العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

هل حقا الظاهرية لا يأبهون بفهم السلف ؟؟

إنضم
28 يونيو 2008
المشاركات
36
التخصص
علم الحديث
المدينة
البيضاء
المذهب الفقهي
ليس لي مذهب
بسم الله الرحمن الرحيم

_فمن التهم التي حيكت لأئمة أهل الظاهر الأجلاء ،و بالخصوص درتهم و ريحانتهم الإمام الأشم ابن حزم طرحه لأقوال الصحابة و التابعين و تابعيهم رضوان الله عليهم أجمعين ، و هذا الكتاب الجليل النفيس - أي كتاب أصحاب الفتيا من الصحابة- يدحض هذه العضيهة و الأفيكة و البهتية الأثيمة التي لاكتها ألسنة أهل الرأي و التقليد حسدا و حقدا ،و أكتفي في هذا المقام بنقل كلام لبعضهم و هو الحافظ ابن رجب الحنبلي – رحمه الله -(ت:795هـ)، قال بعد أن حض على الأخذ بعلم و فهم السلف :"..،و في زماننا يتعين كتابة كلام أئمة السلف المقتدى بهم إلى زمن الشافعي و أحمد و إسحاق و أبي عبيد .وليكن الإنسان على حذر مما حدث بعدهم فإنه حدث بعدهم حوادث كثيرة ، وحدث من انتسب إلى متابعة السنة و الحديث من الظاهرية و نحوهم ، وهو أشد مخالفة لها لشذوذه عن الأئمة و انفراده عنهم بفهم يفهمه أو يأخذ ما لم يأخذ به الأئمة من قبله." [1]


و هذه فرية بلا مرية ، و في هذا السياق أسرد لكم عجيبة من العجائب وهي : أن هذه العضيهة لها منبع واحد ، وهو التقليد و التعصب ، و الدليل على ذلك ، أن ابن رجب قد وافق مالكية الأندلس من غير اتفاق في هذه الأفيكة المحبوكة، فقد رمى مالكيةُ الأندلسِ إمامَ الأندلس بنبذ فهوم أئمة الأمة ، و الشذوذِ عنهم ، و قد رد عليهم الإمام الأشم–رحمة الله عليه- ، و فيه رد على ادعاء ابن رجب ، فقال :" ..، و لا نملأ كتبنا إلا بالأمر باتباع القرآن و سنن النبي صلى الله عليه و سلم و إجماع الأمة ، و مطالعة أقوال الصحابة و التابعين ، و من بعدهم من العلماء ، و عرضها على كلام الله عز وجل ، و كلام نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، فلأيها شهدا قلناه." [2]


فها هو الإمام الأشم يأمر بمطالعة أقوال الصحابة و التابعين و من بعدهم ، و لكن الفرق الذي بيننا و بين المقلدة ، أننا نعرض هذه الأقوال على الكتاب و السنة ، و نأخذ بما شهدا له و نطَّرح ما لم يشهدا له.


وقال –رحمه الله-:" ..،و أما نحن فلا نفني ليلنا و نهارنا ، و لا نقطع أعمارنا و لله الحمد كثيرا، إلا بتقييد أحكام القرآن ، و ضبط آثار رسول الله – صلى الله عليه و سلم- ، و معرفة أقوال الصحابة – رضي الله عنهم - ، و التابعين و الفقهاء من بعدهم –رحمة الله على جميعهم- لا تَقْدرُ على إنكار ذلك ، و إن رغم انفك ، و نَضِجت كبدك غيظا.
و طريقتنا هذه هي طريقة علماء الأمة دون خلاف من أحد منهم." [3]


و كأني به يقصد بكاف الخطاب كل فرد نسج على منوال ذلك المقلد المالكي كابن رجب و من سبقه مثل شيخ الإسلام ابن تيمية الذي قال بعد كلام عن الإمام الأشم و الظاهرية ، و ذكر أمورا تعاب عليهم :"..، مثل الإعراض عن متابعة أئمة من الصحابة ومن بعدهم ،..."[4)


و في هذا الكلام إجمال يقع به إشكال ، ولا يجمل بمثل شيخ الإسلام أن يطلقه دون تفصيل ، و هو يحمل على أوجه :


أولها: أن مقصوده بمتابعة الصحابة و من بعدهم هو : تقليدهم من غير دليل ، و هذا يكفي في بطلانه حكايته.

