العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

قواعدأصولية أهملتها المدونات

إنضم
5 أغسطس 2010
المشاركات
837
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
أصول الفقه
المدينة
عين تموشنت
المذهب الفقهي
مالكي
أصول مهمة أهملتها الأئمة:

نموذج لتخريج الأصول و القواعد من الفروع لطلبة الماجستير
الضبط و كراهية الحد في الأشياء:
قد يكون من لوازم التغيير الضبط و التحديد، حيث قصد التشريع أن يستبد بالانضباط خلافا لما كان عليه أهل الجاهلية من نوط أمورهم بخواطر تعرض عند وقوع الحوادث، فقد كان الزواج عندهم بغير عد، و الرجعة دون ما تقييد...
و خلطوا بين الحقائق و الماهيات، فاعتقدوا مساواة البيع للربا،
و النكاح للسفاح فجاء التشريع مغايرا بأن:
- ميز بين الماهيات: فقال الله تعالى: [FONT=QCF_BSML]ﭽ[/FONT][FONT=QCF_P047]ﭟ[/FONT][FONT=QCF_P047]ﭠ[/FONT][FONT=QCF_P047]ﭡ[/FONT][FONT=QCF_P047]ﭢ[/FONT][FONT=QCF_P047]ﭣ[/FONT][FONT=QCF_P047]ﭤ[/FONT][FONT=QCF_P047]ﭥ[/FONT][FONT=QCF_P047]ﭦ[/FONT][FONT=QCF_P047]ﭧ[/FONT][FONT=QCF_P047]ﭨ[/FONT][FONT=QCF_P047]ﭩ[/FONT][FONT=QCF_P047]ﭪ[/FONT][FONT=QCF_P047]ﭫ[/FONT][FONT=QCF_P047]ﭬ[/FONT][FONT=QCF_BSML]ﭼ[/FONT]البقرة: ٢٧٥.
- و قدر المواقيت و الزكوات.
- و علق الحكم بتحقق مسمى الاسم، كنوط الحد في الخمربشرب القليل و لوجرعة.. .
- قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " كل مسكر خمر
و كل خمر حرام"[1]. و لو أنيط الحد بالاسكار لما انضبط الوصف لاختلاف الأشخاص.
- و في مواطن أخرى ارتبطت الأحكام بعدم التحديد خروجا عن أصل الضبط .و هذا التردد دلت عليه الفروع دون الأصول.
- وعليه:
فمن القواعد التي أهملها علماء الأصول واعتنى بها الفقهاء، قاعدة كراهية التحديد،وهي مما يتشوف إليه الشرع في تشريع الأحكام مع إعمال أصل الضبط والتحديد موازنة وتحقيقا لخاصة المرونة،واستغراق المكلفين أحكاما وحكما. وقد سلكت في تحصيل ذيول هذه القاعدة وأصولها طريق الاستقراء للفروع الفقهية التراثية.
ومثال ذلك:
1-قولهم: الصبي المميز هو الذي يفهم الخطاب ويرد الجواب، ولا ينضبط ذلك بسن،بل يختلف باختلاف الأفهام.
2-رأي مالك أنه لا حد في عدد الأثواب التي يكفن فيها الميت.
3-وقولهم: اختلف الفقهاء أين يقوم الإمام من الجنازة؟وليس عند مالك والشافعي في ذلك حد.
4-وقول مالك:ليس في حد الغنى حد،إنما هو راجع إلى الاجتهاد.
5-وقول مالك:اختلف الفقهاء فيما يعطى المسكين الواحد من الصدقة، فلم يحد مالك في ذلك حدا وصرفه إلى الاجتهاد.
6-وقولهم: مذهب مالك في مقدار المحرم من اللبن عدم التحديد.
7-وقولهم: لا تقدير للماء الذي يتطهر به في الغسل والوضوء، ومذهب مالك الاقتصار على ما يكفي من الماء من غير تحديد.
8-وقولهم:كان مالك لا يوقت في قليل الحيض وكثيره حدّا.
9-وقولهم: لا حد في تعيين وقت قيام المؤتمين إلى الصلاة،لأن الناس تختلف أحوالهم،فمنهم الخفيف والثقيل.
10-وقول مالك:ليس للمتعة عندنا حد معروف في قليلها ولا كثيرها.
11-وفي المدة التي يجب فيها إحياء الموات ليتملك، قال أبو عمرو ابن عبد البر: ليس عند مالك والشافعي وأصحابهما في ذلك حد،إنما هو اجتهاد الإمام يؤجله على حسب ما يراه.....،وغير ذلك من الفروع الفقهية من قسم العبادات والمعاملات...
والحديث عن هذه القاعدة يقتضي تأصيلا من خلال استعراض التفريع مع بيان للأهداف والمقاصد، وعلاقة القاعدة مع قاعدة الضبط والتحديد.ولا يملك المرء إلا الجمع بينهما باعتبارات،وذلك على النحو الآتي:



*المسألة الأولى: القصد إلى قاعدة كراهية التحديد:
دل مسلك الاستقراء على أن الشارع يتشوف إلى عدم التحديد،جلبا للصلاح ودفعا للفساد الواقع أو المتوقع،فأحال في مواطن على أعراف الناس مع رعي الاختلاف في الأفهام، والأحوال، والأماكن، والأزمان...،وأرسل في مظان أخرى؛فتحا لباب الاجتهاد والتدبر خاصة في المقامات التي اعتبر فيها حظوظ المكلفين؛ تحقيقا لمقاصد دفع التضييق عنهم،وإعمالا لمبدأ درايتهم بمصالحهم وشؤونهم، بل إن مقاصد الضبط لا تنسجم إلا حال الإحالة على العوائد. ولتحقيق الموافقة بين قصد المكلف وقصد الشرع،توسع الفقه في طرد هذه القاعدة،كما تجلى ذلك في الفروع السابقة الحاوية لطائفة من المقررات والتأصيلات.
ومن الكليات الجامعة:
1-كل أمر فرق بين قليله وكثيره،واحتيج فيه إلى فاصل بينهما لم يرد الشرع به، فالمرجع فيه إلى العرف.
2-كل ما عسر فيه التوقيت والوقوف فيه على تجربة، فمآله إلى عدم التحديد؛كالحال في اختلافهم في أيام الحيض والطهر.
3-كل ما روعي فيه قدر طاقة المكلفين،فالمرجع فيه إلى عدم التحديد.
4-كل ما يتعلق بالسياسة الشرعية، فالمرجع فيه إلى كراهية التحديد في الغالب.

المسألة الثانية: علاقة القاعدة بخاصية الضبط والتحديد:
من الأوصاف التي تعكس مقاصد الشريعة قاعدة الضبط والتحديد؛ تقريرا لمبدأ ضبط القوانين الشرعية. وقد تجلت هذه القاعدة ضرورة في جوانب كثيرة من التشريع، فقد أعرض الشرع-في مواطن الأحكام-عن اَلمئنّات –الحكم-،وتعلق بكل مظنة ظاهرة منظبطة؛ تحصيلا لقصد طمأنينة الامتثال، وعدم الارتياب حال الإقدام على ملامسة مقام العبودية...،ولولا ذاك الإعراض لتعددت سبل العبادة، ولتشوش الخلق حال الإقبال على الخالق. ولا يقتصر هذا القيل على قسم العبادات فقط، بل أخذت المعاملات نصيبا مفروضا منه، وإن كان التعلق فيه بمصالح العباد...، فضبطت الأصول والكليات في هذا القسم على النحو الآتي:
- الأصل الأول: حديث الربا.
-الأصل الثاني:حديث:"من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم".[2]
-الأصل الثالث:"نهى النبي –صلى الله عليه وسلم –عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها".[3]
-الأصل الرابع:حديث:"من ابتاع طعاما فلا يبيعه حتى يستوفيه".[4]
هذه الأصول اتفق عليها المتكلمون والفقهاء،وزاد عليها مالك أصلين:
-الأصل الخامس:مراعاة الشبهة:وهي المسماة بالذرائع، وهو الشبهة، أي كل فعل أشبه الحرام فلم يكن منه، ولا يبعد عنه.
-الأصل السادس:المصلحة؛ وهي كل معنى قام به قانون الشريعة،وحصلت به المنفعة العامة في الخليقة.
ومن القواعد الضابطة لهذا القسم:
° القاعدة الأولى: الجهل بالتماثل في فساد البيع كالعلم بالتفاضل.
° القاعدة الثانية:تحريم الغش.
°القاعدة الثالثة:الأخد بالعرف.
°القاعدة الرابعة:اعتبار الحاجة في تجويز الممنوع كاعتبار الضرورة في تحليل المحرم.
°القاعدة الخامسة:النهي في البيع عن سبع وثلاثين نوعا.
°القاعدة السادسة:النهي عن أكل أموال الناس بالباطل.
بل إن الشارع أحاط الجزئيات بكليات خمس، يحدها حفظ الدين، والعقل، والنفس والنسل، والمال، من حيث الوجود والعدم. وضبط المقادير والمكاييل، وفصل الماهية عن المواهي، والنوع عن أنواعه، وحد الحدود والفروض والواجبات، وأحاط المكلفين بأحكام استغرقت الجميع من حيث التوسل بالعموم والخصوص،والإطلاق والتقييد،والعزائم والرخص...
قال ابن عاشور: وقد استقريت من طرق الانضباط والتحديد في الشريعة ست وسائل:
الوسيلة الأولى: الانضباط بتمييز المواهي والمعاني تمييزا لا يقبل الاشتباه، حيث يكون لكل ماهية خواصها وآثارها المترتبة عليها.
الوسيلة الثانية: مجرد تحقق مسمى الاسم؛كنوط الحد في الخمر بشرب جرعة من الخمر، لأنه لو نيط الحكم بحصول الإسكار، لاختلف دبيب السكر في العقول، فلم يكد ينضبط، ولو نيط بنهاية السكر، وهو حد الإطباق، لحصلت مفاسد جمة قبل حصول النهاية.
الوسيلة الثالثة: التقدير؛كنصب الزكوات في الحبوب والنقدين،وعدد الزوجات،ونهاية الطلاق.
الوسيلة الرابعة:التوقيت؛مثل: مرور الحول في الزكاة...
الوسيلة الخامسة: الصفات المعينة للمواهي المعقود عليها؛كتعيين العمل في الاجارة،وكالمهر في ماهية النكاح؛ليتميز عن السفاح.
الوسيلة السادسة: الإحاطة والتحديد، كما في إحياء الموات فيما بعد عن القرى، بحيث لا يصل إلى الأرض دخان القرية، وكمنع الاحتطاب من الحرم عدا الإذخر.[5]
ومن مقاصد هذه القاعدة:
1-دفع الاشتباه عن النظر:فلا يخلط بين الجائز والممنوع وإن تقاربت حقائقهما، ولا يجمع بين مختلفين وإن كانا متماثلين في اعتقاده،ولا يفرق بين متساويين وإن كانا متناقضين في تصوره؛ فالعبرة في الشرع في التماثل والافتراق، لهذا قال الله تعالى:[FONT=QCF_BSML] ﭽ[/FONT][FONT=QCF_P047]ﭞ[/FONT][FONT=QCF_P047]ﭟ[/FONT][FONT=QCF_P047]ﭠ[/FONT][FONT=QCF_P047]ﭡ[/FONT][FONT=QCF_P047]ﭢ[/FONT][FONT=QCF_P047]ﭣ[/FONT][FONT=QCF_P047]ﭤ[/FONT][FONT=QCF_P047]ﭥ[/FONT][FONT=QCF_P047]ﭦ[/FONT][FONT=QCF_P047]ﭧ[/FONT][FONT=QCF_P047]ﭨ[/FONT][FONT=QCF_P047]ﭩ[/FONT][FONT=QCF_P047]ﭪ[/FONT][FONT=QCF_P047]ﭫ[/FONT][FONT=QCF_P047]ﭬ[/FONT][FONT=QCF_BSML]ﭼ[/FONT]البقرة: ٢٧٥

