العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

مباحثة حول الألعاب المعاصرة - ابراهيم السكران

إنضم
27 نوفمبر 2008
المشاركات
1
التخصص
فقه
المدينة
ينبع الصناعية
المذهب الفقهي
الحنبلي
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
هذه هي المشاركة الأولى للعبد الفقير في هذ االمنتدى المبارك رغم أني مشترك فيه منذ فترة، و قد سأل الشيخ المشرف فؤاد أن يكون لي مشاركة فاعتذرت من هذا الأمر لأني لست من أهل التخصص و لكن أحب أن أطلع على مشاركات المنتدى و قد استفدت منها و لله الحمد.

هذا أولاً أما ثانياً فهذا نقلٌ لمدارسة من الشيخ الفاضل ابراهيم السكران حول الألعاب المعاصرة أضعها بين يديكم لأني أجد أن أفاضل أمثالكم سيزيدون أو يعقبون على مثل هذه المباحثة.

الله أسأل أن يكون مثل هذا النقل ذا فائدة ومتعة و إضافة لكم.


ابن أحمد زياد

صفر1431


مباحثة حول الألعاب المعاصرة
===========================
الصديق ابراهيم.. هناك مسائل لم يتضح فيها تفسير الفقهاء لمعنى حكم معين، فمثلا من سنوات طويلة لم يتضح لي معنى "تحريم النرد " ، لله جل وعلا ولرسوله -صلى الله عليه وآله وسلم- أن يحرم ما شاء لحكمة قد تظهر وقد تغيب، ولكن الإشكال أحيانا هل هذا المحرم لذاته؟ أم لأمر خارج عنه؟ فهل النرد المحرم هو مجرد هذا المكعب؟! أم أن هناك معنى آخر للنرد؟ أو انه حرم لأنه كان يلعب بالمال فيكون التحريم لكونه قمار؟ هذه المسألة مشكلة علي من سنوات طويلة جداً، هل النرد الذي حرمه رسول الله هو هذا المكعب أم شيء آخر؟ خاصة أن هناك من عرفه بأنه لعبة الطاولة. وأيضاً: فإن التعليل بالصد عن ذكر الله غير منضبط ، فمن ذكر الله ما هو واجب كالصلاة، ومنه ما هو مستحب، فإذا كانت اللعبة تصد عن الأول فهي محرمة بلا ريب، وإن كانت تصد عن الذكر المستحب فقد يقال بالكراهية، وقد لا يقال، كملاعبة الرجل ولده أو زوجته، أو كثرة النوم، وغير ذلك، مما يصد عن ذكر الله المستحب، ونقاشي معك الآن في تحريم النرد هل هو المكعب ذاته لعله تعبدية محضة فنتوقف عندها؟ وهل لو جعلناه بشكل آخر هل يجوز؟ أو هو التشبه بالكفار مثلا ؟ أو هو الصد عن ذكر الله الواجب فيضبط ، أو هناك معنى آخر ؟ والتعليل بالصد عن ذكر الله يجعل كل الألعاب محرمة حتى لعب الجري أو الكرة فهذا حرام، ولا يصح القول بأن فيه تدريب أو تقوية للجسم لأن هذا غير مقصود لهم أصلا، بل المقصود مجرد التسلية ، وقس عليه كل الألعاب وهذا ظاهر المذهب.


الحمدلله وبعد.
حيا الله الأخ الفاضل عبدالرحمن.
والله -وبكل صراحة- ليس لدي جواب ناجز ونهائي حول هذه القضية، لكن دعني أدردش معك بخواطر حول هذا الموضوع، فيها استطرادات على السجية من باب مذاكرة العلم ومدارسته:

روى مسلم في صحيحه عن بريدة أن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال: (من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده فى لحم خنزير ودمه)

وروى مالك في الموطأ بسند صحيح عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله -صلى الله عليه و سلم- قال (من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله).

هذان أهم مافي الباب من الأحاديث، فما هو "النرد" ، وما هو السبب الذي دعا الشارع لتحريمه؟ ثم كيف نعدي ذلك إلى نظير النرد من الألعاب؟

الحقيقية أن تحقيق هذه المسأللة ة من أشرف مسائل باب السبق والمغالبات، ففهم تحريم النبي للنرد هو الباب إلى فهم علة اللهو المحرم، واستيعاب كيف انقلب كثير من المتأخرين على فقه السلف وأهدروا هذا الأصل الشرعي.

فكثير من المتأخرين وأمم من المعاصرين استقر في أذهانهم أن كل لهو ليس فيه عوض فهو جائز حتى لو كان ليس فيه منفعة علمية أو بدنية ومهما شغل من الأوقات، ولذلك صاروا يحملون بعض النصوص التي تنهى عن أنواع معينة من اللهو على أنها ماكان بعوض، وصاروا يستشكلون أي فتوى في تحريم بعض أنواع اللهو إذا كان بغير عوض؟ بل يستشكلون نصوصاً شرعية بسبب ماقام في أذهانهم من هذا الأصل المرجوح.

