو ظني الدلالة، وهذا يشمل تسعة أعشار النصوص أو أكثر مما يحتمل تعدد الاجتهاد والفهم والاستنباط
”والقرضاوي يقول إن مرجعية الشريعة لا تلغي الاجتهاد والنظر فيما لا نص فيه أو فيما هو ظني الثبوت أو ظني الدلالة، وهذا يشمل تسعة أعشار النصوص أو أكثر مما يحتمل تعدد الاجتهاد والفهم والاستنباط.
ويبدو أن دائرة الاجتهاد لدى علال الفاسي أوسع من سابقتها لدى القرضاوي، فهو ينطلق من فكرة المقاصد الشرعية التي قررها الفقيه الكبير الشاطبي. ويذهب إلى القول إن المقاصد الشرعية تتحول بدورها إلى معيار تتحدد به كيفية تطبيق النصوص الشرعية الصريحة. فالاجتهاد ممكن مع النص وفي حالة وضوح حكمه، يقول "إن المقاصد الشرعية تؤثر حتى على ما هو منصوص عليه عند الاقتضاء، وليس توقيف عمر بن الخطاب عقوبة السارق عام المجاعة إلا لأن قصد الشارع معاقبة السارق لا الذي تفرض عليه الحاجة أن يظهر بمظهر السارق، لأنه إذا جاع الناس وكان عند غيرهم ما يزيد على حاجته أصبح من حقهم أن يأخذوه وأن يقاتلوا عليه".
أشكال القطيعة بالفكر الإسلامي
جاءت في مسار الفكر الإسلامي قفزات ومنعطفات مفاجئة تختلف عن سابقاتها على نحو مضاد أحيانا، فالإصلاحية جاءت تشكل قطيعة مع السياسة الشرعية، وسلفية رشيد رضا أنجزت قطيعة أولية مع الإصلاحية، وإحيائية حسن البنا استكملت تلك بقطيعة مضاعفة مع الإصلاحية ومع سلفية رضا، وخطاب الحاكمية والتكفير مثل قطيعة مع الخطاب الإخواني، وولاية الفقيه كانت خطابا شيعيا منفصلا مع خطاب المشروطة الذي قدمه النائيني.
ولكن القطيعة التي أوجدتها حركة الصحوة الستينية والسبعينية مع الخطاب الإصلاحي دفعت مفكرين جدد إلى مراجعة خطاب الحاكمية والتكفير، والعودة إلى الأصول الفكرية الإسلامية الحديثة. ومن هؤلاء محمد الغزالي ويوسف القرضاوي وراشد الغنوشي وعبد الله النفيسي من داخل صفوف الإخوان، ومحمد سليم العوا وطارق البشري وفهمي هويدي وأحمد كمال أبو المجد من الإسلاميين المستقلين.
وأما الذين عادوا بالفكر الإسلامي إلى أصوله الإصلاحية فهم على الأغلب من الباحثين المستقلين، مثل محمد عمارة وفهمي جدعان، ووجيه كوثراني ورضوان السيد ومحمد فتحي عثمان.

المصدر:الجزيرة
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
نافذة على كتاب: الدولة في الفكر الاسلامي المعاصر لكاتبه عبد الاله بالقزيز.


الكتاب يتصدى لمسالة مهمة في الفكر العربي الاسلامي وهي مسالة" الدولة". فهو يرصد و يحلل مسارات التكون و التطور التي قطعها الوعي الاسلامي الحديث و المعاصر فيما يخص مسالة الدولة و الصور التي انتجتها الاديولوجيات الاسلامية في هذا الصدد.
و قد اعتبر الفكر الاسلامي في ادائه المعرفي بهذه المسالة انتج اربع نماذج من الدولة وهي على التوالي: الدولة الوطنية- دولة الخلافة- الدولة الاسلامية- ثم الدولة الدينية"(اثيوقراطية). و هذه الانماط تتبعها الكاتب منذ الخطابات الاصلاحية الاولى منذ جيل الطهطاوي الى جيل الجهادية الاسلامية في نهاية القرن العشرين ووقف على نظامها المفاهيمي التي اشتغلت ضمنه و كذالك النمط العلائقي التى قد تجمع او تفرق بعضها ببعض و المقالات التي حاولت تطويرها او نقدها و ايضا على عوامل الانحدار في اداء و انتاج معارف هذا الخطاب المتعلق اساسا بالدولة و نظام الحكم.
