العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

لماذا يُفسخ النكاح بالعيوب الطارئة على أحد الزوجين ؟

إنضم
12 يناير 2010
المشاركات
863
الجنس
ذكر
الكنية
أبو مُـعـاذ
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
خميس مشيط
المذهب الفقهي
حنبلي
بسم الله الحمن الرحيم

معلوم أيها الأكارم أن النكاح ميثاق غليظ , وقد وجدت جمهور العلماء يثبتون حق
فسخ النكاح لأحد الزوجين اذا ثبت بالآخر عيب حدث قبل العقد , لكن الإشكال
أنهم أكثرهم يثبت هذا الحق أيضا اذا حصل العيب بعد العقد , على خلاف بينهم في تحديد
العيب الذي يحصل به حق الفسخ .
مثال ذلك : رجل تزوج امرأة وأنجبت منه خمسة أبناء ثم قدر الله عليه حادثا مروريا
فعمي أو أصيب بشلل فإن للزوجة حق الفسخ !!

ما الدليل ؟
 
التعديل الأخير:
إنضم
12 يناير 2010
المشاركات
863
الجنس
ذكر
الكنية
أبو مُـعـاذ
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
خميس مشيط
المذهب الفقهي
حنبلي
قال ابن قدامة في المغني :
وإن حدث العيب بأحدهما بعد العقد ففيه وجهان أحدهما‏,‏ يثبت الخيار وهو ظاهر قول الخرقي لأنه قال‏:‏ فإن جب قبل الدخول فلها الخيار في وقتها لأنه عيب في النكاح يثبت الخيار مقارنا فأثبته طارئا‏,‏ كالإعسار وكالرق فإنه يثبت الخيار إذا قارن مثل أن تغر الأمة من عبد‏,‏ ويثبته إذا طرأت الحرية مثل إن عتقت الأمة تحت العبد ولأنه عقد على منفعة‏,‏ فحدوث العيب بها يثبت الخيار كالإجارة والثاني لا يثبت الخيار وهو قول أبي بكر وابن حامد ومذهب مالك لأنه عيب حدث بالمعقود عليه بعد لزوم العقد‏,‏ أشبه الحادث بالمبيع وهذا ينتقض بالعيب الحادث في الإجارة وقال أصحاب الشافعي‏:‏ إن حدث بالزوج أثبت الخيار وإن حدث بالمرأة‏,‏ فكذلك في أحد الوجهين والآخر‏,‏ لا يثبته لأن الرجل يمكنه طلاقها بخلاف المرأة ولنا أنهما تساويا فيما إذا كان العيب سابقا‏,‏ فتساويا فيه لاحقا كالمتبايعين‏.‏
 
إنضم
12 يناير 2010
المشاركات
863
الجنس
ذكر
الكنية
أبو مُـعـاذ
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
خميس مشيط
المذهب الفقهي
حنبلي
قال العلامة الدردير المالكي في أقرب المسالك :
ومحل الرد بهذه العيوب : إن كانت حال العقد ، ولم يعلم بها كما تقدم ، وأما ما حدث منها بعد العقد ، فإن كان بالزوجة فلا رد للزوج به ، وهو مصيبة نزلت به ، وإن كان بالزوج فلها رده ببرص وجذام وجنون لشدة الإيذاء بها ، وعدم الصبر عليها ، وإلى ذلك أشار بقوله : ولها أي للزوجة فقط دون الزوج رد لزوجها بجذام بين : أي محقق ولو يسيرا لا مشكوك ، وبرص مضر : أي فاحش لا يسير ، وجنون حدثت ، هذه الأدواء الثلاثة بعد العقد ، بل وإن حدثت بالزوج بعد الدخول لعدم صبرها عليها ، وليست العصمة بيدها بخلاف الزوج ليس له رد بها إن حدثت بها بعد العقد وهي مصيبة نزلت به ، فإما أن يرضى ، وإما أن يطلق ، إذ العصمة بيده لا رد لزوجة بكجبه واعتراضه وخصائه إن حصل له بعد وطئها ولو مرة ، وهي مصيبة نزلت بها ، فإن لم يحصل وطء فلها القيام بحقها وفسخ النكاح . اهـ
 