ثانيها: ان مقصوده بمتابعة الصحابة و من بعدهم هو : متابعتهم فيما وافقوا فيه الكتاب و السنة ، فهذا كذب و افتراء على ابن حزم و الظاهرية، و كتبهم شاهدة عليه بالبطلان ، و قد أوردنا من كلام الإمام الأشم ما يدحضه، و سيأتي المزيد.

آخرها: أن مقصدوه بمتابعة الصحابة و من بعدهم هو : إجماعهم و هذا محمل بعيد ، إذ أهل التقليد هم أول مخالف لإجماع الصحابة ومن بعدهم باعتقادهم صحة التقليد، و أضف إلى ذلك أن أهل الظاهر يأخذون بإجماع الصحابة –رضي الله عنهم-.
و لا زال الأئمة الذين جاؤوا بعد الصحابة –رضي الله عنهم- و منهم الأئمة الأربعة يخالفونهم ، و لم يسِمْهم أحدٌ بأنهم معرضون عن صحابة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أو قريبا من هذه الاتهامات الساقطة، بل خالفوهم عن علم و اجتهاد ، و ليس احتقارا لهم و تنقيصا من قدرهم ، حاشا وكلا ...، و لئن كانت مخالفة الصحابة –رضي الله عنهم – إعراضا عنهم و تنكبا عن طريقهم ، لكان الأئمة الأربعة أولى بذلك من الإمام الأشم فمخالتفهم لهم أمر تواتر و اشتهر[5] ، و من اطلع على المحلى ألفى الشيء الكثير .


مع ما سبق فسأترك الإمام الأشم يرد على كل من اتهمه بهذه التهمة كابن تيمية و يفند دعواه الواهية ،فقد قال-رحمات ربي عليه- : " ..،و أما قولهم: إننا انفردنا به و خالفنا من مضى ، فكذبٌ بحتٌ لم يستحيوا فيه من عاجل الفضيحة . وما انفردنا قط بقو لٍ و لله الحمد. بل نحن أشد موافقة للصحابة و التابعين – رضي الله عنهم – منهم.
فقد ألفنا كتابا ضخما فيما خالفوا فيه الطائفة من الصحابة –رضي الله عنهم- بآرائهم ، دون تعلق بأحد من الصحابة و التابعين رضي الله عنهم .
و هم لا يجدون لنا هذا ، إلا أن يجدوه في الندرة . و مما تعلقوا فيه من السنن الثابتة عن النبي –صلى الله عليه و سلم- ، فشتان بين الأمرين".[6]


فها هو الإمام الأشم يقر بأنه أكثر موافقة للصحابة و التابعين من غيره ، وأنه لم ينفرد بقول قط ، وهو قول تقطع نفس المنصف بصحته إذا طالع كتب الإمام و عيانها .

وسبحان الله فافتراءات و اتهامات المقلدة قد اتحدت و توحدت ضد أئمة النص، و أبى الله تعالى إلا أن يفضحهم ، فلله الحمد من قبل و من بعد.
__________________________________________________ _______________

(1)" فضل علم السلف على الخلف،ص: 105"تـ: مروان العطية ،ط: دار الهجرة ،سنة: 1409هـ.


[2]" رسالة في الرد على هاتف من بعد ، ص: 125" ، ضمن (رسائل ابن حزم ،ج3) تــ: إحسان عباس ،سنة :1987م.

[3]" رسالة في الرد على هاتف من بعد ، ص: 121".