وبرغم حديث الفقهاء الكثير عن النرد فإني لم أر عند المتقدمين من وصفه وجمع أسماءه كلها في موضع واحد إلا حافظ المغرب الإمام ابن عبدالبر في التمهيد، فيارحم الله هذا الإمام، كم من مسألة مشكلة فتحت كتبه مغاليقها، ولذلك كان الامام ابن تيمية يحتفي بنصوص ابن عبدالبر حفاوة بالغة ويسميه "إمام المغرب" ، والمراد أن ابن عبدالبر يقول في التمهيد (النرد قطع ملونة، تكون من خشب البقس، ومن عظم الفيل، ومن غير ذلك، وهو الذي يعرف بالطبل، ويعرف بالكعاب، ويعرف أيضا بالأرن، ويعرف أيضا بالنردشير ).
هذا نص جامع لايوجد نظيره في كتب الفقه المتقدمة فيما أعلم.
وقال ابن عبدالبر هاهنا أنها تكون من "عظم الفيل"، وفي الاستذكار له عبّر بقوله أنها "تكون من العاج" .

وذكر أهل التاريخ أن أول من قدم بالنرد إلى مكة "أبو قيس بن عبد مناف بن زهرة" فوضعها بفناء الكعبة فلعب بها وعلمها .

والمراد أنه يتضح من طريقة لعب النرد، أو لعب بعض أنواعها؛ أنها قد تكون بالتحريك وليس بالضرورة أن تكون بالرمي، وإليه أشار ابن مسعود بقوله (إياكم وهذه الكعاب الموشومات اللائي يُزحزَحن).

وهذه الاسماء الأخرى التي أشار إليها ابن عبدالبر جاء فيها نصوص أيضاً، فاسم "النردشير" جاء في صحيح مسلم (من لعب بالنردشير) ، واسم "الكعاب" جاء في سنن أبي داوود (وعن ضرب بالكعاب)، واسم "الأرن" جاء في أثر ابن عمر حين قال (ما لداري يلعب فيها بالأرن، قال وكانت النرد تدعى في الجاهلية بالأرن) .

والنردشير كلمة فارسية، وهي النرد ذاتها، وأما اللاحقة "شير" فاختلف فيها أهل اللغة هل هي من "شير" بمعنى حلو أم نسبة إلى أحد ملوكهم؟ وتحقيق هذه المسألة تاريخي محض وليس له أثر على الحكم الشرعي فلا نتشاغل به.

وأما في المتأخرين فممن وصفه وشرح هيئته عمدة متأخري الشافعية ابن حجر الهيتمي (ت974هـ) حيث جاء في فتاواه:
(وسئل رحمه الله تعالى ما حقيقة النرد؟ فأجاب نفعنا الله تعالى بعلومه وبركته بقوله: فص أو فصوص، من نحو عظم أو خشب، فيها نقط تطرح على لوح فيه بيوت، لكل نقطة بيت يعرف بها كيفية اللعب، وهذا مع أني لم أره، أخذته من قول البيضاوي: وضعه سابرزن ثاني ملوك الساسان ولأهله يقال له النردشير، وشبه رقعته بالأرض، وقسمها أربعة أقسام تشبيها بالفصول الأربعة ا هـ له، ومن قول الماوردي: وقيل إنه موضوع على البروج الاثنا عشر والكواكب السبعة، لأن بيوته اثنا عشر، ونقطه من جانب الفص يتبع كالكواكب السبعة، يعدل به إلى تدبير الكواكب السبعة والبروج ا هـ).

وذكر الشيخ عليش في شرح مختصر خليل أن النرد هو الذي يسمى في عرف مصر "الطاولة" ولست متأكداً من ذلك، وأكد ماذكره الشيخ عليش –أيضاً- بعض من كتب في القواميس اللغوية المعاصرة (مثل أصحاب المعجم الوسيط) أو أصحاب القواميس الفقهية المعاصرة (كسعدي ابوجيب)، بل لاحظت أن إخواننا المصريين في تحقيقاتهم لكتب اللغة إذا مر ذكر "النرد" وضعوا هامشاً وقالوا فيه (هو لعبة الطاولة). وأظن هذا كله إسقاط ضعيف جداً، فما وصفه أهل العلم من هيئة النرد فيه معطيات تختلف عما في لعبة الطاولة المصرية، وربما أن هناك اشتراكاً في المعنى العام، وهي أنها كعاب تعتمد على الحظ، وربما لو عبروا بقولهم أن: النرد جنس والطاولة نوع منه، لكان هذا تقريراً صحيحاً، فإن دخول الطاولة في النرد يكون بأحد سببين؛ إما دخول أفراد العام فيه، أو دخول النظير في حكم نظيره وهو قياس التمثيل، أما أن يكون النرد الذي ورد فيه النص هو لعبة الطاولة المصرية بعينها؛ فهذا فيه إسقاط خاطئ.