فقد اشتبه البيع مع الربا من حيث كونهما معاملة مالية قصد منها الربح،فجاء البيان الإلهي مفرقا بينهما،فقال تعالى: [FONT=QCF_BSML]ﭽ [/FONT][FONT=QCF_P047]ﭦ[/FONT][FONT=QCF_P047]ﭧ[/FONT][FONT=QCF_P047]ﭨ[/FONT][FONT=QCF_P047]ﭩ[/FONT][FONT=QCF_P047]ﭪ[/FONT][FONT=QCF_P047]ﭫ[/FONT][FONT=QCF_P047]ﭬ[/FONT][FONT=QCF_BSML]ﭼ[/FONT]البقرة: ٢٧٥.
2- تحصيل الطمأنينة في الامتثال وعدم الارتياب:و بيان ذلك أنّ الباري عز وجل لم يقصد إلى ترك العباد تهمي همي الدواب،بل وقت المظنات،ونصبها علامات على الأحكام؛ضبطا للقوانين الشرعية كما يقول الشاطبي،وتحصيلا لمقصد اليقين في التعبد،ودفعا لأوهام الجاهلية وتخيلاتهم.
3-إعانة المتوسمين على تحصيل الحق عند خفاء المعاني:قال ابن عاشور:"وهي:-أي القاعدة-صالحة لأن تكون عونا للعلماء؛ تهديهم عند خفاء المعاني والأوصاف أو وقوع التردد فيها".[6]
وعليه: فإن الاعتماد في هذه القاعدة على تحقيق المصالح الشرعية ودرء المفاسد عن الخلق في العاجل والآجل معا.
ولكن يجب أن نجزم بأن القواعد في التشريع أغلبية وليست كلية؛تحقيقا لعموم التشريع وصلاحه لكل زمان ومكان.
على معنى:أن قاعدة الضبط والتحديد منتجة حيث تحقيق النفع ومقاصد الشرع، وغير منتجة إذا اعتراها الفساد، وفي الحال الثاني يستنجد بقاعدة كراهية التحديد، لأسباب تذكر.
والحاصل: أن إعمال كراهية الحد لدرء مفسدة التحديد، وإعمال التحديد لدرء مفسدة كراهية الحد.
وسوق الأسباب مبين للمراد على النحو الآتي:

°المسألة الثالثة: أسباب كراهية التحديد ومقاصدها:
وقد استقريت من أسباب درء التحديد في التفريع ما يأتي:
1-عدم ورود السمع:
إنّ عدم التنصيص على عيون أحكام المسائل يورث قصدا إلى التوسل بقاعدة عدم التحديد،لأن الصلاح في عدم التوقيت.
*ومن مسائل هذا السبب،ما جاء في كتاب الاعتكاف:
-أجاز مالك للمعتكف البيع والشراء،وأن يلي عقد النكاح،وخالفه غيره في ذلك.
وسبب اختلافهم:أنه ليس لذلك حد منصوص عليه إلا الاجتهاد.[7]