ساحاول في هذه النافذة ان ابرز اهم الافكار المنتجَة في كل فترة و كيفية اشتغالها و من ثمة ابراز نمط الوعي الذي افرزته كل مرحلة من المراحل الفكرية.

اولا :الاصلاحية الاسلامية و الدولة الوطنية:
ان سؤال الدولة الوطنية حسب الكاتب لم يكن نتاج خطاب الاصلاح الصوفي- التوحيدي (مع الوهابية او السنوسية مثلا) ذالك ان اشكاليتها مختلفة جوهريا عن االاشكالية الاصلاحية الاسلامية فاشكالية الاولى كانت ثقافية –دينية هي نبذ التقليد و تكريس عقيدة التوحيد ( الاحياء الديني غياب السياسي) في ما كانت اشكالية الثانية تاريخية- سياسية هي التقدم ووجوب التماس اسباب النهضة.
فنشوء فكرة الدولة في الفكر السياسي الحديث قد تمت اثناء الاشتغال على فكرة الاصلاح ولم تطرح في وعي الاصلاحيين بوصفها فكرة مستقلة. يعني ان شروط ميلاد هذه الفكرة كان نتاجا تاريخي- سياسي في المقال الاول.
مع احتكاك المنظومة الاصلاحية بالنمودج الاوربي للدولة وقع التنبه الى موطن قوة اوربا وهي دولتها الحديثة. اول الموضوعات الاصلاحية حول الدولة كانت مع الطهطاوي و خير الدين التونسي الذيْن اعتبرا قوة اوربا تكمن في احلالها العدل الذي جعلوه رديف الحرية.
يرى الكاتب ان جيل الاصلاح الاول لم يبدي كبير عناية للاجابة عن الجوانب الفقهية – كما فعل عبده مثلا- بل حاولوا ان يركزوا على الجامع المشترك وان الاصلاحات – التنظيمات – لا تتنافي والشريعة ذالك" ان الشريعة لا تنافي تاسيس التنظيمات السياسية المقوية لاسباب التمدن و نمو العمران" (خ .التونسي) فتعدو دعوتهم الى الاصلاح و العدل و الدولة الحديثة من صميم الاسلام اذ ان الدولة المراد تاسيسها هي دولة العقل و الشرع معا.
الا ان الدفاع عن الدولة الوطنية مع جيل الاصلاح الاول لم ُيستكمل، ذالك ان هذا الطرح يستلزم نقدا للدولة السلطانية القائمة التي كان الطهطاوي او التونسي او ابن ابي ضياف جزء من هذا النظام لذالك لقد انصرفوا الى انتاج خطاب ايجابي للدولة (الحديثة) معرضين عن ممارسة اي نقد للدولة السلطانية القائمة صراحة.
مع عبده و خاصة الافغاني و الكواكبي الامر مختلف ذالك انهم كانوا معارضين للسلطنة و يعيشون ظروف فشل مشروع الاصلاحات و ارتداد السلطنة الى الاستبداد و هذا ما يفسر الميل الى انتاج مقالة نقدية حادة لنظام الاستبداد فكان دفاع المصلحين عن دولة العدل.
نبهت اطروحات نقد الاستبداد في هذه المرحلة في الفكر الاصلاحي الاسلامي الى جذور الاستبداد في ازعومة "الحق الالهي" و حاولت الكشف عن اليات اشتغاله. وقد اعتبر رواد هذه الفترة تقدم ديار الاسلام رهين فك العلاقة بين الديني و الزمني و مدنية السلطة.
و بذالك ادرك رجال هذه المرحلة ان تقويض الاستبداد و بناء الدولة الوطنية ليس ممكنا فقط عبر الاصلاح و التنظيمات و لكن ايضا بقيام حكم دستوري و التعويل على التثقيف التربوي كمدخلا للتقدم و النهضة.

يقدم الكاتب موازنة بين الفكر السني و الشيعي و يرى ان الفقه الشيعي ايضا قدم مساهمة فكرية هامة في مسالة الدولة و النظام الدستوري في تلك المرحلة.