والذي يبدو أن لعبة الطاولة المصرية حديثة العهد، ومن الطريف أن ابن حجر الهيتمي والشيخ عليش كلاهما درسا في الأزهر وعاشا في مصر، فابن حجر الهيتمي (ت974هـ) أصله من عرب الشرقية بمصر ودرس في الأزهر، بينما الشيخ عليش (ت 1299هـ) وهو بالرغم من أنه من طرابلس الغرب في الأصل إلا أنه درس في الأزهر وتولى مشيخة المالكية فيه.
ومع ذلك فإن ابن حجر الهيتمي يقول أنه لم يطلع على لعبة النرد وإنما ينقل وصفها مما وجده في الكتب، بينما الشيخ عليش بعده بثلاثة قرون يقول لعلها لعبة الطاولة بمصر! فيبدو أنها دخلت على أهل مصر فيما بين ذلك، والله أعلم.

رحم الله الشيخ عليش فإنه اتهم بموالاة حركة عرابي باشا وألقي بالسجن وهو مريض وتوفي فيه في يوم شريف وهو يوم عرفة، اللهم اغفر له وارحمه واجعلها له خاتمة حسنة، وشرحه من أجمل وأوضح شروح خليل، بل هو أوضحها على الإطلاق، وفيه ميزة أخرى وهي أنه يورد نص خليل كاملاً، بخلاف الحطاب والمواق ونحوهم من الشراح، فإنهم يتركون بعض عبارات مختصر خليل بلا شرح، فشروحهم كأنها بحوث من جنس رد المحتار لابن عابدين، فإنه ليس بشرح بقدر ماهو بحوث على مواضع من الكتاب.

وكذلك أيضاً يقال ليست هذه اللعبة معروفة في نجد إلى زمن قريب، فإن الشيخ أبابطين رحمه الله سئل كما في الدرر السنية عن "النرد" فقال رحمه الله (هذه لعبة ما أعرف صفتها).

ونهي النبي عن النرد يحتمل أن يكون اللعب بعوض، أو اللعب بغير عوض، أو كلاهما.

ومن تأمل النص الشرعي، ثم كلام الصحابة، ثم التابعين، ثم أئمة الأمصار في العصر الثالث؛ ظهر له أن النهي النبوي عن النرد يشمل ماكان بعوض وماكان بغير عوض لأمور: العموم ولامخصص له في قوله (من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله)، ثم إن النصوص علقته بلفظ "اللعب" فقال النبي (من لعب) ولم يقل من قامر أو من عاوض أو أخذ مالاً ونحو ذلك، فالتحريم متعلق باللعب لا بالمال، ولذلك فإن النبي حين حرم أموالاً في أبواب أخرى لم يعلقها بالفعل فقال كما في الصحيحين (شر الكسب: مهر البغى، وثمن الكلب، وكسب الحجام) فانظر كيف ربطها هاهنا بالأموال، فعبر بـ (المهر، الثمن، الكسب) وهي كلها مصطلحات مالية، بينما في حديث النرد ربطها بمجرد (اللعب).

ثم إنه لو كان اللعب بالنرد محمول على ماكان بعوض فهذا هو القمار الذي بعوض وهذا لاخلاف فيه ولاحاجة لتخصيصه بالذكر ولاستوى النرد بغيره ولم يكن ثم فائدة لذكره، ثم إطباق جماهير السلف على تحريم النوعين سواءً ماكان بعوض أوبغير عوض وقد استعرض الامام ابن عبدالبر نصوص السلف ثم لخصها وقال (وأكثرهم على كراهة اللعب بالنرد على كل حال، قمارا أو غير قمار، للخبر الوارد فيها).

وفتاوى الصحابة ظاهرة في شموله النوعين، منه فتيا عبدالله بن عمرو بن العاص فيما رواه ابن أبي شيبة أنه قال (من لعب بالنرد قماراً كان كآكل لحم الخنزير، ومن لعب بها غير قمار كان كالمدهن بودك الخنزير)
وروي هذا الأثر عنه بألفاظ أخرى متقاربة، فتأمل كيف جعل النرد كله محرماً، فإن كان بعوض فهو كأكل لحم الخنزير، وإن كان بغير عوض فهو كالادهان بشحم الخنزير، وهذا تشبيه بليغ فيه فائدتان: الأولى شمول النهي للنوعين، والثانية بيان مراتب المحرم.