وكذلك اختلفوا إذا جن المعتكف،أو أغمي عليه هل يبني أو يستقبل؟ والسبب في اختلافهم في هذا الباب أنه ليس في هذه الأشياء شيء محدود من قبل السمع.[8]
*وجاء في متى يستحب أن يقام إلى الصلاة:"لم يحد مالك في ذلك حدا، فإنه وكل ذلك إلى قدر طاقة الناس، وليس في هذا شرع مسموع..."[9]
وعليه: فأنت بصير بسبب عدم التحديد وقصده المرتبط بمصالح الناس وطاقتهم، أو تحقيق الرحمة بينهم حال اختلاف الفقهاء في مقام عدم ورود السمع.
2-الاكتفاء بتحقيق الغايات والمقاصد:
لقد أعرض الشرع عن مواطن التحديد، رغبة في حصول المقاصد والغايات، ومن فروع هذا السبب:
*ما جاء في صفة إزالة النجاسة:لم يشترط مالك وأبو حنيفة العدد لا في الغسل، ولا في المسح، واشترطا الإنقاء فقط.
*وما قاله صاحب البداية:"واختلفوا،هل في الركوع والسجود قول محدود يقوله المصلي أو لا؟فقال:ليس في ذلك قول محدود،وقد أشار حديث ابن عباس-رضي الله عنه-إلى قصد عدم التحديد، حيث قال:"ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعا، أو ساجدا، فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء..."[10]
*وما جاء في غسل الميت. قال مالك:"وليس لغسل الميت عندنا شيء موصوف، وليس لذلك صفة معلومة، ولكن يغسل فيطهر"[11]،وقال القاضي عبد الوهاب:"والغرض به التنظيف، وإزالة الأذى عنه على الميسور".[12]
*وما ورد في عدد المرات في الغسل:قال في البداية:"لم يحد فيه مالك حدا".[13]
*وما جاء في الكفن:حيث رأى مالك أنه لا حد في ذلك، وأنه يجزئ ثوب واحد، قال القاضي: "وليس في الكفن حد، لأن الغرض به ستر الميت وصيانته".[14]
*وما قاله القاضي:" وليس لمن ينزل القبر لتولي الدفن عدد معلوم، وإنما هو على حسب الحاجة، فقد يكون الميت عظيم الجثة ثقيلها، فيحتاج إلى جماعة يتناولونه من النعش إلى اللحد، وقد يكون خفيفا يكفيه الواحد، وفي الجملة، فلا ينبغي أن يزاد على قدر الحاجة،كما لا ينبغي أن ينقص عنها".[15]
*وما قاله مالك وأبو حنيفة:" من أنه يجوز للإمام صرف الزكاة في صنف واحد أو أكثر من صنف واحد، إذا رأى ذلك بحسب الحاجة، إذ المقصود سد الخلة".[16]
*وما قاله مالك في فدية الأذى:"ليس على من نتف الشعر اليسير شيء إلا أن يكون أماط به أذى فعليه الفدية، لأن مفهوم الحظر منع النظافة والتزين والاستراحة، ولهذا فرق بين القليل والكثير دون تحديد،لأن القليل ليس في إزالته الأذى".[17]
*ومن ذلك ماجاء في تجويز النكاح بأي لفظ دون تحديد، إذا فهم المعنى الشرعي من ذلك.
وعليه:فإن الإعراض عن التوقيت كان لما قد يترتب عليه من المفاسد التي يتشوف الشرع إلى دفعها أو رفعها، واعتناء بالمقاصد،وقد ترددت تلك المقاصد بين:
أ-مقاصد تعظيم الخالق.
ب-مقاصد التنظيف وإزالة الأذى.
ت-مقاصد الستر والصيانة.
ث-مقاصد سد الخلات وجلب الحاجات.
3-اختلاف الديار والأزمنة والأحوال:
دل على هذا السبب الفروع التالية:
° "ليس في القدر الذي تحصل معه الكفاية في الوضوء والغسل من الماء حد،وإنما هو موكول إلى حال المستعملين رفقا وخوفا."[18]
°إذا مات ما له نفس سائلة من دواب البر، فإن لم يتغير الماء، فهو في الحكم طاهر إلا أن يكره استعماله، فإذا كان قليلا، أو كانت البئر صغيرة، ويستحب أن يطرح منها ما تطيب به النفس ليس في ذلك حد.[19]وطيب النفس وما تعافه قدر تختلف فيه أحوال المكلفين.
° ولا حد في أقل الحيض عند مالك، بل قد تكون الدفعة الواحدة عنده حيضا، إلا أنه لا يعتد بها في الإقراء في الطلاق؛ والعلة في ذلك اختلاف ذلك في النساء، فلا يعرف بالتجربة حدود هذه الأشياء في أكثرهن.[20]
° ولا حد لأكثر الطهر، لاختلاف العادات وتفاوتها، بل إن مالكا رجع في تحديد أكثر النفاس بستين يوما إلى القول:يسأل الناس عن ذلك.[21]
° ولا حد في قيام الناس حين تقام الصلاة، بل على قدر طاقة الناس، فإن منهم الثقيل والخفيف،ولا يستطيعون أن يكونوا كرجل واحد.[22]
° ولا حد في الغبن الذي يمنع من الصدقة،وذلك راجع إلى الاجتهاد، وإن ذلك يختلف باختلاف الحالات، والحاجات، والأشخاص، والأمكنة، والأزمنة.[23]
° ولا حد لزمان الاعتكاف، وليس لأكثره حد واجب،[24] والإحالة فيه على قدر طاقة الخلق.
° ولا حد لشرط الاستطاعة في وجوب الحج،ويختلف ذلك باختلاف أحوال

