العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

العلاقة بين "الإسلام" و"الوطن" و"القتال" .. نظرة فلسفية إسلامية !

إنضم
17 نوفمبر 2009
المشاركات
439
التخصص
باحث إسلامي
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
مستقل

نبدأ باسم الله .. فنقول - باختصار شديد- :

الإسلام دين ودولة، وأمة ووطن، واجتماع ونظام .. فالدين في الإسلام لابد لإقامته من وطن يقام فيه؛ لأن الإسلام ليس مجرد تكاليف فردية، يستطيع المكلف بها أن يقيمها بمعزل عن الناس، أو بإدارة الظهر للناس، وإنما فيه - إلى جانب التكاليف الفردية- تكاليف اجتماعية لا تؤدى إلا في أمة، وجماعة، ونظام، ومؤسسات، وسلطة، واجتماع؛ أي لا بد له من وطن ودولة .. وهذه التكاليف الاجتماعية - الكفائية- هي آكد وأهم من التكاليف الفردية، لأن الإثم في التخلف عن التكليف الفردي يقع على الفرد فقط، بينما إثم التخلف عن التكليف الجماعي والاجتماعي - الكفائي- يقع على الأمة جمعاء .. ثم إن أغلب التكاليف الفردية في الإسلام تُؤدّى وتقام في جماعة، وثوابها في الجماعة أضعاف أضعاف إقامتها خارج الجماعة.

ولهذه الحقيقة - أيضاً- رفع الإسلام قيمة الحفاظ على حرية الوطن واستقلاله وسيادته، وحق المواطن - بل واجبه- في أن يعيش حراً في وطن حر... رفع هذه القيمة إلى مقام الحياة؛ فأوجب القتال وإزهاق الروح في سبيل الدفاع عنه ..﴿وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ﴾ (البقرة:190-192) .. ﴿لاَ يَنْهَاكُمُ الله عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ الله يُحِبُّ المُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ الله عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾(الممتحنة: 7 – 9) .. وغير ذلك من الآيات كثير .. بل هو يحتاج إلى مقال مطول برأسه لرصد تلك الآيات وتحليلها .. يسر الله ذلك .

ولأن هذا هو مقام الوطن وضرورته لإقامة دين الإسلام، كان الجهاد القتالي وارداً، وأحياناً واجباً، للحفاظ على الوعاء -الوطن- الذي بدونه لا يُقام كامل الإسلام ..

فلا بد لإقامة الإسلام من وطن، الأمر الذي يجعل القتال لحماية حرية هذا الوطن - التي هي حرية مواطنيه- وارداً، بل وواجباً، في شريعة الإسلام .. فالحفاظ على الدين هو ذروة سنام مقاصد الشريعة الإسلامية .. والحفاظ على حرية الوطن الإسلامي هو الشرط لإقامة الدين والقيام بأمانة العمران التي هي المهمة العظمى من وراء استخلاف الله لجنس الإنسان

والله تعالى أعلى وأعلم


[ ملحوظة : ما دفعني لكتابة هذا المقال القصير؛ مدارسة قديمة - حول ذات الموضوع- دارت بيني وبين أستاذي الجليلين د/ محمد عمارة والمستشار الجليل/ طارق البشري؛ حفظهما الله وبارك فيهما ]

 
إنضم
17 نوفمبر 2009
المشاركات
439
التخصص
باحث إسلامي
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
مستقل
ولأستاذيَّ الكريمين - فوق ذلك- مقالات نفيسة مطولة حول ذات الموضوع
 
إنضم
29 يوليو 2008
المشاركات
77
التخصص
الفقه المقارن
المدينة
المنوفية
المذهب الفقهي
شافعي
بسم الله والحمد لله وصلاة وسلامًا على رسول الله، وبعد:

فكلام أخي الكريم يحيى رضا جاد عن تلك العلاقة وأن الإسلام يحرس الأوطان ويحميها ويوجب عدم تركها لغير المسلمين ولو بإزهاق الأنفس أعتقد أنه يلزم تقييده بحال، وهي أن يكون الوطن تعلو فيه راية الإسلام، وحكم الله هو المتبع فيه، أما لو كان غير ذلك فالكلام مختلف؛ فالمسلم مأمور بالهجرة من دار الكفر إلى دار الإيمان، ويحرم عليه الإقامة بها إذا شكلت تلك الإقامة خطرًا على عقيدته أو انتقاصًا من دينه، ولعل هجرة النبي-صلى الله عليه وسلم - وأمره المسلمين بالهجرة من مكة إلى المدينة دليل واضح على ذلك ، فرتبة الوطن مؤخرة عن رتبة الإسلام، ولهذا قال النبي-صلى الله عليه وسلم - يوم أن خرج مهاجرًا وقد بكى وهو ينظر على تخوم وطنه الحبيب إليه: (والله إنك لأحب البلاد إليّ، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت) ومعنى : أخرجوني أي : حملوني على الخروج بتضييقهم واضطهادهم له وللمسلمين في الدين والعقيدة.

وأعتقد أن أخي الكريم يدري ذلك جيدًا ولكن أردت زيادة توضيح . والله الموفق
 
إنضم
17 نوفمبر 2009
المشاركات
439
التخصص
باحث إسلامي
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
مستقل
شكراً للأستاذ/ إسماعيل أحمد سعد .. وتعقيبي بين معقوفين [ .. ] :

فالمسلم مأمور بالهجرة من دار الكفر إلى دار الإيمان،

[ هذا غير صحيح بهذا الإطلاق .. وقد استدركتم على كلامكم فيما بعدُ : فاستقام ]

قال النبي-صلى الله عليه وسلم - يوم أن خرج مهاجرًا وقد بكى وهو ينظر على تخوم وطنه الحبيب إليه: (والله إنك لأحب البلاد إليّ، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت) ومعنى : أخرجوني أي : حملوني على الخروج بتضييقهم واضطهادهم له وللمسلمين في الدين والعقيدة.

[ هذا هو - لا غيره- مناط تحريم الإقامة في دار الكفر .. أحسنتم تماماً ]
 
أعلى