وكان الصحابة يشددون في أمر النرد، حتى كان عبدالله بن عمر يضرب من يلعب بها ويكسرها ويحرقها بالنار.
وخطب الخليفة الراشد عثمان بن عفان مرةً فقال و هو على المنبر (أيها الناس إني قد كلمتكم في هذه النرد فلم أركم أخرجتموها، ولقد هممت بحزم الحطب ثم أرسل إلى الذين هي في بيوتهم فأحرقها عليهم).
وبلغ عائشة أن أهل بيت في دارها كانوا سكانا فيها وعندهم نرد، فأرسلت إليهم: لئن لم تخرجوها لأخرجنكم من داري، وأنكرت ذلك عليهم.

وأما مانقل عن السلف بضد ذلك، فقد ذكر العلامة ابوالوليد الباجي في شرح الموطأ أن كل مانقل عن الخمسة (ابن مغفل، والشعبي، وعكرمة، وابن المسيب، وابن شهاب) من الترخيص في النرد ونظيره بغير عوض أن ذلك كله ضعيف لم يثبت، وأكد الباجي رحمه الله اطباق السلف على القول بموجب النص من عموم النهي عن النرد بعوض وبغير عوض.

وكذلك فإن السلف اختلفوا في "السلام" على من لعب بالنرد فمنعه سعيد بن جبير مطلقاً، وأما مالك ففصل؛ فمنع السلام على من أدمن، وأجازه على من لعب بها المرة بعد المرة، ولو كان النرد هو القمار الذي بعوض لما فصّل بين الادمان والغب.

وكذلك أن جمهور السلف (ومنهم الأئمة الثلاثة ابوحنيفة ومالك وأحمد) قاسوا الشطرنج على النرد، بل قال عبدالله بن عمر أن "الشطرنج شر من النرد" والشطرنج معروف أنه ليس بعوض في الأصل، فلو كان النرد مخصوص بالعوض لما قاسو الشطرنج عليه!
وكذلك فإن الامام مالك حين قاس الشطرنج على النرد قال (الشطرنج ألهى) فأشار إلى العلة الجامعة التي أوجبت عنده (قياس الأولى) وهي "اللهو" فليس المدرك عنده هو "العوض وعدمه" بتاتاً.

والصحيح أن الأحاديث المرفوعة في الشطرنج كلها ضعيفة لايصح منها شئ، وإنما الذي ثبت في الشطرنج آثار الصحابة وتنزيل الأصول الشرعية للهو عليه.

وثمة إجماع عزيز في دلالته جداً، وهو إجماع حكاه البيهقي ذكر فيها أن الصحابة مجمعين على تحريم الشطرنج، فنحن هاهنا أولاً: أمام محدث عليم بأسانيد الآثار، وثانياً: البيهقي شافعي اشتغل كثيراً بنصرة الشافعي ومذهبه والاحتجاج لفروعه، حتى قالوا أن كل شافعي مدين للامام الشافعي إلا البيهقي فإن الشافعي مدين له. والشافعي هو الوحيد بين الأئمة الثلاثة الذي حكي عنه الترخيص في الشطرنج إذا كانت بغير عوض، فلو كان البيهقي وجد أثراً واحداً صحيحاً عن أحد الصحابة يسند به مذهب إمامه لما تردد لحظة، فكيف وقد عبّر بالإجماع، حتى قال بعض أهل العلم كما نقله الزرقاني (من نقل عن أحد من الصحابة أنه رخص في الشطرنج فهو غالط، فالبيهقي وغيره من علماء الحديث أعلم بأقوال الصحابة ممن ينقل أقوالا بلا إسناد، وإجماعهم كاف في الحجة).

والمراد أن هذا فيه أمران: أولهما مصداقية هذا النقل للاجماع، وثانيهما شدة العجب من موضوعية وتجرد أهل العلم رحمهم الله.


على أن الشافعي مع كونه أجاز الشطرنج بلا عوض بشروط ذكرها الشافعية منها عدم المواظبة عليها؛ فإنه ليس كما يصوره البعض أنه متسامح في الألعاب، بل برغم أنه أخف الأئمة الثلاثة -على ماحكي عنه- في هذا الباب فإنه قال في كتابه الأم (ويكره كل ما يلعب به الناس؛ لأن اللعب ليس من صفة أهل الدين والمروءة) فانظر كيف يقول ذلك وهو أسهل الثلاثة في هذا الباب!

على أن المرء حين يقول أن الشافعي أجاز الشطرنج، فإنما هو تسامح في العبارة جرياً على المستقر عند متأخري الشافعية، وإلا فإن الشافعي في الأم لم يجزم بالإباحة، بل جزم بأنه لايحبها شرعاً فقال (ولا نحب اللعب بالشطرنج، وهو أخف من النرد) هذا غاية ماقال رحمه الله، ولذلك قال ابن القيم في الفروسية (والشافعي لم يجزم بإباحتها، فلا يجوز أن يقال مذهب الشافعي إباحتها، فإن هذا كذب عليه، بل قال وأما الشطرنج فلم يتبين لي تحريمها، فتوقف رضي الله عنه في التحريم ولم يفت بالإباحة).

