العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

علاقة التلميذ بالشيخ***أبي القاسم الفوراني والجويني نموذجاً ***

أحلام

:: متميز ::
إنضم
23 ديسمبر 2009
المشاركات
1,046
التخصص
أصول فقه
المدينة
........
المذهب الفقهي
.......
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله من زان عقول عباده بالعلم ,وأعطى لخواصهم مدارك الفقه ,وأخص الرسول صلى الله عليه وسلم ,المبعوث رحمة للعالمين بوافر الحظ من ذلك ,,,, وبعد
كثيراً ما يتردد على مسامعي
قف للمعلم كاد المعلم أن يكون رسولا
نعم كاد المعلم أن يكون رسولا , ولاسيما لما يقدمه من علم , وخاصة إذا كان شرعي فقهي
نعم كاد أن يكون المعلم رسولا , ولا سيما إن كان طلاب العلم يتهافتون على روضة مجلسه , من كل حذب وصوب, يستقون من جميل علمه , حاملين هذا العلم على رؤسهم مبلغين به غيرهم
وعادةً ما يكون هذا الطالب كثير الامتنان لشيخه أو معلمهِ , لما قدم له من علم وافر , وأحيانا قد يصل إلى درجة التعظيم لهذا الشيخ من قِبَلِ طلابه ! , وقد كانت كتب التراجم خير شاهد على ذلك
ولكن من العجيب عند النظر إلى علاقة أبي القاسم الفوراني والذي انتهت إليه رياسة الطائفة الشافعية , والذي عرف بكثرة تلاميده , والمقدم من فقهاء الشافعية في "مرو "
بإمام الحرمين أبي المعالي الجويني والذي كان يحضر مجالس درسه وهو في مرحلة الشباب محاولة منه إستقاء العلم من ذاك الشيخ رحمه الله
بأننا نرى فيها شيء من الاختلاف على سائر ما عُرف من علاقة الطالب بالشيخ ؛ وسر هذا يظهر في كتابه نهاية المطلب وكيفية الاهتمام بنصوص الفوراني , وأيضاً مدار الأمر في كيفية
الأخذ بها والاعتماد عليها عند بيان الحكم الشرعي المراد أو الوجه المراد في المذهب .
فإمام الحرمين الجويني من أول كتابه إلى آخره لا يذكر الفوراني بآسمه صراحةً , ولا يذكر اسم كتابه الذي أعتمد عليه في نقل نصوص الفوراني ,فقط يكتفي بقول
(بعض المصنفين)أو ( بعض التصانيف ) وهذه اشارة منه على الفوراني وكتابه الإبانة .
وطريقة الجويني هذه أسدلت الحيرة في كل من يترجم للفوراني في كتب التراجم والطبقات على مسلكين
الأول// مااختاره ابن الصلاح في طبقاته وكذلك ابن خلكان والذهبي
فقد ذكر ابن الصلاح في طبقاته(..كان الإمام أبو المعالي إمام الحرمين يميل عليه ميلا شديدا ، يتتبع بالإسقاط والتزييف ما لا يجده في غير كتابه مما قاله أو نقله ،
ولا يسميه ولا كتابه ، يقول : ذكر بعض المصنفين كذا ، وفي بعض التصانيف كذا ، ونجد كثيرا من ذلك في كتب صاحبه الإمام الغزالي منسوبا إليه ، مصرحا فيه باسمه )ينظر
(542/1)
وأما ابن خلكان في وفيات الأعيان ( ... وسمعت بعض فضلاء المذهب يقول: إن إمام الحرمين كان يحضر حلقته وهو شاب يومئذ، وكان أبو القاسم
لا ينصفه ولا يصغي إلى قوله لكونه شاباً، فبقي في نفسه منه شيء، فمتى قال في " نهاية المطلب " وقال بعض المصنفين
كذا وغلط في ذلك، وشرع في الوقوع فيه، فمراده أبو القاسم الفوراني) ينظر (132/3)
وأما ما ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء إذ قال(..وكان إمام الحرمين يحط على الفوراني، حتى قال في باب الاذان قال :هذا الرجل غير موثوق بنقله
وقد نقم الائمة على إمام الحرمين ثوران نفسه على الفوراني، وما صوبوا صورة حطه عليه، لان الفوراني من أساطين أئمة المذهب) ينظر (265/18)
وتصديقاً لطريقتهم فقد قال إمام الحرمين ,في كتاب الجمعة / باب الغسل للجمعة والخطبة , مسألة (1461) قال(.. وفي بعض التصانيف في ذكر أركان
الخطبة ,إطلاق القول باستحقاق الثناء على الله وهو مشعر بأن الحمد لا يتعين , بل يقوم غيره مقامه , وهذا لا أعدّه من المذهب ولا أعتدّ به)ا.هـ ينظر (539/2) من النهاية
وإن كان لي مع هذ القول وقفة أخرى بإذن الله في نهاية المقال
*وطريقة إمام الحرمين هذه للعلم تأخذ صفة الكثرة في كتابه لا القلة*
الثاني// ما تزعمه ابن السبكي في طبقاته إذ قال (...وكان كثير النقل _ يقصد الفوراني _والناس يعجبون من كثرة حط إمام الحرمين عليه وقوله في مواضع من النهاية إن الرجل غير موثوق بنقله
والذي أقطع به أن الإمام لم يرد تضعيفه في النقل من قبل _كذب معاذ الله _وإنما الإمام كان رجلا محققا مدققا يغلب بعقله على نقله وكان الفوراني رجلا نقالا فكان الإمام يشير
إلى استضعاف تفقهه , فعنده أنه ربما أتي من سوء الفهم في بعض المسائل هذا أقصى ما لعل الإمام يقوله)ا.هـ ينظر (110/5).
