ينظر في القياس إلى العلة لا الحكمة؛ لأن العلة وصف ظاهر منضبط بخلاف الحكمة فقد تكون خفية أو غير منضبطة، فالمشقة مثلًا - وهي حكمة القصر والإفطار في السفر - أمر نسبي يختلف بحسب وسائل السفر، وطوله وقصره، وزمانه، فلا يمكن ضبطه، فالسفر نفسه هو مظنة وجود هذه المشقة وهو وصف ظاهر منضبط، فالعلة هي: السفر.
و يجب أن تكون العلة ظاهرة يمكن فهمها وإدراكها، فلا يصح أن تكون العلة خفية لا تدرك بالحواس، فإذا كانت وصفاً خفياً لكونها تتعلق بأعمال القلب والعقل- أقام الشارع مقام هذا الوصف الخفي أمرا ظاهراً يدل عليه وهو مظنته، فالعمد العدوان في القتل مثلاً هو علة القصاص ولكن العمدية وصف خفي لا يمكن الإطلاع عليه ولكن استعمال القاتل الآلة التي لا تستعمل عادة إلا في جناية العمد والسوابق والدوافع كل ذلك تجعل العمد الذي هو العلة واضحاً.
واختصارًا فإن الحكمة والعلة وإن تقاربتا فإن هناك فارقًا بينهما وهو أن العلة باعثة سببية للعمل، والحكمة غائية ترمي إلى الغاية من العمل، والمهم في تعليل الأحكام هو الباعث السببي.