دولة المشروطة- المسالة الدستورية في فقه السياسي الشيعي الحديث:
يعرض الكاتب مدى مساهمة محمد حسين الغروي النائيني في هذا الصدد و كيف اخرج الفقه الشيعي من ازمته في عصر الغيبة بل و ايضا اخرج الفقهاء من الغيبة ايضا. و قد دعا الى وجوب فك العلاقة بين شرعية السلطة و عودة الامام الغائب وكذالك رفض ان تمتع الامام الجائر بالشرعية الدينية عبر صيغة " الاذن" الفقهي له بتولي السياسة العامة. و معنى ذالك ان الطريق الى تاسيس هذه الشرعية في نظر النائيني ممكن من دون الارتهان لنظرية الامامة و لنظرية مشروعية التعامل مع السلطة الغاصبة و هذه الرؤية جديدة على الفكر الشيعي و هذه الشروط مستقات اساسا من نظام المشروطة( الدستور) وعليه فقد اقر جملة من الشروط في بناء الدولة منها الانتقال من صيغة نواب الامام الى صيغة نواب الامة و دافع عن شكل اخر للولاية هي ولاية الامة على نفسها و اقر باولوية الشورى على الاجتهاد كقاعدة في قيام النظام السياسي و عمله و بذالك عارض منطق فقهاء الشيعة الذين يقولون" ان المجتهد الجامع للشرائط لا يعمل براي غيره باعتبار حجية العلم الذي توصل اليه". كما اعتبر المواطنة لا الدين القاعدة التي يقوم عليها الحقوق السياسيةالامة... بهذه الشروط قد اخرج الفقه الشيعي لو جزئيا من مثيولوجيا الامامة الى الممارسة الواقعية.لكن محاولات النائيني - كما اشار الكاتب- بقيت يتيمة في الفكر الشيعي في هذا الصدد و لم تعزز باطروحات اخرى متقدمة.

ثانيا: من الدولة الوطنية الى دولة الخلافة:
عشرينات القرن العشرين ستشهد تراجع اجمالي ستعيشه الاصلاحية الاسلامية فكرة و رموزا و جمهورا.
فالجديد الذي حملته هذه الحقبة هو تجديد فكرة الخلافة و هذا احدث قطيعة حادة مع تراث الاصلاحية الاسلامية و ادخل المسالة السياسية الى دهاليز فكرية.
تمثل تجربة رشيد رضا انقلابا نظريا و اشكاليا يعيد صياغة المسالة السياسية في الفكر على نحو مختلف عما استقرت عليه في ق. 19. اذ تراجعت الاشكالية الاصلاحية في مسالة الدولة " الحديثة و تبنت اشكالية الخلافة . كان كتاب رشيد رضا" الخلافة او الامامة العظمى" النص المؤسس والمرجعي. و هذا جاء نتاج ظرف تاريخي و احداث سياسية اهمها الغاء الخلافة مع اتاتورك سنة 1924.
و يلاحط الكاتب ان بناء المسالة السياسية على موضوع الخلافة ليس مجرد استبدال مفاهيمي بل هو انتقال من منظومة نظرية تنتمي الى المفاهيم السياسية الليبرالية الى منظومة سياسية شرعية.
يكرر رشيد رضا ما قرره الفقهاء في مسالة نصب الامام او الخليفة من اعتبارها فرض كفاية و يستعيد الموضوعات التقليدية في مسالة البيعة و اهل الحل والعقد للماروردي مثلا.
ما يمكن ملاحظته في خطاب رشيد رضا هو ان خطابه تكراري استرجاعي لم يضف شيئا الى منظومة مفاهيم الشرعية التقلدية و هو ايضا خطاب قطع مع القراءة الاصلاحية الاسلامية و فتح الابواب امام ميلاد الفكر الاسلامي " الصحوي":- فكر الاخولن المسلمين- و من انتسل من نسلهم.