الناس وقدرهم.[25]
° ولا حد لأكثر الصداق وأقله، وكل ما جاز أن يكون ثمنا وقيمة لشيء، جاز أن يكون صداقا، والرعي فيه لعوائد الناس.[26]
° ولا حد في مقدار النفقة في الشرع، وأن ذلك راجع إلى ما يقتضيه حال الزوج وحال الزوجة، وأن ذلك يختلف بحسب اختلاف الأمكنة،والأزمنة،والأحوال.[27]
وعليه:فإن من الأسباب التي اقتضت تحصيل مسمى قاعدة كراهية الحد:
أ-الرفق بالمكلفين، ومراعاة خوفهم، وتطييب نفوسهم،و مراعاة وطاقتهم.
ب-عدم الوقوف على التحديد الشرعي والعرفي؛ لتفاوت الناس في الحاجات، وهي تختلف باختلاف الزمان، والمكان، والأشخاص.
ت-الإعراض عن التحديد الشرعي إلى التحديد بالطبع والعرف.

4- عدم الانضباط:
ومن الأسباب المؤهلة لتجويز التذرع بقاعدة منع التحديد، عدم انضباط المقادير.
ويدل على ذلك قول القاضي:"إذا كان النصاب ناقصا نقصانا يسيرا لا يؤثر، ويجري مجرى الوازن في العادة والعرف جازت المسامحة به، ووجبت فيه الزكاة، لأن ذلك إذا كان غير مؤثر في العادة،كان حكمه كحكم ما لم ينقص، ولأن ما هذه سبيله لا اعتبار به في باب تعلق الأحكام، بل يكون عفوا؛ كاختلاف المكاييل ونقصان العشر حبات والعشرين حبة في الأوسق مما لا ينضبط في الكيل"[28]
قلت :ويحكم المسامحة قاعدة المقدرات الشرعية القاضية بإعطاء المعدوم حكم الموجود، والموجود حكم المعدوم؛ دفعا لمفسدة عدم الضبط، وتحقيقا لمقصد رفع الحرج في الضبط.
5-تعلق الأحكام بمقام السياسة الشرعية:
ومن أصول هذا المقام رعي المصلحة ولو كانت مرسلة،وتمكين الإمام من صلاحية التقدير لنفع الناس. ولما كانت منافعهم مختلفة باعتبارهم، وباعتبار بيئتهم، و أزمنتهم، فالأليق لهذا الفن قاعدة عدم التحديد.
قال القاضي:"ويؤخذ من تجار أهل الحرب ما يؤخذ من تجار أهل الذمة لا يزاد عليهم؛ لأنهم كفار أخذ لهم الأمان في تقلبهم بالتجارة في بلد الإسلام كأهل الذمة.
وقيل:إن العشر غير مقدر، وأن التقدير للإمام[وهو بيت القصيد]،ووجهه أنه لا حاجة بنا إلى تصرفهم في بلادنا، وليس لهم ذمة توجب إباحته كذلك، فوجب أن يكون الأمر فيه إلى الإمام على ما يراه من المصلحة".[29]
قلت: والقول الثاني هو الأصلح المؤيد بالقواعد المقصودة لتعلقه بأحكام الإمامة.
وقال ابن رشد:"وأما المسألة السادسة: وهي في ماذا تصرف الجزية؟ فإنهم اتفقوا على أنها مشتركة لمصالح المسلمين من غير تحديد،كالحال في الفيء عند من رأى أنه مصروف إلى اجتهاد الإمام".[30]
وقال في الموطأ:"وسئل مالك عن النفل، هل يكون في أول مغنم؟ قال:ذلك على وجه الاجتهاد من الإمام، وليس عندنا في ذلك أمر معروف إلا اجتهاد السلطان..."[31].
وعليه: فإن عدم التحديد في هذا التخصص، تأييد لاجتهاد الإمام، وتوسيع لسلطته التقديرية، وتحقيق للمصالح والمنافع.
6-عسر التحديد:
وشاهده من الفروع قول القاضي في جوارح الصيد:"وإنما اشترطنا أن تكون معلمة، للظواهر والأخبار، وصفة التعليم أن يطيعه إذا نبهه، ويسترسل إذا أرسله، ويسارع إذا أمره،ويزجر إذا زجره، ويتكرر ذلك منه تكررا يعلم معه في العادة أنه قد فقه التعليم، ولا حد في ذلك سوى ما ذكرناه.
على معنى : أنه يعسر توقيت حد لتعليم الجوارح على الصيد، ولا ينضبط ذلك إلا تقديرا.
7-اضطراب الروايات:
قد يلجيء اضطراب الرواية إلى القول بكراهية الحد في الشيء المؤيد بظاهر القرآن الكريم، أو أدلة أخرى. وهذا الأصل تم تحصيله من قول ابن رشد في مسألة مقدار اللبن المحرم:"فإن قوما قالوا فيه بعدم التحديد، وهو مذهب مالك وأصحابه، وقالت طائفة بتحديد القدر المحرم".
واختلفوا في المقدار. ومن سبب الخلاف في هذه المسألة تعارض الأحاديث:
أحدهما:حديث عائشة:-رضي الله عنها-وما في معناه، أنه قال صلى الله عليه وسلم:"لا تحرم المصة والمصتان و لا الرضعة والرضعتان".
ثانيهما:حديث سهلة في سالم،أنه قال لها النبي-صلى الله عليه وسلم-"أرضعيه خمس رضعات".
