العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

ضيق العطن

سيدي محمد ولد محمد المصطفى ولد أحمد

:: قيم الملتقى المالكي ::
إنضم
2 أكتوبر 2010
المشاركات
2,243
التخصص
الفقه المقارن
المدينة
كرو
المذهب الفقهي
مالكي
من الأخطاء الكثيرة الحدوث لطلبة العلم
هي الإطلاق في محل التقييد والسرعة إلى إنكار مسئلة ما أو استشهاد ما بناء على أنه واثق من أن المسألة لم يقف عليه فهي إذا ليست في الوجود !
وكم لا قى العلماء من أمثال هؤلاء ونسوق أمثلة قليلة هي غيض من فيض
من ذلك ما وقع للحافظ ابن العربي حيث ذكر أنه روى حديث مالك عن الزهري عن أنس في دخول النبي صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح وعلى رأسه المغفر ... الحديث
قال رويته من ثلاثة عشر طريقا غير طريق مالك فقالوا له أفدنا أخرج لنا هذه الطرق فلم يخرجها لهم الله أعلم ما سبب عدم إخراجه لها فإن المصادر لم تذكره ولكن ذكر السيوطي في التنوير على الموطأ أن ابن العربي ختم على بعض كتبه لما لم يجد من يفهمها أو كلام هذا معناه فلعل هذه الروايات كانت من ذلك البعض
فلما لم يخرج لهم تلك الطرق قال قائلهم :
يا أهل حمص ومن بها أوصيكم == بالبر والتقوى وصية مشفق
خذوا عن العربي أسمار الدجى == وخذوا الرواية عن إمام متقي
إن الفتى ذرب اللسان مهذب == إن لم يجد خبرا صحيحا يخلق
إلى أن أتى الله بحافظ الحديث المشهور والمبرز في كل علم من علومه الإمام ابن حجر العسقلاني فتتبع تلك الطرق فوجد الحديث جاء من أكثر مما قال ابن العربي عن غير مالك !
فهذا وشبهه كما قال السيوطي يسلي من ابتلي من معاصريه بمثله
وإذا كان هذا قول السيوطي وهو من هو وعصره عصر العلم فما بالك بهذا العصر الذي - عياذا بالله - يقول كثير من مثقفيه بزعمهم لمن يشتغل بعلم الشريعة -إنه فاشل -
وهم مع ذلك إن تكلم المرء عندهم بما هم لا يحسنونه ولا يريدون أن يتعلموه لا يسلم منهم ويحكمون عليه بأنه أتى بأعظم الفرى !
ولا أعني بذلك طلبة العلم المخلصين الذين همهم هو رفعة الدين وتعلم أحكامه وتعليمه للمسلمين معاذ الله فإن كثيرا من طلبة العلم لا ينكر على أحد شيئا من المسائل إلا بعد التأكد منها وبأسلوب مهذب وهذا هو دأب المنصفين كما يقول الشاعر العلامة محمد ولد محمدِ الشنقيطي رحمه الله تعالى ولعله ممن عضه هذا الداء :
ما كان من شيمتي نكر على أحد == يأبى لي النكر طبع منه قد أنفا
ولا مجافاة أرباب الجفا شغلي == مثلي إذا ما جفا حلف الجفا صدفا
وإن أتى صائلا ذو الضعف يوعدني == فالله يعصمني من صولة الضعفا
قد سره جريه في القفر منفردا == فظن سرعته فيه وقد دلفا
ومما ينبغي لطالب العلم أن يتذكره عند إرادته الطعن على غيره أنه لم يحو جميع العلم فعليه أن يتثبت وقد روي عن إسماعيل بن أبي خالد أنه ذكر حديثا فأنكره الإمام الزهري رحمه الله تعالى
فقال إسماعيل أكل الحديث تحفظه قال الزهري لا قال فنصفه قال الزهري أرجو ذلك فقال له هبه في النصف الذي لم تحفظه وهو يريد أن ينبهه على أن العلم أوسع من أن يوجد عند أحد كله
ومما قاله أبو نواس في أحد معاصريه :
فقل لمن يدعي في العلم فلسفة == علمت شيئا وغابت عنك أشياء
ومما قاله البدوي في مقدمة عمود النسب :
ومن رأى خلاف ما ذكرته == فليتئد لعل ما ذكرته
في غير ما طالعه إذ الطرق == لا سيما في الفن ذا قد تفترق
وربما أنكر ضيق العطن == والباع والبحث علي فطعن
ولست إلا من مشاهير الكتب == آخذ فليزكها أو ليسب
ومن يكن مستوعبا مثلي ذكر == مشتهرا منها وغير ما اشتهر
وليس المراد من الموضوع ادعاء العلم معاذ الله ولكن خطر لي وأحببت أن أفتتحه بذكر هذه الأمثلة لعلها تكون مسلية لمن منكم يرى من بني جلدته من يضيق عطنه ويتسع اعتراضه !
والله أعلم
 
أعلى