إنضم
12 يناير 2010
المشاركات
863
الجنس
ذكر
الكنية
أبو مُـعـاذ
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
خميس مشيط
المذهب الفقهي
حنبلي
قال العلامة الجلال المحلي الشافعي في شرح المنهاج
: ولو حدث به أي الزوج بعد العقد عيب تخيرت لحصول الضرر به، سواء حدث قبل الدخول أم بعده ، ولو جبت ذكره ثبت لها الخيار في الأصح .... إلا عنة بعد دخول ، فلا خيار لها بها لأنها عرفت قدرته على الوطء ووصلت إلى حقها منه؛ بخلاف الجب على الأصح لأنه يورث اليأس عن الوطء ، والعنة قد يرجى زوالها . اهـ
 
إنضم
25 أكتوبر 2011
المشاركات
72
الكنية
أبو عبد الله
التخصص
القضاء والسياسة الشرعية
المدينة
أكادير
المذهب الفقهي
المالكي
رد: لماذا يُفسخ النكاح بالعيوب الطارئة على أحد الزوجين ؟

التطليق بسبب العيب
ينبني الزواج على المودة والألفة والرحمة و المساكنة والمعاشرة بين الزوجين واستمتاع بعضهما بالبعض، لكن قد تطرأ عيوب أو أمراض تحول دون ذلك، فإن لم تستطيع الزوجة الصبر على هذه العيوب، رفعت دعواها للقضاء قصد التطليق والعيوب قد تكون بالرجل أو بالمرأة ، إذن ما هو تعريف العيب المقصود هنا ؟ وما هو موقف الفقه الإسلامي ؟ ثم ما هو السند القانوني للتطليق للعيب في التشريع المغربي ، وأخيرا ما هي العيوب التي تعطي الحق لإنهاء العلاقة الزوجية؟ .
‌أ- تعريف العيب:
العيب في اللغة جمعها أعياب وعيوب و المعاب والمعيب والعيب والوصمة والعار و المعايب .
أما في الاصطلاح فهو نقص بدني أو عقلي في أحد الزوجين يمنع من تحصيل مقاصد الزواج والتمتع بالحياة الزوجية.
‌ب- موقف الفقه الإسلامي من التطليق للعيب.
لقد اختلف الفقهاء حول موضوع التفريق للعيب اختلافا كبيرا ، فقد ذهب الظاهرية إلى أنه لا يحق مطلقا لأحد الطرفين المطالبة بالتفريق علة حتى ولو كانت من العلل الجنسية، وهو ما روي عن عمر ابن عبد العزيز ومال إليه لشوكاني وابن حزم ، لأنه لا يوجد بشأن هذا التفريق دليل شرعي يمكن الاعتماد عليه وإنما هناك مجرد أقوال للصحابة والتي تعد مجرد أراء اجتهادية لا تبنى عليها الأحكام الشرعية.
و ذهب جانب من الأحناف والحنابلة بالخصوص إلى أن كل عيب بأحد الزوجين لا يحصل بسببه المقصود من الزواج، من تناسل أو توافر المودة بينهما بموجب الخيار بينهما.
أما المالكية فقد اتخذت موقفا وسطا بخصوص مسألة التفريق للعيب حيث أنها قررت أن كل عيب لا يصلح لكي يكون سببا لطلب التفريق هناك بعض العيوب فقط يمكن الاعتماد عليها في التفريق إذا كانت تؤدي إلى عكس الهدف المتوخى من الزواج وبالرغم من اتفاق جمهور العلماء حول هذه المسألة فقد اختلفوا حول مسألة من يثبت له حق الخيار من الزوجين.
‌ج- السند القانوني للتطليق للعيب في التشريع المغربي :
طبقا للمادة 107 من مدونة الأسرة الجديدة فإن العيوب المؤثرة على الحياة الزوجية، وتعتبر موجبا معتبرا لطلب التطليق للعيب ما يلي:
· العيوب المانعة من المعاشرة يتعين فيها التميز بين تلك العائدة للرجل ونظيرتها العائدة للمرأة هذا ما تجمع عليه المذاهب السنية بجميع توجهاتها.