فإذا كان الصحابة أجمعوا على تحريم النرد والشطرنج، بعوض وبغير عوض، وتأمل الإنسان جيداً في ذلك أثمر له معرفة أصل شرعي في باب السبق والمغالبات يقطع معه بخطأ كثير من الفتاوى المعاصرة في إطلاق الجواز لكل لعبة ليس فيها عوض، وظن كثير من متفقهة المعاصرين أن العلة في في التحريم هي "العوض" فقط، وتجاهلهم الكلي لما تضمنته آية الميسر من الأسرار الفقهية العظيمة.

وكذلك أيضاً فإن الصحابة قاسوا أموراً كثيرة على النرد، منها لعبة "الأربعة عشر" ، ومنها لعبة "الكجة" وهي حفر فيها حصا يلعبون بها، فسدّ ها ابن عمر ونهاهم عنها.
وهذه كلها أمور لا عوض فيها.
ثم إن أئمة الأمصار كأبي حنيفة ومالك ونحوهم رتبوا أموراً كبيرة على النرد مثل "رد شهادة المدمن على اللعب بها".

وأما العلل الأخرى التي قيلت فهي علل مهترئة، فمن قال أن العلة في تحريم النرد هي "التشبه" لأن النرد لعبة فارسية، فهذا ناقض عشرات النصوص عن الصحابة التي أشارت إلى "اللهو" لا إلى التشبه، ثم لو أن الشارع ترك كثيراً من ألعاب الجاهلية النافعة ولم يغيرها، ولو كانت العلة التشبه لحرمها، ثم افترض أننا طردنا هذه العلة؛ فهذا يترتب عليه أشد مما فروا منه، فهذا يعني تحريم كل الألعاب المستوردة من الغرب لأن فيها تشبه بأهل الكتاب، وتحريم كل الألعاب الصينية واليابانية لأن فيها تشبها بالوثنيين، فهل يقول هؤلاء بلازم تعليلهم هذا؟!

فانظر بالله عليك كيف حرم النبي "النرد" وهي مجرد كعاب يلعبون بها بلا عوض مالي، كل ذلك لأنها تقتل الوقت فيما لاينفع، وضع مع هذا النهي خطب الصحابة في التغليظ فيه، وتكسيرهم هذه الألعاب إذا وجدوها، وتشنيعهم في الشطرنج، ثم انتقل بذهنك وقارن ذلك كله بأنواع الملاهي والألعاب التي أجازها المعاصرون وفيها نظير –أستغفر الله بل أضعاف- مافي النرد والشطرنج من المحاذير، فإذا تأملت ذلك كله، ظهر لك أن هذه الفتاوى مرجوحة قطعاً.

وقد تأملت مرة نصوص المعاصرين وأخذت أتساءل: مالذي أوجب لهم هذا الخطأ وكيف دخل عليهم الخلل؟ فلاحظت أن ينبوع الخلل تسرب من ظنهم أن لفظ "الميسر" المحرم في كتاب الله إنما هو خاص فيما كان بعوض فقط، ولذلك إذا رأو السلف يقولون عن بعض الملاهي هي من الميسر لم يفهموا هذه التعابير، كيف يقولون هي الميسر؟ برغم أنها قد تكون بعوض وقد تكون بغير عوض؟ فتراهم يقولون لعل قصده أنه مادام الناس حوله يلعبونها بعوض فهي إذن من الميسر! وهذا تكلف لاداعي له، والصحيح بلا ريب أن "الميسر" في لسان الشارع ومتقدمي السلف يطلق على ماكان بعوض وماكان بغير عوض.

ومن تدبر جيداً الآية التي حرمت الميسر عرف ذلك، فالله تعالى يقول في محكم التنزيل (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ).

فتأمل الحِكم التي أشارت لتحريم الميسر، وجماعها هاهنا أمران: الصد عن ذكر الله، ونشوب البغضاء، وهذان أمران متصلان بأصل المغالبات لا بقضية أكل أموال الناس بالباطل، فإن أكل أموال الناس بالباطل فيه قدر زائد على ذلك، ولكن إذا كان في اللهو منفعة صارت مصلحتها راجحة على مايتخوف فيه من نشوب البغضاء والصد عن ذكر الله، وهذا نظير كون الشارع حرم الغرر في المعاوضات، لأنه يفضي للمنازعات، ولكن إن كان الغرر يسيراً صارت مصلحة العاقدين راجحة على مايتخوف من الإفضاء للنزاع، فإذا زاد الغرر عاد الحكم لأصله في المعاوضات، وإذا انتفى النفع في المغالبة أو اللهو عاد الحكم لأصله من المنع.