وما يعضد قول ابن السبكي ,وجود أقوال للفوراني في النهاية كان الوجه فيها القبول ولم يتأتى فيها تسخط عند الجويني
ومثال ذلك
1/ ما ذكره الجويني في كتاب الطهارة , باب الاستطابة ,مسألة رقم (126)إذ قال ( ..وذكر بعض المصنفين أنه ينبغي أن يكون بينه وبين الساتر ما يكون بين الصفين
وهو قريب من ثلاث أذرع , وإن كان أقرب , كان الستر أبلغ . وهذا تقريب لابأس به)ا.هـ ينظر (103/1)من النهاية
2/ ما ذكره في كتاب الصلاة , باب فضل الجماعة والعذر بتركها , عندما قال: يجوز ترك الجماعة بالمعاذير , وهي تنقسم إلى أعذار عامة , وإلى أعذار خاصة
فالعامة: كالمطر ومافي معناه ,وذكر بعض المصنفين في الوحل خلافاً , من حيث إنه يتأتى الاستعداد له . والأظهر المنع_هنا ترجيح الجويني_ فإن في التخطي فيه عسراً
ظاهراً وهذا إذا لم يتفاحش) ينظر (367/2)
وكأن طريقة الجويني أن الوحل إذا تفاحش كان عذرا لصعوبة التخطي ,وإن كان خلاف ذلك لا يعتبر الوحل عذرا لترك صلاة الجماعة , وبطريقته هذه فيها موافقة ظمنية لقول الفوراني
3/ أحياناً إمام الحرمين مايشير إلى المسائل الخلافية والتي أشار إليها الفوراني في كتابه فيذكرها الجويني ولا يتعرض له بنقيصة
ومن ذلك , ما ذكره في كتاب الصلاة , باب صلاة المسافر, مسألة رقم (1293) إذ قال: ( ولو أقتدى مسافر دخل البلدة مجتازاً بمن يصلي الجمعة في الإقامة , ونوى
المسافر الظهرَ المقصورة , ولم ينوي الجمعة , فهل يصح ذلك ؟ في بعض التصانيف وجهان
أحدهما/ أنه يُتم ؛ لأنه خلف مقيم , وصلاة الجمعة في حقه كصلاة الصبح .
الثاني / أنه يقصر , لأن الجمعة ظهرٌ مقصورة عند بعض الأصحاب .
ولو عملنا موازنة مابين المسلكين لكانت طريقة ابن السبكي يمكن أن يقال هي أقرب إلى الصواب
وتوجيه ذلك
1/ فإمام الحرمين عندما شرع إلى كتابة نهاية المطلب قال أن كتابه (يحوي تقرير القواعد وتحرير الضوابط والمعاقد , تعليل النصوص , وتبين مآخذ الفروع , وترتيب المفصل منها والمجموع
مشتمل على حل المشكلات , وإبانة المعضلات , والتنبيه على المعاصات والمعوصات_ويقصد بذلك بكونه سينبه على المواضع الخفية والتي يصعب فهمها من الكلام_)
ثم قال: وهو على التحقيق نتيجة عمري , وثمرة فكري في دهري , لا أغادر فيه بعون الله أصلا ًولا فرعا ًإلا أتيت عليه , متنحيا ًسبيل الكشف , مؤثراً أقرب العبارات في البيان..)
فقوله هذا يستلزم منه النظر إلى كتب الشافعية وما تحتويه من أصول وفروع سواءً كتاب الفوراني أو غيره,ناظراً إليها بعين ثاقبة محققة ,ولو كان الأمر كما ذكر عند أهل القول الأول أن يعمد إلى الحط والإسقاط
من الفوراني لكان هذا مخالفاً لمنهج هو واضعه في بداية كتابه من أجل أن يسير عليه
2/ وما يؤيد طريقة ابن السبكي عندما قال : إنما الإمام كان رجلاً محققا مدققا يغلب بعقله لا بنقله )
هو أن إمام الحرمين عندما يعترض على الفوراني يذكر علة الإعتراض ومثال ذلك , ما ذكره في كتاب الصلاة , باب ماله لبسه وما ليس له ,إذ قال(..أن الصبيان هل يجوز
أن يلبسهم القُوَّام الحرير؟ على قولين
الأول / كان شيخي _ يقصد والده_ يتردد فيه , ويميل إلى المنع لتغليظ فيه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه
الثاني / وفي بعض التصانيف , القطع بجواز ذلك. وهومنقدحٌ _علة الجويني_ على المعنى الذي نبهنا عليه ؛ فإنه يليق بالإطفال , قريب من شيم النساء
في الا نحلال المناقض للشهامة )
وأحيانا لايذكر العلة , ولكن إذارجعت إلى كتب الشافعية تجد القول فيها موافق لقول الجويني
ومثال ذلك "مايتعلق بمسألة السابقة الذكر وهي (في كتاب الجمعة / باب الغسل للجمعة والخطبة , مسألة (1461))
ما ذكره الإمام النووي في المجموع عندما قال : الخطبة خمسة ثلاثة متفق عليها واثنان مختلف فيهما (أحدها)
حمد الله تعالى ويتعين لفظ الحمد ولا يقوم معناه مقامه بالاتفاق وأقله الحمد لله (الثاني) الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتعين لفظ الصلاة
وذكر إمام الحرمين عن كلام بعض الاصحاب ما يوهم ان لفظي الحمد والصلاة لا يتعينان ولم ينقله وجها مجزوما به والذى قطع به الاصحاب انهما متعينان )ا.هـ (519/4)
وان كانت الطريقة الأخيرة تحتاج شيء من تمحيص حتى يتبين صدق التوجيه.
وما ذكرته في هذه المقالة إنما هو قد لآح في خاطري وأردت البحث وكشف عنه