ثالثا: من الدولة الاسلامية الى الدولة الدينية:
على الرغم من دعوة علي عبد الرازق و دعوات اخرى من تيارات فكرية حديثة لم يحصل تغيير كبير في علاقة الوصل بين الدين و الدولة لصالح شكل ما من اشكال الفصل بينهما، بل بالعكس راح الربط بينهما يتعزز اكثر و يتجذر و يطالب باعادة بناء "الدولة الاسلامية" او "المجتمع الاسلامي" تحت ظل الشريعة الاسلامية. وكانت مقالة حسن البنا زعيم الاخوان المسلمين.
البنا تتلمذ على نحو غير مباشر عن رشيد رضا, ورغم انه لا يكثرالحديث عن الخلافة – كما عند رشيد رضا- ليس لسبب ديني ذالك لانها مسالة مؤجلة اذا ما يشغل بال البنا هو اقامة " حكومة اسلامية".
اعتبر البنا الاسلام ليس مجرد عقيدة دينية بل هو هو ايضا نظام اجتماعي و سياسي و ليس يقبل الوجود بدون دولة تعبر عنه. مع التشديد على تمييزهم بين الدولة الثيوقراطية التي انتجها الفكر الغربي و هي غريبة عن تعاليم الاسلام و تجربته و فكرة الدولة الاسلامية التي هي و كما ذكر القرضاوي دولة مدنية لان السلطة تقوم فيها على البيعة و الاختيار و الشورى. فالدولة الاسلامية لديه هي دولة دستورية او شرعية- دستورها هو المبادئ والاحكام الشرعية-
لكن دفاع البنا عن المسالة الدستورية هي مشروطة. اذ ان اعترافه بالتمثيل النيابي الذي هو رديف اهل الحل والعقد يجعله خال من التعددية الحزبية . الدافع في ذالك هو ديني بحت وهو الخوف من تصدع وحدة الجماعة و تعرضه للفتنة.
السؤال المطروح هل ان الدولة الاسلامية؟ عند البنا تردف معنى الدولة الوطنية عند الاصلاحيين؟
و الجواب هو لا. انها دولة دستورية تاخذ بنظام التمثيل النيابي غير ان مصدر السلطة فيها هو الشريعة الاسلامية. انها دولة الشريعة مادامت الشريعة هي " دستور" المسلمين في تنظيم اجتماعهم المدني واجتماعهم السياسي في رايه.

رابعا: الصحويون و الدولة الثيوقراطية في الحاكمية:
ستشهد فكرة" الدولة الاسلامية" التي بدات مع حسن البنا في ثلاثنينات القرن العشرين تحويرا جوهريا منذ النصف الثاني من الخمسينات مع سيد قطب و محمد قطب حيث انتهت بها الى اسم " الدولة الدينيةّ " او الثيوقراطية" التي عرفتها اوربا في القرون الوسطى و التي انفق البنا و تلاميذته جهدا لدحضها و تمييزها عن " الدولة الاسلامية".
اخذ الصحويون المغالون فكرة " الاسلام دين و دولة" التي كانت ردا عن العلمانيين العرب المسلمين و انعطفوا بها الى المجتمع الجاهلي وبناء دولة دينية تكون فيها " الحاكمية" لله وحده على مقتضى النص القراني " لاحكم الا لله".
انتج اذن القطب خطابا السياسيا مبني على ثنائية حادة هي المجتمع الجاهلي و المجتمع المسلم.. فكانت الجاهلية "عبودية الناس للناس بتشريع بعض الناس للناس ما لم ياذن به الله" اما المجتمع المسلم فهو " المجتمع الذي يطبق فيه الاسلام عقيدة وعبادة و شريعة ونظاما خلقا و سلوكا".
و عمم مفهموم " الحاكمية" و حوله الى مفتاح نظري لتناول المسالة السياسية في الاسلام. وهي كما راى الكاتب تعد منعرجا في الفكر الاسلامي الحديث وأوثق الربط بين طبيعة النظام الاجتماعي و طبيعة التصور والاعتقاد بان لا فصل بين الدين و الدنيا.
فالحاكمية في التصور الاسلامي لا تحصر في التلقي الشرائع القانونية من الله وحده بل هي نظام اجتماعي واخلاقي و معرفي. بهذا المفهوم يقطع قطب مع سابقيه حول التطور السياسي و حول التطبيق المتدرج لاحكام الشريعة واقامة النظام القائم على الشورى بل يدفع بصورة جديد للسياسة و السلطة قوامها المماهاة الكاملة بين الديني والسياسي الى حد القول بدينية الدولة..