وقد بين السلف وأهل العلم ذلك، ومن أجمل عبارات السلف في ذلك عبارة للامام "مالك" نقلها القرطبي في تفسيره لآية الميسر في سورة البقرة، حيث يقول: (وقال مالك : الميسر ميسران: ميسر اللهو، وميسر القمار).
فانظر كيف وضح أن اللهو المحرم الذي ليس فيه عوض مالي من "الميسر".
وقيل للقاسم بن محمد: مالميسر؟ فقال (كل ما ألهى عن ذكر الله وعن الصلاة؛ فهو ميسر).

وقال الإمام ابن تيمية في الفتاوى (والميسر المحرم ليس من شرطه أن يكون فيه عوض) .
وقال ابن رجب في جامع العلوم والحكم في شرح الحديث السادس والأربعين (ومن هنا يعلم أن الميسر محرم ، سواء كان بعوض أو بغير عوض).


بل ذكر الإمام ابن تيمية أمراً أعجب من ذلك كله، وهو أن "المفسدة المالية" في الميسر ليست هي المفسدة الأصلية في النهي الشرعي، بل هي مفسدة تبعية، وإنما المفسدة الأصلية هي ماذكر في الآية وهي الصد عن ذكر الله ونشوء الحزازات بين النفوس بلا منفعة راجحة عليها، فانظر كيف صار كثير من الناس يتوهم أن أصل تحريم الميسر هو المفسدة المالية! بالرغم أنه ليست الأصل في تحريم الميسر، حيث يقول ابوالعباس:
(المقصود الأول لأكثر الناس بالميسر إنما هو الانشراح بالملاعبة والمغالبة، والمقصود الأول لأكثر الناس بالخمر إنما هو ما فيها من لذة الشرب، وإنما حرم العوض فيها لأنه أخذ مال بلا منفعة فيه، فهو أكل مال بالباطل، كما حرم ثمن الخمر والميتة والخنزير والأصنام، فكيف تجعل المفسدة المالية هي حكمة النهي فقط، وهي تابعة، وتترك المفسدة الأصلية) [الفتاوى 32/231].

ولخص الإمام ابن القيم هذا التنبيه العظيم الذي نبه عليه ابوالعباس ابن تيمية تلخيصاً بديعاً فقال رحمه الله في الفروسية: (فتعليل تحريم الميسر بأنه متضمن لأكل المال بالباطل؛ تعليل بغير الوصف المذكور في النص، وإلغاء للوصف الذي نبه النص عليه).

وهذه الإشكالية إشكالية جوهرية في باب السبق والمغالبات، ولذلك كانت هي المحاججة الرئيسية بين أهل العلم في هذا الباب، ومنشأ ذلك أن السلف اشتهر عندهم لعبتان (النرد، والشطرنج) فأما النرد فحرمها جماهير أهل العلم بعوض وبلا عوض لعموم النص، وأما الشطرنج فتردد فيها بعض أهل العلم فحرمها مع العوض وأجازها بلاعوض، فنشأ الجدل العلمي حول التفريق بينهما بلا فارق حقيقي؟! وصارت المتقدمون من أهل العلم الذين حرموا الشطرنج يحتجون على من أباحها بالتناقض! فيقولون لهم: كيف حرمتم النرد مطلقاً بعوض وبلاعوض، وأبحتم الشطرنج بلاعوض، وفي الشطرنج نظير مافي النرد؟ وهذه القضية أخذت من الشيخين ابن تيمية وابن القيم مساحة علمية لابأس بها، وكان أكثر النقض متوجهاً على متأخري الشافعية، لأن المذاهب الثلاثة اطردوا فيهما في أصل المذهب، وللإمام الآجري (ت360هـ) رسالة مستقلة اسمها (تحريم النرد والشطرنج).

ولما كثر حديث السلف في المقارنة بين حكم النرد والشطرنج؛ ذكر بعضهم أموراً طريفة حولهما، منها ماذكره عدد من الفقهاء -ولا أدري من أول من ذكرها- أن الأوائل لما رأو أمور الدنيا إما صدفة أو تخطيط، وضعوا للصدفة لعبة النرد، ووضعوا للتخطيط لعبة الشطرنج!
وقال بعضهم أمراً طريفاً آخر: وهو أن لعبة النرد موضوعة على مذهب الجبرية الذين يرون أن الإنسان مسير لامخير مطلقاً، والشطرنج موضوع على مذهب القدرية الذين يرون الإنسان مخير لامسير مطلقاً. وكلا الطرفتين ذكرهما الزرقاني في شرح الموطأ.

ومن طرائف هذا الباب أيضاً، قصة نقلها القرافي في الذخيرة أن عدداً من الفقهاء تناقشوا في حكم الشطرنج في المسجد الأقصى –فك الله أسره- فقال الامام ابو الفضل المقدسي: (إنما يُتعلم الشطرنج للحرب) أي أن الشطرنج يفيد في معرفة استراتيجيات الحرب، فرد عليه الطرطوشي وقال (بل تفسد الحرب، لأن الحرب مقصوده أخذ الملِك واغتياله، وفي الشطرنج يقول له: شاه أتاك الملك، نحّه عن طريقي). قال: فضحك الحاضرون.