عندما قرأت تعليق الدكتور عبد العظيم الديب رحمه الله تعالي عندما علق على طريقة الجويني وتعامله مع الفوراني
في كتاب الصلاة / باب صلاة الخوف "حاشية رقم 1, (576/2).
وأرجوا أن أكون قد وُفقتُ في ذلك
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,144
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
بارك الله فيك على هذه النفيسة ممَّا ذكرت.
والأخذ بأحسن المحامل أولى بالمسلم.
 

أحمد بن فخري الرفاعي

:: مشرف سابق ::
إنضم
12 يناير 2008
المشاركات
1,432
الكنية
أبو عبد الله
التخصص
باحث اسلامي
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
جزاكم الله خيرا.

رحم الله الامامين الفوراني والجويني .
فقد أديا ما عليهما ، ونحن عيال على كتبهما ، نقرأ ونجمع . والكمال لا ينبغي إلا لذي الجلال سبحانه، وكل انسان يُؤخذ من كلامه ويُترك الا المعصوم صلى الله عليه وسلم.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:

أحلام

:: متميز ::
إنضم
23 ديسمبر 2009
المشاركات
1,046
التخصص
أصول فقه
المدينة
........
المذهب الفقهي
.......
وفيكم الرحمن يبارك ويجزيكم عني خير الجزاء
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
 

د. محمد بن عمر الكاف

:: قيم الملتقى الشافعي ::
إنضم
20 مايو 2009
المشاركات
326
التخصص
فقه
المدينة
المدينة المنورة
المذهب الفقهي
شافعي
ماشاء الله تبارك الله ..
نظر سديد .. مع أدب جم .. .. وقراءءة واعية متفحصة ..