ثالثها: حديث عائشة-رضي الله عنها-:"كان فيما نزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله-صلى الله عليه وسلم-وهن فيما يقرأ من القرآن"[32].
قلت: فهذا الاضطراب هو الذي أحوج الى ضرورة الوقوف مع كتاب الله:
[FONT=QCF_BSML]ﭽ[/FONT][FONT=QCF_P081]ﮎ[/FONT][FONT=QCF_P081]ﮏ[/FONT][FONT=QCF_P081]ﮐ[/FONT][FONT=QCF_BSML]ﭼ[/FONT]النساء: ٢٣، حيث الحكم على مقتضى ما ينطلق عليه اسم الإرضاع.
وعليه:فإن قاعدة عدم التحديد ألصق بهذا الظاهر،وأوفق من حيث التعلق، ولعل هذا القدر الذي اعتكف عليه مالك في حديث ولوغ الكلب، فكان الجامع فيه عدم التحديد، أو حمل نقيضه على التعبد الذي لم تدرك علته.
8-تعارض المصلحة والمفسدة:
إذا تعارضت المصلحة والمفسدة دون ترجيح، فإن مآل الدفع أو البقاء قد يتوسل إليه بقاعدة عدم التحديد.
بيان ذلك في حكم الإعسار بالصداق: "فكان الشافعي يقول: مخير إذا لم يدخل بها، وبه قال مالك ، واختلف أصحابه في قدر التلوم له، فقيل:ليس له في ذلك حد، وقيل :سنة، وقيل سنتان".[33]
وسبب الخلاف: تعارض مقاصد جمع الشمل، والضرر الذي يلحق بالزوجة من التأخير وعدم الوطء، والجامع الموفق عدم التحديد، وإحالة ذلك إلى عرف الناس؛ لئلا يفوت المقصد ويتقرر الضرر.
وجماع ما قيل أنّ الاحتكام إلى قاعدة عدم التحديد له ما يبرره من تلكم الأسباب التي سيقت، ومما ينبغي الوقوف عنده طويلا، وليس ذلك محلا للغرض المقصود.
وأنّ هذه القاعدة لا تصادم قاعدة الضبط في مواطن العدول عنها، لأن العدول مقيد بوجود المقتضي. وقد يقف النظر مع توجيه قاعدة التحديد وجهة العبادات، والفروض والواجبات، وكذا المحرمات، وغير التوقيت وجهة المعاملات والعادات، وما يتعلق بالنوافل والتطوعات. والله أعلم.
° المسألة الرابعة: أدلة مشروعية قاعدة الحد في الأشياء.
بعد التأني في الإنعام والنظر إلى التراث، التمست أدلة شاهدة ومؤذنة باعتبار هذه القاعدة، وكونها مقصودة في التشريع أسوة بقاعدة الضبط والاحتياط، والأخذ بأقل ما قيل أو أوسطه أو أكثره،والأخذ بأوائل الأسماء أو أوأسطها أو أواخرها....
وبيان ذلك:
أولا: المنهج التشريعي العام والخاص:
فقد دل الاستقراء على ذيول هذه القاعدة في التشريع إجمالا وتفصيلا،وفي ذلك إيذان بمشروعية التوسل بها في الاستنباط والنوازل. ومن المقررات الشرعية المؤذنة بذلك:
° المسح على الخفين:"إذا أدخلت رجليك في الخفين وأنت طاهر،فامسح عليهما، وصل فيهما ما لم تنزعهما، أو تصبك جنابة"،"امسح ما بدا لك".
° وفي أقل الحيض قول النبي صلى الله عليه وسلم:"إذا كان الحيض، فإنه دم أسود يعرف، فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة، وإذا كان الآخر فتوضئي وصلي"، فلم يعلقه بأكثر من وجوده ورؤيته دون تحديد.
ثانيا: ظواهر القرآن الكريم:
فقد ورد في بعض النصوص القرآنية ما يشهد تأصيلا لقاعدة كراهية الحد، من ذلك ما ذكرناه من عموم قوله تعالى:[FONT=QCF_BSML] ﭽ[/FONT][FONT=QCF_P081]ﮎ[/FONT][FONT=QCF_P081]ﮏ[/FONT][FONT=QCF_P081]ﮐ[/FONT][FONT=QCF_BSML]ﭼ[/FONT]النساء: ٢٣، ومن أن الآية تقتضي ما ينطبق عليه اسم الرضاع دون تحديد، وهو عين ما يتمسك به في توقف عمر رضي الله عنه في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه في الاستئذان، لورود التحديد المخالف لظاهر القرآن ؛و ذلك لكون عمر رضي الله عنه طالب بالبينة للعمل بخلاف قاعدة عدم التحديد.
ثالثا: قواعد الاحتياط والورع:
لا أرى في عدم تحديد أقل الحيض إلا التمسك بقاعدة الاحتياط والورع، وهو ما يدعم الاحتجاج والمشروعية.
رابعا:وقد دل على هذه القاعدة طائفة من الأدلة والكليات: كالقياس والأخبار، وقاعدة التقديرات الشرعية.[34]
و الله أسأل التوفيق و هو من وراء القصد.