على أن بعض الأئمة -ومنهم أئمة أجلاء كابن عبدالبر- حملوا بعض نصوص السلف في النرد على المقامرة، وأظن ابن ابن عبدالبر يعني المقامرة بعوض، والذي يظهر أن قول ابن عبدالبر مرجوح قطعاً ففي نصوص السلف نهي للصبيان -في النرد وغيرها من الألعاب التي تماثل النرد- وصبيان الصحابة عادة ليس معهم مال يقامرون به! فضلاً عن انتشارها في البيوت في زمن عثمان ويبعد -بحسب العادة- أن تكون بيوت العصر الأول مشغولة بمقامرات مالية.

وأما قول من قال بأن الصد عن ذكر الله هل هو صد عن الذكر المستحب أم الواجب؟، فهذا خروج عن موضع الإشكال، فموضع الإشكال أن الشارع لايريد للمسلم أن يذهب وقته هدراً فإن الله لم يخلقه عبثاً كما قال تعالى في سورة المؤمنون (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا) وقال سبحانه في سورة القيامة (أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى)ولن تزول قدمي عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه؟

ولذلك فالخطاب القرآني/النبوي يحمل رؤية مختلفة كلياً لمفهوم (الترفيه واللهو) وهو أنه يجوز للمسلم أن يرفّه عن نفسه بشرط أن يكون بشئ نافع، إما لبدنه أو علمه، ولايجوز له أن يضيع وقته في شئ غير نافع حتى لو كان على سبيل الترفيه، ولذلك حرم النبي النرد، وحرم الصحابة الشطرنج برغم كونها بلا عوض مالي، كل ذلك لأنه ترفيه بشئ غير نافع لافي بدن ولا علم.

ومثل هذه الفلسفة الترفيهية الإسلامية لايفهمها أصحاب العقول المادية المعاصرة، أو من تغلغلت في وعيه النظرة الغربية للحياة، وتسللت لتفكيره مفاهيم أجنبية عن الوحي فصار لايفهم النصوص على وجهها، أو يحاول حملها على مقتضى وعيه المحرف، أو صار يتجاهلها، أو يعيش بالتناقضات سوياً، وما أكثر هذا الجنس من الناس.

نحن المسلمون لدينا نظرة جادة للحياة، لأنه بحسب اعتقادنا فالدنيا مجرد مزرعة للمستقبل الحقيقي الأبدي السرمدي، الذي تبلغ فيه اللذائذ أقصاها، وتبلغ فيه العقوبات أقصاها، ولذلك يجب أن لانضيع الوقت إلا بشئ نافع.

وأما قول من قال إن من يلعب ألعاباً بدنية أو علمية لايقصد الانتفاع بها، فالجواب أن "حصول المنفعة" في اللعبة هو علة الاباحة، وأما "قصد الانتفاع" فهو علة الثواب والأجر، فالمدركان متفاوتان، فمن لعب بشئ نافع فهو مباح له، ومن لعب به بنية صالحة حصل له أمر فوق ذلك، وهو الثواب والأجر من الله على نيته الحسنة، وهذا أمر يشمل عامة المباحات كما هو معلوم.

ومن أراد تحقيق باب السبق والمغالبات والألعاب والترفيه فلن يجد في تراث أمة محمد كتاباً في هذا الباب أفضل من كتاب الفروسية لابن القيم، فقد جمع فيه خلاصة تحريرات الإمام ابن تيمية لمذهب السلف في هذا الباب، مع إضافاته الجميلة، وعرضه ابن القيم بأسلوبه السهل اللذيذ.

وخلاصة ماسبق كله أنه إذا اجتمع في اللعبة أو اللهو أمران: أنه ليس فيها منفعة علمية ولابدنية، وأنها تستهلك الوقت الكثير في لعبها بحسب العادة، فإنها لعبة محرمة. فأما إن نقص أحد هذين الوصفين فلاتكون محرمة بهذا الاعتبار.

بمعنى أن أي لعبة فيها منفعة علمية أو بدنية كالمسابقات العلمية، أو مسابقات الجري، ونحوها، فهذا لهو مشروع، فإن وجد بلا نية فهو مباح، وإن انضم إلى ذلك نية حسنة كالاستعانة بها على الطاعات وقصد إجمام النفس لتعود لنشاطها في عبودية الله، فهذه ألعاب مأجورة مثاب صاحبها بإذن الله.