قلت: و له في هذا الباب كلام نفيس في مواطن عدة من كتبه ، ومنها ما قاله في كتابه (الفصل،2/379)، :" و إنما أتي المخالفون منهم أنهم عقدوا على أقوال ثم راموا رد كلام الله تعالى ، وكلام رسول الله – صلى الله عليه و سلم – إليها ، و هذا هو الباطل الذي لا يحل ، و نحن و لله الحمد إنما أتينا إلى ما قاله الله عز وجل ، و ما صح عن رسول – صلى الله عليه و سلم- فقلنا به ، ولم نُحكم في ذلك بطرا و لا هوى، و لا رددنا هما إلى قول أحد ، بل رددنا جميع الأقوال إلى نصوص القرآن و السنن.

و الحمد الله رب العالمين كثيرا ، و هذا هو الحق الذي لا يحل تعديه."


[4]" فتاوى ابن تيمية ،6/615." ط: دار المعرفة ،تـ:حسنين محمد مخلوف.

قلت: ومثله قوله في (فتاويه ،4/396) :" وأبو محمد مع كثرة علمه وتبحره وما يأتى به من الفوائد العظيمة له من الاقوال المنكرة الشاذة ما يعجب منه كما يعجب مما يأتى من الاقوال الحسنة الفائقة."

و الله عجيب ..، هل كل من اجتهد و اخطأ ، يعد قوله منكرا شاذا ..؟؟ بل الصحيح أنه يؤجر على اجتهاده، و يعذر في خطإه و يبين.

و لتلميذه العلامة ابن القيم كلام مجحف في حق الإمام الأشم و الظاهرية ، مع أنه انصفهم في بعض المواطن ، و لنا معه وقفات في رسالة مفردة إن شاء الله.

[5] قلت : وهذا أمر لا ينكره إلا مكابر أو معاند ، و أذكر هنا بعضا لمخالفات الإمام مالك –رحمه الله- للصحابة ، كما هو في موطئه ، فقد روى عن سعد بن أبي قاص أنه كان يوتر بواحدة ، فقال : و ليس هذا العمل عندنا ، لكن أدنى الوتر ثلاث.(ص:112).

كما انه روى أن عمر كان يقرد بعيرا في الطين بالسقيا . وقال : أنا أكرهه.(ص: 298).

فها هو يصرح بكراهة شيء يصنعه الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، و هو خير من ملء الأرض من مثل مالك رحمه الله ، و الكراهة عند المتقدمين بمعنى التحريم.

و ينظر أيضا خلافه لابن عمر –رضي الله عنهما- (ص:330)، و خلافه لعمر رضي الله عنه (ص: 360)، و خلافه لابن عباس –رضي الله عنهما- (380)، و غيرها مما سنفرد له موضوعا – إن شاء الله تعالى -، و هذا في الموطأ فقط دون باقي الكتب التي حكت أقواله ، (الموطأ) ط: دار الآفاق الجديدة ، تـ: فاروق سعد.

[6]"رسائل ابن حزم ،ج3،ص: 88".
 
إنضم
30 مارس 2014
المشاركات
2
الكنية
ابو محمد
التخصص
الدعوة واصول الدين
المدينة
كؤيته
المذهب الفقهي
الوحي
رد: هل حقا الظاهرية لا يأبهون بفهم السلف ؟؟

جزاك الله خيرا
نعم اهل الظاهر يحترمون الصحابة والتابعين وتابعيهم وعلماء الأمة وندعو لهم بالمغفرة والرضوان من الله
ولكن ليس معنا ذلك ان نجعلهم مشرعين في دين الله قال الله : فإن تنازعتم في شيئ فردوه إلى الله والرسول
وليس هناك شيئ ثالث لرد اليه
 

طارق علي حبيب

:: متابع ::
إنضم
11 أبريل 2018
المشاركات
91
الجنس
ذكر
الكنية
المشهداني
التخصص
لايوجد
الدولة
العراق
المدينة
بغداد/ الغزاليه
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: هل حقا الظاهرية لا يأبهون بفهم السلف ؟؟

نقول: التعصب والتقليد الاعمى شئ مذموم ونقول لعلمائنا السابقين الذين لهم الفضل بعد الله عزوجل ماقدموه من العلوم في العقائد والحديث والفقه الشئ الكثير أن لا نتطاول عليهم مانحن ألا حجره صغيره أمام الجبال الراسيات فنقول رحمهم الله جميعاً
 
أعلى