[1]الأشباه و النظائر:1/9

[2] -متفق عليه.

[3] -متفق عليه واللفظ للبخاري.

[4] -رواه أحمد في المسند:مسند ابن عمرو رضي الله عنه رقم'9،53'،والبيهقي في السنن الكبرى:كتاب البيوع،باب النهي عن بيع الطعام قبل أن يستوفي (48).

[5]-مقاصد الشريعة:121-122 بتصرف.

[6] -المرجع السابق:الطاهر ابن عاشور120.

[7] -بداية المجتهد:1/591.

[8] -المرجع السابق:1/592.

[9] --المرجع نفسه:1/243.

[10] -المرجع نفسه.

[11] -الموطأ:143.

[12] -المعونة:1/190.

[13] -المرجع نفسه.

[14] -المرجع نفسهك1/195.

[15] -المرجع السابق.

[16] -انظر:بداية المجتهد:1/506.

[17] -المرجع نفسه"1/683.

[18]-انظر :المعونة:1/23.

[19] -المرجع نفسه:1/65.

[20] -أنظر:بداية المجتهد.

[21] -المعونة:1/73،بداية المجتهد:1/104.

[22] --الموطأ:52.

[23] -بداية المجتهد:1/509.

[24] -المرجع نفسه:1/568.

[25] -المعونة:1/316.

[26] -بداية المجتهد:2/34.

[27] -المرجع نفسه:2/91.

[28] -المعونة:1/205.

[29] -المرجع نفسه:1/278.

[30] -المرجع نفسه:1/753.

[31] -المرجع نفسه:272.

[32] --أخرجه مسلم في صحيحه:كتاب الرضاع(18)،باب: التحريم بخمس رضعات(6)،وأبو داوود في السنن:كتاب النكاح(6):باب هل يحرم ما دون خمس رضعات(11)، والنسائي في السنن الكبرى:كتاب النكاح(43)،باب:القدر الذي يحرم من الرضاعة(48).

[33] -بداية المجتهد:كتاب النكاح/2/42.

[34]-نحن بصدد جمع ما تناثر من جزئيات هذه القاعدة للتأصيل لها تأصيلا كاملا،إن شاء الله، و ينظر: مدارس النظر إلى التراث و مقاصدها للمؤلف ص 141 و ما بعدها.



 

أحمد محمد عروبي

:: متخصص ::
إنضم
29 ديسمبر 2009
المشاركات
133
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
وزان
المذهب الفقهي
المالكي
تنويه ونقاش

تنويه ونقاش

شيخنا الحضري
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما تقدمت به جهد مشكور واجتهاد إن شاء الله مأجور..
وقد نبهت بطريقة إبداعية على نوع من البحوث العلمية ذات الجدة والطرافة والإضافة في العلم، وهو مثال يصح أن يقتدي به الإخوة الباحثون في الطريقة والمحتوى إجمالا...
ولكن لي بعض الملاحظات الجزئية أنبه عليها لعلها تزيد في نضج البحث ورسوخه،
من هذه الملاحظات:
أولا: قولك أنها قاعدة أهملتها المدونات الاصولية غير مسلم من حيث التاصيل ولكنه مسلم من حيث التفصيل وهذا الثاني ضروري لأنه ليس من اختصاص الاصول بل هو من اختصاص الفقه..
ثانيا: تعبيرك ب"كراهية" لعله غير سليم لأنك لم تات في البحث بما يدل على ذلك صراحة ولا ضمنا، وإنما أتيت بما يدل على تركهم التحديد في بعض الأحكام ولا يلزم منه الكراهية بالضرورة ...
ثالثا: اكدت في بحثك على مقصدية التحديد وعلى مقصدية عدم التحديد في الوقت
نفسه وهو تناقض كما ترى وإلا فإنك لم تبين وجه سياقهما...
رابعا : قد يمكن الجمع بين القاعدتين على شكل الاصل والاستثناء فأين يا شيخنا الأصل منهما في نظرك ؟؟
خامسا : معظم الأمثلة الاستقرائية أتيت بها من المذهب المالكي فهل نحن أما قاعدة شرعية كما هو المدعى أو بصدد قاعدة مذهبية ؟؟
وفقنا الله وإياك لأسباب رضاه والثبات على سبيل هداه
والله أعلم

