السلام عليكم
أحسنت في العموم.. والمراد آخر ما قلت
المختصر قد شاع بين الطلاب الإقبال عليه
هذا هو المعنى الذي وددت لو انتبه له كثير ممن ينتسبون للعلم حديثا، ويبعدون الناس عن المادرس الفقهية الأصيلة، إما بلسان حالهم أو لسان مقالهم. مدعين الأخذ من الكتاب والسنة، أو لنقل: ظانين ذلك. لأن لادعاء فيه معنى الكذب، وأنا لا أقول فيهم بذلك.
إن الاعتماد على متن منتقد أو مستدرك عليه بتلك الصورة، هو جزء من روح عامة وتصرف ثابت لديهم، وهو تناقل العلم وتوارثه واعتماد ما اجتمعت عليه الجهود أكثر من غيره، فيرجح بذلك الاجتماع على ما كان أجود في ذاته مما لم يحصل له ذلك.
إن المتن المخدوم وإن كان أقل جودة من حيث نفسه هو أجود من حيث تحقيقه النفع؛ فوجود الشروح، وإفادات المشايخ، وحل عويصاته، يحقق به من النفع ما لا يحققه متن جيد في ذاته، مجرد عن تلك المحتفات.
فما البال لو تعلق الأمر بمدارس فقهية كاملة.
إن إخواننا من الدعاة المتصدرين، الذين نحبهم لقصدهم وسلامة نواياهم فيما يظهر لنا من حالهم، والله حسيبهم، إنهم ربما لا ينتبهون إلى حجم الكارثة حينما يريدون بالناس عن مذاهبهم الفقهية الأربعة، بحجة التعصب واتباع السنة!
إن ثمرتهم نكدة وإن لم يقصدوها، ولازلت أذكر ذلك الشاب الذي كان يبطل صلاة من صلى في (البنطلون) الضيق، لأنه (لا يستر) العورة، فقلت له: المراد من الستر المشروط لعورة الصلاة هو ستر اللون لا الحجم، وذكرت له المذاهب، وتلوت عليه بيتا مما أحفظ من نظم نهاية التدريب للعمريطي الشافعي في ذلك، وهو قوله في شروط الصلاة :
وستر لون عورة وإن خلا * * * وعلمه بالوقت وليستقبلا
فما كان منه إلا أن قال بالعامية المصرية : (المذاهب اتلغت) !
فلم أدر حقيقة من ألغاها.. حيث ليس من عادتي مطالعة الجرائد.
هذا انقطاع وبتر عن الأمة.. بحجة تلقي العلم من السنة! ووالله إنها لعظيمة جد عظيمة.. أن نبدأ فقها من جديد! محتجين في ذلك بالتمسك بالسنة والسير عليها، وربما كنت الدعاوى الحسنة جسرا لإفساد الغايات التي تحتويها تلك الدعاوى. فأية سنة ندركها ونحن منفصلون كلية عن أصولنا ومدارسنا ؟ وأي فقه نحتويه ونحن مبتورون ؟ وأي علم ينفع إذا كان محدثا وإن تعلل أصحابه بالنصوص وأنها حجة بذاتها.. إنها تصلح أن تكون حجة بذاتها للشيطان.. كما تصلح أن تكون حجة بذاتها للجاهل غير العارف بمراد الله منها ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم. إن الحجة قضية نسبية تتعدد بالأفراد، وميزانها الصحيح هو الأمر الأول، والأمر الأول لا يؤخذ بالتخمين وتحكيم الآراء ولو بظن بنائنا لها على النصوص، وإنما باتصالنا بتلك العلوم من خلال تلك المدارس المتصلة منذ عهد الوحي.
والله تعالى يصلح الاحوال.