لا أقول إلا :
بارك الله فيك .. وكثر من أمثالك ..

لا يشدني إلى هذا المنتدى المبارك إلا أمثال هذه المشاركات القيمة ..

استمري وفقك الله .. ولا تتوقفي .. فمثل هذه البحوث يندر مثلها في زمان التسطيح والضحالة العلمية والتجارة بالعلم لأخذ الشهادات
..




 

أحلام

:: متميز ::
إنضم
23 ديسمبر 2009
المشاركات
1,046
التخصص
أصول فقه
المدينة
........
المذهب الفقهي
.......
جزاكم الله عني خير الجزاء
وبارك الله في علمكم
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
 

عثمان عمر شيخ

:: مشارك ::
إنضم
12 يوليو 2009
المشاركات
276
الإقامة
كندا
الجنس
ذكر
التخصص
الكومبيوتر
الدولة
كندا
المدينة
كندا
المذهب الفقهي
الشافعي
علاقة التلميذ بالشيخ

بحث ممتع ومبارك
زادك الله علما
بارك الله فيك


فائدة : بخلاف علاقة الجويني مع تلامذته حجة الإسلام الغزالي رحمه الله

ويبدو ان الإمام الجويني كان ينتبه الي تلامذته ويثني عليهم
حتي في سن شبابهم
يقول مثلا في الغزالي بحر مغدق وإلكيا اسد مخرق والخوافي نار تحرق

اذكر انني قرأت في احد تراجم الإمام الغزالي
عندما كتب الإمام الغزالي احد كتبه ورأه الإمام اثني عليه

ذكر ابن الجوزي في تاريخه المنتظم
"حتـى انـه صنف في حياة استاذه الجويني فنظر الجويني في كتابـه المسمـى بالمنخـول ‏"‏ فقـال لـه‏:‏ دفنتنـي وانـا حي هلا صبرت حتى اموت واراد ان كتابك قد غطى على كتابي " انتهي

مع ان الغزالي كان في مقتبل عمره وشبابه والمنخول من اوائل تصانيفه والجويني شيخ الإئمة في ذلك الزمان
و مع كل هذا
اشاد به واثني عليه
الله يرحمهم جميعا

بارك الله فيكم
 

محمود حلمي علي

:: مطـًـلع ::
إنضم
4 يونيو 2013
المشاركات
158
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
فقه شافعي
الدولة
مصر
المدينة
العاشر من رمضان
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: علاقة التلميذ بالشيخ***أبي القاسم الفوراني والجويني نموذجاً ***

جزاكم الله خيرا على هذه النقول المفيدة وهذا التحليل الجيد:
ولي عليه ملاحظتان أرجو أن تتم بهما الفائدة:
الأولى: تمام قول الإمام تاج الدين السبكي فيه حكم بين الإمامين، بعد أن قدَّم حسن الظن، وحمل الحال على أحسن المحامل، وتمام عبارته كما في طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (5/ 110):
(كان كثير النقل، والناس يعجبون من كثرة حط إمام الحرمين عليه، وقوله في مواضع من النهاية: إن الرجل غير موثوق بنقله.
والذي أقطع به: أن الإمام لم يرد تضعيفه في النقل من قبل كذب معاذ الله، وإنما الإمام كان رجلا محققا مدققا يغلب بعقله على نقله، وكان الفوراني رجلا نقالا، فكان الإمام يشير إلى استضعاف تفقهه، فعنده أنه ربما أتي من سوء الفهم في بعض المسائل، هذا أقصى ما لعل الإمام يقوله.
وبالجملة ما الكلام في الفوراني بمقبول وإنما هو علم من أعلام هذا المذهب وقد حمل عنه العلم جبال راسيات وأئمة ثقات،
وقد كان من التفقه أيضا بحيث ذكر في خطبة الإبانة أنه يبين الأصح من الأقوال والوجوه، وهو من أقدم المنتدبين لهذا الأمر
)