وأما إن كانت اللعبة لاتفيد ولاتنفع، لا في علم ولابدن، ولكنها لاتستهلك الوقت الكثير بحسب العادة، فإنها لاتحرم في أصلها، لأن القاعدة العامة في الشريعة هي العفو عن اليسير، وهذه لها نظائر شائعة تسري في خلايا الفقه كله، كالعفو عن يسير الغرر في المعاوضات وهو أبلغ من باب المغالبات، والعفو عن يسير التفاوت المحتمل في خرص العرايا وهي باب من أبواب الربا، وهذا أبلغ من سابقيه.

وأما إطلاق القول في كل "لهو" أو "لعبة" ليس فيه عوض بأنه جائز، حتى لو لم يكن فيه منفعة علمية ولابدنية وكان يستنزف الأوقات الطويلة؛ فهذا القول مصادم قطعاً لفقه الصحابة ونصوص النهي العام عن إضاعة الأوقات والنصوص القرآنية العامة في الميسر، والنصوص النبوية الخاصة في النرد، والنصوص الصحابية الخاصة في الشطرنج.

وبعض المنتسبين للفتيا يطلقون في كل لعبة ولهو بأنه إن أشغل كثيراً حرم وإن كان يسيراً جاز، فهذا أيضاً خطأ، هذا قد يصح في بعض الألعاب التي لم تطّرد فيها عادة، أما اللعبة واللهو الذي اطّردت فيه عادة معروفة، فالعادة هاهنا محكمة.

ملحوظة: لم أنشط لنقل نصوص السلف مع عزوها وتوثيقها لأنها كلها مجموعة في أربعة مصادر: المصنف لابن أبي شيبة، التمهيد لابن عبد البر، وفتاوى ابن تيمية، والفروسية لابن القيم.

والله أعلم

اخوك/ابوعمر.

صفر 1431هـ
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
هذه هي المشاركة الأولى للعبد الفقير في هذ االمنتدى المبارك رغم أني مشترك فيه منذ فترة، و قد سأل الشيخ المشرف فؤاد أن يكون لي مشاركة فاعتذرت من هذا الأمر لأني لست من أهل التخصص و لكن أحب أن أطلع على مشاركات المنتدى و قد استفدت منها و لله الحمد.

حياكم الله وبياكم أشرقت أنوار الملتقى بطلعتكم البهية، فأنتم طلبة العلم بقية السلف وأمل الأمة.
نحن هنا إنما نتذاكر العلم حتى يبقى في صدورنا فلا ينسى ، وحتى يتجدد فلا يبلى، وطلبة العلم في هذه الأزمنة المتأخرة أشبه ما يكونوا بالغرباء، بل تجلس مع المستقيمين والصالحين، ولكن لا تستطيع أن تخوض معهم في فنون العلم ودقائقه، فكانت هذه الملتقيات العلمية الجادة من نعمة الله علينا، حتى نتذاكر فيها أشرف العلوم، وحتى نؤدي بعضاً من الأمانة الملقاة على عاتقنا، وحتى نبقي على أنفسنا، ونتشبث بإخواننا، فالمؤمن مرآة أخيه، وهو عضده أيضاً وساعده.
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,509
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: مباحثة حول الألعاب المعاصرة - ابراهيم السكران

موضوع مهم يستحق القراءة بتأن
(المقصود الأول لأكثر الناس بالميسر إنما هو الانشراح بالملاعبة والمغالبة، والمقصود الأول لأكثر الناس بالخمر إنما هو ما فيها من لذة الشرب، وإنما حرم العوض فيها لأنه أخذ مال بلا منفعة فيه، فهو أكل مال بالباطل، كما حرم ثمن الخمر والميتة والخنزير والأصنام، فكيف تجعل المفسدة المالية هي حكمة النهي فقط، وهي تابعة، وتترك المفسدة الأصلية) [الفتاوى 32/231].



ولخص الإمام ابن القيم هذا التنبيه العظيم الذي نبه عليه ابوالعباس ابن تيمية تلخيصاً بديعاً فقال رحمه الله في الفروسية: (فتعليل تحريم الميسر بأنه متضمن لأكل المال بالباطل؛ تعليل بغير الوصف المذكور في النص، وإلغاء للوصف الذي نبه النص عليه).

ولكن هل يجوز أن يقال أن علل التحريم هي الانشراح بالمغالبة والتلذذ بالشراب فيقاس عليها غيرها؟
 
التعديل الأخير:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,509
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: مباحثة حول الألعاب المعاصرة - ابراهيم السكران

وخلاصة ماسبق كله أنه إذا اجتمع في اللعبة أو اللهو أمران: أنه ليس فيها منفعة علمية ولابدنية، وأنها تستهلك الوقت الكثير في لعبها بحسب العادة، فإنها لعبة محرمة. فأما إن نقص أحد هذين الوصفين فلاتكون محرمة بهذا الاعتبار.
جميل هذا التأصيل
 
أعلى