العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

بين فتاوى الاقتصاد وفتاوى الورع

منيب العباسي

:: متخصص ::
إنضم
17 يناير 2010
المشاركات
1,204
التخصص
----
المدينة
---
المذهب الفقهي
---
بسم الله الرحمن الرحيم
في حلية الأولياء أن"مُخّة بنت الحارث"أتت الإمامَ أحمد تستفتيه ,
قالت :يا أبا عبدالله ,إن مشاعل الولاة والطائفين تمر بنا ونحن جلوس على سطوحنا ,أفيحل لنا أن نغزل في شعاعها؟!!
قال الإمام : من أنت يا أمة الله يرحمك الله؟!
قالت:أنا مخة ابنة الحارث أختُ بشر الحافي
وهنا قال الإمام :آه يا آل بشرلا عدمتكم! ,لا أزال أسمع الورع الصافي من قبلكم
ثم قال :لا تغزلي في شعاعها
وأخرج نحوها الخطيبُ البغدادي في تاريخ بغداد بزيادة تفصيل
وفيها أن ابنه عبدالله راجعه في فتياه فقال له أبوه الإمام أحمد:إن سؤال هذه المرأة الورعة لا يحتمل التأويل

قلت: هذه القصة وأشباهها مما يعسر فهمه في زمان طغت فيه المادية
وركن الناس فيه إلى الدعة وحب الدنيا إلا ما رحم الله تعالى ,وأذكر أني قصصتها على أحد الإخوة
فلم يدرك وجه تحرجها ألبتة حتى كاد يرميها بشيء هو من جنس اتهام حاتم الطائي بالشح!
وكنت فيما مضى مدمناً على سماع برامج الفتاوي لأفيد من مسالك طلبة العلم وأهله في الترجيح عملياً
ولا أذكر أني سمعت يوماً فتوى تدل على ورع صاحبها إلا بعدد هو أقل من أصابع اليد وكان جلها من أخواتنا النساء..
والشاهد الفقهي هنا أن الإمام أحمد راعى نفسيتها الورعة فأفتاها بما يقتضيه فقه السياسة الشرعية
ورد على ابنه معلماً إياه بأن سؤالها لا يحتمل التأويل ,فلو قدر أنه أجابها على مذهب المقتصدين
في بيان الحلال والحرام ,لما استساغته نفسها وهذا درسٌ بليغ في فقه النظر ومراعاة الملابسات التي تحف نوع الاستفتاء وحال المستفتي دون أن يعني ذلك غش السائل بطبيعة الحال إذ الأصل أن الجواب يكون ملائماً للسؤال بإبانة الحق كما هو
فلست أريد أن يحرم المفتي الحلال تحريماً دينياً -معاذ الله-, فهذا من التبديل لشرع الله عز وجل والذي هو من جنس فتاوى رهبان أهل الكتاب و أحبارهم فيكون شركاً محضاً , الداخل في قوله
"ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب" وقوله"اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله" فقد أطبق المفسرون على أن المراد بها رؤساؤهم الذين يحللون لهم الحرام فيحلونه ويحرمون لهم الحلال فيحرمونه كما في حديث عدي رضي الله عنه

ثم أمر آخر :وهو أنه يجمُل بالمفتي أن يطعّم فتاويه بالورع على سبيل التذكرة لا الإلزام
مع العلم أن الأخذ بالأشد ليس هو الأحوط دائماً كما أنه ليس هو الأورع بالضرورة في كل حال
ومن أمثل من لقيته من علماء العصر ممن يصدق عليه تحلية فتواه بالمعاني الإيمانية الزكية
التي تذكر بذياك الجيل :الشيخ المحدث عبدالله السعد , والعالم الرباني نادر المثال سفر الحوالي , وهذا على التمثيل لا الحصر ..
حفظ الله علماء الأمة وسددهم لحسن القول والعمل
 
أعلى