الثانية: أن علاقة إمام الحرمين الجويني بالإمام الفوراني، لا يمكن تلخيصها على أنها علاقة تلميذ بشيخه؛
فإن إمام الحرمين كان قد تفقه على والده بحيث بلغ من المكانة ما جعل أهل نيسابور يجلسونه في مكان والده للتدريس بعد وفاته،
وكان الإمام الفوراني قدم قدم معزيا في موت الشيخ أبي محمد الجويني، وظن أن أهل نيسابور سيجلسونه في مكانه، فوجدهم قد أجلسوا مكانه ابنه (إمام الحرمين)،
فاقتصر على العزاء ثم عقد بعض المجالس في مكان آخر من البلد غير مجلس الشيخ أبي محمد،
فكان الحال كما قال الإمام ابن خلكان في وفيات الأعيان (132/3): ( وسمعت بعض فضلاء المذهب يقول: إن إمام الحرمين كان يحضر حلقته وهو شاب يومئذ، وكان أبو القاسم لا ينصفه ولا يصغي إلى قوله لكونه شاباً، فبقي في نفسه منه شيء).
فلم يتتلمذ إمام الحرمين على الإمام الفوراني إلا في هذه الفترة الوجيزة، وكان يحضر من باب الأدب والإنصاف، والحرص على المزيد من الفوائد، وإلا فقد أقعد في منصب للتدريس كان الإمام الفوراني يرجوه.
فإمام الحرمين وإن كان من طبقة تلامذة الإمام الفوراني، إلا أنه لذكائه ونبوغه لحق بهذه الطبقة وصار كأنه يعد من أقرانها.
أضف إلى ذلك أنه لم يتتلمذ على الإمام الفوراني إلا هذه المجالس المعدودة، وبعد أن نال من المكانة العلمية ما نال.
فتصوير العلاقة بينهما على أنها نموذج لعلاقة بين تلميذ وشيخه: خلاف الواقع، فلو كان الأمر كذلك لكانت رعاية إمام الحرمين لحرمة شيخه تجعل موقفه متغيرا.
لذا أقترح تغيير عنوان المشاركة إن أمكن؛
لأن النموذج المذكور بخلاف الواقع،
ولأن عنوان المشاركة فيه تشويه لصورة علاقة التلميذ بالشيخ في تراثنا،
ولأن فيها تشويه لصورة إمام الحرمين حيث كان له مثل هذا الموقف من شيخه
.
فطبيعة العلاقة بين الإمامين تكاد تشبه علاقة الأقران، ومن المقرر أن كلام الأقران يطوى ولا يروى.
فهذا أقرب إلى فهم طبيعة الموقف وتفسيره، وأقرب إلى إحسان الظن بهما، وأقرب إلى الواقع والحقيقة.
والمشاركة مليئة بالفوائد والنقول، مع ما ذكر فيها من التحليل الطيب والمحامل الحسنة.
ولكن ما أردته هو تصوير الصورة على وجهها، ثم يأتي حملها على أحسن محاملها، فما أذكره هو تتميمٌ لهذه الصورة. والله أعلم.

 

أحلام

:: متميز ::
إنضم
23 ديسمبر 2009
المشاركات
1,046
التخصص
أصول فقه
المدينة
........
المذهب الفقهي
.......
رد: علاقة التلميذ بالشيخ***أبي القاسم الفوراني والجويني نموذجاً ***

جزيتم خيراً...
كنت قد كتبتها أيام دراسة الماجستير
وقد توقف عندها أحد مناقشين, وذهب إلى ما رأيتم
ولعل الأخوة في الملتقى ينظروا إلى اقتراحك بشأن العنوان
وفقكم الله .....
 

زياد العراقي

:: مشرف ::
إنضم
21 نوفمبر 2011
المشاركات
3,614
الجنس
ذكر
التخصص
...
الدولة
العراق
المدينة
؟
المذهب الفقهي
المذهب الشافعي
رد: علاقة التلميذ بالشيخ***أبي القاسم الفوراني والجويني نموذجاً ***

بارك الله فيكم أخي الأستاذ محمود وجزاكم خيرا إلتفاتة طيبة وتحليل رائع .
وبارك الله في أختنا كاتبة الموضوع .
لو اقترحتم عنوانا ترونه مناسبا حتى تراه الإدارة فتغيره
 
التعديل الأخير:

محمود حلمي علي

:: مطـًـلع ::
إنضم
4 يونيو 2013
المشاركات
158
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
فقه شافعي
الدولة
مصر
المدينة
العاشر من رمضان
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: علاقة التلميذ بالشيخ***أبي القاسم الفوراني والجويني نموذجاً ***