بهذا المفهوم و مع سيد قطب و من قبله المودودي سقطت فكرة "الدولة الاسلامية" وصعدت فكرة الدولة الثيوقراطية: دولة الحاكمية وكان بمعنى ما من نتائج تلك الصيغة النظرية الشعاراتية " الاسلام دين و دولة"و هي تنطوي على اكثر من التباس مرده الى عجز القائلين بها عن بناء تصور حقيقي منسجم للنظام السياسي.
ان صعود "الحاكمية" الى سدة الوعي السياسي الاسلامي قد وافقه ظهور رديف في الفكر الشيعي هي فكرة " ولاية الفقيه".

شبهة الثيوقراطية في ولاية الفقيه:
فيما ما كانت الفكرة الدستورية تشهد انحسارا في الوعي الاسلامي السنى منذ منتصف الخمسينات بتاثير زوال الحقبة الليبرالية في مصر و ميلاد " دولة اسلامية" في باكستان و صعود موضوعة " الحاكمية" الى صدارة التفكير السياسي لجيل الصحوة الثاني كانت ايران ايضا تعاني من نفس الموجة. فبعد اخفاق موجتها الدستورية (المشروطة) الاولى في النصف الثاني من العقد الاول من هذا القرن سرعان ما ستعيش لحظة سياسية سوداء طبعها الانقضاض الدكتاتوري على المكاسب السياسية التي حصّلتها منذ الحرب العالمية الثانية.
يعتبر الكاتب ان المسافة بين"تنبيه الامة و تنزيه الملة" للنائيني و بين "الحكومة الاسلامية" الامام الخميني هي عينها المسافة بين "طبائع الاستبداد" للكواكبي و" معالم في الطريق للسيد" قطب. ذالك ان موضوعات الامامة في الفقه السياسي الشيعي و منذ النصف الثاني من القرن العشرين تمثل انتصارا للتقليد الفقهي الحوزوي على اجتهاد انفتح على الفكر الحديث و على النظرية السنية في الخلافة و موضوعاتها ( الشورى , الحل والعقد, الاجماع)
و ان اقرا السنة و الشيعة بمبدا الامامة غير انهما يختلفان في المعنى اذ الخليفة عند السنة يقع بالاختيار –اهل الحل والعقد- لذالك يمكن عزله ، اما عند الشيعة فيقوم ب "التعيين الاهي" و مقامه مقام النبي لذالك لا يمكن عزله و عليه تكون عند الشيعة اصلا من اصول الدين اما عند السنة فهي فرعا من الفروع.
تقضي ولاية الفقيه عموما بتفويت سائر صلاحيات و سلطات" الامام المعصوم" الى الفقهاء و تنصيبهم نوابا له تؤول اليهم السلطة- التنفيذية- بمقتضى تلك النيابة. و اذ يتقرر هذا التفويت في عصر الغيبة لحاجة المسلمين –الشيعة- الى من يجرى امورهم على مقتضى الدين و المذهب فانه – التفويت- لا يحصل باطلاق بل يكون مشروطا بشرط اساسي هو ان يتوفر على شرائط الاجتهاد بما يجعلهم في مرتبة الفقهاء العدول و الفقيه اصلا لا يتحصل على مرتبة الولاية الا اذا حاز على خصلتي العلم بالقانون و العدالة.
مع ان الخميني عرّف الحكومة التي يناضل من اجلها هو و الفقهاء و الحركة الحوزية بانها " الحكومة التي يتمناها الشعب" الا ان ذالك لم يكن بمعنى انها حكومة مدنية بل بمعنى انها "حكومة دينية" لا يمكن للشعب- باعتباره مسلما – الا ان يختارها من سائر انواع الحكمومات الاخرى و قد وصفها بانها حكومة الهية او " موافقة مع حكم الله".
فنظرية ولاية الفقيه اذن قد تاسست على نموذج الدولة الثيوقراطية على صعيد الاقرار بانها "حق الهي" و على صعيد تكريس اكليوروس شيعي –الفقهاء العدول- على راس النظام السياسي. فهي بذلك تعد حق ديني واعتبر الفقهاء السلطة ليست مستمدة من الامة بل من " الوصية " فهم بذالك فقهاء حاكمين في الدولة الاهية.
