العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الامام الحفيد يرجع العمل المتوارث الى باب عموم البلوى؟؟

إنضم
10 يونيو 2009
المشاركات
395
التخصص
فقه واصوله
المدينة
قرطبة الغراء
المذهب الفقهي
المالكي -اهل المدينة-
قال ابن رشد الحفيد المالكى فى كتابه بداية المجتهد

قال رحمه الله :
( لكن النظر في هذا الأصل الذي هو العمل كيف يكون دليلا شرعيا فيه نظر، فإن متقدمي شيوخ المالكية كانوا يقولون إنه من باب الإجماع، وذلك لا وجه له، فإن إجماع البعض لا يحتج به، وكان متأخروهم يقولون إنه من باب نقل التواتر، ويحتجون في ذلك بالصاع وغيره مما نقله أهل المدينة خلفا عن سلف.

والعمل إنما هو فعل والفعل لا يفيد التواتر إلا أن يقترن بالقول فإن التواتر طريقة الخبر لا العمل، وبأن جعل الأفعال تفيد التواتر عسير بل لعله ممنوع، والأشبه عندي أن يكون من باب عموم البلوي الذي يذهب إليه أبو حنيفة، وذلك أنه لا يجوز أن يكون أمثال هذه السنن مع تكررها وتكرر وقوع أسبابها غير منسوخة، ويذهب العمل بها على أهل المدينة الذين تلقوا العمل بالسنن خلفا عن سلف، وهو أقوى من عموم البلوي الذي يذهب إليه أبو حنيفة، لأن أهل المدينة أحرى أن لا يذهب عليهم ذلك من غيرهم من الناس الذين يعتبرهم أبو حنيفة في طريق النقل.

وبالجملة العمل لا يشك أنه قرينة إذا اقترنت بالشيء المنقول إن وافقته أفادت به غلبة ظن وإن خالفته أفادت به ضعف ظن، فأما هل تبلغ هذه القرينة مبلغا ترد بها أخبار الآحاد الثابتة ففيه نظر، وعسى أنها تبلغ في بعض ولا تبلغ في بعض لتفاضل الأشياء في شدة عموم البلوى بها.

وذلك أنه كلما كانت السنة الحاجة إليها أمس وهي كثيرة التكرار على المكلفين كان نقلها من طريق الآحاد من غير أن ينتشر قولا أو عملا فيه ضعف، وذلك أنه يوجب ذلك أحد أمرين‏:‏
إما أنها منسوخة
وإما أن النقل فيه اختلال،
وقد بين ذلك المتكلمون كأبي المعالي وغيره.)‏

فما قول المالكية في كلام الحفيد رحمه الله ، فهل اعترض عليه شيوخ المالكية بعده ام لم يعرجوا كالعادة على كلامه
 
إنضم
10 يونيو 2009
المشاركات
395
التخصص
فقه واصوله
المدينة
قرطبة الغراء
المذهب الفقهي
المالكي -اهل المدينة-
رد: الامام الحفيد يرجع العمل المتوارث الى باب عموم البلوى؟؟

وهنا نضع بعض كلام الائمة المالكيين حتى يتبين المقصود ونضع كلام الحفيد رحمه الله في ميزان الضبط

قال القاضي أبو الوليد بن رشد الجد : معلوم من مذهب مالك أن العمل المتصل بالمدينة مقدم على أخبار الآحاد العدول، لأن المدينة دار النبي عليه السلام، وبها مات وأصحابه متوافرون، فيبعد أن يخفى الحديث عنهم، ولا يمكن أن يتصل العمل به من الصحابة إلى من بعده على خلافه..

وقد نقل القاضي عياض رضي الله عنه عن الإمام مالك رضي الله عنه قوله: قد كان رجال من أهل العلم والتابعين يحدثون بالأحاديث فيقولون: ما نجهل هذا، ولكن مضى العمل على خلافه.
ونقل ايضا عن الإمام مالك-رأيت محمد بن أبي بكر ابن عمرو بن حزم - وكان قاضيا، وكان أخوه عبد الله كثير الحديث، رجل صدق- فسمعت عبد الله إذا قضى محمد بالقضية قد جاء فيها الحديث مخالفا للقضاء، يعاتبه يقول له: ألم يأت في ذلك حديث كذا؟ فيقول بلى ، فيقول له: فما بالك لا تقضي به؟ فيقول: فأين الناس عنه، يعني ما أجمع عليه العلماء بالمدينة به أقوى

قال الإمام الجبيري : " وإجماعهم ينقسم إلى قسمين : أحدهما استنباط، والآخر توقيف . فالضرب الأول: لا فرق بينهم وبين سائر أهل الأمصار فيه، وأما الضرب الثاني: المضاف إلى التوقيف فهو الذي يعول عليه، ويعترض على خبر الواحد به "، التوسط بين مالك وابن القاسم ، 211-212 .

قال صاحب الانتصار أبو عبد الله بن الفخار : " ... إلا الإجماع الذي هو من طريق الاجتهاد والاستنباط والاستدلال، فليس أهل المدينة أولى به من غيرهم من علماء الأمصار لأن طريق الاستدلال مبذول مفتوح لأهل العلم جعلهم الله فيه شرعا واحدا وإن كان قد فضل بعضهم على بعض في الفهم، وعلى هذا مضى السلف الصالح من الصحابة والتابعين، ومن بعدهم من الأئمة : مالك واصحابه، ومن بعده إلى يومنا هذا، لم نجد عن أحد فيما طريقه الاجتهاد أنه قال لمن خالفه: اتبعني واجتهادي، ودع اجتهادك من غير حجة بينها له، أو برهان يبرهنه له...فما طريقه الاجتهاد والاستنباط فأهل العلم فيه سواء، وما طريقه النقل والإقرار والحكاية، فأهل المدينة لهم الحجة على غيرهم، واجب على المسلمين الرجوع إليهم فيما نقلوه، وما أقرهم الرسول صلى الله عليه عليه ..." 94-95

وقال ابن رشد الجد : " وإذا اختلف علماء المدينة وغيرهم بعدهم في حكم نازلة فالواجب أن يرجع فيها إلى ما يوجبه الاجتهاد والنظر بالقياس على الأصول، ولا يعتقد أن الصواب في قول واحد منهم دون نظر وإن كان أعلمهم، ولا اعتراض علينا في هذا بانتحالنا لمذهب مالك رحمه الله وتصحيحنا له وترجيحنا إياه على ما سواه من المذاهب، لأنا لم ننتحل مذهبه في الجملة إلا وقد بانت لنا صحته وعرفنا الأصول التي بناه عليها واعتمد في اجتهاده على الرجوع إليها مع علمنا بمعرفته بأحكام كتاب الله عز وجل من ناسخه ومنسوخه ومفصله ومجمله وخاصه وعامه وسائر أوصافه ومعانيه، وسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبيين صحيحها من سقيمها، وأنه كان إماما في ذلك كله غير مدافع فيه ..."المقدمات 483.
 
أعلى