جزاكم الله خيرا.
موضوع (العلاقة بين الإمامين الجويني والفوراني) بالفعل يستحق الكتابة؛
لأن العلاقة بين الإمامين بادية ظاهرة في كتاب من أعظم كتب المذهب،
وهي كثيرة كما ذكرت الفاضلة صاحبة المشاركة،
فليست مواقف عابرة لم تدون إلا في كتب التراجم،
وليست في كتاب (نهاية المطلب) بصورة عابرة يمكن تجاوزها.
فهذا مما يؤكد أهمية هذه المشاركة.
وما ذكر فيها من تحليل وتأويل حسن نافع وطيب.
وما ذكر من دراسة لبعض المواضع من نهاية المطلب أنفع وأطيب.
ففيه بيان أن الإمام الجويني ينصف الإمام الفوراني ويؤيده ويعتمد قوله في مواضع، ويخالفه ويزيف قوله في مواضع أخرى، وينقل أقواله في المسألة بلا ترجيح كما ينقل عن سائر أئمة المذهب في غيرها من المواضع كذلك.
وأن الأمر في ذلك خضع للمعايير العلمية، ولم يكن للعلاقة الشخصية دخل في شيء له صلة بالعلم والفقه.
ولكن أثر تلك العلاقة كان فقط في الأمور الشكلية: من أن إمام الحرمين لا يصرح باسم الإمام الفوراني ولا بكتابه، وإذا أعتمد قوله بالمعايير العلمية فقد لا يثني عليه، وإذا رد قوله بالمعايير العلمية فقد يبالغ في رده، إلى غير ذلك مما تبين من الأمثلة المذكورة في المشاركة، ومما يتبين أكثر بدراسة المزيد من تلك المواضع من النهاية.
وهذا مما لفتت النظر إليه صاحبة المشاركة. جزاها الله خيرا.

فيمكن تقسيم الأمر إلى قسمين:
القسم الأول: طبيعة العلاقة المذكورة في كتب الطبقات، وآثارها الشكلية البادية في نهاية المطلب. وهذه حظها من المشاركة حسن تأويلها، وحملها على أحسن محاملها.
والقسم الثاني: المادة العلمية الفقهية التي نقلها إمام الحرمين عن الإمام الفوراني، وهذه حظها من المشاركة الدراسة العلمية التي تبين أن القبول أو الرد في ذلك خاضع للمعايير العلمية.
وكلا الأمرين مهمين ونافعين في هذا الموضوع.

أما بالنسبة لاقتراح عنوان جديد للمشاركة:
فأترك الأمر أولا لصاحبة المشاركة، فهي أولى بذلك، وما ذكرته هو تتميم للمشاركة فقط.
وإن كان لي من اقتراح، فأرى أن يكون العنوان: ( علاقة إمام الحرمين الجويني بالإمام أبي القاسم الفوراني، تحليل وتقييــم ). والله أعلم.
 
إنضم
24 أغسطس 2012
المشاركات
480
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
-
المدينة
محج قلعة مقيم بمصر
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: علاقة التلميذ بالشيخ***أبي القاسم الفوراني والجويني نموذجاً ***

العلاقة بين الشيخ وتلميذه
إثبات هذه العلاقة أو نفيها فرع تصور مفهومها
ما الضابط في اعتبار الشخص تلميذا للشيخ ؟
هل يكفي حضور مجالسه والإفادة منه أو لا بد من العمر المناسب مع تفاوت الملكات العلمية أو يقيد بطول الملازمة أو ...
كان عمر إمام الحرمين حين وفاة والده تسع عشرة سنة تقريبا مع أن الإمام الفوراني حينها قد وصل إلى خمسين من عمره
وهذا التفاوت في العمر مع ما يستلزمه عادة من التفاوت في العلم قرينة دالة على أن حضور إمام الحرمين لمجالس الفوراني من باب التتلمذ والإفادة
وما ذكره المترجمون للعلَمين ابتداء بالإمام ابن الصلاح فما بعده من وجود النفرة بينهما أولى بالقبول من تخرصاتنا وقد طال الزمان مع اختلاف البيئات والأوضاع
وليس هذا تقديما لإساءة الظن على إحسانه وإنما من باب الإنصاف في نظري وقد أكون مخطئا فيه والله أعلم
 

محمود حلمي علي

:: مطـًـلع ::
إنضم
4 يونيو 2013
المشاركات
158
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
فقه شافعي
الدولة
مصر
المدينة
العاشر من رمضان
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: علاقة التلميذ بالشيخ***أبي القاسم الفوراني والجويني نموذجاً ***