مع ولاية الفقيه اذن انتقلنا من" الولاية الدينية" التي سادت في الفقه الامامي التقليدي الوسيط الى "الولاية الدينية و السياسية" معا من الفقيه الحاكم- او الولي الفقيه- و اكثر من ذالك انتقلنا من عصمة "امام" لا يخطئ الى عصمة "دولة" لا تحاسب من قبل شعبها و نوابه لانها ايضا لا تخطئ. من هنا نفهم لماذا اسقاط الشورى و الاستعاضة عنها مبدا التعيين. باختصار ان الفقيه الولي مسؤول امام الله وليس امام الامة.
ان اشكالية الشيعة قديما كان الحكم الجائر و اغتصاب الولاية من اهلها: الائمة الاطهار" من آل البيت اما اليوم فمشكلتهم ربما تكمن في ان ولاية الفقيه تغتصب من الامة حقها في الولاية على نفسها.

استنتاجات:
يقدم الكاتب نهاية جملة من الاستنتاجات الهامة التي نسوق بعضها:
يطرح اشكالية ما اذا كان هناك فكرا اسلاميا معاصرا؟ و هو يستنتج انه الفكر الاسلامي فكر يسعى الى انتاج معرفة بالنص الديني و بالواقع الاجتماعي على قاعدة الارتباط بالمنظومة المرجعية الاسلامية الكلية. و اعتبر ان الاهتمام مفكري الاسلام بالنص اما تقليدا ضمن العناية بالنص و العودة المستمرة له لفهمه او التماس اجوبة منه او ضمن حاجتهم ذالك النص لمواجهة مشكلات عصرهم و خاصة في ظروف لم يعد فيها الدين يملك احتكار الجواب عن متغيرات العالم. و هذا انتج مقالتين : مقالة اصلاحية اجتهادية جربت ان تتمثل النص تمثلا معاصرا و مقالة سلفية انكفائية رفضت تجديد النظرة النصية المغلقة الى الاسلام متخذة اياه سياجا انقاذيا من زحف حقائق التحول في الفكر.
ان المتتبع لنصوص المفكرين الاسلامين منذ ثلاثينات القرن التاسع عشر الى خواتم القرن العشرين لا يعثر على اي بناء معرفي نظري متماسك في في المسالة السياسية و نظرية الدولة تخصيصا بل هناك شحنة ايدلوجية سياسية.
انصرفت الاصلاحية الاسلامية الى استعمال مفاهيم الفكر السياسي التقليدي (الشورى, البيعة, اهل الحلو العقدو الاجماع) للتعبير عن مفاهيم الفكر السياسي الحديث(الحرية, الدستور . البرلمان . الراي العام) في حين انصرفت الاحيائية الى استعمال المفاهيم الحديثة ذاتها للتعبير عن منظومة السياسة الشرعية. و النتيجة قادت الاختلاف الى نتائج فكرية متباينة.
ان مفكري الاسلام محدثين و معاصرين لم يتناولوا الدولة كاشكالية نظرية و لم يتساءلوا عن ماهيتها السياسية في الاجتماع الوطني بل اعرضوا عن ذالك و انصرفوا الى الحديث عن علاقتها بالدين و بالامة من حيث هي مسلمة. كما انهم استدعوا مفاهيم برانية عن مسالة الدولة مثل مسالة الهوية. و هذا ادي الى النظر الى الدولة باعتبارها اداة قابلة للتملك و الحيازة يُسعى للسيطرة عليها لتحقيق هدف او مشروع سياسي.
تاريح الفكر الاسلامي الحديث و المعاصر تاريخ قطائع تمثل فيه كل لحظة فكرية قطيعة مع سابقتها اذ الاصلاحية جاءت تشكل قطيعة مع فقه السياسة الشرعية و سلفية رشيد رضا انجزت قطيعة اولية مع الاصلاحية و احيائية البنا استكلمت القطيعة و خطاب الحاكمية و التكفير مثل قطيعة مع الخطاب الاخواني مثل ان ولاية الفقيه كانت قطيعة مع النص لشيعي الاصلاحي و خطاب المشروطة
 
أعلى