· الأمراض الخطيرة على الحياة الزوجية للآخر، أو على صحته لا يرجى الشفاء منها داخل سنة من وقوعها ومن ذلك داء فقدان المناعة المكتسبة والأمراض المعدية الخطيرة والعيوب المؤثرة على الحياة الزوجية كالجنون والجذام والبرص والسل وغيرها من العيوب المماثلة.
ويشترط النظر في إمكانية الاستجابة لطلب التطليق للعيب – في ظل المقتضيات الجديدة التي جاء بها قانون مدونة الأسرة – توافر الشروط التالية :
· ثبوت العيب المحتج به من قبل احد الزوجين مع إجبارية إقامة الدليل عليه تقنيا ويستعان في ذلك بأهل الخبرة والأخصائيين ولاسيما الأطباء منهم في معرفة العيب أو المرض طبقا للمادة 111 من المدونة تأسيسا على ما استقر عليه العمل الفقهي والقضائي المقارن المصري مثلا في إحدى قراراته الصادرة عن محكمة الاستئناف بالإسكندرية .
· عدم صدور ما يثبت الرضا بالعيب من لدن طالب الفسخ بعد العلم بتعذر الشفاء.
كما أن المشرع المغربي قرر من خلال المادتان 109 و 110 أن التطليق للعيب تترتب عليه مجموعة من الآثار القانونية الشرعية، ففي حالة وقوعه عن طريق القضاء قبل البناء فإن الزوج غير ملزم بسداد قيمة الصداق ، أما إذا وقع بعد البناء فإن اللزوم الأحقية في الرجوع بقدر الصداق على من غرر به أو كتم للعيب قصدا أو عمدا، وإذا علم الزوج بالعيب قبل البناء لزمه نصف الصداق.
كذلك هناك مسألة لم يتعرض لها المشرع بنص صريح وهي انعدام البكارة هل يرقي إلى مرتبة العيب الموجب للتطليق؟ مع ما يترتب عن ذلك شرعا من أثار قانونية فالقضاء هنا كان سباقا في إقرار أحكاما خاصة بها وهي أحكام أجمعت على كون انعدام البكارة بالزوجة لا يعد عيب يلزم الرد ، ما لم يشترطها الزوج بالعقد ، كما هو الشأن بالنسبة للقرار الصادر عن محكمة الاستئناف بمراكش بتاريخ 18 يوليوز . 1968.
‌د- استعراض العيوب التي تعطي الحق لإنهاء العلاقة الزوجية
لا يمكن حصر العيوب ، في عدد بعينه ، فمن الفقهاء من توسع فأجاز التفريق بين الزوجين ومنهم من ضيقه ،ومنهم من سلك طريقا وسطا.
× العيوب الخاصة بالزوج:
العيوب الخاصة بالرجل هي بالأساس عيوب تناسلية مثل الجب والخصاء والعنه.
× العيوب الخاصة بالزوجة:
وهي عيوب تتعلق بالجهاز التناسلي للمرأة كالرتق والقرن والعفل والإفضاء والبخر.
× العيوب المشتركة بيت الزوجين :
العيوب المشتركة بين الزوجين كثيرا نظرا لأنها تخرج عن الجهاز التناسلي للرجل والمرأة فهي لا علاقة لها بذات الشخص كالعيوب العقلية والجذام والبرص والعذيطة والعقم.
ويمكن لأحد الزوجين طلب التطليق للعيب، الذي قد يكون مستحكما بأحدهما خصوصا منها العيوب المانعة من المعاشرة كما سبق التفصيل في ذلك، وكذا الأمراض الخطيرة على الزوج الأخر أو على صحته التي لا يرجى الشفاء منها داخل مدة سنة.
وهي حالات يجب على القاضي أن يستجيب فيها لطلب التطليق خصوصا وأن الرجاء في شفائها مستبعدا وكذا عيوب الفرج التي يستعصى شفاؤها كالجب و الخصاء والعنه وغيرها ، أما العيوب التي يؤمل شفاؤها فإن القاضي أن يمهل سنة العلاج فإن لم يشفى الزوج المريض طلق عليه زوجه.
 
أعلى