قال العلامة المحقق عبد العظيم الديب في مقدمته القيمة لكتاب نهاية المطلب في دراية المذهب (المقدمة/ 134، 135):
( فقد حكوا في سبب الجفوة التي كانت بين أبي القاسم الفوراني وإمام الحرمين= أن الفوارني جاء من مرو إلى نيسابور للعزاء في الشيخ أبي محمد والد إمام الحرمين، وكان في تقديره أن المتفقهة في نيسابور سيجلسونه مكان أبي محمد شيخا لفقهاء نيسابور؛ فإنها أكبر من مرو التي كان شيخا لها، ولكنه فوجىء بأن أهل نيسابور أجلسوا إمام الحرمين مكان أبيه؛ فأظهر أنه جاء للعزاء لا غير. وعلى عادة أئمتنا في ذلك العصر، بقي في نيسابور مدة، ليدرس، ويناظر، وكان إمام الحرمين يغشى حلقته، ويحضر مناظراته، فلم يكن يلتفت إليه، ويحله بالمحل اللائق به، فمن هنا كانت هذه الجفوة التي سجلها التاريخ، ورأينا آثارها في كتابنا هذا (نهاية المطلب)، حيث لم يصرح إمام الحرمين باسمه مرة واحدة، على طول هذا الكتاب، وإنما يقول عنه حيث يضطر لذكره: " بعض المصنفين " حتى تسمية كتبه لم يصرح بها إمام الحرمين، وإنما يقول: " وفي بعض التصانيف "). انتهى.
وكنت قد ذهلت عن هذا الموضع من كلام العلامة المحقق عند كتابتي للمشاركة فكتبته من ذهني، وأظن أني قرأته في غير هذا الموضع أيضا، ولا يحضرني.

فأما وجود الجفوة، فهو مقطوع به. والأئمة الذين ذكروها مع اختلافهم في تأويلها لم يذكروا أنها جفوة بين الشيخ وتلميذه، بل بين إمام وإمام.
فكون هذه الجفوة بين تلميذ وشيخه، هو محل النظر؛
فهل وجدت أحدا من الأئمة ذكر أن من تلامذة الإمام الفوراني: إمام الحرمين الجويني، أو ذكر أن من شيوخ إمام الحرمين: الإمام الفوراني؟
ثم إن كانت التلمذة تثبت بالسن، وكون الإمام الفوراني من طبقة شيوخ إمام الحرمين،
فإن للإمام الجويني كذلك موقفا من الإمام الماوردي (ت 450) وكتابه الأحكام السلطانية يبدو ظاهرا في كتاب "الغياثي"، وهو من جهة السن في طبقة شيوخ إمام الحرمين إن لم يكن فوق ذلك، ولم يصف أحد العلاقة بين إمام الحرمين وبين الإمام الماوردي على أنها علاقة تلميذ بشيخٍ، أو بمن هو في رتبة الشيخ.
وإن كانت التلمذة تثبت بحضور مجلس الشيخ فقط أو بملازمته مع ذلك،
فلم يثبت للإمام الجويني حضورٌ لمجلس الإمام الفوراني إلا في هذا الموقف، وليس فيه ملازمة، فإن قبلته لتثبت التلمذة فخذه بسياقه.
ولئن ثبتت به التلمذة،
فليس حق من طالت صحبته وملازمته كحق من حضرت له مجلسا أو مجالس معدودة، وليس حق من عظم انتفاعك به كحق من قل انتفاعك به.
وأما إحسان الظن وحسن الاعتذار فهو محتاج إليه على كل حال، وإن كانت هذه الجفوة في علاقة قرين بقرين، أو إمام بإمام، فهي مما يعتذر عنه.
ولكنها بين تلميذٍ وشيخه أشد؛ لما للشيخ من حق وفضل على تلميذه لا يثبت مثله للقرين،
وإن كان للقرين كذلك حقوقا، لكن حقوق الشيخ أكثر، والإخلال بحقوقه أشد.
وحقوق من طالت صحبته وملازمته وعظم الانتفاع به أعظم، والإخلال بها أشد.
فهذا فقط هو ما أردت بيان حقيقته.
وباب حسن الظن وحسن الاعتذار واسع أمام كل موفق. والله أعلم.
 
أعلى