 
إنضم
5 أغسطس 2010
المشاركات
837
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
أصول الفقه
المدينة
عين تموشنت
المذهب الفقهي
مالكي
رد: قواعدأصولية أهملتها المدونات

إلى الشيخ الفاضل أحمد عروبي: السلام عليكم
أشكرك على مشاركتك العلمية الدقيقة،و أترقب منكم المزيد..
في الإيراد الأول لم يتضح لي وجه الإشكال
و أما الثاني:فالكراهة ليست على بابها من حيث كونها حكما تكليفيا خاصا؛ و إنما القصد منها الترك و الامتناع عن التحديد حيث تشوف الشارع،و قد تصل إلى حد الحرمة إذا تعلقت بمخالفة المقصود.
و بيان الإيراد الثالث:أن ذكر الاعتبار يورّث الاعتذار، و للتناقض وحدات وفاق و خلاف... و كل ذلك لم يكن،لأني أشرت إلى ما يحرر ذلك في المقال بقولي:
إن هذه القاعدة لا تصادم الضبط في مواطن العدول عنها،.... و قد يقف النظر في توجيه التحديد وجهة قسم العبادات
و الفروض
و الواجبات، و غير التحديد وجهة المعاملات و العادات و ما يتعلق بالنوافل و الطاعات...
و عليه:فإن الضبط متمكن من العبادات كأصل،و عدمه غالب في المعاملات.
و الخامس:عندي من الفروع ما يثبت أن القاعدة مقررة في المذاهب أسوة بالتشريع العام.
و قد قدمت أدلة الاعتماد الشرعي و المذهبي،و هما وجهان لعملة واحدة ؛ فلولا تشوف الشرع لما تجرأ الفرع..
 
إنضم
18 أغسطس 2010
المشاركات
108
التخصص
فقه وأصوله
المدينة
غليزان
المذهب الفقهي
مالكي
رد: قواعدأصولية أهملتها المدونات

الأستاذ أحمد محمد عروبي بارك الله فيك على هذا النقد الذي نرجوا به رفع مستوى التحصيل والتحقيق .. لكن :
الا ترى بان كتب القواعد الاصولية لم ترد بذكر القاعدة بيد ان مظانها جاء تفصيلا في الفروع الفقهية ...
اما تعبير الدكتور الأخضري حفظه الله بقوله كراهية فهو الانسب وذلك بدلبل : ان عدم ذكر التحديد لا يخلو أن يكون إما نسيانا وهو مالايليق بمقام الموقعين عن رب العالمين , وإما كراهية وخروجا من العهدة وهذا الامام احمد كان يكني بذكر الحرام والحلال فيقول يعجبني ولا يعجبني .
أما عن الثالث فلا تناقض إذ ان الاصل في أحكام الشارع أنها محددة بالأدلة الأصلية أو التبعية وأن الاستثناء هو عدم التحديد في بعض الأحكام مراعاة للمصالح ورفعا للحرجا وإعمالا لما تعارف الناس عليه , فقصد التحديد وقصد كراهيته قاعدتان جمع الدكتور من الفروع الفقهية ما يوضح تكريسهما .
أما فيما يخص الأمثلة في غير المذهب المالكي فلا حصر لها و إنما يرفعها التنقيب والتمحيص وإليك بعضا منها :

* ولأن المتقرر في ضابط باب النجاسات أن الأصل عدم التحديد إلا بدليل ولا أعلم الدليل ورد بالتكرار إلا في غسل نجاسة الكلب سبعاً أولاها بتراب لحديث أبي هريرة في الصحيح ، وفي إزالة أثر الخارج بالحجر ونحوه أنوار البروق
*( الفرق السادس والأربعون والمائتان بين قاعدة الحدود وقاعدة التعازير من وجوه عشرة ) .
( أحدها ) أنها غير مقدرة واختلفوا في تحديد أكثره واتفقوا على عدم تحديد أقله
*والذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- عدم تحديد زمن لأقل الحيض ولا لأكثره وهذا الاختيار جار على رواية عن الإمام أحمد
*وترى طائفة أخرى من أهل العلم عدم تحديد عدد معين من الركعات في صلاة قيام رمضان أي التراويح ومنهم شيخ الإسلام
* ذهب بعض الفقهاء إلى عدم تحديد السفر بمسافة وأن كل ما سمي سفرا في عرف الناس جاز فيه القصر
*قال المرداوي في تصحيح الفروع مبينا أن الصواب عدم تحديد ختم القرآن بأيام معينة
*وذهب بعض الفقهاء إلى عدم تحديد مدة التعزية مطلقا
*والحكمة والله أعلم في عدم التحديد هنا أن القتل العمد جريمة عظيمة ترتجف لها القلوب، وتتصدع لها الأفئدة، وينزعج منها أولو العقول، وما كانت لتصدر من مؤمن على مؤمن
*وجمهور العلماء على عدم تحديد زمن معين ملزم للقص، بل الأمر في ذلك يرجع إلى الحاجة إليه، ويختلف هذا باختلاف الأشخاص والأحوال والبيئات، قال في الفواكه الدواني: (لا يتعين زمن القص فيه). انتهى


وفقنا الله لما يحب ويرضى
 
أعلى